"حماس" تواجه "داعش" في غزة

عربي ودولي

بوابة الفجر



يقول محللون وكتاب فلسطينيون، إنّ "حركة المقاومة الإسلامية" الفلسطينية - "حماس" التي لا تزال تسيطر على مقاليد الحُكم في قطاع غزة، تشعر بالقلق من وجود مناصرين لتنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" - "داعش" في قطاع غزة.

ويرى المحللون، في أحاديث منفصلة لوكالة "الأناضول"، أن "حماس"، ستلجأ إلى محاربة أنصار "داعش"، إما عبر القوة، أو "الحوار الفكري".

وكانت جماعة تُطلق على نفسها اسم "مناصرو دولة الخلافة الإسلامية"، قد أصدرت في التاسع من نيسان الحالي، بياناً، أعلنت من خلاله عن دعمها وتأييدها لتنظيم "داعش".

واتهمت الجماعة وزارة الداخلية في غزة، آنذاك باعتقال عدد من أنصارها، وطالبتها بنبرة تحذيرية إطلاق سراحهم، وهو ما ردت عليه الوزارة التي تشرف عليها حركة "حماس"، بتصريح نفت فيه شن أي اعتقالات بحق أي جماعة.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة في غزة (خاصة) عدنان أبو عامر، أن ثمة مخاوف مشروعة في شأن إمكانية تفجر الأوضاع الأمنية في قطاع غزة، ونشوب "توتر" بين مؤيدي "داعش" والأجهزة الأمنية التي تشرف عليها حركة "حماس".

ويضيف أبو عامر أن "حماس"، قد تلجأ إلى الحل الأمني مع مناصري ومؤيدي داعش، وقد تفضله على خيارات أخرى.

واستدرك بالقول:" قد تلجأ الحركة إلى الحوار الفكري والنقاشات الداخلية، لكن التفجيرات الأخيرة في قطاع غزة، من شأنها أن تدفع حماس نحو استخدام القوة، وعدم السماح لتمدد أنصار داعش في غزة".

وشهد قطاع غزة أخيراً، تفجيرات عديدة وحوادث إطلاق نار، وتوعدت وزارة الداخلية، بمحاسبة المسؤولين وراء التفجيرات، وعدم السماح لأي جهة كانت بنشر الفوضى والفلتان الأمني.

وبحسب "مركز الميزان لحقوق الإنسان" (غير حكومي)، فإن قطاع غزة شهد منذ مطلع نيسان الحالي، تفجير 6 عبوات ناسفة، (لم تسفر عن وقوع أي خسائر بشرية).

ووفق أبو عامر، فإن الحركة المقاومة "لن تسمح أبداً بانتشار فكر تنظيم داعش، وتنامي أعداد المناصرين له".

ولا تتوافر معلومات دقيقة حول حجم التأييد لتنظيم "داعش" في قطاع غزة، بينما دأبت وزارة الداخلية على نفي أي وجود للتنظيم، لكنها تقول إن "من الوارد والطبيعي كما في كل المجتمعات، أن يعتنق بعض الشباب الأفكار المتطرفة".

وفي التاسع عشر من كانون الثاني الماضي، قام مناصرو "داعش"، (نحو مئتين من الشبان) بالخروج في مسيرة علنية جابت شوارع مدينة غزة الرئيسية، للتنديد بالرسوم المسيئة للنبي محمد في صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية.

وفي ظهورهم العلني الأول، وجه المناصرون التحية إلى زعيم تنظيم "داعش"، "خليفة المسلمين" أبو بكر البغدادي، وحملوا الرايات السوداء التابعة لتنظيم.

وبررت وزارة الداخلية في قطاع غزة السماح لأنصار داعش بالخروج بقولها: "إن حرية الرأي والتعبير مكفولة في إطار احترام القانون والمحافظة على الأمن والنظام العام والحفاظ على الممتلكات العامة".

وبين الفينة والأخرى، تعلن مصادر أمنية فلسطينية، ومواقع محلية عن مقتل أحد الشبان الفلسطينيين من قطاع غزة، أثناء قتاله في صفوف تنظيم "داعش" في سوريا، والعراق.

لكن لا تتوافر معلومات دقيقة حول أعداد الفلسطينيين، الذي يقاتلون في صفوف التنظيمات "الجهادية" في سوريا والعراق.

غير أن صحيفة فلسطينية قالت في وقت سابق، إن نحو 100 شاب فلسطيني من قطاع غزة، يقاتلون في صفوف تنظيم "داعش".

ويقول الكاتب الفلسطيني عبد الستار قاسم،أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت في رام الله في الضفة الغربية، لوكالة "الأناضول" إن حركة "حماس"، قد ترى في الحل الأمني هو الأمثل مع التعامل مع مؤيدي "داعش" في قطاع غزة.

ويتابع: "خلال سنوات حكمها لقطاع غزة، لم تسمح حركة حماس بانتشار الجماعات السلفية، ولاحقتهم أمنياً باستمرار، وهو ما ستفعله مع مؤيدي داعش، لأنها تدرك جيداً أن أي تمدد لأنصار هذا التنظيم، قد يجلب لها مشاكل تفاقم من أزماتها".

ويرى قاسم، أن الحركة لن تسمح بانتشار تنامي ظاهرة مؤيدي "داعش"، وستقوم بملاحقتهم الأمنية المستمرة، حتى لو قامت بنفي ذلك.

وعلى مدار سنوات حكمها لقطاع غزة (2007-2014) والذي لا تزال تسيطر عليه رغم تشكيل حكومة الوفاق الوطني في الثاني من حزيران 2014، دأبت حركة "حماس "على ملاحقة التنظيمات المعتنقة للفكر "الجهادي" المتشدد، أمنياً.

وفي الرابع عشر من آب العام 2009 ، داهمت الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة "حماس" السابقة، مسجد ابن تيمية، في مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، واشتبكت في معارك طويلة مع أتباع شيخ سلفي يُدعي عبد اللطيف موسى، الذي أعلن عقب صلاة الجمعة إنشاء "إمارة إسلامية" في أكناف بيت المقدس، وأسفرت الاشتباكات عن مقتل الشيخ موسى، وقرابة 20 آخرين.

ولم تكن تلك الحادثة، كما يرى مراقبون، سوى إعلان حرب حقيقية، من قبل حركة المقاومة على تنظيمات "السلفيّة الجهادية" والتي بدأت تنشط مع بروز نجم تنظيم "القاعدة" في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول العام 2001.

ويرى المحلل السياسي، الكاتب في بعض الصحف الفلسطينية المحلية، مصطفى إبراهيم، أن التعامل مع مؤيدي "داعش"، من منطلق "أمني"، لن يُجدي نفعاً، بل قد يساهم وفق قوله بازدياد تنامي ظاهرة التأييد للتنظيم.

ويضيف إبراهيم لوكالة "الأناضول"، إن "حماس" مطالبة بالوقوف إزاء هذا التأييد، وإمكانية تعاظمه من رؤية وطنية فصائلية شاملة.
ويتابع ان "بعض القضايا تحتاج إلى تعامل أمني، ومن يرتكب أي جرائم تعبث بالأمن، وتقوم بزعزعة الاستقرار يجب محاسبته، وعرضه على القضاء، لهذا على حركة حماس، أن تشرك الجميع في مواجهة الفكر المتطرف".

ويشدد إبراهيم، على أن مواجهة مثل هذه الأفكار تستدعي معالجة أسباب انتشارها، بشكل مجتمعي وقانوني، وفكري، مضيفاً أن "الحوارات الفكرية" و"النقاشات الفقهية" لا تقل بأهمية عن الدور الأمني والقانوني.

وبحسب وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في قطاع غزة، فإن الوزارة تعكف على محاربة "الفكر المتطرف"، ومناصرة "الجماعات المتشددة"، من خلال "خطب الجمعة"، والعمل على "توعية الناس بالفكر الوسطي الصحيح، والابتعاد عن مناصرة أو تأييد الفكر المتطرف، والتكفيري، ومن يتبناه".

وفي وقت لا تُظهر فيه حركة "حماس" للعلن طريقة تعاملها مع أنصار "داعش"، يقول مصدر مقرب من "حماس"، فضل عدم ذكر اسمه، إن الحركة لجأت في الوقت الراهن إلى طريقتين تتمثلان في التعامل "الأمني" و"الفكري"، مع مؤيدي التنظيم.

غير أن المصدر يؤكد أن الحركة قد تميل إلى أسلوب التعامل الأمني أكثر، خاصة مع التفجيرات التي طالت عدة مواقع في قطاع غزة، وأنها لن تسمح بنشر الفوضى، وخلق توتر يتسبب لها بمشاكل على الأرض.

من جانبه، ينفي المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخليّة إياد البزم أي وجود لتنظيم "داعش" في غزة.

ويقول البزم لوكالة "الأناضول"، إن مهمة الداخلية هو نشر الأمن، وعدم السماح لأي جهة أو أي عناصر بزعزعة "الاستقرار"، مؤكداً أن أي شخص يتم توقيفه يكون في إطار "القانون".

وبحسب البزم، فإنه لا مكان للفكر المتطرف، والتنظيمات المتشددة بين أوساط الفلسطينيين، في ظل ما وصفه بانتشار الفكر الوسطي، والفهم الصحيح للإسلام.