رحاب الدين الهواري يكتب: عملية شبعا.. انتصار للمقاومة أم غطاء لمخطط إيراني؟

ركن القراء

بوابة الفجر


 
في الوقت الذي تشتعل فيه المنطقة العربية بالحروب من كل جانب، من خلال سيطرة شبه كاملة لدولة "داعش" في العراق، والحرب التي لا زالت تشهد كل يوم جديدا في سورية مابين الجيش السوري وأنصار داعش وجبهة النصرة، بينما يستعد الحوثيين في اليمن للقفذ على الحكم، تأتي عملية "حزب الله" في مزارع شبعا لتضيف إرباكا للمشهد الأمني والسياسي في المنطقة، وهي العملية التي تلقفتها الشعوب العربية بالترحاب كعادتها ظنا منها أن الأمين العام للحزب الشيعي ينتصر لخيار المقاومة بالفعل، بينما العملية في حقيقة الأمر تثير الكثير من التساؤلات حول طبيعتها والهدف منها والتوقيت الحرج الذي تمت فيه.
فلا يبدو أن حزب الله، في جميع حروبه، ضد إسرائيل ينطلق من موقف عربي موحد يراعي فيه طبيعة الظروف التي تشهدها المنطقة، بل تكاد تكون عملياته منفصلة تماما عن العقل الجمعي العربي، حتى بالنسبة لأقرب حلفائه "سوريا"
إذ تكشف التغيرات في المنطقة عن محاولة الحزب اللبناني توريط الدولة اللبنانية في حرب مع العدو الصهيوني، لأهداف غير معلنة تتعلق بنشاط الأذرع الإيرانية في المنطقة لتنفيذ خطة الجمهورية الإسلامية في المنطقة.
وتأتي عملية حزب الله في شبعا في وقت تتعرض فيه المنطقة لهجمة شيعية مسعورة وتحديدا في اليمن والبحرين، اللذين تلعب إيران فيهما دورا محوريا لإسقاطهما، في ظل انكفاء الدول الكبرى في المنطقة على مشاكلها الداخلية، فالسعودية لم تستفق بعد من خبر وفاة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، بينما مصر هي الأخرى في وضع اقتصادي حرج، يكاد يكون الأسوأ في تاريخها، ومن ناحية أخرى فالقيادة المصرية مشغولة بمحاربة الإرهاب، الأمر الذي يجعل الساحة  فارغة أمام المخطط الإيراني للسيطرة على اليمن والبحرين لتطويق المنطقة الخليجية من الجنوب والشرق بعد السيطرة عليها من الشمال في العراق والغرب في سوريا ولبنان.
ولكي يتم المخطط ويحقق أهدافه فلابد من غطاء شعبي للمخطط، وذلك من خلال تصدير "حزب الله" أحد أذرع إيران في المنطقة للمشهد العام، وصنع بطولات وهمية لمليشيات الحزب يتغنى بها الشعب العربي فترة ليجد في النهاية الجنوب اللبناني وقد دمرته الصواريخ الإسرائيلية مخلفا مئات القتلى وآلاف الجرحى، فينشغل العالم العربي بالحرب المزعومة التي لا تحقق شيئا على أرض الواقع سوى خطب رنانة في لبنان وإيران وسوريا ليبدأ المخطط في التنفيذ من البحرين واليمن، حيث تعمل المعارضة الشيعية في المملكة البحرينية على توسيع دائرة أعمال العنف ضد قوات الشرطة ويكون لها المبرر في الخروج بمظاهرات دعما للحرب العربية ضد إسرائيل، بينما في اليمن سيحيط الحوثيون بصنعاء وينفردون بالحكم في ظل غياب كل أنواع المبادرات من الأطراف المنوط بها اتخاذ موقفا للإصلاح الداخلي في اليمن، لتخرج المنطقة من الحرب
اللبنانية الإسرائيلية بواقع جديد تملي إيران معالمه على المنطقة.
هذا المخطط بلاشك هو الهدف من عملية حزب الله الأخيرة ضد العدو الصهيوني، فهي ليست انتصارا للمقاومة كما صدرها الحزب في الإعلام العربي، ولكنها ليست أكثر من غطاء لما يحدث في البحرين واليمن وسوريا بإشراف إيران، التي
تقف وراء كل هذا، فهي التي زودت الحوثيين بالسلاح في اليمن وهي التي لا تزال تسكب البنزين على النار في البحرين من خلال تصريحات استفزازية تحاول من خلالها تشويه القضاء البحريني والدولة، معولة في كل هذا على خروج
الشعب البحريني لدعم هذا المخطط وهو الأمر الذي تشير الظروف وواقع الأحداث إلى استحالة حدوثه بسبب اتباع الحكومة البحرينية، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء، أسلوب
الشفافية مع الشعب البحريني الذي بات يرى أعمال العنف التي تشهدها المنامة منذ أسابيع ليست أكثر من استماتة من جانب جميعة "الوفاق" على العودة للمشهد العالم في البحرين من خلال فرض منطق القوة في محاولة أخيرة لتحقيق المخطط سالف الذكر.
خلاصة القول؛ أنه بعد سقوط اليمن في براثن إيران، من خلال جماعة الحوثيين، فلم يبق أمامها سوى البحرين، وهو الأمر الذي يجب على الدول العربية أن تعيه جيدا فالبحرين أخر حصن صامد أمام المد الشيعي على المنطقة العربية.