وزير الثقافة: أنا مش «إخوانى».. ولولا 30 يونيه كنت دخلت السجن!

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


الدكتور عبدالواحد نبوى عبدالواحد، وزير الثقافة، هو أصغر وزراء حكومة محلب، وخاض العديد من المعارك مع الإخوان خلال عهد مرسى، خاصة أنه كان يتولى رئاسة الإدارة المركزية لدار الوثائق القومية فى 2010، ثم أصبح مديرا للهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، إلى أن تولى منصبه الحالى.

فى حواره مع «الفجر» كشف وزير الثقافة تفاصيل أزمته مع جماعة الإخوان، والمشاكل التى تحيط بالعمل الثقافى فى مصر، وروى تفاصيل آخر مكالمة بينه وبين الشاعرعبد الرحمن الأبنودى قبل رحيله.

دار الوثائق كانت مهددة فى عهد مرسى .. والإخوان حاولوا تهريب وثائق تتعلق باليهود فى مصر من خلال مؤسسة حكومية
■ بعض قيادات الوزارة أياديهم «مرتعشة».. والأمل فى «صيف بلادنا» ■ تجديد الخطاب الدينى عملية «معقدة» .. وغياب الثقافة وراء ارتماء الشباب فى أحضان الإرهاب

■ فى البداية، ما أول مهمة كلفت بها منذ توليك المنصب؟

التكليف الأول كان من قبل الرئيس السيسى بضرورة الاهتمام بقصور الثقافة، وعليه تمت زيادة الميزانية المخصصة إلى 250 مليون جنيه، بعدما كانت 90 مليون جنيه.

■ ما أبرز المعوقات التى اعترضتك داخل الوزارة؟

- هناك مقومات عديدة، منها مركزية الثقافة، حيث إن 70% من الأنشطة الثقافية متمركزة فى القاهرة الكبرى، رغم أن 60% من سكان مصر يعيشون فى باقى المحافظات، كما أننى اكتشفت أن أيدى قيادات الوزارة «مرتعشة» ويخشون تنفيذ المشروعات خوفا من المحاسبة، كما وجدت 220 مليونا لم يجدوا من سبقونى سبل إنفاقها لتطوير الحركة الثقافية فى مصر.

■ ما أبرز مشكلات قصور الثقافة فى مصر؟

- أكبر مشكلة هى أن كل مركز ثقافة يخدم 600 ألف مواطن، وهو ما يُمثل عبئا كبيرا على تلك المراكز، كما أن كل مركز يضم 30 موظفا فقط، وحينما أعددنا دراسة اكتشفنا أنه يمكن بناء قصر ثقافة كامل على مساحة 300 متر بتكلفة تبلغ 3 ملايين جنيه فقط، وبالفعل وضعنا خطة لإنشاء تلك القصور لبدء العمل سريعا.

■ ما أبرز مشكلات قطاع الفنون التشكيلية والمتاحف المغلقة؟

-الإهمال قديما فى وزارة الثقافة جعل بعض هيئاتها خارج الخدمة تقريبا، ونملك متاحف قومية وأخرى فنية يبلغ عددها 39 متحفاً، وكثير من موظفى المتاحف يتعامل معها بدون حرفية ويختزل عمله فى المحافظة على المقتنيات كعهدة فقط سواء حضر أحد لزيارة المتاحف أولم يحضر.

كما غابت عملية التدريب للقائمين على المتاحف، ما أثر على تطوير مهارات وقدرات العاملين، لكن هناك خطة للتطوير والتدريب بشكل كبير.

■ ماذا عن متحف الفن الحديث؟

- متحف الفن الحديث يعمل حاليا، ولكنه يمتلك 14 ألف مقتنى، ما يدفعنا لتغيير سيناريو العرض المتحفى كل فترة لنستطيع عرض جميع الأعمال الفنية بمختلف مراحلها، وسننتهى من إعداد سيناريو العرض الجديد فى أكتوبر ليكون جاهزا لاستقبال الجمهور.

كما أن متحف الشمع يحتاج لمبالغ ضخمة، من أجل تطويره، وغير متوفرة بميزانية هذا العام، ونعمل على توفير تلك المبالغ فى الميزانية القادمة ضمن خطة التطوير ليعود للحياة مرة أخرى، بينما سنفتتح متحفى «محمود خليل»  و«جمال عبدالناصر» فى أكتوبر المقبل، أما متحف «الجزيرة» الذى يحتوى على مقتنيات فنية من أندر ما تملك مصر فقد بدأت عملية تطويره منذ عام  1988 ووضعنا خطة لننتهى منه ليصبح جاهزا فى 30 يونيو المقبل.

■ ما خطتك لإصلاح منظومة النشر والطباعة؟

-تقاس عظمة الأمم وحضارتها بما تقدمه من معرفة وعلم، ويعتبر التأليف والنشر إحدى أدوات إنتاج المعرفة فى مصر، حيث تنتج تقريبا 29 ألف عنوان فى السنة، وهذا الرقم  فقير جدا بمقارنته مع عدد السكان، أما كتب الوزارة لا تصل بسهولة إلى الأقاليم، لذا وضعنا خطة لإيصالها لكل ربوع مصر من خلال إقامة 27 معرضا للكتاب فى 27 محافظة ضمن أسابيع ثقافية، تشمل أنشطة عديدة من خلال مبادرة شاملة تحت عنوان «صيف ولادنا» لنقضى على المركزية ونصل بالثقافة لكل مصر.

فوزارة الثقافة جهة خدمية لا تهدف للربح، وسعر الكتاب بالوزارة هو الأرخص حيث يصل قيمته إلى 8 جنيهات، وفى بعض الأوقات نضع خصما 50% على سعره، ونمنح بعض المكتبات بالمدارس ومراكز الشباب الكتب مجانا.

■ كيف تأثر الشباب بغياب العمل الثقافى فى مصر خلال السنوات الماضية؟

-غياب الثقافة عن الأوساط الشبابية فتح المجال أمام الجماعات الإسلامية لاحتضان هؤلاء الشباب والأطفال، وتشكيل عقولهم على أفكار خاطئة، ونعمل حاليا على استيعاب شبابنا، خاصة أن من أهم أساليب التأثير على الشباب السينما والمسرح والرواية والقصة والأدب.

■ ما دور الوزارة فى تجديد الخطاب الدينى؟

- تجديد الخطاب الدينى عملية معقدة وتحتاج إلى تكاتفنا وتحاورنا جميعا لتصحيح كل المفاهيم الخاطئة، والخطاب الثقافى العربى به أزمة إلى حد ما، لذلك سنقوم بالإعداد لمؤتمر كبير بمشاركة مجموعة من المثقفين والمفكرين العرب تحت عنوان «الخطاب الثقافى الواقع وآفاق المستقبل».

■ كيف نصل بالمنتج الثقافى للجمهور بشكل جيد؟

-تقيم الوزارة بكل هيئاتها حوالى 400 عرض شهريا لا يعلمها سوى القريبين منها، وهناك بروتوكول يتم إعداده بين الثقافة والتليفزيون لتوصيل الرسالة الثقافية والتعريف بتلك الأنشطة لتصل للجميع.

كما أقمنا الكثير من الفعاليات لمكافحة التطرف والإرهاب مثل مؤتمر «القوى الناعمة فى مواجهة التطرف والإرهاب»، وسلسلة كاملة ضد الإرهاب، و28 لجنة من لجان المجلس الأعلى للثقافة عملت فى هذا الإطار، لكننا لم نصل بشكل جيد إلى الناس بسبب غياب التغطية الإعلامية الكافية، إلى جانب حاجتنا لمضاعفة جهدنا من خلال التعاون مع الأزهر والكنيسة لنصل لكل القرى المصرية.

■ لكن يتم اتهامك بأنك «إخوانى»؟

- أنا أتعجب للغاية من هذا الاتهام، كيف أكون إخوانيا وقام الإخوان بالتشهير بى، ثم إقالتى من دار الوثائق، وكنت سأوضع فى السجن لولا قيام ثورة 30 يونيه.

■ هل شهدت الدار أى محاولات لتهريب الوثائق؟

- فى أكتوبر 2012، كانت هناك محاولة لتهريب وثائق مهمة تتعلق باليهود فى مصر من قبل إحدى المؤسسات الحكومية، وتمكنت الأموال العامة ومديرية أمن القاهرة من ضبطها، وأعدت دار الوثائق تقريرا بالواقعة، وتم وضع تلك الوثائق بالدار لأنها تتعلق بالأمن القومى.

■ ترددت معلومات عن أن الإخوان خلال عهد مرسى حاولوا تهريب وثائق مهمة.. ما حقيقة ذلك؟

-كان هناك نوع من الخطر الحقيقى على الوثائق، لذا تواصلت مع الأمن القومى لفرض السيطرة بشكل كامل على دار الوثائق لمنع أى محاولة لتسريب الوثائق، وتم وضع جميع قيادات الإخوان تحت المراقبة من قبل الأجهزة الأمنية، حتى بقى المسئول الأمنى عن تأمين الدار داخل المقر أيام 28 و29 و30 يونيه، ولم يغادره لحظة، كما تم وضع الوثائق المهمة فى أكثر من مكان لضمان عدم ضياعها.كماقامت هيئة الأمن القومى بوضع 11 نظاما لتأمين الدار سواء إلكترونيا أو يدويا، بما يحيل دون اختراق دار الوثائق من قبل أى شخص دون المرور على تلك الأنظمة.

■ ترددت معلومات بوجود مافيا حاولت الاستيلاء على أراضى الدار.. ما حقيقة ذلك؟

-هناك مافيا للاستيلاء على الأراضى، ونجحنا فى منعها من الاستيلاء على 252 مليون متر مربع بمنطقة رشيد، بما يعادل مساحة مدينة رشيد كاملة، حيث حاولت المافيا الاستناد على أوراق مزورة تعود تاريخها للقرن الـ 18.فضلا عن محاولة أخرى للاستيلاء على المئات من الأفدنة فى محافظة الإسكندرية بتسهيل من جماعة الإخوان المسلمين، لكن جهات الأمن تصدت لها بشكل كامل.

■ هل زُرت الشاعر الكبير الخال عبد الرحمن الأبنودى قبل رحيله؟

- فور حلف اليمين، خرجت من مجلس الوزراء واتخذت قرارا فوريا بالذهاب إلى المستشفى لزيارة الخال، لكن للأسف أبلغونى بعدم التمكن من زيارته لأسباب خاصة فذهبت للمنزل.

واليوم التالى توجهت لزيارته فى الساعة 8.30 صباحا فى المستشفى دون أن أخبره بأننى توليت منصب وزير الثقافة، وأبلغته بأننى أحد معجبيه، وعندما التقيته أبلغته من باب المداعبة أنه تم تعيين وزير ثقافة جديد يُدعى عبدالواحد، فأجابنى «فيه وزير اسمه عبدالواحد؟»، فقلت له «مش عبدالواحد بس اثنين عبدالواحد، وفى النص عبد النبوى»، فظل يضحك وقال لى «معقول فيه وزير ثقافة اسمه كده؟».

فى اليوم التالى علم الخال بأننى وزير الثقافة المقصود، فاعتذر لى واستمرت المكالمة بيننا لمدة 20 دقيقة، ولا أنسى كلمات التهنئة لى «إنت قدمك أخضر، وأريدك أن تفتح متحف أبنود للسيرة الهلالية»، وبالفعل اتفقنا على افتتاحه يوم 25 إبريل مع أعياد تحرير سيناء، ووعدنى بالحضور، لكن حالته الصحية حالت دون ذلك، وسيتم افتتاح المتحف 30 مايو الجارى، وسيتم تنظيم أسبوع لثقافة السيرة الهلالية، ومعرض للكتب.

■ لماذا لم تحضر تكريم الفنانة شادية الذى أُقيم فى أكاديمية الفنون؟

-الظروف لم تكن تسمح لى بالحضور، حيث كان لدى ارتباط تم تحديده مسبقا ولا يمكن تأجيله، وفيما يتعلق بالأكاديمية فوضعنا خطة شاملة لإصلاحها لتتحول إلى أكاديمية فريدة، لأنها المسئوله عن تخريج الكوادر المهمة التى تخدم العمل الثقافى.