تفاصيل اجتماع الـ 40 دقيقة بين شيخ الأزهر والسلفيين

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


النور يستغل الفجوة بين المشيخة والرئاسة

■ الشحات طلب لقاء الطيب بشكل سرى بعد كلمة السيسى بـ «48 ساعة» لتقديم خطة «محاربة الدواعش»

على الرغم من حالة الخلاف الشديد بين الأزهر الشريف، والتيار السلفى، إلا أن مصادرنا الخاصة داخل المشيخة كشفت عن تفاصيل لقاء سرى استمر نحو 40 دقيقة بين الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وبعض مشايخ السلفيين، لمناقشة خطة محاربة «الدواعش».

وحول تفاصيل الاجتماع، قالت المصادر: فوجئ شيخ الأزهر بطلب من المهندس عبدالمنعم الشحات المتحدث باسم الدعوة السلفية، بضرورة اللقاء وعقد اجتماع فورا مع الإمام الأكبر بعد خطاب الرئيس السيسى الشهرى بيومين، فاستغرب الإمام من هذا الطلب، لكنه رحب بالمقابلة التى لن يحضرها سوى الشحات واثنين من رجال الدعوة السلفية بالإسكندرية وممثل عن حزب النور وفقا لما طلبه الشحات.

وبحسب المعلومات التى حصلنا عليها، فالاجتماع عقد بمقر المشيخة، وحضره عبد المنعم الشحات، وأشرف ثابت عضو المجلس الرئاسى بحزب النور، ونادر بكار نائب رئيس حزب النور لشئون الإعلام.

خلال الاجتماع طرح رجال الدعوة السلفية خطة مكتوبة ومسجلة حرفيا، حملت عنوان «خطة النور لتجديد الخطاب الدينى ومواجهة التكفيريين»، تلك الخطة التى أزعجت الإمام الأكبر، وقال للشحات بالنص، «ما الذى دفعكم لعمل تلك الخطة وما الداعى من ورائها، ولماذا تعرضونها على الأزهر».

كان الرد من الشحات نصاً: «نحن مع توجهات الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى لم يقصر خطة مواجهة التكفيريين والإرهابيين على الأزهر وحده، وأعطى الفرصة لكل من يريد أو يحاول أن يدافع عن الدين الإسلامى»، فى إشارة لما ذكره السيسى فى كلمته الشهرية للأمة بأن تجديد الخطاب الدينى، وامتلاك خطة تنويرية لمحاربة التطرف الفكرى، عبء لا يقع على كاهل الأزهر وحده، وإن كانت المؤسسة الدينية لم تقدم ما يشفع لها فى هذا المجال.. لذا فإن تجديد الخطاب الدينى ومواجهة التكفيريين، يقع أيضا على كاهل العلماء المستنيرين، فى كافة المجالات.

وأشارت المصادر إلى أن الشحات حاول أن يمتص غضب الطيب، فقال له: نريد مباركة مؤسسة الأزهر لتلك الخطة وتفعيلها تحت راياته أو مد يد العون للعمل سويا، خاصة أن تلك الخطة قد سلمها الدكتور يونس مخيون رئيس الحزب لمؤسسة الرئاسة وينتظر الموافقة عليها، ونحن فى الدعوة نريد توحيد كل الجهود والمؤسسات لتنفيذ تلك الخطة.

وأكدت المصادر أن الشحات لجأ إلى الطيب، برغم الخلافات بين الأزهريين والسلفيين، ذلك لأن حزب النور لن يستطيع تطبيقها بمفرده أمام التضييق المتعمد من قبل وزير الأوقاف وحرمان مشايخ الدعوة السلفية وعلمائها من المنابر والمساجد وفقا لقانون الخطابة وميثاق العمل الدعوى، وأن مشايخ الأزهر فقط هم المنوط بهم فقط الصعود للمنابر وتنفيذ تلك الخطة، أو السماح لمشايخ وأئمة وفقهاء السلفيين بالصعود لمنابر المساجد واستردادها مرة أخرى.

المصادر أوضحت أن هذا الكلام أغضب الطيب، لكنه حاول أن يكتم غضبه، وتسلم الخطة منهم، وقال لهم: سندرس الأمر ثم نرد عليكم.

خرج الوفد السلفى من مكتب الإمام الأكبر وعلى وجهه كل علامات الرضا، وإن لم يبادلهم شيخ الأزهر نفس الشعور، ذلك لأن الأزهر كان قد رفض العديد من المحاولات للتقريب بين المشيخة والسلفيين، لاقتناعه بأن التيارين متناقضان، وكلاهما يسير عكس الآخر.

وقالت المصادر: هدف السلفيين من هذه الخطة ليس إصلاح الخطاب الدينى ومحاربة الفكر التكفيرى، وإنما محاولة العودة مرة أخرى لصعود منابر المساجد، مشيرة إلى أنهم استغلوا تصريحات الرئيس السيسى، وبادروا بالخطة من أجل اقتناص الفرصة لتحقيق غرضهم، والظهور بمظهر «الحزب المصلح» بما يدعم تقربهم من مؤسسة الرئاسة، وتدعيمهم فى المشهد السياسى.

الخطة التى وضعها السلفيون بين يدى الطيب، وسلمت منها نسخة للرئاسة ترتكز على عدة محاور، منها تنظيم ندوات ومحاضرات حول خطورة هذا الفكر وكيفية مواجهته، وتنظيم لقاءات مع شباب الإسلاميين للتعريف بخطورة هذه الأفكار، وتوزيع منشورات على العامة للتحذير من توغلها فى عقول البعض والتأكيد على مساندة الدولة فى مواجهة التطرف والإرهاب.

وقالت المصادر: «يأتى ذلك بالتزامن مع تنظيم ندوات ومؤتمرات لمشايخ وعلماء الدعوة السلفية الـــ200 المنتشرين فى محافظات مصر، للترويج لصورة الإسلام الصحيحة وحث الشباب على نبذ التطرف والإرهاب، وعدم الاستسلام لأى دعوات تخريبية، إلى جانب تصحيح المفاهيم المغلوطة بشأن الجهاد فى سبيل الله».

وتركز الخطة كذلك على تفنيد أكاذيب «داعش» الذين يسارعون فى تكفير الآخرين بـ«الشبهة»، دون أن يميزوا بين موالاة مكفرة، وموالاة محرمة، وأن هناك أمورا مباحة فى التعامل مع غير المسلمين، فمثلا: لا يفرقون بين نصرة الكفار المعلنين بكفرهم، ونصرة من يعلنون الإسلام، فضلا عن وجوه المعاملة التى يقولون إنها نصرة، مثل: عدم القتال فى صف منظمتهم أو تخطئة ذلك أو رفض قتال الدول التى بينها وبين المسلمين عهد وإن كانوا فى الأصل معتدين مغتصبين.

وتشمل الندوات أيضا وفقا للخطة الحديث حول الانحرافات الفكرية والعقائدية التى وقعت عند بعض الجماعات التى تنسب نفسها للدين الإسلامى، خاصة فى مسائل الإيمان والكفر، وفهم منهج التغيير، فالغرب يستخدم هذه الجماعات لتشويه صورة الإسلام عند غير المسلمين وعند المسلمين أنفسهم، وتنفير الناس منه.

المصادر أكدت أن التيار السلفى ينتظر موافقة الأزهر على الخطة، كى يبدأ التنفيذ على أرض الواقع، مشيراً إلى أن القيادات السلفية وضعت تصوراً للتسويق لخطتهم، من خلال الانتشار فى محافظات مصر، خاصة القرى والنجوع الفقيرة بصعيد مصر، معتمدين على أساليب توزيع الهدايا والسلع والمعونات على الفقراء والمساكين واليتامى.

حزب النور طالب الطيب بضرورة مساندتهم فى التسويق لهذه الخطة، ودعمهم، والتوسط لهم لدى وزير الأوقاف كى يسمح لهم بصعود المنابر مرة أخرى، خاصة أن مشايخ السلفية كانوا يعتبرون أن المساجد هى قبلتهم الأولى فى الترويج لأفكارهم، ومخاطبة أنصارهم.

المصادر كشفت عن أن السلفيين ينسقون حالياً مع جمعيات أنصار السنة المحمدية والجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية، لدعم حزب النور فى تنفيذ هذه الخطة، وذلك للاستعانة بمساجدها التى تزيد أعدادها على 20 ألف مسجد ومشايخها وعلمائها الذين تقترب أعدادهم من الــ50 ألف إمام وخطيب، مشيرة إلى أن السلفيين سيتحركون فى تنفيذها فور موافقة الرئاسة على الخطة.