الـــــوزير المراهــــــــــــــــــق

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


كلما زادت سلطته زاد فساده الأخلاقى حتى وصل إلى الحضيض فى آخر عصر مبارك

فى أول طريق النفوذ تزوج سرا من فنانة شهيرة وفى النهاية حاول تقبيل

روسية فى فندق بالإمارات فضربته بالقلم وكادت تطلب له الشرطة

خطف مديرة مكتب وزير آخر وكان يتحرش بها فى مجلس الوزراء وأقام لها مكتب دعاية وإعلان

أهدى مدربة التدليك عضوية مجلس الشعب ووعدها بالوزارة

أصر على زيارة شارع الدعارة فى دولة أجنبية رغم رفض السفير خوفاً على سمعة مصر

كانت جلسته المفضلة فى بار فندق شهير بالقاهرة وتعرض للضرب أكثر من مرة لأنه حاول تقبيل نساء بالقوة وهو مخمور

ربما تلخص قصة الرجل.. صعوده السياسى.. نفوذه الطاغى.. وتطور فساده الأخلاقى تعبير (دولة الفساد) فقد تدرج فساد الرجل الأخلاقى بشكل متوازٍ مع تطور نفوذه السياسى وفساده المالى. ووصل إلى قمة الفساد الأخلاقى عندما أصبح نفوذه لا يرد. فقد تصور بعد كل هذا النفوذ أنه قادر على تملك أى امرأة يرغبها. ولأنه فاسد فقد تصور أن كل امرأه تتحرك وحدها هى امرأة مباحة لأمثاله.. وأغلب الظن أن فساده الأخلاقى العلنى جداً كان نوعاً من التباهى بنفوذه السياسى الطاغى.

كان وزيراً ولكن سلطاته ونفوذه يتخطى حدود مسئولياته الدستورية والقانونية

نفوذه على الدبلوماسيين والسفراء أكبر من نفوذ وزير الخارجية عليهم. وكلمته على لواءات الشرطة أهم من كلمة وزير الداخلية نفسه.. وطلباته فى أى وزارة تجاب قبل طلبات الوزير نفسه. الكل يخشى بطشه ويعمل له ألف حساب.

وقد تصور أن مكانته فى الداخل يجب أن تترجم أيضا فى الخارج. وقد تسبب هذا التصور فى فضائح أخلاقية وسياسية لمصر. من بين عشرات القصص المؤسفة والمخجلة اخترت هذه القصة لتعطى صورة عما فعله النفوذ والفساد بالوزير، وما جره على مصر من فضائح.

كان الوزير عضوا فى وفد رسمى يزور إحدى الدول الأوروبية، وكانت مراسم الاستقبال الرسمى للوفد المصرى تقام عند نصب الجندى المجهول فى واحدة من أكبر ساحات هذا البلد الأوروبى. وأخبره سفيرنا هناك أن البروتوكول يقضى بأن يقف رئيس الوفد المصرى وحده مع نائب رئيس الدولة الأوروبية خلال عزف السلام الجمهورى لكل من مصر والدولة الأوروبية. وغضب الوزير غضباً شديداً وأكد للسفير (أن هذا الكلام الفارغ لم يمش عليه)، وأضاف بعد وصلة ردح للسفير: (إن رئيس الوفد يقوم يقف لما يشوفه ومايقدرش يكسر له كلمة). وتصور السفير أن الأزمة انتهت عند هذا الحد. لأن الوزير كان قد هدأ تماما. ولكن ما حدث كان فضيحة دولية بكل المقاييس. فما أن بدأت فرقة الموسيقى بالاستعداد لعزف السلام الجمهورى، فوجئ الجميع بالمشهد التالى. الوزير يقطع المسافة جريا حتى يصل إلى النصب التذكارى ويقوم بالوقوف بجوار رئيس الوفد المصرى بعد أن خبطه كتف كاد أن يوقعه).. ورغم الصدمة والذهول فقد تصرف الأوروبيون بذوق واستوعبوا الموقف وتمت المراسم. ولكن قبل نهاية اليوم الأول للزيارة الرسمية للوفد المصرى كان ما فعله الوزير هو النكته الأكثر شيوعاً بين الدبلوماسيين الأجانب. وقد وصلت الفضيحة لمصر وإلى أعلى المستويات ولكن الوزير لم يتلق حتى كلمة لوم على ما فعله.

ولهذا لم يعد الرجل يخشى أن يرتكب أى خطأ أو بالأحرى خطيئة. ولأن الرجل كان محباً للحياة إلى أقصى درجة فهو لم يقصر فى خطاياه الأخلاقية لا داخل مصر ولا خارجها، لا داخل مجلس الوزراء نفسه ومؤسسات الدولة ولا خارجها.. لا فى منازله المتعددة ولا مكاتبه الكثيرة ولا الفنادق التى كان يحلو له أن يستعرض فيها فساده الأخلاقى.

1- زواج سرى

بعض مريدى وأنصار الوزير كانوا يرجعون سقطاته الأخلاقية إلى جرأته. وكنت أسمع كثيراً عبارات إعجاب بجرأته وأنه منذ دخل السياسة لا يخشى شيئاً ولا أحداً، ويتصرف كما يحلو له، ولكن هذه الجرأة المزعومة لم تكن السبب، فقد اطمئن إلى نفوذه ومكانته وبعد أن أدرك أن دولة الفساد لا تعاقب الفاسدين بل تحتضنهم بإعجاب. أصبح يتصرف كما يحلو له، وبمنتهى الدناءة والحقارة.

فقد حكى لى أحد المسئولين أنه كان يعرف هذا الوزير منذ حوالى 15 عاماً. وأضاف المسئول: إنه تصور أنهما أصدقاء. فقد كان الوزير (كل يوم والتانى) يتصل به ويخبره أنه قادم لزيارته ويشرب معاه قهوة. وبالطبع كان رد المسئول من نوع (أهلا وسهلا ) و(تشرف وتآنس).. وكان المسئول يصاب بالدهشة فى بداية العلاقة. ولكن مع استمرار الزيارات اقتنع المسئول بأن الوزير صديقه، وأنه يأتى إلى منزله ليفضفض ويتكلم معه على راحته بعيدا عن الرسميات. ولكن المسئول عرف فيما بعد أن سبب هذه العلاقة والزيارات غريب جداً ولا علاقة له برغبة الوزير فى الفضفضة له. فقد كان الوزير معجب بإحدى الفنانات الشهيرات وأراد أن يقيم معها علاقة، ولكن الممثلة الكبيرة اشترطت عليه أن يتزوجها. فوافق بشرط أن يكون الزواج سريا. وكانت الفنانة تسكن فى نفس عمارة المسئول. ولذلك كان الوزير كلما أراد أن يزور الفنانة اتصل بالمسئول وطلب زيارته خوفا من أن يفتضح أمره.

وأظن أن الكاتب المبدع وحيد حامد قد سمع بهذه القصة فى إحدى جلسات النميمة. فاستخدمها فى رائعته (الراقصة والسياسى).

ولكن زوجة الوزير لم تكن راقصة بل كانت ممثلة شهيرة.. ولكنه فى بداية نفوذه السياسى كان يخشى أن يعرف خصومه بقصة الزواج السرى وتؤثر على مسقبله السياسى.

ولذلك فالحكاية ليست جرأة الوزير كما كان أصدقاؤه يروجون ويدافعون عن فساده وانحطاطه الأخلاقى. ولكن الوزير عندما اطمأن أنه فى دولة الفساد كل شىء مباح. واعتقد أن ضمن مواثيق دولة الفساد أنه كلما زاد فسادك علا شأنك، فكل من حاول الاحتفاظ بورقة التوت فى عهد نظام مبارك سقط. ولم يستطع إكمال مشواره السياسى وصعوده، وأظن أن العمر لو امتد بهذا النظام أكثر من ذلك، فلا استبعد أنهم كانوا سيخصصون جائزة تقديرية لأكثر المسئولين فساداً، ووسام الدولة لمن يحقق الرقم القياسى فى نهب أموال الدولة.

2- أزمة فى شارع الدعارة

كان للوزير طقوس قبل السفر لأى دولة.. فقد كان مكتبه يجرى اتصالات بالسفارة أو القنصلية حسب الأحوال. ويتم إعداد قائمة بأهم المنتجات والسلع التى تشتهر بها هذه الدولة.. ويخصص اثنين من الدبلوماسيين فى سفارتنا لمرافقة الوزير إلى المحلات والأسواق. وكانت قلة من الدبلوماسيين يفرحون للزيارة ويسعون لتنفيذ رغبات الوزير لضمان الرضا والترقى.

وكان معظم الدبلوماسيين الشباب يكرهون هذه الزيارات ويحملون همها لأكثر من سبب: فهى تخرج عن نطاق علمهم، وهى تعرضهم للإحراج خاصة أن الوزير كان يتصور أن الجميع يجب أن يجرى له تخفيضا أو يقدم له هدية.

حكى لى صديق دبلوماسى شاب أنه كان عليه أن يفاوض لشراء 10 كيلوهات فضة (مكسرة) أى فضة قديمة، ولم يكن الشاب يعرف كسر الفضة. ولكنه فوجئ أن مكتب الوزير يكتب شراء كمية منها بأقل سعر، ولم يعرف الدبلوماسى الشاب أن هذه الفضة يتم بيعها لإعادة تشكليها. وظل يسأل لفترة (طيب الوزير دا عايز فضة كسر ليه).

وكنت فى زيارة لسوريا قبل الحرب وعرفت من أحد دبلوماسيينا أن زوجة الوزير حضرت معه فى زيارة. وأصرت خلال الأيام الثلاثة على تفصيل كل الأقمشة المستوردة لدى أشهر ترزى حريمى فى سوريا. وتدخلت السفارة لإقناع الرجل بتخصيص الأيام الثلاثة للانتهاء من فساتين زوجة الوزير فقط. واضطر الخياط (بلغة أهل الشام) أن يبلغ كل الزبونات السوريات بأنه يعمل لمدة ثلاثة أيام لزوجة الوزير. وكان الدبلوماسيون فى سفارتنا يروون لى القصة وبين لحظة وأخرى يكررون (يعنى هى ما عندهاش فساتين إيه الفضائح دى).

وذهبت مرة أخرى لسوريا فوجدت قصة أو بالأحرى فضيحة أخرى الوزير ذهب فى وفد رسمى وكانت الزيارة الرسمية فى عطلة المحلات فى سوريا. فحدثت مفاوضات ومحادثات على أعلى مستوى وتدخل وزير التجارة السورى لإقناع صاحب محلات آسيا لفتح الفرع الرئيسى للوزير والوفد.. وآسيا هى أكبر ماركة للملابس والبدل الرجالى فى سوريا.

ولكن كله كوم وما حدث فى إحدى الدول الأجنبية كوم آخر. فقد أقام السفير حفل عشاء على شرف الوفد الرسمى رفيع المستوى وكالمعتاد وجهت السفارة الدعوة لعدد من كبار أبناء الجالية المصرية فى الدولة الأجنبية. وخلال الحوار حكى أحد المصريين للوفد أن هذه الدولة تسمح بممارسة الدعارة وتخصص شارعاً خاصاً يطلق عليه شارع المتعة.. ولما وجد الرجل أن الوزير يستمع باهتمام إلى كلامه بدأ يحكى فى تفاصيل أخرى. فكل محل يعرض فتاة أو أكثر من أجمل فتياته فى فتارين المحلات. وذلك كنوع من الترويج لبضاعته.. واستطرد الرجل فى وصف الشارع وأضاف: إن هناك تجاراً آخرين يطلقون بعض فتياتهم فى هذا الشارع لتقدم للزئابن هدية قبلة أو هدية صغيرة، وحاول السفير أن يغير الحوار الجنسى أكثر من مرة، ولكن الوزير كان يعود به إلى شارع الدعارة. وعندما يأس السفير دعا الحضور إلى تناول العشاء. وكانت المفاجأة أن أصر الوزير على أن يُجلس الرجل الذى يحكى عن الشارع بجواره، وعلى المائدة الرئيسية. وفى تصرف مخالف لكل أعراف البروتوكول. لأن الرجل لم يكن من أهم أبناء الجالية المدعوين للعشاء. خاصة أن هناك بعض العلماء من أبناء الجالية كان السفير قد خصص لهما مقعدين على المائدة الرئيسية فى العشاء.

ولكن المفاجأة أو بالأحرى الصدمة الكبرى كانت بعد العشاء. فقد أخبر الوزير السفير أنه يريد زيارة شارع الدعارة ليشاهد على الطبيعة كل ما وصفه الرجل. وكان الوزير يتحدث للسفير بلهجة الأمر كما تعود دائما فى مصر، ولكن السفير رفض بغضب وحسم كلام الوزير، وأصر على أن هذا التصرف يسىء لسمعة مصر. وأضاف السفير ليقنع الوزير أنه رغم وجوده فى هذا البلد منذ سنوات لم يفكر قط فى زيارة هذا الشارع أو حتى الاقتراب منه، فبدا الوزير غير مصدق للسفير.. وفى النهاية تنازل الوزير واقترح على السفير أن يرافقه فى الزيارة المشبوهة (واد من عيال السفارة) فرد السفير أن السفارة لا يوجد بها عيال بل دبلوماسيين شباب محترمين، وأنه لا يسمح لهم أن يذهبوا إلى هذه الأماكن المشبوهة، ولذلك ليس من المعقول أن يأمرهم الآن بمرافقة الوزير، ولم يجد الوزير بداً من الاستعانة برجل الأعمال المصرى من أبناء الجالية، فذهب معه فى سيارته، وتجول فى شارع الدعاره لمدة ساعة أو ساعتين. وحكى الوزير المغامرة بسعادة بالغة.. ولكن بعد عودته حصل الرجل على مكافأة فورية. فقد بدأ المهاجر المصرى يزور مصر بانتظام وحصل على أراض وتسهيلات لإقامة مشروعات بمصر، وذلك فى إطار اهتمام مصر بربط أبنائها المهاجرين ببلدهم.. بل إن الرجل ظهر عدة مرات فى تليفزيون الدولة بتوصية من الوزير، ولكن سرعان ما خفت بريق الرجل وطواه النسيان. وكاد السفير أن يصاب بأذى لرفضة الخضوع لرغبات الوزير الشاذة. ولكن تقريراً لجهاز المخابرات أنصف الرجل، حيث وصف التقرير ذهاب الوزير لشارع الدعارة بسقطة تعرض سمعة مصر الدولية للخطر.

3- مدلكة الوزير

تعريف الفساد علمياً هو استغلال المسئول لمنصبه لتحقيق منفعة أو درء ضرر.. وكل عام تصدر التقارير العلمية عن حجم الأموال والثروات المهدرة فى دول العالم الثالث الذى تنتمى له مصر من جراء الفساد. وتقدر بعضا من هذه التقارير بأن هذه الأموال تصل إلى 600 مليار دولار فى سنوات حكم مبارك. ولكن هناك دراسات أخرى تهتم بالأثر النفسى والاجتماعى لانتشار الفساد.. فالقضية أكبر وأخطر من كل المليارات المهدرة على كثرتها.. فانتشار الفساد أو التحول لدولة الفساد يفقد المواطن الثقة فى النظام السياسى والسياسيين والحكومات، وفى دولة الفساد تضيع قيمة العمل وتنتشر قيم الواسطة والاعتماد على النفوذ أو الثروة. وتكبت طاقات الشباب والمبدعين والعلماء لأنهم يدركون أن العلم والعمل والموهبة لا قيمة لهم فى دولة الفساد.

ولاشك أن ضياع سمعة العمل السياسى فى مصر ترجع إلى هذا الوزير وأمثاله. ففسادهم دمغ السياسة كلها بالفساد. وسارع معظم أصحاب الأخلاق أو المواهب بالابتعاد عن هذا الوسط الموحل. ولذلك تعانى الأحزاب الآن من أزمة فى الكوارد السياسية. فثورتى 25 يناير و30 يونيو لم يكسرا الحاجز النفسى والأخلاقى لمعظم المصريين فى الانخراط فى العمل السياسى.

فمجلس الشعب قبل الثورة شهد أسوأ وأفسد النماذج. وحتى السياسيين المحترمين فقد تواروا وضعف تواجدهم فى مجلس الشعب. وأصبح المال هو الطريق السهل والأسرع لشراء مقعد مجلس الشعب والحصانة. وتدخلت علاقات الفساد لتزيد الأمر سوءًا. والوزير بطل حلقتنا قصة أو بالأحرى فضيحة سياسية فى هذا المجال.

فقد كان يعانى من ألم فى الظهر. وكان فى أحد الحفلات عندما تعرف على سيدة جميلة سيئة السمعة وتعمل فى مجال التدليك. وعرضت المرأة على الوزير أن تقوم بجلسات تدليك خاصة للوزير وفى أى مكان يختاره وفى الوقت الذى يناسب ظروف عمله الخطير. وفهم الوزير الدعوة وقبلها على الفور، وبدأت جلسات التدليك فى منزل خاص بعيداً عن منزل العائلة، وتطورت الجلسات وشعر الوزير بانجذاب شديد نحو المرأة. وأغرم بها. وكان على استعداد لكل طلباتها. ولم تكن المرأة فى حاجة للمال، فقد كونت ثروة من علاقاتها السابقة برجال أعمال من الحجم الثقيل. ولكنها كانت طالبة سلطة ونفوذ. وذات جلسة فاتحت الوزير فى أن حلم حياتها أن تدخل مجلس الشعب وتصبح نائبة، وأنها حاولت من قبل وفشلت فى الوصول للطريق الصحيح.. وضحك الوزير ضحكته الطويلة. وأخبرها أنها وجدت الطريق وأن المسألة سهلة، فمعارفه ودائرة علاقاته تحت أمرها، وبالفعل نالت المدلكة شرف تمثيل الأمة وأصبحت نائبة فى مجلس الشعب. تشارك فى التشريع وتناقش الميزانية. وعندما وجدت المرأة أنها حصلت على عضوية المجلس بسهولة. زاد طموحها وبدأ يأخذها إلى آفاق أبعد من ذلك، فقد بدأت تخطط لتصبح وزيرة فى الحكومة. ولكنها لم تستطع أن تنفذ حلمها. ليس لأن الوزير اعترض أن تتحول عشيقته إلى زميلته فى مجلس الوزراء. ولكن لأن سوزان مبارك لم تتقبلها فى شلتها من ناحية، ولأن تقريراً رقابياً رصد كثرة مشاكلها مع مؤسسات ووزارات على قطع أراضى ومشروعات ومشاكل مع الضرائب من ناحية أخرى. فإذا كانت المرأة لم تصل لمنصب الوزيرة، فقد حققت مكاسب مالية وثروة طائلة لم تحلم بها يوماً. وكانت تردد لصديقاتها دوماً أنها لم تتعرض لأى مشكلة وأن الجميع يتقربون منها لأنهم يعرفون (غلاوتها) عند الوزير المهم. وأنها كانت تتصل به لو تعرضت لأى مضايقة أو مشكلة فيقوم بحلها على الفور، ولكن الوزير مل منها وراحت فى دائرة النسيان.

4- تحرش فى بيت الحكومة

فالوزير (الفلاتى) كان يعشق كل أنواع النساء، وينتقل من امرأة إلى أخرى مثلما يبدل بدله، وحتى لو استمرت علاقته فترة مع إحدى النساء فلم يكن يعرف الإخلاص لها. بل يتنقل بين النساء. فقد كان يعانى من عقدة مزمنة منذ طفولته من تركيبة جسده. وكان شكله أقرب للرجل الكارتونى. ولذلك كان ينشر أخبار علاقاته الغرامية لأنها تمنحه ثقة بالنفس. وأظن أنه كان يصدق أن النساء تعجب به لجماله وجاذبيته. مرة شاهد الوزير مديرة مكتب أحد الوزراء الآخرين. وكانت امرأة جميلة وترافق الوزير فى كل جولاته وتذهب معه لمجلس الشعب وتحضر معه اجتماعات مجلس الوزراء. ولفتت مديرة المكتب نظر (الوزير الفلاتى). وما أن شعرت المرأة بإعجابه حتى ضربت وزيرها (زنبة). فالوزير الفلاتى أقوى وأكثر نفوذاً من وزيرها. وبدأت تأتى بشيكولاتة فاخرة للوزير وتجلس معه وتحرش بها كثيراً فى مجلس الوزراء. وكان الوزير الذى تعمل معه لا يستطيع أن يفتح فمه لا مع الوزير القوى ولا مع مديرة مكتبه.. وأصبح من المعتاد أن تذهب مديرة المكتب لمجلس الوزراء حتى لو كان وزيرها غير متواجد.. كما كانت تذهب للوزير فى مكتبه. وفى الحفلات الرسمية تتواجد معه حتى لو كان وزيرها حاضراً، وأصبحت علاقتها بالوزير محل سخرية فى دوائر النخبة وعلى الرغم من أن الوزير الفلاتى عرف نساء بعدد شعر رأسه إلا أنه كان يشعر بسعادة بالغة وفخر فى علاقته بهذه السيدة. لأنه كان يتصور أنها فضلته على وزيرها.. وأنه خطف مديرة المكتب، ولذلك طالت علاقتها به. وبالطبع كافأها الوزير الفلاتى على حساب صاحب المحل أو من أموال الدولة، فبعد رحيل وزيرها عن منصبه تركت العمل الحكومى وبدأت مشروعاً خاصاً بدعم من الوزير الفلاتى. وبأوامر للمؤسسات والوزارات بدعم شركتها التى كانت تعمل فى مجال الدعاية والعلاقات العامة.

5- إدمان الضرب

كان الوزير الفلاتى يكثر من الحديث عن أهمية أن يتحلى المجمتع ووزاراته بالأخلاق المصرية وأخلاق الإسلام. وعندما كان يسمع العاملون معه بهذه الكلمات كانوا يدركون أن وزيرهم عمل فضحية جديدة. فكلما زادت فضائحه كان يكثر من الحديث معهم عن الدين والأخلاق. وكانت السنوات الأخيرة من نفوذه قد شهدت تطوراً يحتاج إلى تفسير من الدكتور والعالم النفسى أحمد عكاشة، فقد أصبح الرجل يكثر من الظهور العلنى فى بارات الفنادق الشهيرة فى القاهرة، وذلك فى مخالفة لكل الأعراف السياسية والوزارية. فقد جرى العرف أن السياسيين المشهورين والوزراء وكبار المسئولين يسهرون فى منازلهم أو منازل الأصدقاء خاصة إذا أرادوا تناول الخمور أو لقاء صديقاتهم. ولكن الوزير كان يذهب لمقابلة شلته فى البارات ويظل يشرب حتى وقت متأخر من الليل. والأهم حتى تظهر عليه آثار الشرب، وكانت شلته المختارة بعناية تستمع يوميا خلال السهرة إلى مغامراته الغرامية وغزواته النسائية. ومع الشرب وتأثير الكحوليات يصاب الرجل بهالة من النشاط المفاجئ. فيبدأ فى إجراء رهانات جنسية. وكانت الشلة معتادة على الرهان، مرة يتراهن إنه (هيعلق) الست اللى قاعدة لوحدها، ومرة يتراهن إنه سيقبل فتاة تجلس على البار، وبالتأكيد كانت بعض السيدات يستجبن إلى طلباته وسفالته. ففى النهاية رضا الرجل يعنى النفوذ والثروة معا. ولكن الأمر لم يخل من رفض أخريات لسلوك الوزير الفلاتى. وقد تعرض الوزير مرتين على الأقل داخل فندق بمصر إلى الضرب على وجهه (بالقلم) وذلك عند محاولاته تقبيل نساء بالقوة. وكانت النخبة أو كريمة المجتمع فى مصر تتداول أخبار هذه الفضائح صباح اليوم التالى. فأخبار النميمة والفضائح تنتشر مثل النار فى الهشيم. ولكن الوزراء الذين كانوا يعملون فى عهدى عبدالناصر والسادات كانوا يندهشون ويغضبون من هذا التدنى. أما الوزراء وأهل النخبة السياسية الموجودة فى السلطة فقد اعتبرت أن ما فعله الوزير الخطير رفع لهم سقف الحرية. ولذلك تجرأ بعض الوزراء الآخرين على تقليد الوزير. فأصبحت هناك شلل وزارية تلتقى للشرب ولقاء الصديقات فى أكثر من فندق شهير من فنادق القاهرة. وخاصة فى بارات هذه الفنادق. وكان لدى رجال الأعمال والنصابين والفاسدين قائمة أو بالأحرى خريطة بأماكن تجمع الوزراء فى البارات. وأصحبت هذه الأماكن فرصة للتعرف على الوزراء وتقديم الخدمات وتقديم الطلبات.

وما حدث فى مصر تكرر مع الأسف خارح حدودها. فالوزير كان فى زيارة رسمية لدولة الإمارات. وكان قد سمع عن الروسيات فى دبى وسهولة الحصول عليهن، ولذلك اعتقد الوزير أنه يستطيع أن يقبل كل الروسيات فى الفندق، ويتحرش بهن. وكان الوزير يجلس فى لوبى الفندق الإماراتى عندما حاول التحرش بفاتنة روسية بالقوة. فما كان منها إلا أن صفعته بالقلم وهددت باستدعاء الشرطة، وسعياً للم الفضيحة تدخل عدد من أعضاء الوفد المصرى واعتذروا لها عن تهور الوزير. وكالمعتاد تحولت القصة أو بالأحرى الفضيحة إلى الخبر الرئيسى على موائد إفطار أعضاء المؤتمر فى اليوم التالى.

وقد كنت فى دبى فى هذا التوقيت لحضور مؤتمر آخر وفى نفس الفندق فى الصباح لاحظت أن جرسون مصرياً شاباً يعمل فى قاعة الفطار حزين ومكتئب وعندما سألته عن السبب، حكى لى بحزن شديد فضيحة الوزير.. وكنت قد عرفتها فى المساء من خلال عضو بالوفد المصرى شارك فى محاولة لم الفضحية.. وأضاف الشاب أن كل المصريين يشعرون بالعار مما فعله الوزير ولكن أكثر ما أثر فى قول الشاب (إحنا سبنا البلد من ظلمهم وفضايحهم جايين ورانا هنا يفضحونا ويفضحوا مصر).