أحب الأعمال إلى الله.. سرور تدخله على مسلم

إسلاميات

بوابة الفجر


يتحلى العبد المؤمن بكثير من الصّفات المميّزة والأساسيّة، كأن يسعى في كلّ أقواله وأفعاله، إلى إسعاد الآخرين عن طريق قضاء حاجاتهم. 

وقد يتصوّر البعض أنّ الحاجات مقتصرة على مساعدة ماليّة أو عينيّة، ليس الأمر كذلك، وإنما تتّسع دائرة المساعدة، لتشمل قضاء الحوائج النفسيّة والروحيّة والمعنويّة، فكثير من النّاس لديهم هموم وأحزان وضغوطات، نتيجة أوضاع اجتماعية أو اقتصادية أو نفسية ضاغطة على شعورهم وأعصابهم، تجعلهم يشعرون بالضيق والأسى.

فيأتي هنا دور العبد المؤمن محاولًا إدخال السّرور والفرح والبهجة إلى قلوب هؤلاء وعقولهم، فالزوج يسعى إلى إدخال السّرور إلى روح زوجته وقلبها، والزّوجة كذلك، كما يحاول الأهل إدخال السرور والفرح إلى قلوب أبنائهم، فلا يمارسون عليهم ترهيباً، أو قمعاً، أو تعنيفاً لفظياً أو جسدياً، والجيران عليهم واجب مواساة بعضهم البعض، يتحرّكون من أجل نشر البهجة، وتفريج الهموم عن قلوب المحزونين، بالكلمة الطيّبة والموقف الطيّب، فيشعر المكروبون بأنّ هناك من يعمل على تخفيف معاناتهم، ويتحسّسون هذا الشّعور الجماعيّ الجميل في محاولة الآخرين لإعانتهم، ما يعطيهم الثّقة أكثر بأنفسهم، ويمنحهم الفرصة الكبيرة للتخلّص من ضيقهم.

فمن أخلاقيّات المؤمن الأساسيّة، حبّ الخير للنّاس ومساعدتهم، وهي تدلّ على معايشته الصّادقة لهويّة الإيمان الأصيلة، يقول الرّسول الكريم -صل الله عليه وسلم-: "والّذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه".

فلا يمكن للمؤمن أن يعزل نفسه عن الشّعور الإنساني بمحبّة الآخرين، والسّعي لقضاء حوائجهم المختلفة، ومنها تنفيس همّهم وكربهم، فهذه مسؤوليّة ملقاة على عاتقه، تنمّ عن أخلاق عالية، وشعور إيماني رقيق وإنساني واعٍ ومسؤول.

فالسّعادة الكبرى المتحصّلة للمرء، تتمثّل في أن يكون بكلامه وسلوكه سبباً لسعادة الآخرين وفرحهم وزوال همّهم، كما جاء في الحديث الشريف عن النبي -صل الله عليه وسلم- : "أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ، و أحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ -عزَّ وجلَّ- سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، 
أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا، و لأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ في هذا المسجدِ، يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا، و مَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ اللهُ عَوْرَتَهُ، و مَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، و لَوْ شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قلبَهُ رَجَاءً يومَ القيامةِ، و مَنْ مَشَى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى تتَهَيَّأَ لهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يومَ تَزُولُ الأَقْدَامِ، [ و إِنَّ سُوءَ الخُلُقِ يُفْسِدُ العَمَلَ، كما يُفْسِدُ الخَلُّ العَسَلَ ]".

فيجب أن نبادر إلى التعلّم من رسول الله، ونأخذ الدّروس من كلامه الشّريف، وندخل السرور إلى قلوب النّاس، فنبتعد عن كل لغة عصبية أو جهل أو تخلّف، ونطلق الكلام النافع والمفيد، الّذي يقرّب المسافات، ويوحّد المشاعر.

كما يجب أن  ننطلق في كلّ الساحات، لتفريج غمّ المكروبين، فنعمل على إعانتهم مادّيّاً ومعنويّاً، ونعيدهم إلى الحياة أقوياء أعزّاء، ونسعى أيضاً في قضاء ديون المحتاجين.