تعرّف على صلاة التوبة

إسلاميات

بوابة الفجر


إنّ من رحمة الله -تعالى- بهذه الأمة أن فتح لها باب التوبة، فلا تنقطع حتى تبلغ الروح الحلقوم أو تطلع الشمس من مغربها، ومن رحمته كذلك أن شرع لهم عبادة من أفضل العبادات، يتوسل بها العبد المذنب إلى ربه، رجاء قبول توبته، وهي "صلاة التوبة". 

1) مشروعية صلاة التوبة :
أجمع أهل العلم على مشروعية صلاة التوبة، روى أبو داود عن أبي بَكْرٍ الصديق -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ : "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ". 

2) سبب الصلاة :
وقوع المسلمِ في معصية سواء كانت كبيرة أو صغيرة، فعليه أن يتوب منها فوراً، ويندب له أن يصلي هاتين الركعتين، فيعمل عند توبته عملاً صالحاً من أجل القربات وأفضلها، هذه الصلاة، فيتوسل بها إلى الله -تعالى- رجاء أن تقبل توبته، وأن يغفر ذنبه. 

3) وقـت الصلاة :
تستحب هذه الصلاة عند عزم المسلم التوبة من الذنب الذي اقترفه، سواء كانت التوبة بعد فعله للمعصية مباشرة، أو متأخرة عنه، فالواجب على المذنب المبادرة إلى التوبة، لكن إن سوّف وأخّرها قبلت، لأن التوبة تقبل ما لم يحدث أحد الموانع الآتية :

1) إذا بلغت الروح الحلقوم، لقوله -صل الله عليه وسلم- : "إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ".

2) عند طلوع الشمس من مغربها، لقوله -صل الله عليه وسلم-: "مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ"، رواه مسلم. 

وتشرع هذه الصلاة في جميع الأوقات بما في ذلك أوقات النهي "مثل : بعد صلاة العصر"، لأنها من الصلوات التي لها سبب، فتشرع عند وجود سببها.

4) صفة صلاة التوبة :
صلاة التوبة ركعتان، كما في حديث أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- ، وللتائب أن يصليها منفرداً، لأنها من النوافل التي لا تشرع لها صلاة الجماعة، ويندب له بعدها أن يستغفر الله -تعالى-، ولم يرد عن النبي -صل الله عليه وسلم- أنه يستحب تخصيص هاتين الركعتين بقراءة معينة، فيقرأ المصلي فيهما ما شاء.

ويستحب للتائب مع هذه الصلاة أن يجتهد في عمل الصالحات ، لقوله -تعالى- : "وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى"، أفضلها: الصدقة، فإنها من أعظم الأسباب التي تكفر الذنب، قال -تعالى- : "إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ".

وثبت عن كعب بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال لما تاب الله عليه: يا رسول الله إنّ من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله، قال رسول الله:"أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك"، قال: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر، متفق عليه .

وخلاصة القول : 
1- ثبوت هذه الصلاة عن النبي -صل الله عليه وسلم-.
2- تشرع عند توبة المسلم من أي ذنب، سواء كان من الكبائر أم من الصغائر، وسواء كانت هذه التوبة بعد اقتراف المعصية مباشرة، أم بعد مضي زمن.

3) تؤدى هذه الصلاة في جميع الأوقات، بما في ذلك أوقات النهي.

4) يستحب للتائب مع هذه الصلاة فعل بعض القربات، كالصدقة وغيرها.