الإرهاب الوسطى المعتدل

العدد الأسبوعي



■ سلفى من بتوع مضاجعة الوداع، اسمه: حــاجـة عـبد الظاهر، اعترض طريقى فى شــارع جامعة الدول العربية مزمجراً بلهجة لا تخلو من الوعيد: بدلاً من الكتابة عـمـال على بـطــال عن الثورة والسياسة والمسخرة والفـــنانين بتوعـك دول، لماذا لا تركز على الإباحية التى انتشرت كالسوس فى عظم البلد؟ لحيته التى تشبه رسومات الفراعنة عن الهكسوس، تدلت كثعــبان مـشعــر، لا أقرع، إلى ما بعد منتصف الصدر. بالطبع كانت موضوع سخرية أصدقائى ما أن انتهى الموقف. سـألته: إباحـــية إيه لا سمح الله؟ وعلى الفور، قام بالكشف عن فضيحة أخلاقية تـوقــف شـعـر الرأس من الخضة، عندما أقسم أن حديقة الأسماك فيها حـاجــات قـــلة أدب.أنا من جانبى، أكـدت له بشتى الوسائل أننى أتفق معه على طول الخط، فلقد لفت انتباهى بالفعل أن الأسماك فى هذه الحديقــة تسبح عــاريـة.

■■■

الأرض كــرويـة غـصـبٍ عن عــيـن تاجر السمك الحـمــار فــى السـكــرتير الفــنى لفؤاد المهندس، أو مـن يضاهيه أو يتفوق عليه فى الحـمــوريـة، أياً ما كان المـوقـع الذى يـبـرك عليه. وعلى الرغم من أن رواد الفـضاء الذين شاهدوها -منذ ما يزيد على خمسين عاماًـ من خـــارج الغـلاف الجوى، أكدوا بالصور الملتقطة أنها من حيث الشكــل أقـرب ما تكون إلى حـبة الكـمثرى، فإنها تظل كـــرويـة على نحـو ما. كـرويـة بمعنى أن الـواحـد إذا سار فى خــط مستقيم، فلابد أن يعود يوماً إلى نقـطــة البداية. لا يوجد ما هو أدعى إلى الشعــور بالملل من أن تضطرنا الظروف أحياناً إلى تـكــرار البديهيات، كأنما نحن مطالبون باختراع العجلة من جــديد كـل خــمس دقائق. هناك مـن يرددون أن كـل هذا ليس سوى سخافــات من تلك التى يستهدفنا بها علماء الغرب الكفرة الذين لا هـم لهـم فى هذه الدنيا سوى كراهية الله ورسوله. إنهم يرتعدون خوفاً من قوتنا فى التفجير ووضع القنابل فى محطات المترو ومدارس الأطفال. بالطبع سائر الأدوات التى نستخدمها فى هذه الأنشطة من صــنع الغرب: اللى مـا تجــيش مــنه حـاجــة تســر القـــلب. حضارتنا لا يمكن الحديث عنها للأسف الشديد إلا بصيغة فعل الماضى الناقص. هكذا هى الأرض. كــرويـة غـصـبٍ عن عــيـن كـــل مـن يطلقون الفتاوى من على منابر الغباء والبراغيث والفضائيات التى لا تختلف كثيراً عن محافل الماسونية. تراهم العين الخبيرة، فيما هم يتقافزون إلى السطح، كالعقارب التى تحاول النجاة من جردل ماء، ليعبروا عن هذه النوعية من الخرافات التى يتربحون من وراء انتشارها.

■ الأزهر والمعاهد الدينية المنتشرة فى الأرياف والجمعيات الدينية المسماة خطأً بالخيرية أو ذات الوجه الدعوى، فضلاً عن تنظيمات الإسلام السياسى أو ميليشياته، أحزاباً كانت أو صـناديق نــذور أو خلايا نائمة، كلها تتألف من: متطرفين، أو متطرفين جداً، أو متطرفين للغاية، إلا مـن شذ على طريقة الاستثناء الذى يثبت القاعدة. وهم متفقون حول الغايات أو الأهداف السرية أو المعلنة، أو تلك التى يخفونها فى بعض الظروف لتظهر حسب مــوازين القـوى فى كـــل مرحــلة على حدة، بغض النظر عن مدى تطابق الفعل مع المخزون القيمى على امتداد الحضــارة الإنسانية. الفرق الوحيد بينها يتعلق بالوقت المناسب لإعلان دولة الخلافة أو الوسائل المتبعة: إرهاب فكرى ودموى، أم دموى فقط؟ لكن الأخطر يظل بالنسبة لى أنا على الأقل هـو الأزهر المتخصص فى تصنيع المحرضين على العنف. الأزهر هو مـن يمثل ما اسميه: الإرهاب الوسطى المعتدل.

■■■

■ غـارق فى الوهــم حتى الأذنين، كل مـن يتصور أن الأزهار تطلق العطر لتغازل أنوفنا. العطر صوت الأزهار. طريقتها فى البكاء.