السيد البدوى فى أجرأ حوار صحفى: مجلس النواب المقبل لن يكون ممثلا للشعب والمال السياسى نتج عن سوء قانون الانتخابات

أخبار مصر

بوابة الفجر


مرحلة سياسية حرجة تمر بها مصر فى الوقت الراهن قد تؤدى إلى الخروج من عنق الزجاجة أو الانغماس فى غياهب الفوضى، وهو الأمر الذى يدفع الوطنيين إلى تقديم مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات.

هكذا ينظر د. السيد البدوى رئيس حزب الوفد إلى المرحلة التى نمر بها فى مصر ابتداء من إجراء الانتخابات البرلمانية ومرورا بإراقة الدماء الزائد عن الحد وانتهاء بأحداث ليبيا المؤسفة.

آراء جريئة أحيانا وصادمة أحيانا أخرى أدلى بها البدوى فى هذا الحوار ليخرج عن صمته ويتحدث عن كل ما يجيش فى صدره من هموم ومخاوف تخص حزب الوفد والانتخابات البرلمانية

■ سألناه فى البداية عن تضارب الأحزاب التى لم تأخذ حقها سياسيا فى الانتخابات البرلمانية، وهو ما دفعها إلى اللجوء إلى الحركات الثورية فى الشارع فقال:

- الحركات السياسية تكاد تكون قد اختفت تماما فى الشارع السياسى وتحول بعضها إلى أحزاب، ولكن ما ظهر مؤخرا فى الحياة السياسية بمصر هو ما يطلق عليه «المال السياسي» الذى أثر على الجميع كأحزاب وكحركات سياسية، فالمال السياسى وشراء النواب كارثة أصبحت ظاهرة ملموسة لمحاولة تكوين كتلة من المستقلين، وهو ناتج عن سوء القانون الانتخابى، وقد قبلنا بهذا الوضع لأننا نعيش مرحلة سياسية واقتصادية وأمنية غير مستقرة فى الوقت الراهن.

■ ولكن قانون انتخاب النواب أحدث انشقاقا فى بعض الأحزاب مثل حزبى الثوريين الاشتراكيين والدستور، وحزب الوفد كان على وفاق مع هذه الأحزاب قبل وبعد 30 يونيو ولكن حدث شرخ فى العلاقة بعد ذلك؟

- لم يكن أمام الوفد إلا أن يقبل بالقانون على الرغم من رفضه وتحفظه على بعض بنوده، وقد أرسلنا ملاحظاتنا لكل الجهات المسئولة ولكن لم يكن هناك رفاهية سياسية تسمح حتى بمقاطعة الانتخابات، لأن مقاطعة الوفد تحديدا لهذه الانتخابات تسقط الشرعية الدولية للمجلس على الرغم من أنه حاصل على شرعية شعبية فى الشارع المصرى من خلال الصندوق. لذلك اخترنا تقديم مصلحة الوطن والمواطن المصرى على مصلحة الوفد الذى لم يسع على مدار تاريخه إلا لمصلحة الوطن، ولكن هذه التضحية لا تساوى حسرة أم على ابنها الشهيد.

■ كيف تقرأ المشهد السياسى فى هذه الفترة من تاريخ مصر؟

- فى الحقيقة لا أستطيع أن أقول أننا أمام انتخابات حقيقية، بل نحن أمام مجموعة قبلت أن تبيع نفسها بالمال سواء أحزاباً أو من يسعى لتكوين كتلة من المستقلين يتم تمويلها من الخارج، للأسف اشتروا مجموعة من نواب الوفد القدامى، الوفد لا يمكن أن يشارك هؤلاء فى ذلك لذلك لن يكون المجلس القادم ممثلا للشعب المصرى ولكنه سيعبر عن مصالح من يمول هؤلاء.

■ ومن أين تأتى مصادر التمويل تلك؟

- هناك مصادر تمويل للمستقلين وأخرى للإسلاميين قادمة من الخارج رصد منها 650 مليون جنيه لتمويل التيار الإسلامى فما بالك بما لم يرصد؟، وأنا كرئيس أقدم حزب سياسى لم أكن أتصور أن تكون أول انتخابات بعد 30 يونيو بهذه الفوضى لأن المال السياسى يفسد الحياة السياسية كما هو متعارف.

■ حدثنا عن قائمة حب مصر وتمثيل الوفد بها.

- تحالف الوفد المصرى كان قويا وانضم إلينا أحزاب أخرى بصورة غير رسمية منها الوعى المصرى والكتلة الوطنية، وكان لدينا قوائم قوية جدا ولكننا كنا قلقين من قائمة الإسكندرية لأنها تصب فى مصلحة السلفيين، لذلك اتصلت باللواء سامح سيف اليزل وقلت له من مصلحة البلد أن ننسق سويا بعد إعلان قائمة فى حب مصر فقال: سأدرس الموضوع ثم أعود إليك وبالفعل حدث ذلك وهو ما دفعنى لأن أدعو الهيئة العليا فى حزب الوفد للاجتماع لأضع أمامها كل التصورات وأعلن أننى لن أصوت ولن أبدى رأيا فيه، وأخذنا قراراً أن نخوض الانتخابات ورغم كل ذلك نشرت بعض وسائل الإعلام أننا سوف نقاطع الانتخابات وأننا نناور سياسيا، وهو ما لم يحدث فمقاطعة الانتخابات أصبحت أمرا غير وارد ولكننا لابد أن ندرس الأمر جيدا.

■ فى رأيك.. هل تقوم الدولة بتدعيم أحزاباً أو مرشحين؟

- الدولة لا تستطيع دعم أى مرشح، ولكن الناخب وحده الذى يدعم لأنه أصبح مع أى شيء يحقق الاستقرار، ونحن كمصريين لابد ألا ننكر أن الله سبحانه وتعالى اراد أن يضع حب السيسى فى قلوب الناس فأصبح أى شيء يخص الدولة يقابل بارتياح من المصريين، ولكن للأسف استغل بعض المرشحين ذلك الأمر وحاولوا استغلال صور السيسى فى دعاياهم الانتخابية.

■ الكاتب والنائب الوفدى السابق محمد عبد العليم داود قال إن هناك ضغوطا مورست من بعض الجهات السيادية بهدف تشكيل مسار الانتخابات؟

- نحن فى الوفد لم يمارس علينا أى ضغوط، والدليل على ذلك أننى عندما أصبحت رئيسا للوفد منذ قيام الثورة لم ألتق بأى مسئول. ومن المعروف أن أمن الدولة وحدها التى كانت تتحكم فى مسار الانتخابات ولكنها رفعت يدها عقب الثورة، وكل ما حدث أن دخل الوفد فى حوار مع اللواء سامح سيف اليزل وانتهى الأمر لأن أصبحنا أعضاء فى هذا التكتل.

■ مصطفى بكرى قال إنك ستترك رئاسة حزب الوفد عقب الانتخابات، ما مدى صحة هذه المعلومة؟

- عقب الانتخابات سوف نقوم بإعادة ترتيب بيتنا من الداخل ثم أقرر بعد ذلك البقاء من عدمه.

■ ترشح بعض رموز الحزب الوطنى هل يضر بالعملية الانتخابية؟

- ليس فى الانتخابات فقط.. فكل ما أخشاه أن يفاجأ شباب ثورتى 25 يناير و30 يونيو أن الشكل النهائى لمجلس النواب عاد كما كان عليه قبل الثورتين لأن ذلك الأمر سيقابل بحالة من الغضب العارم. وهناك من سيستثمر هذا الغضب ويحاول الصيد فى الماء العكر، وللأسف أعتقد أن نسبة الحزب الوطنى قد تكون أغلبية فى البرلمان القادم وهناك بعض الرموز سيتسببون فى أزمة إذا وجدوا فى هذا البرلمان لذلك أتوقع أن تصل اعتراضات الشباب إلى الاعتصامات والتظاهرات.

■ إذا.. بماذا تنصح الأحزاب لتلاشى مثل هذه الأزمة الوشيكة؟

- أتمنى أن تحتوى الأحزاب شبابها بصورة فعالة، لأن السيطرة عليهم داخل الأحزاب فى منتهى الصعوبة، وأتوقع أن يكون لهم دور فى المجالس المحلية حتى يتسنى لهم أن يصلوا إلى المجلس بعد القادم.

■ بأى نسبة يشارك حزب الوفد فى قائمة «فى حب مصر»؟

- نحن نشارك بعشرة مرشحين فى هذه القائمة بعد أن كان العدد 11 ولكن عضوا لم يتمكن من استيفاء أوراقه فى الموعد المحدد فقل العدد إلى 10 فقط.

■ للوفد دور وطنى كبير فى الحراك السياسى المصرى على مدار التاريخ لا يعلمه الكثير من الشباب، أود أن تحدثنى عن جانب منه.

- بالطبع.. فشباب الحزب هم أول من شاركوا ككيان سياسى منظم فى ثورة يناير ورئيس الحزب هو أول من قال لا للتوريث فى 2010 لنظام مبارك فى أوج مجده. أما إذا عدنا لما قبل 52 فقد كان الملك يحاول القضاء على الوفد ولم يستطع، وبعدما حل الحزب فى 53 أعيد للمشاركة فى الحياة السياسية بقوة، كل ذلك التاريخ المشرف دفعنا لقبول وضع الانتخابات الحالى الذى أراه مهينا لأن تقديم مصلحة مصر على مصلحة الحزب وعلى أى شيء هو المنهج الذى نعمل من خلاله.

■ هل اختلفت فى بعض النقاط مع السيسى؟

- على الإطلاق.. فأنا محب له جدا ومؤيد له فى كل قراراته، وأخشى أن اقول ذلك حتى لا أتهم بأى شيء، لأن من سيتهمنى بمحاباة النظام سينسى أننى كنت معاديا لنظام مبارك ونظام مرسى.

■ معنى ذلك أن حزب الوفد أصبح فى عهد السيسى حزبا غير معارض؟

- هناك فرق بين المعارضة والمناوءة، فنحن نرفض المعارضة غير البناءة لمجرد المعارضة، وقد اختلف مع الرئيس فى الكثير من الامور ولكنى لابد كرئيس حزب أن أسانده للعبور بمصر من عنق الزجاجة بدلا من أن أهاجمه بغير مبرر. فمن الممكن أن أصحح وضعا بدون إبراز القضية إلى الإعلام، عن طريق التواصل الشخصى بين المسئول والحزب وهو ما حدث فى قانون الانتخابات وتقسيم الدوائر، لذلك نحن نسعى إلى تحقيق المعارضة البناءة.

■ معركة السيسى فى ليبيا لها دلالات كثيرة.. كيف تراها؟

- ليبيا بعد أمنى لمصر والدفاع عنها واجب وطنى على كل من يحكم مصر، لابد أن نعرف أن حماية مصر من هذا الاتجاه لا يتطلب إذناً من أحد، وما حدث من قتل للمصريين فى ليبيا كان يتطلب من السلطات المصرية ردا فوريا حتى يقف الجميع عند حده ويعلم قيمة المصريين، ونحن كحزب لا نملك إلا أن نتخذ الموقف السياسى المدعم للجيش المصرى، وأن نشارك أهالى الضحايا فى إعلان الحداد.

■ البعض يتهمك بأنك تستغل منصبك كرئيس حزب فى تحقيق مصالح شخصية.

- انشغالى بالعمل السياسى تسبب فى أن تكبدت خسائر كثيرة وكنت مهدداً بالتنكيل بحياتى الشخصية، فقد فوجئت بعد 30 يونيو أننى ضمن قوائم الممنوعين من السفر وهو القرار الذى أصدره النائب العام أثناء حكم مرسى يوم 29 يونيو، والسؤال الذى يطرح نفسه هو: من يستطيع أن يحقق مكاسب مادية بعد ثورة يناير؟ فالعمل السياسى أصبح يؤرق صاحبه ويعرضه إلى التهديدات المستمرة.

■ ما تقول فى الدماء المصرية التى تراق بكثرة فى الآونة الأخيرة؟

- للأسف أصبحت إراقة الدماء عند المصريين شيئاً عادياً بسبب كثرة ما تعرضنا له منذ ثورة يناير حتى الآن، وهذا الأمر يسأل فيه الإخوان المسلمين الذين استحلوا دماء المصريين ولجأوا إلى العنف لتحقيق أغراضهم، فماذا عليك أنت أن تفعل إذا كان الطرف المقابل لك يمارس العنف ويوجه لك السلاح؟ للأسف هؤلاء الأشخاص لا يمكن أن يقابلوا إلا بالسلاح حتى يقفوا عند حدهم خاصة أنهم يتلقون دعما ماديا ومعنويا من الخارج. فهم للأسف مازالوا مؤمنين بعودة مرسى وهو ما يدل على أنهم يفتقدون إلى الرؤية السياسية الذكية.

■ كيف تستطيع أن تلخص مشكلة سيناء وكل ما يدور على أرضها؟

- مشكلة سيناء تمتد إلى بعد زمنى يصل إلى أكثر من 60 عاما من الإهمال وعدم اهتمام الحكومات المتعاقبة بالمواطن السيناوى، فللأسف الكثير منهم حتى الآن يفتقدون لمياه الشرب النظيفة حتى إنهم يشعرون بأن الدولة تعاملهم كمواطنين درجة ثانية.

■ نحن بصدد المؤتمر الاقتصادى العالمى فى مارس المقبل.. ما دور الوفد كحزب سياسى مؤثر وعريق فى الترويج له عالميا؟

- هذا المؤتمر أمل مصر فى الاستثمار فى السنوات المقبلة ومصر تتمتع بأن فرص الاستثمار بها تحقق أرباحا تضاعف ما يحققه الاستثمار فى أوروبا. وأنا كرئيس حزب كنت أتمنى أن يكون لنا دور فى الترويج للمؤتمر ولكن انشغالنا فى الانتخابات البرلمانية حال دون ذلك.

■ البعض يرى تعاقدك مع «برومو ميديا» ونجيب ساويرس يمكنه من السيطرة على المادة الإعلامية فى قنوات الحياة؟

- هذا الأمر غير صحيح لأن التعاقد لا ينص على أن يتدخل ساويرس فى المحتوى الإعلامى للقناة على الإطلاق، فعمل «بروموميديا» فى الحياة يقتصر على النواحى الإعلانية فقط.

■ ماذا عن أزمة الإعلامى معتز الدمرداش فى قناة الحياة وما يتردد حول منعه من دخول القناة؟

- الدمرداش إعلامى فى غاية الاحترام وقد دار حوار بينه وبين المدير المالى للقناة بهدف أن نعيد أجره إلى أصل التعاقد لأننى قمت من قبل بمضاعفة أجره المتفق عليه فى التعاقد عندما كان يحقق برنامجه نسبة مشاهدة عالية وبالتالى يجذب العديد من المعلنين، وعندما تراجع البرنامج فوضت المدير المالى هشام أبوسنة لكى يعيد الراتب إلى ما كان عليه بشرط أنه إذا عاد البرنامج إلى تحقيق نسب مشاهدة تجعله ضمن أفضل 20 برنامجاً سنعيد الزيادة التى كانت مقررة ولكن معتز رفض ذلك العرض وقرر أن ينهى تعاقده ويحصل على مستحقاته المالية وهو ما حدث بالفعل، أما فيما يخص منعه من دخول القناة فهو ما لم يحدث مطلقا