ما مدى إمكانية تكرار "عاصفة الحزم" في سوريا وليبيا ؟

عربي ودولي

بوابة الفجر


تشهد المنطقة العربية حالة من الحراك والتفاعل، قد تؤدي إلى ظهور تحالفات جديدة وإنهاء أخرى، مما يعيد رسم ملامح جديدة لتوجهات السياسة الخارجية للعديد من دول المنطقة، ما يمكن أن ينعكس على بعض الأزمات العربية، خاصة الليبية والسورية، سواء من خلال اللجوء إلى توجهات وتصورات جديدة أو عبر إهمال تقديرات قديمة والتغاضي عنها، نتيجة التركيز على الأوضاع في اليمن.
 
وقد شدد، علي كرتي، وزير خارجية السودان في تصريح لـ “العرب اللندنية” على دعم بلاده المطلق لعملية “عاصفة الحزم”، مؤكدا حرص بلاده على المشاركة في هذه العملية من خلال سلاح الجو، الذي شنّ عدة غارات على المتمردين الحوثيين في صنعاء.
 
وحول إمكانية تكرار عملية “عاصفة الحزم” ضدّ الجماعات الإرهابية في ليبيا وسوريا، قال كرتي إنّ هذا الأمر يخضع للتوافق العربي ويحدّده الزعماء العرب دون غيرهم.
 
العملية العسكرية الأخيرة التي قادتها المملكة العربية السعودية وشهدت مشاركة عدد من الدول العربية والإسلامية انتصارا للشرعية في اليمن وردعا للتمرّد الحوثي الذي تعوّل عليه إيران لبسط نفوذها في المنطقة، فتحت مجالا للباحثين والمحللين للحديث عن إمكانية أن يشمل هذا السيناريو الأزمتين الليبية والسورية مع الأخذ بعين الاعتبار التفاوت الحاصل والاختلاف القائم بين طبيعة الأزمتين، من عدمه.
 
عبدالسلام مصية، النائب في البرلمان الليبي الذي يتّخذ من طبرق مقرا له، والذي يحظى بالشرعية والدعم الدوليين، قال في تصريح لـ”العرب” “نخشى أن يتم التركيز على الأزمة اليمنية بالكامل وأن يتمّ تجاهل الأزمة الليبية المستفحلة”، مشيرا إلى “أنّ الازمة التي تعيشها ليبيا لا تقلّ خطورة على الأمن القومي العربي عن نظيرتها اليمنية”، مستغربا “أنه لا يزال هناك خلاف في المواقف بين العديد من الدول العربية بشأن ليبيا رغم كل التحولات الحاصلة في المشهد العام على الأرض لصالح الحكومة الشرعية”.
 
الضربات العسكرية التي نفذتها القوات العربية ضد الحوثيين تعتبر أول حرب للقوات العربية المشتركة
وأضاف أنّ “كل شيء في السياسة جائز، لكنّا نثق تماما في أنّ مصر ودول الخليج، لن يقبلوا بأيّ مساومات بخصوص ليبيا، لأنها امتداد للأمن القومي العربي”، معتبرا أنّ تأييد تركيا للعملية ناتج عن “انتهازية سياسية”، وليس نابعا عن تغيير حقيقي في موقفها، وذلك للإيحاء أنها تقف مع الفريق السني، خشية تصاعد الأحداث، ولكي تضمن أن يكون لها موطئ قدم في القادم.
 
وعلى الرغم من أهمية الأزمة الليبية إلاّ أنّ الأزمة اليمنية احتلّت مساحة كبيرة من المناقشات على طاولة القمة العربية الأخيرة التي انعقدت في شرم الشيخ، بعد دعم الاقتراح المصري بتشكيل قوة عربية مشتركة، يمكن اللجوء إليها في إطار الجامعة العربية، لحسم المشاكل والخلافات من هذا النوع، وهو المقترح الذي تحول إلى حلم لدول عربية أصابتها حمّى ما سمّي بـ”الربيع العربي”، ولم تشف منها حتى الآن.
 
ويبدو أنّ الوضع في سوريا مختلف عن الأوضاع في كلّ من اليمن وليبيا، بسبب اختلاف الرؤى الدولية والعربية تجاه نظام بشار الأسد، بين مؤيدين ومعارضين له.
 
عبدالمنعم المشاط، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قال بدوره في تصريح لـ”العرب” “إنّ ما حدث من تحالف عربي ضد الحوثيين يمكن تكراره بشكل أكبر في ليبيا أكثر من سوريا، لاختلاف المواقف الصادرة عن الدول العربية الرئيسة الفاعلة بشأن التعاطي مع الأزمة السورية وسبل حلها”، مضيفا أنّ “أي تدخل عربي عسكري مفترض يرتكز على عناصر محددة، متمثلة في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، بالإضافة إلى منع المخاطر التي يمثلها انهيار النظام على بعض دول المنطقة”.
 
 
وأوضح المشاط أنّ إيران تحولت مع الحديث عن قرب اتفاقها مع الولايات المتحدة حول ملفها النووي إلى شُرطي في أيدي الإدارة الأميركية لتمرير مشروع “سايكس بيكو” جديد، والذي أعيد طرحه في نسخته المعدلة والمعروف باسم “الشرق الأوسط الجديد”، مشيرا إلى أنّ التأييد التركي لعملية “عاصفة الحزم”، لا يخرج عن سياق التأييد الإعلامي في المقام الأول تهدف من خلاله إلى تطوير علاقاتها مع المملكة العربية السعودية، والحفاظ على مصالحها الاقتصادية مع الرياض.
 
وأضاف أنّ إجماع نحو عشر دول عربية على توجيه ضربة عسكرية ضدّ الحوثيين، عكس عمق الإدراك العربي بالمخاطر التي تمثلها إيران وأذرعها في المنطقة، مشددا على أنّها واحدة من الدول الرئيسية التي تهدد الأمن القومي العربي.
 
وربط المشاط إمكانية تكرار التحالف العربي في أزمات أخرى، بمدى نجاح القادة العرب في بلورة اتفاق حول تشكيل قوة عربية مشتركة للتدخل السريع في بؤر الصراعات والأزمات الملتهبة، والمتجسدة حاليا في كلّ من اليمن والعراق وسوريا وليبي