ارتفاع حفلات الطلاق فى لبنان

منوعات

بوابة الفجر


تتفاقم ظاهرة الطلاق في لبنان منذ سنوات بعدما بلغت مرحلة مقلقة جدا ووسط ارتفاع عدد حالات الطلاق بشكل لا مثيل له في مختلف الطوائف، اذ تفيد الإحصاءات بانه مقابل كل ثلاث حالات زواج هناك حالة طلاق واحدة.

وباتت حفلات الطلاق ممكنة في لبنان واصبحت تشكّل فرصة للاحتفال بمرحلة جديدة مع عدد من الاصدقاء والمقرّبين الذين كانوا صدراً رحباً ودعماً في خلال فترة الطلاق.

وأكثر حالات الطلاق الرائجة في لبنان والتي عقب عليها تلاميذ معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية من خلال دراستهم الحالات، تلك التي تمت بفعل استقلالية المراة الاقتصادية التي تجعلها في حالة استغناء عن سلطة الرجل مما يدفعها للمطالبة بأبسط حقوقها.

ويجد الباحثون الاجتماعيون أنّه "على مدى السنوات العشرين اللاحقة وبالتزامن مع صعود التيارات النسائية، ارتفع معدّل الطلاق في لبنان بشكل ملحوظ، خصوصاً أنّ دور المرأة قد تبدّل جذرياً فاكتسبت الحقّ في العمل وحققت استقلاليتها المادية والمعنوية تدريجاً".

حفلات الطلاق

وباتت حفلات الطلاق ممكنة في لبنان، بعد أن أعلنت وكالة لتنظيم الاعراس والمناسبات عن إعدادها لهذا النّوع من الحفلات في بلد يعاني من نسبة مرتفعة جدا من الطلاق.

وحفلة الطلاق ليست مناسبة حزينة، إنما على العكس، تشكّل فرصة للاحتفال بمرحلة جديدة مع عدد من الاصدقاء والمقرّبين الذين كانوا صدراً رحباً ودعماً في خلال فترة الطلاق وسيشكّلون سنداً للمرحلة الجديدة من حياة المطلّق أو المطلّقة.

في هذا اليوم، يتمنّى الزوج السابق والزوجة السابقة لبعضهما البعض حياةً سعيدة، ويصفحان عمّا مضى، ويمضي كلّ منهما في طريقه.

أما في حال حصول الطلاق من دون ودٍّ ووفاق، فحينها يحتفل كلّ منهما لوحده بالعبور الى مرحلة جديدة وبطيّ صفحة حملت فشلاً ومعاناة.

ويرى علماء الاجتماع ان المؤسسة الزوجية في لبنان تمر حاليا بمرحلة اضطراب، ويدقون ناقوس الخطر قبل ان تتفاعل، مما يفرض على رجال الدين، كما على الهيئات الاجتماعية، عقد مؤتمرات ومحاضرات توعية هدفها حض اللبنانيين على العودة الى الترابط الاسري وعدم التهور في زواج غير مدروس وغير مبني على تفاهم وقناعة.

وبالتالي تجنب الطلاق الذي يؤدي الى عواقب اجتماعية خطيرة، وتجنب الوصول الى مرحلة يصبح فيها عقد الزواج ممهورا بتاريخ لانتهاء الصلاحية.

اسباب الطلاق

وعندما تمكّنت المرأة من تلبية حاجاتها بعيداً من الرجل تغيّرت توقعاتها ونظرتها الى الشريك، وهذا ما ساهم في ارتفاع معدّل الطلاق.

بالاضافة الى الفارق في المستوى التعليمي بين الزوجين، وقد أكد مختصون ان الفارق في التعليم بين الزوجين قد يؤثر سلبا في الحياة الزوجية ويقودها للانهيار باستثناء بعض التجارب القليلة الناجحة، منوهين الى ان التوافق الفكري هو الذي يقود الزوجين للتفاهم ويسهم في تذليل العقبات.

بالاضافة الى الحالات الاخرى كبخل الزوج، وهو احد الاسباب الرئيسية لحدوث مشاكل بين الزوجين وخيانة الرجل لزوجته او سلطة عائلة الزوج او الزوجة وفرضها على الزوجين والوضع الاقتصادي الصعب في لبنان الذي يلقي بثقله الكبير على هذه القضية مما يسبب الارتفاع بنِسَب الطلاق.

واعتبر الخبراء ان تمضية الازواج أوقاتا طويلة بالتحدث عبر وسائل الاتصال الحديثة واهمال واجباتهما الزوجية والمنزلية سببت الكثير من المشاكل لدى عشرات بل مئات الازواج الذين وصل بهم الحال الى الطلاق.

ورغم مشاكل حضانة الاطفال والاثار النفسية التي يتركها انفصال الوالدين، الا ان الطلاق يحصل بشكل هستيري في لبنان مما يهدد التركيبة الاجتماعية للبنان ويؤثر على بنيانه العائلي.

وقد أظهرت دراسات ان 46 في المئة ممن تغيرت حضانتهم وأعمارهم ما بين ستة أعوام واحد عشر عاما، يبدون مظاهر الغضب والحزن والخوف والنظرة السلبية للذات بالاضافة الى عدم القدرة على التركيز في الدراسة مما يؤدي غالبا الى التسرب المدرسي او الجامعي.

اختلاف الطلاق باختلاف الاديان

وتختلف الحالات التي يسمح فيها بالطلاق باختلاف الاديان وحتى الطوائف فقضايا الطلاق متعددة لدى المسلمين، الا ان الاسباب الشرعية المعترف بها لطلب المراة الطلاق هي عدم تامين نفقة العائلة، او سوء معاملة الزوجة، او سوء المعاشرة الزوجية، فلدى المسلمين، النساء هن اللواتي يرفعن دعاوى الطلاق لان الرجل قادر على تطليق زوجته من دون موافقتها.

ولدى المحاكم الجعفرية، لا تستطيع المراة الحصول على الطلاق، الا بقرار من المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، في حال رفض زوجها تطليقها.

وقال قاضي بيروت الشرعي ورئيس محكمة بعبدا الشرعية السنية السابق الشيخ أحمد درويش الكردي "أن حالات الطلاق تتزايد في مختلف الدول ومنها لبنان، عازيا السبب في ذلك الى جهل الأزواج الجدد بالحقوق والواجبات الزوجية بينهما".

وأوضح الكردي "أن المحكمة الشرعية السنية العليا في لبنان لا تطلق الزوجين عند أول خلاف بينهما، بل تحاول عبر 'لجنة إصلاح ذات البين' معرفة أسباب التقدم بطلب الطلاق والعمل على تصالح الزوجين، خاصة إن كان لديهما أطفال".

وتعتبر احكام الزواج والطلاق مشابهة للاحكام لدى بقية الطوائف الاخرى، حسبما يؤكد مصدر في محكمة الاسئناف الدرزية العليا في بيروت، باستثناء امكانية اتمام الزواج امام القاضي وليس الشيخ فقط، وحق الزوج او الزوجة بطلب الطلاق بشكل متساو، والغاء امكانية اعادة الزواج بين الثنائي ذاته بعد الطلاق.

الطلاق المسيحي

وفي المحاكم المسيحية، تعتبر اجراءات الطلاق من اصعب الاجراءات في لبنان. ولا يجري بت الدعاوى فيها سنويا. فقد تستغرق مدة الدعوى الواحدة ثلاث سنوات على الاقل، في حال كانت اسباب الخصومة قوية. واذا استؤنفت، يجري تحويل الملف الى محكمة الاستئناف، وتصل تكلفة هكذا معاملة الى الاف الدولارات.

ويوضح مصدر في المحكمة الروحية المارونية ان المحكمة تعتمد ثلاثة اسباب رئيسية تؤدي الى بطلان الزواج وهي موانع الزواج، الرضى الزوجي، وصيغة الزواج.

اما الموانع، فتطال الفوارق الكبرى في العمر والعجز الجنسي او النفسي او المرضي، واختلاف الدين والخطف القسري وقتل الزوج او الزوجة وقرابة الدم او القرابة الروحية والشرعية، ومانع الوفاق هو الا يكون متزوجا في الكنيسة.

اما الطائفة الارثوذكسية، فتعتبر من اكثر الطوائف المسيحية التي تتيح انفصال الزوجين وتصنف الاحكام فيها ضمن ثلاث فئات هم فسخ الزواج وبطلانه والطلاق. ولا يجوز انحلال عقد الزواج الا لسبب الزنى، والامر نفسه ينطبق على الطائفة الانجيلية التي تسمح للزوجين المفرق بينهما ان يتزوجا ثانية بحكم من المحكمة، بعد ان يكون قد مرت خمس سنوات على الاقل على اكتساب حكم التفريق الصفة القطعية.

قضية للبحث

ويفيد الباحثون في علم الاجتماع "بان علماء الدين اللبنانيين من مسلمين ومسيحيين يطرحون قضية الطلاق في لبنان على بساط البحث منذ سنوات بقوة ويحاولون إيجاد الحلول المناسبة لتلك الظاهرة الخطيرة".

ويضيفون "ان الوضع عند المسيحيين ليس أفضل حالا من المسلمين لكن المحاكم الشرعية المسيحية من الصعب ان تحصر عدد حالات الطلاق لان البعض منْها يحدث شكليا لكن فعليا يعد الازواج من المطلقين ذلك ان حالات الهجر كثيرة وتعود الى صعوبة حدوث الطلاق وخصوصا في الطائفة الكاثوليكية".

وعلى اثر صعوبة الطلاق عند بعض الطوائف وكلفته الباهظة التي تصل احيانا الى آلاف الدولارات دفع الكثير من الشباب الى اقتراح الأخذ بالزواج المدني بهدف إيجاد الحلول القانونية لتلك المشاكل.