ميشال عون يعقد مؤتمر صحفي حول تعطيل الانتخابات الرئاسية

عربي ودولي

بوابة الفجر



عقد رئيس التيار الوطني الحر، الجنرال ميشال عون مؤتمره الصحفي الذي انتظرته جميع الأوساط السياسية والإعلامية منذ أيام، وعلى العكس من كل التوقعات، فإن عون، المتهم بتعطيل الانتخابات الرئاسية وعرقلة التوصل إلى حل في تعيينات القيادات العسكرية والأمنية، قدم مطالعة لأزمات المرحلة التي تعيشها مؤسسات الدولة، خاصة الحكومة الحالية، تحت سقف عدم "تهديم" ما تبقى من "جسور" تسمح باستمرار إدارة الدولة بالحد الأدنى.

وصوب في مؤتمره الصحفي على موقع رئاسة الوزراء من باب مصادرتها لصلاحيات رئاسة الجمهورية، محملاً اتفاق الطائف مسؤولية هذا الخلل الدستوري والإداري والقانوني، حسب توصيفه، خاصة أن "الحكومة الحالية أوصلت الدولة اللبنانية إلى مرحلة التفكك والعجز".

وفي موضوع الحكومة أضاف عون "ماذا بقي من هذه الحكومة التي تخلت عن دورها في التعيينات العسكرية والأمنية"، متسائلا "هل نحن بحاجة إلى مثل هذه الحكومة العاجزة؟".

وهاجم عون تيار المستقبل وزعيمه الرئيس سعد الحريري بشكل غير مباشر، عندما اتهمه "بالتنصل" من الاتفاق الذي تم بين الطرفين، فيما يتعلق بتعيين "العميد شامل روكز" في منصب قائد للجيش "لاعتبارات القرابة" التي تجمعه مع عون.

واعتبر أن الأزمة في لبنان "ليست في الشكل بل في جوهر الحكم وفقدان مضامينه" التي أسس لها اتفاق الطائف الذي مضى على إقراره "25 عاماً"، متسائلاً عن بنود هذا الاتفاق المتعلقة بموضوع "اللامركزية الموسعة"، وشدد عون على أنه "لن يذهب إلى تسوية جديدة تشبه ما حدث في اتفاق الدوحة" عام 2008.

تلميح رئيس التيار الوطني الحر إلى اتفاق الطائف و"عدم تطبيقه" في الكثير من القضايا، أو "تشويه" هذا التطبيق، بقي تحت سقف "عدم الدعوة إلى تعديله" فيما يشبه "الالتزام" بما سبق له أن قدمه لحليفه أمين عام حزب الله حسن نصرالله في اللقاء الذي جمع بينهما.

كما أنه لم يذهب في مؤتمره الصحافي إلى طرح "مؤتمر تأسيسي" لإعادة صياغة النظام اللبناني، إلا أن الحلول الأربعة التي قدمها تكشف الاتجاهات التي قد يتضمنها مشروعه التأسيسي الذي يلتقي مع حزب الله، عندما طرح "أربعة حلول لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وإنهاء الفراغ أو الشغور الرئاسي"، من خلال الدعوة إلى:

1- اعتماد الانتخابات الرئاسية بالانتخاب المباشر من الشعب على مرحلتين، الأولى على الصعيد المسيحي، والثانية على المستوى الوطني.

2- استفتاء شعبي حول الشخصية الأكثر تمثيلاً وأهلية لتولي رئاسة الجمهورية. 

3- أن يختار مجلس النواب واحدا من شخصيتين الأكثر تمثيلاً للمسيحيين.

4- إجراء انتخابات برلمانية جديدة قبل الذهاب إلى انتخاب رئيس للجمهورية، شرط أن تكون هذه الانتخابات البرلمانية وفق قانون انتخاب جديد.

وفي أول تعليق على المؤتمر الصحافي لعون، علقت مصادر مقربة من التيار العوني "للعربية.نت"، بالقول إن "حزب الله نجح في ضبط الإيقاع التصعيدي لدى حليفه المسيحي في التيار الوطني الحر، عندما فرض عليه سقفاً سياسياً لا يدفع بالوضع اللبناني المعقد إلى حافة التفجير أو الانهيار فيما تبقى من مؤسسات الدولة المعطلة منها والمشلولة".

فعلى العكس من كل التوقعات التي كانت سائدة لدى القوى السياسية لدى طرفي الأزمة، أي قوى 14 آذار و8 آذار، لم يذهب ميشال عون إلى ما كان متوقعاً منه بإعلان "الاعتكاف" أو "الاستقالة" من الحكومة اللبنانية، التي تتولى مهمة إدارة البلاد مجتمعة في ظل الشغور في منصب رئاسة الجمهورية.

وأضافت هذه المصادر أن هذا الموقف "يأتي نتيجة لما جرى من مباحثات ونقاشات مطولة جرت بين عون ونصرالله، حيث استعرض فيها الأخير أبعاد ومخاطر التصعيد أو تعطيل العمل الحكومي في ظل الأوضاع التي يمر بها لبنان والمنطقة".

ولفتت إلى أن "موقف حزب الله من رفض تعطيل العمل الحكومي، ينبع من إحساسه بالتعقيدات التي تمر بها المنطقة، خاصة أنه منهمك بالمعارك الجارية في سوريا وما يحضر له لمنطقة القلمون"، إضافة إلى "الإرباك الحاصل داخل محور حزب الله الإقليمي وانتظار التداعيات التي قد تنتج عن عملية عاصفة الحزم في اليمن، السياسية والأمنية، وما قد يترتب عليها من تداعيات على الوضع السوري، والأثمان التي قد تكون إيران مجبرة على دفعها للإبقاء على الحد الأدنى مما حققته في مفاوضاتها مع واشنطن في الموضوع النووي".

كما أشارت إلى أن "نصرالله كان صريحاً في لقائه مع عون قبل أسبوع، فيما يتعلق بموضوع عدم وجود مصلحة في تعطيل مؤسسة الحكومة، في ظل الشغور الرئاسي، وتعطيل العمل البرلماني وشله. واستعرض نصرالله التجربة السابقة لحزب الله مع الحكومة التي شارك فيها بعد عام 2005 برئاسة فؤاد السنيورة، والانعكاسات السلبية التي تركتها قرارات حزبه عندما أعلن بداية اعتكاف وزرائه عن العمل الحكومي، ثم الارتدادات السلبية التي نتجت عن قرار الاستقالة من حكومة الرئيس سعد الحريري".

قد يكون حزب الله نجح في ضبط الإيقاع التصعيدي لدى عون، وقطع الطريق أمام تفجير الحكومة من الداخل، إلا أن رئيس التيار الوطني الحر، ومن خلال ما قدمه من اقتراحات لحل الأزمة الرئاسية، مهد الطريق أمام نفسه، وأمام حليفه، إلى إمكانية التصعيد في المرحلة المقبلة من خلال العودة إلى طرح "المؤتمر التأسيسي"، بشرط أن لا تذهب التطورات الإقليمية إلى المزيد من التعقيد والإحراج للمحور الإيراني في المنطقة.

حالة الانتظار التي يعيشها تحالف عون – حزب الله، عبر عنها زعيم التيار الوطني الحر بالحديث عن "انتظار ردود فعل الآخرين على الطروحات التي قدمها اليوم في الورقة التي أعلن عنها وما تضمنته من حلول"، حسب تعبيره.

هذا الموقف لـ"عون" قد يلاقيه أمين عام حزب الله في الخطاب الذي سيلقيه، مساء غد السبت، والذي من المتوقع أن يخصصه للحديث عن معارك القلمون إلى جانب النظام السوري، إضافة إلى تطورات الوضع اليمني، وانعكاسات نتائج قمة "كامب ديفيد".