إسرائيل تجري تجارب السم على جنودها لقتل القادة الفلسطينيين

العدو الصهيوني

بوابة الفجر



لا تتورّع إسرائيل عن استخدام جنودها لإجراء التجارب عليهم بهدف الوصول إلى تحقيق أهدافها، وخصوصًا تحضير أنواع قاتلة من السم لقتل القادة الفلسطينيين، كما جرى مع عددٍ من قيادات الشعب الفلسطينيّ.

وكانت صحيفة (معاريف) كشفت النقاب عن أنّ لجنة عسكريّة خاصّة قررت تحديد استعمال الجنود في هذه التجارب، ومنعت القادة من أنْ يقوموا بالضغط على الجنود للمشاركة في التجارب الطبية، التي لم تكشف الصحيفة عن طبيعتها، مُشيرةً إلى أنّ هذا القرار الجديد جاء بعد أنْ تمّ الكشف عن أن العديد من الجنود، الذين أُجبروا على المشاركة في تجارب لتطوير مصل مضاد لجرثومة الأنتراكس، أصيبوا وقدموا دعاوى بعشرات ملايين الشواقل ضدّ وزارة الأمن.

وقد اتخذت هيئة أركان الجيش قرارًا بعدم إجراء مثل هذه التجارب على الجنود، وذلك تحت ضغط عائلات الجنود والرأي العام. وفي هذا السياق، يُشار إلى أن التجارب تجري في المعهد البيولوجيّ في مدينة (نس تسيونا)، وهو أكثر المنشآت الأمنية سريّة في إسرائيل، الذي تُفرض عليه رقابة عسكرية مشددة على كل مادة إعلامية تتعلق به، لدرجة أنّ وسائل الإعلام الإسرائيليّة تستقي المعلومات بشأنه من وسائل الإعلام الغربية، التي تعتمد على مصادر خاصة داخل المعهد، وفي أوقاتٍ متباعدةٍ.

 المرة الوحيدة التي سُمح للإعلام الصهيوني بتناول ما يجري في المعهد، كانت عندما رفع أحد العاملين في المعهد واسمه أفيشاي كلاين، دعوى على إدارة المعهد، أمام إحدى المحاكم، حيث جاء ضمن حيثيات الدعوى قوله: إنّه ساهم في تطوير مرهم لوقاية الجلد من هجوم بغاز الخردل. وتبينّ من خلال مضمون الدعوى وردود المعهد عليها الكثير من التفاصيل اللافتة، المتعلقة بعمل المعهد ومجالات عمله.

ويُشغّل هذا المعهد 300 من العلماء والفنيين، ويضم عدة أقسام، كل منها يتضمن خط إنتاج محدد لإنتاج أسلحة كيماوية وبيولوجية، ومعظم هذه الأقسام يتخصص في إنتاج المواد البيولوجية ذات الاستخدام الحربي، مثل السموم التي تُستخدم في عمليات الاغتيال، حيث تَم داخل هذا القسم، إنتاج السم الذي استخدمته وحدة الاغتيال في الموساد المعروفة بكيدون في المحاولة الفاشلة في اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل عام 1997، كما كشفت عن ذلك صحيفة (هآرتس) الإسرائيليّة.

 وبحسب التقارير الإعلاميّة الإسرائيليّة، فإنّ أول استخدام لمنتجات هذا المعهد في عمليات الاغتيال كانت أواخر عام 1977، حيث أجاز رئيس الوزراء الأسبق مناحيم بيغن لجهاز الموساد تصفية وديع حداد، أحد قادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الذي كانت إسرائيل تتهمه بالمسؤولية عن عدد من العمليات التي استهدفت إسرائيل، كان آخرها اختطاف طائرة ركاب إلى عنتيبي، عام 1976. ووفقًا لما جاء في كتاب للصحافي الإسرائيليّ أهارون كلاين، الذي نشرت (هآرتس) فصولاً منه، فقد تبينّ لإسرائيل أنّ حداد، الذي كان يقيم في بغداد، مولع بالشوكولاتة البلجيكية، لذا سعى الموساد لتصفية حداد عبر دس مادة بيولوجية في هذا النوع من الشوكولاتة، التي تقرر أن يقوم بنقلها مسؤول عراقي، كان عميلاً للموساد، وفي نفس الوقت تربطه علاقة بحداد. 

ولفت المؤلّف إلى أنّ هذه المادة البيولوجية أو السم تمّ إنتاجها لأول مرّة في المعهد البيولوجي، وكانت آلية عمل السم تقوم على التأثير التدريجي على صحة حداد، بحيث لا يموت فجأة فيتم الكشف عن هوية العميل والآلية المستخدمة.

وبالفعل حدث تدهور في صحة حداد، وتم نقله لأحد مستشفيات ألمانيا الشرقية، حيث تمّ تشخيص مرضه بسرطان الدم، وتوفي حداد في 28 آذار (مارس) عام 1978، لكن تبينّ بعد 32 عاما أنّ سبب الوفاة هو السم، الذي أُنتج في المعهد البيولوجي، ويمكن التخمين إنّ الكثير من عمليات الاغتيال التي لم يرغب الموساد في ترك بصماته عليها، قد تمّت بهذه الطريقة، بحيث أنّ المادة السامة التي استخدمها عملاء الموساد في حقن القياديّ في حركة حماس في دبي محمود المبحوح في شباط (فبراير) عام 2010، وأدت إلى وفاته، قد تَم إنتاجها في هذا المعهد، علمًا أنّ إسرائيل لم تتحمّل المسؤولية عن اغتياله. 

وتُشير التفاصيل الجديدة التي نُشرت عن المعهد في وسائل إعلام غربيّة إلى أنّه يضم قسمًا يُعنى بإنتاج أمصال مضادة للسلاح البيولوجي، وتحديدا جرثومة (الإنتراكس)، التي تخشى إسرائيل أنْ يقوم العرب وتنظيمات المقاومة باستخدامها في أي مواجهة معها مستقبلاً. 

ويُعنى المعهد بتطوير القدرات الوقائية لإسرائيل في مواجهة حروب تستخدم فيها الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، حيث أنّ هناك قسمًا خاصًّا يُعنى بتطوير عقاقير تُستخدم في تقليص الأضرار الناجمة عن السلاح الكيماوي، ويعمل المعهد البيولوجي بتعاون وتنسيق كامل مع المؤسسة الأمنية ممثلة بالجيش والأجهزة الاستخبارية، ويتم تحديد سلّم أولويات الإنتاج داخل المعهد بناء على حاجة الجيش والأجهزة الأمنيّة، وذلك في ضوء صورة التقدير الاستراتيجيّ للمخاطر التي يتم استشرافها.

كما يُستدّل مما تمّ الكشف عنه حتى اللحظة أنّ المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة التي وضعت في عين الاعتبار أنّ دولاً عربية قد تستخدم الغازات، مثل الخردل في هجوم محتمل على إسرائيل قد أوعزت للمعهد منذ زمنٍ بعيدٍ بتطوير مواد كيماوية تُقلّص من تأثير هذا الغاز. 
ولفتت التقارير الغربيّة إلى أنّ المعهد يعمل بتنسيقٍ تامٍ مع جهازي الموساد والشاباك، حيث أنّ هذين الجهازين هما المسؤولان بشكلٍ أساسيّ عن معظم عمليات التصفية والاغتيال ضدّ أهداف عربيّة وإسلامية، ونظرًا لأنّ جهازي الموساد وشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) مسؤولان عن جلب المعلومات الاستخبارية، فيُفترض أنْ يتعقبا برامج التسليح غير التقليدية لدى العرب، وضمنها البيولوجيّ والكيماويّ، وبالتالي الطلب من المعهد تطوير ردود على هذه البرامج.