30 ألف يهودى فى دولة الخومينى

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


صحفية إسرائيلية تخترق المجتمع الإيرانى وتلتقى أفراداً من الجالية اليهودية

■ يسمح لهم باستيراد الخمور وتصنيعها.. والحكومة الإيرانية تخصص لهم مطاعم ومؤسسات تعليمية

فى تجربة صحفية، تزامنت مع مفاوضات الدول الست الكبرى مع طهران قبل التوصل إلى اتفاق نهائى بشأن الملف النووى الإيرانى، قررت مراسلة صحيفة «معاريف» العبرية، السفر إلى إيران للوقوف على عادات المجتمع الإيرانى وكيفية قبوله للإسرائيليين.

ونجحت فى إجراء بعض الأحاديث مع أفراد من الجالية اليهودية التى مازالت تعيش هناك وتؤدى صلواتها بلا انقطاع فى أكثر من 17 معبداً لليهود فى مدينة أصفهان وحدها.

وروت الصحفية الإسرائيلية أنه فور أن وطأت قدماها مدينة أصفهان، قررت زيارة معبد «تاج داود» الكائن بحى فلسطين، وطالبت من الطاقم المرافق لها من الإيرانيين، الذهاب إلى هناك، لكنه حذرها من التوجه إلى المعبد، نظراً لتشكك الإيرانيين فى جميع الأجانب بشكل مبالغ فيه، لكنها أصرت على أداء الصلاة داخل المعبد، وهو ما وضع أحد المرافقين لها، فى مأزق كبير، وهو بالمناسبة مُحاضر فى إحدى الجامعات الإيرانية وسبق أن أصدر كتابا عنوانه «أصفهان..الجنة الصغيرة»، حيث طلب منها أن يجرى اتصالاً هاتفياً، وعاد بعد ثلاث دقائق، ويبدو عليه الضيق والغضب، لكنه سرعان ما أخبرها، أن هناك عدداً كبيراً من الطلاب اليهود يحضرون لسماع محاضراته وتربطه علاقة صداقة بعدد كبير منهم، لكنه أخبرها أن زيارة الإيرانيين لإسرائيل، تُعد جريمة يُعاقب عليها القانون، حتى لو كانوا من اليهود، وإذا تجرأ أحدهم وفعل ذلك، فإن مصيره يكون السجن فور عودته.

وعندما سألته الصحفية الإسرائيلية عن سر قلقه، أجابها أنه يخشى على أفراد الجالية أن يصيبهم مكروه من قبل السلطات الإيرانية، فى حالة اكتشاف نبأ مقابلتهم صحفية إسرائيلية.

وعندما وصلت الصحفية الإسرائيلية عند مدخل المعبد، طالبتها خادمة المعبد بخلع حذائها، وهو ما فسرته الصحفية بأنه نوع من التأثر بالثقافة الإسلامية، حيث لا يوجد فى الشريعة اليهودية ما يمنع من دخول المعبد بالحذاء.

وروت لها خادمة المعبد الإيرانى، قصتها، وقالت إنها تخدم المعبد هى وزوجها الذى توفى منذ 3 أعوام، وأنها حاولت من قبل الهجرة إلى إسرائيل عندما كانت صغيرة، إلا أن الأمر لم يعد صالحاً الآن، وأنها تحرص على أداء الصلوات يومياً، من أجل تحقيق السلام بين الشعبين الإيرانى والإسرائيلى.

وبعد قليل حضر مساعدها ويدعى «موشى إبراهام» يتحدث العبرية القديمة، وطالب الصحفية الإسرائيلية بأن تتحدث معه رويداً رويداً لعدم إتقانه اللغة الحديثة جيداً، وعندما سألته الصحفية عن عدد المصلين من اليهود الإيرانيين الذين يحضرون إلى المعبد مساء السبت، قال إن عددهم يتراوح بين 30 أو أربعين مُصلٍ معظمهم من الرجال.

أفراد الجالية اليهودية الإيرانية، لا تعنيهم الصراعات السياسية فى شىء، فعندما تم سؤال بعضهم عن الأزمة بين إسرائيل وإيران حول السلاح النووى الذى تنوى إيران إنتاجه، أجمعوا أن السياسة لا تعنيهم فى شىء وأن هذه الأمور خاصة بالزعماء فقط، وأكدوا أن إيران تعنيهم قبل إسرائيل نظراً لانتمائهم لهذا البلد فعندما طالت العقوبات الدولية إيران، تأثرت حالتهم الاقتصادية كثيراً. الصحفية الإسرائيلية فسرت موقفهم هذا، بخوفهم من بطش السلطات الإيرانية، وألمحت إلى أن المرافقين لها فى الرحلة من الإيرانيين، استاءوا كثيراً من حوارها باللغة العبرية مع بعض رواد المعبد الذين أدركوا أنها صحفية يهودية قادمة من إسرائيل.

عند اندلاع الثورة الإسلامية فى إيران عام 1979، كان يقطنها حوالى 100 يهودى، هاجر معظمهم إلى الخارج بعد صعود الخومينى للحكم، ولكن حتى يومنا هذا، تُعد الجالية اليهودية الإيرانية، ضمن أكبر الجاليات اليهودية فى الشرق الأوسط، ووفقاً لآخر الإحصائيات فى هذا الشأن، فهناك قرابة 30 ألف يهودى يعيشون فى المدن الإيرانية المختلفة، معظمهم فى طهران وأصفهان، وتشير إحصائية أخرى، عن وجود 9 آلاف يهودى فقط داخل إيران، لكن الحقيقة الأكيدة، أن لدى معظم اليهود فى إيران، خاصة كبار السن منهم، أبناء وأحفاداً يعيشون داخل إسرائيل.

ويرجع سر تقبل المجتمع الإيرانى لهذا العدد من اليهود، إلى الفتوى التى أصدرها الخومينى، التى اعتبر خلالها أن يهود إيران، مختلفون عن اليهود الذين يعيشون داخل إسرائيل، ويجب التعامل معهم، كجزء لا يتجزأ من الجمهورية الإسلامية، وعلى ذلك يكون هناك ممثل دائم لليهود داخل البرلمان الإيرانى، لكن ليس لهم أى تمثيل داخل الحكومة أو القضاء أو فى النظام المالى والمصرفى، وأقصى أمانيهم، أن يمثلهم وزير فى الحكومة أو قاض فى وزارة العدل.

ويتمتع يهود إيران بحرية العقيدة بشكل كبير، إذ يُسمح لهم بتصنيع واستيراد الخمور من الخارج، فى الوقت الذى يتم إدانة غير اليهود الذين يتناولون الكحوليات بعقوبة السجن لمدة 3 سنوات، حيث أدركت السلطات الإيرانية، أن اليهود من ضمن طقوسهم الدينية ، تناول الخمر خاصة فى الأعياد.

ومن المزايا التى يتم منحها ليهود إيران، حرية التعليم ودراسة الثقافة اليهودية، ويسمح القانون الإيرانى لليهود بإصدار تصاريح، لإقامة مدارس تقوم بتدريس اللغة العبرية، وتقوم السلطات الإيرانية بتمويل مصاريف حراسة وتأمين المؤسسات التعليمية اليهودية.

وهناك مدرسة خاصة لأبناء الجالية اليهودية، فى مدينة أصفهان، كما يوجد أكثر من مطعم فى المدينة ذاتها، مخصص لتقديم وجبات الكاشير من اللحوم المذبوحة، وفقاً للشريعة اليهودية.

وتشير الصحفية الإسرائيلية إلى أن يهود إيران لا يتم «حرمانهم» من شىء إلا السفر لإسرائيل.. فهو بمثابة خط فاصل لا يمكن تجاوزه.