طارق الشناوى يكتب: تلعنها صباحًا وتلهث وراءها مساءً!!

الفجر الفني

بوابة الفجر


لا تتوقف برامج اكتشاف المواهب الجديدة عن التكاثر، لا تمضى سوى أسابيع قليلة إلا ونرى على إحدى الفضائيات مولودا جديدا يتم تدشينه وسط زفة إعلامية تغنى له «حلقاتك برجالاتك يا سلام سلم على شرباتك»!!

قالها يوسف بك وهبى بعد أن استعارها -دون أن يعترف- من وليم شكسبير «وما الدنيا إلا مسرح كبير». وأستطيع أن أضيف مع حفظ الحقوق الأدبية والمادية للزميلين العزيزين يوسف ووليم «وما الدنيا إلا برنامج مسابقات كبير». عشرات من البرامج دائما تتوالد مع اختلاف كثافة المشاهدة وتباين درجات نجومية لجان التحكيم، كلها تعد بشىء واحد وهو البحث عن مطرب أو مذيع أو ممثلة أو راقصة.

هل أثمرت هذه البرامج فعليا عن إضافة ما؟ هل وجدنا مطربا يقول مثلا لعمرو دياب «قوم أقف وأنت بتكلمنى» أو حتى قادرا على منافسة أوكا وأورتيجا؟ هل نجحنا فى اختراع راقصة؟ الوحيدة التى اقتحمت مجال الرقص منذ عامين هى صوفينار، وهى كما ترى وارد الخارج وليس لها علاقة بتلك البرامج المتخصصة أساسا فى اكتشاف المواهب العربية.

فى إحدى الفضائيات الفلسطينية قرروا أن يقدموا تنويعة مغايرة، وهى البحث عن زعيم، ووجدنا أمامنا رجال سياسة هم الذين يمنحون الدرجات لمن يتصورون أنه من الممكن أن يصبح زعيما، وبالطبع لم يقدم لنا هذا البرنامج عبد الناصر أو ياسر عرفات ولا حتى «أبو مازن» موديل 2015 وتوقف بعد بضعة أشهر.

أستمع إلى قسط وافر من المشاهدين وهم يقولون: «زهقنا»، ولكن الحقيقة العملية وبالأرقام تؤكد أن هناك إقبالا عليها، وكثافة المشاهدة تزداد مع الأيام، ولو كان صحيحا أننا وصلنا إلى مرحلة التشبع فلماذا تتوالد تلك البرامج بطريقة المتوالية الهندسية، أى حاصل الضرب، إذ إن البرامج الأربعة غدت فى غضون سنوات قلائل ستة عشر برنامجا؟ لو أن الناس بالفعل أدارت ظهرها ما كان من الممكن أن تتزايد على هذا النحو السريع.

النجوم هم أصحاب الكلمة العليا، لا الأساتذة والمتخصصون. تابع مثلا لجان التحكيم أو الاختيار فى معاهد السينما والمسرح ستجد أنهم أكاديميون ومتخصصون فى علمهم ولكنهم فى العادة غير معروفين لدى الجمهور، بينما هذه البرامج تبحث أولا عن النجم الجماهيرى، وهكذا صار مثلا راغب علامة مطلوبا بقوة، يترك برنامجا ليجد بعد بضعة أشهر برنامجا آخر يغريه بالمشاركة بأجر أعلى. فى برنامج لاختيار مذيع العرب لم يفكروا مثلا فى أستاذ للإعلام، ولكنهم وقع اختيارهم على ليلى علوى لأنها النجمة، وفى الإعلان عن البرنامج تصدرت هى المشهد وليس طونى خليفة أو منى أبو حمزة وهما اللذان يشاركانها تقديم البرنامج. تلك هى قواعد اللعبة المتفق عليها بين كل الأطراف، ومن يُرِد أن يطبق قواعده العلمية سيجد نفسه لا محالة خارج الحلبة.

هذه البرامج لها وجه آخر قد يخصم من رصيد الفنان، وهو أن المشاهد -أتحدث بالطبع عن القسط الأكبر من الجمهور- صار «شوفونيا» فى متابعته، المصرى ينحاز للمصرى واللبنانى يمنح صوته للبنانى والخليجى يصوت للخليجى، وهو فى هذه الحالة يترقب عضو لجنة التحكيم فاحصا أولا جواز سفره، وهكذا مثلا صارت المطربة شيرين متهمة لأنها انحازت قبل عامين إلى المطرب الفلسطينى محمد عساف ضد ابن بلدها المطرب محمد جمال، وعبثا حاولت شيرين التوضيح بأنها منحت صوتها للأفضل ولم تنظر إلى الجنسية، ورغم ذلك ظل الاتهام يلاحقها وحتى الآن.

أنت تضبط ساعة مواعيدك وتؤجل كل ارتباطاتك وتشارك فى التصويت، أنت المجنى عليه ولكنك بالدرجة الأولى الجانى ومع سبق الإصرار والترصد، تلعنها صباحًا وتلهث وراءها مساءً!!