حقوقيون: تقرير "القومى لحقوق الإنسان" عن التعذيب بسجن "أبو زعبل" خطوة على الطريق الصحيح

تقارير وحوارات

أرشيفية
أرشيفية


شكر: الداخلية إذا لم تحاسب نفسها سنشكوها للنيابة
عمران: شكاوى التعذيب زادت في الفترة الأخيرة ودعتنا لزيارة السجون
زارع: التعذيب بالسجون في مصر حقيقة ولابد من مواجهتها
 
أثار تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان الأخير حول زيارة قام بها وفد من المجلس إلى سجن "أبو زعبل 2"، جدلاً كبيراً حيث أقر المجلس خلال تقريره رصد حالات من الضرب والتعذيب للسجناء، بالإضافة إلى انتهاكات أخرى يتعرضون لها .

واختلف تقرير المجلس في هذه المرة عن أي تقارير سابقة له عن الأحوال داخل السجون، خاصة الفترة بعد ثورة 30 يونيو، وحول ذلك أشار البعض إلى أنه ينذر بوجود كارثة يتعرض لها السجناء داخل السجون، وأكد حقوقيون أن هذا التقرير يعد بداية لمراقبة السجون بجدية وما يحدث بداخلها بعد تكرار شكاوى سجناء بتعرضهم للضرب والتعذيب.
 
"أبو زعبل" يفتح الباب لزيارات أخرى بالسجون

أوضح عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن زيارة المجلس لسجن "أبو زعبل" لم تكن الوحيدة، لافتاً إلى أنه طلب من وزارة الداخلية زيارة 6 سجون وتم الموافقة على زيارتها، حيث اتفق أن تكون هذه الزيارات لسجن سجن والبداية كانت بـ"أبو زعبل" نظراً لوصول شكاوى عديدة بما يحدث داخله، ويأتي بعده زيارات لـ"مزرعة طره، طنطا، القناطر".

وأضاف شكر، أن المجلس سيقوم بتبليغ الداخلية من خلال تقرير رسمي بما حدث لترد عليه، نظراً لأنها الجهة المسئولة عن المحاسبة لهذه المخالفات، ثم يتوجه بعد ذلك إلى النيابة.

وتابع موضحاً أن الحالات التي رصدها أعضاء المجلس بـ"أبو زعبل" إثباتها فقط يكون من خلال رصد اللجنة لأنها موضع ثقة، مضيفاً: "ما رأيناه في أبو زعبل ليس حالة عامة، وهي حالة واحدة ولم نعمم ذلك، وليس معنى ذلك أنها تتكرر في جميع السجون، وهو ما يعطي أهمية لزيارة عدة سجون وليس سجن واحد".

موقف الداخلية اختلف وممارسات العنف زادت

فيما قالت راجية عمران، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، وأحد أفراد الوفد الذي زار سجن "أبو زعبل"، إن الحالة التي رصدتها اللجنة داخل السجن تدل على أن موقف وزارة الداخلية قد اختلف عما كانت عليه من قبل، وأن  هناك ممارسات عنف بشكل ملحوظ داخل السجون، لافتة إلى أن هذا الأمر يؤكد على ضرورة قيام المجلس بزيارات أخرى لباقي السجون للتأكد من وجود حالات تعذيب أخرى.

وأشارت عمران، إلى أن زيارة سجن "أبو زعبل" جائت بعد وصول عدد من الشكاوى إلى المجلس من زملاء وأقارب المسجونين، مضيفة أن أي سجين يتعرض لتعذيب أو أي انتهاكات يكتب ذلك في رسائل إلى أقربائه لتصل إلى المجلس.

وعن موقف المجلس، أوضحت أنه قام بتحويل التقرير بخطاب إلى النائب العام المستشار هشام بركات، لفتح تحقيق في هذه الوقائع، بالإضافة إلى أنه سيتم إرساله لوزارة الداخلية، متابعة: "الداخلية على وعي ودراية لكنهم ينفون الواقعة ويقولون أن آثار الضرب وحمه"، مضيفة، أن جميع من في السجن تعرضوا إلى الضرب والتعذيب ولكن حالة واحده هي من بقي على جسده آثار التعذيب.

التقرير أثبت أن عمل اللجنة مُستقل

وأكد المحامي الحقوقي محمد زارع، والعضو السابق بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، أن تقرير المجلس أثبت أن عمله مُستقل عن النظام، مشدداً على ضرورة أن يتم بحثه بدقة وتصحيح هذه الأوضاع المهينة، ومتمنياً أن لا يكون سبباً في أن يُهاجم المجلس وأن يكون هناك محاولات لتقويضه ومنعه من أداء رسالته، وأن تكون شهادته بداية أن ينطلق في عمله.

 وأوضح زارع، أن زيارة المجلس لسجن "أبو زعبل" كانت بناء على شكاوي قدمت له خلال الفترة السابقة، وكانت تتردد بشكل كبير بوجود حالات تعذيب ووفاة سببها سوء المعاملة، مشيراً إلى أن التقرير يختلف عن أي تقارير سابقة لأن زياراته وقتها كانت مُرتبة، بينما في هذه المرة كانت الزيارة بناء على الشكاوى وذهب ليتحقق منها.

وأكد أن الشكاوى بحالات التعذيب والوفاة في عهد كل وزراء الداخلية، ولم تقتصر على الوزير الحالي أو من سبقه، مشدداً: "التعذيب لم يتوقف في مصر سواء في عهد الوزير الحالي أو الوزراء السابقين، بدليل قضايا التعويض التي تُرفع ضد وزارة الداخلية يومياً ويحكم فيها لصالح أشخاص، قضايا التعذيب في مصر حقيقة ولابد من مواجهتها".

ونوه إلى أن التعذيب في السجون وأقسام الشرطة يستمر لوجود احساس بالطمأنينة وعدم وجود مسائلة لدى المسئولين بالسجون، فضلاً عن عدم وجود رقابة داخل أماكن الاحتجاز سواء من النيابة العامة أو الشرطة.

وتوقع زارع، أن يكون رد الفعل بعد تقرير القومي لحقوق الإنسان، هو وجود سياسة جدية لمنع التعذيب ومحاولة السيطرة على هذه الانتهاكات المهينة، أو محاولة التنكيل بالمجلس وتشويهه أوتقويضه والبحث عن نوايا بعض أعضائه بأن لهم هدف في تشويه سمعة مصر، بالإضافة إلى محاولة منع ما يكشف عنه المجلس من الوصول للرأي العام، مناشداً الدولة الاستماع للمجلس، متابعاً: "واذا لم تستمع الدولة للمجلس يبئا كلامه حبر على ورق".
 
الداخلية ترُد بـ "الطب الشرعي هو  الفيصل"
 
وفى أول رد لوزارة الداخلية، قال اللواء أبو بكر عبد الكريم، مساعد وزير الداخلية لشئون حقوق الإنسان، إن زيارة وفد حقوق الإنسان لسجن أبو زعبل جاءت بناءً على طلب من محمد فايق، رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، لتلقى عدة شكاوى من بعض النزلاء بتعرضهم للتعذيب من قبل بعض الضباط والأفراد بالسجن.

وأضاف مساعد وزير الداخلية لشئون حقوق الإنسان، فى تصريحات إعلامية، أن اللجنة قامت بزيارة سجن أبو زعبل والتقت بالنزلاء الذين تقدموا بالشكاوى وعلى رأسهم الصحفى أحمد جمال زيادة، وتم توقيع الكشف الطبي عليه من قبل طبيب السجن برتبة نقيب.

وتابع مساعد وزير الداخلية، أن العمليات والآثار الموجودة على ظهره، من المرجح أن تكون آثار "لوحمة" قديمة وليست نتيجة لتعرضه للتعذيب، مضيفًا: الطب الشرعى هو الفيصل فى هذه القضية.

وأوضح أن النيابة العامة والطبيب الشرعى هما من يقرران إذا ما كان هؤلاء النزلاء تعرضوا بالفعل للتعذيب من عدمه، وفى هذه الحالة سيتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة تجاه الضباط والأفراد الذين قاموا بارتكاب هذا الجرم، والذى لا يسقط بالتقادم طبقًا للقانون ولائحة السجن.

 وأضاف مساعد وزير الداخلية، أن مصلحة السجون تخضع للإشراف القضائى، بالإضافة إلى متابعتها من قبل قيادات وزارة الداخلية، لافتًا إلى أن جميع النزلاء بالسجون يعاملون معاملة واحدة لا فرق بين أحد، سواء كان محبوسًا على ذمة تحقيق أو فى حكم قضائى، موضحًا أن مصلحة السجون تراعى نزلائها جيدا.
 
"القومي لحقوق الإنسان" يُصعد
 
وفى خطوة تصعيدية من المجلس القومى لحقوق الإنسان، أعلن محمد فائق رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان أنه تم إرسال خطاب إلى المستشار النائب العام فيما تضمنه تقرير بعثة المجلس التى قامت بزيارة سجن أبو زعبل، وذلك فيما يتعلق بوجود آثار ضرب على الظهر لأحد المحتجزين ممن التقت بهم بعثة المجلس، فضلاً عن عدم ملائمة الظروف المعيشية داخل غرف التأديب طبقاً للمعايير الدنيا فى أماكن الاحتجاز.

 وجدد المجلس القومى لحقوق الإنسان توصياته بتطبيق القواعد القانونية والإجراءات واللوائح التى تنظم الاحتجاز والحبس الاحتياطى، وأهمية ذلك فى تأهيل المحتجزين.
 
يذكر أن وفد من المجلس القومى لحقوق الإنسان، نظم زيارة لسجن أبو زعبل 2، صباح أول أمس الاثنين، وأكد المجلس فى تقرير مبدئى له عن الزيارة التي لم تستغرق سوى ساعة ونصف أنها انحصرت على لقاء 4 من السجناء حول البلاغات المقدمة إلى مكتب النائب العام بخصوص تعرضهم للضرب والأعتداء والأهانة والتعذيب.

 وذكر أن شهادة النزلاء خلصت إلى عدم تطبيق مواد لائحة السجون الجديدة فيما يتعلق بالزيارة ومدتها، والتريض ومدته وأماكنه، وأن إدارة السجن اتخذت عددا من الإجراءات التأديبية تجاه أربعة سجناء بوضعهم فى غرف التأديب لفترات تتراوح ما بين أسبوع حتى 16 يوما، وفى ظروف غير إنسانية تمثلت فى عدم امكانية قضاء حاجتهم، وقلة ورداءة الطعام المقدم، وتقديم مياه شرب غير صالحة لهم، وعدم وجود تهوية، بالإضافة إلى آثار ضرب على النزلاء.

 كما ناظر الوفد السجناء الأربعة وتبين وجود آثار ضرب على أحدهم، وتبين للوفد خلال استماعه للشهادات وجود حالة من الذعر والخوف الشديد لديهم، وأكدوا تعرضهم إلى التهديد بطريقة غير مباشرة من القائمين على إدارة السجن فى حالة الأفصاح عن ما حدث إلى وفد المجلس.