طارق الشناوى يكتب: عبد المغنى.. نجومية مفقودة!!

الفجر الفني

بوابة الفجر


فيلم عجوز ينتمى على الورق وأمام الشاشة إلى زمن «العواف يا نينة» و«سدكينى»، زمن كنت ترى فيه البطل الطيب الشهم الشجاع وكل نساء الحارة يقعن فى غرامه، وكل الرجال لا تستطيع الصمود أمام عضلاته النافرة، وعلى المقابل هناك الشرير اللى وشه بيقولك سايق عليك النبى تاخدنى قلمين، وبالفعل حقق البطل رغبتك وأشبعه بالنيابة عنك تلطيشًا، وتسبب فى عاهة مستديمة على وجهه، ولدينا البتّ الحلوة التى يتصارعان عليها، ولا تنسَ الراقصة التى تعشق البطل المغوار، وعلى هذا ينبغى أن يتصدر المشهد الكباريه، فهو المكان الرئيسى للأحداث، وعليك أن تتعاطف مع البطل رغم كل شىء.

تقولّى الهدف من الفيلم؟ أقولّك لديهم هدف، تابع المشهد الأخير عندما يقرر كل أهل الحارة الطيبين التصدى للشرير، وتنتهى الأحداث وهو يمسك بالبنت الحلوة مهددا بقتلها، بينما البطل وخلفه أبناء الحتة يحاولون إنقاذها، وموسيقى مليئة بالشجن، وتوتة توتة. فى البداية كانت الموسيقى وأغانى المهرجانات لزوم النعنشة والفرفشة، ولكن فى المشهد الأخير ينبغى أن ترى دموع الموسيقى، ولا تنسَ أيضا أن تضع بالفيلم أكثر من «مُزة» تهيم حبًّا بالبطل.

كل ما ذكرته رأيته وزيادة فى فيلم «كرم الكنج»، وسط خفوت جماهيرى ملحوظ. كنت أنا حامل التذكرة رقم 7 عندما شاهدته قبل أيام مع الجمهور، ولكنك لو استبدلت باسم البطل محمود عبد المغنى أى نجم شباك ووضعته داخل تلك التوليفة رغم بدائيتها وتقليديتها فستحقق نجاحا تجاريا أكبر. نعم، سيموت العمل الفنى بعد قليل، ولكنه سينجح فى الضحك على الزبون لمدة ساعة ونصف الساعة، وسوف يغادر دار العرض وهو يلعن الفيلم وسنين الفيلم، ولكن فى النهاية قطع التذكرة. الفيلم حاليا ينافس بجدارة «فزاع» و«جمهورية إمبابة» على المركز الأخير.

لا أحد يعترف أبدا بأنه يستحق الفشل، الطبيعة الإنسانية ترفض أن تواجه الهزيمة. سيقولون لك -وبالمناسبة، كل ما سيذكرونه صحيح- إنهم يواجهون بمافيا فى توزيع الأفلام ولا يحصلون على عدد كافٍ من دور العرض، وإن الدعاية فقيرة. نحن نعيش حقيقة فى ظل مناخ قاسٍ، وكلها ضربات عانى منها «كرم الكنج»، إلا أن الضربة القاضية جاءت إليه من سوء مستوى الشريط ولخفوت اسم البطل تسويقيا، وهو فى الحقيقة ممثل موهوب، ولكنه غير قادر على الجذب الجماهيرى، تنقصه تلك اللمسة السحرية، وهو أيضا غير مصدق، سواء وهو يضرب العشرات أو وهو تحبه كل الحسناوات، حتى إن المخرج الجديد حازم فودة لزيادة جاذبية الصنف الحريمى أسند دور راقصة إلى واحدة تُشبه هيفاء وهبى، لعل وعسى، ولكن لا لعل ولا عسى.

عبد المغنى موهوب ولا شك، ولديه مساحة على الخريطة الدرامية لا ينكرها أحد، ومن الممكن أن يلعب البطولة تليفزيونيا، وله محاولات لا بأس بها فى هذا المجال، ولكن البطولة السينمائية لها قانون آخر.

لم نرَ على الشريط مخرجا يدرك الإمساك بالتفاصيل، فلم يتدخل فى التتابع أو حتى لضبط الإيقاع، حتى إنه فى نهاية الأحداث عندما لم يجد شيئًا يرويه أثقل الفيلم بأغنية تعيد إلينا كل الذى تجرعناه قبل قليل. أما منذر رياحنة الذى يؤدى دور الشرير، فبالتأكيد لديه مشكلة فى ضبط اللهجة القاهرية، ولهذا قرروا أن يمنحوه لهجة صعيدية بلا مبرر لمساعدته فى التقليل من كارثة اللهجة، ولكنه -وهذا هو الأهم- قدم الشخصية من الأرشيف بكل ما فيها من تقليدية وزعيق ورعونة فى الأداء الصوتى والحركى. ريهام حجاج فى كل تجاربها السينمائية لا تزيد على كونها الفتاة الجميلة، وليس لديها حتى الآن شىء آخر سوى أنها جميلة.

عبد المغنى لقى قبل شهرين هزيمة مماثلة فى فيلم «النبطشى»، وفى الفيلمين عمل اللى عليه وزيادة، رقص وضرب وتعاطى المخدرات وشارك فى الغناء، ولكن سيظل الرهان السينمائى عليه كبطل شعبى محفوفا بالمخاطر، نجومية شباك مفقودة، واختياراته الحالية ستجعلها للأبد مفقودة!!