غدا.. "لوبان" تتحدث عن السياسة الفرنسية مع "المناوي" على قناة TEN

الفجر الفني

بوابة الفجر


تمثل مارين لوبان الرقم الصعب فى السياسة الفرنسية الحالية خلال السنوات القليلة الماضية، فبعد أن كادت أن تقترب من الإليزيه فى الانتخابات الرئاسية الماضية 2012، تراهن بقوة على الوصول إليه فى انتخابات 2017.

وتجسد لوبان اليمين الفرنسى، الذى بدأ ينتشر شعبياً فى الفترة الأخيرة، لكنه ليس اليمين المتطرف، فقد سعت دائمًا إلى تشكيل تحالف قوى بين الأحزاب اليمينية مثل الجبهة الوطنية، حزب التحرر النمساوى، الحزب من أجل الحرية الهولندى، رابطة الشمال الإيطالى "فلامس بيلنغالبلجيكى" والديمقراطيين فى السويد، لضمان السيطرة على البرلمان الأوروبى.

وقالت لوبان فى حوارها مع الإعلامى عبداللطيف المناوى، بقناة ten، إن الجبهة الوطنية فى فرنسا لا تعتبر نفسها من اليمين أو اليسار، وإنما هى حزب وطنى يدافع عن الدولة، وتخوض حربًا لصالح الشعب والدفاع عن مصالحه، مؤكدة أن فرنسا تواجه مصاعب ضخمة.
 
وأضافت أن الإحساس بالوطنية يتصاعد فى أوروبا، وأن الاتحاد الأوروبى تحول إلى اتحاد سوفيتى أوروبى، يحرم الأوروبيين من سيطرتهم وحريتهم فى تقرير مستقبلهم، ويضعف من هويتهم، وهو ما يؤدى إلى فشل اقتصادى واجتماعى كبير.
 
وتابعت مارين لوبان: "إذا نظرت الشعوب للاتحاد الأوروبى على أنه أحد أهم الإنجازات وحلم لعدد كبير من الأمم فى العالم، فهم على خطأ، فإعطاء الظهر للوطن هو خطأ كبير، فالإمبراطوريات انهارت الواحدة تلو الأخرى، والاتحاد الأوروبى يعتبر إمبراطورية فى حالة انهيار، لأنها تكونت ضد إرادة الشعوب، والديمقراطية تعنى أن الشعب وحده هو السلطة، ولا معنى فى قبول مجموعة من التكنوقراط التى لم نحتم باختيارها أن تفرض علينا طريقة عملها وهو ما يظهر الآن، فإن هذا النظام يخدم عدد من الكيانات الاقتصادية الكبيرة فقط، ويصطدم بمصلحة الشعوب الأوروبية".

وأشارت إلى أن فرنسا رفضت الدستور الأوروبى عام 2005، وأن دولا بعينها فرضت على دول أوروبا إرادتها، وأن حكام بعض الدول مثل ألمانيا وشرق أوروبا يرفضون استفتاءات الخروج من عضوية الاتحاد، لا سيما الشعب الفرنسى.

وردًا على سؤال "هل تعيش فرنسا منفردة إذا حالة انهيار الاتحاد الأوروبى؟"، قالت: "فرنسا كانت دولة عظمى طوال تاريخها، وليس معنى أن تكون حرة أن تصبح منعزلة عن العالم، ولها دور كبير فى التاريخ، فلو افترضنا أن ألمانيا هى القلب الاقتصادى للاتحاد الأوروبى، ففرنسا هى القلب السياسى له، وإذا أظهرت باريس نموذجا جديدا لدول أوروبا بصورة مختلفة، فكل الدول ستحذو حذوها".
 
وشددت ممثلة اليمين الفرنسى على أن ألمانيا هى الدولة الأكثر استفادة من الاتحاد الأوروبى، والعملة الموحدة اليورو، وأن بلاد شرق أوروبا تعانى من هجرة أبنائها، للعمل فى بلاد أخرى أكثر ثراء، متوقعة أن يؤدى هذا الوضع إلى حروب، وأن هناك نموًا كبيرًا فى عدد الحركات الداعية للانفصال عن الاتحاد الأوروبى.
 
وعن علاقتها بوالدها، أشارت للاختلافات بينهما، وأنه أمدها بالشجاعة للنضال، وزرع فيها حب الوطن وتاريخ فرنسا، مؤكدة فى الوقت ذاته، أن قرار حزب الجبهة الوطنية بإبعاد والدها عن الحزب، سياسى اتخذه أعضاء الحزب، لكنه مؤلم باعتبارها ابنته، نظرا لصعوبة الاختيار بين مصلحة الأب ومصلحة الوطن.
 
ودافعت عن موقف حزبها تجاه العالم العربى والمسلمين، مؤكدة أن اليسار يحرص على تقديم أعمال كاريكاتورية، تتهمه بمعاداة المسلمين، موضحة أنه يدافع عن القيم والأصول الفرنسية، ووحدة البلاد العلمانية.
 
وأردفت: "يوجد أيضا عدد من الجمعيات الفرنسية التى تلعب دورا مشبوها لتصوير الإسلام السياسى المتطرف، الذى يستبيح أى شىء، ويستخدم العنف للوصول إلى السلطة، وفرنسا العلمانية من البلاد التى تحترم جميع الديانات، ولا يمكن المقارنة بين التطرف الإسلامى الذى يعتمد على الإرهاب وبين حزبنا الذى يقوم على القومية والديمقراطية، فشعوب كثيرة أخرى تثور ضد هذا الإسلام المتطرف، الذى ظهر فى فرنسا نتيجة لسياسة تقارب الجاليات، ومنها نمت الأفكار المتطرفة، وكذلك نتيجة للهجرة غير المحسوبة، وعدم دمجها فى المجتمع ومبادئه".

وعن الفروق بين التطرف وحزب الجبهة، قالت: "لا يمكن المقارنة بين التطرف الإسلامى الذى يعتمد على الإرهاب، وبين حزبنا الذى يقوم على القومية والديمقراطية فشعوب كثيرة أخرى تثور ضد هذا الإسلام المتطرف ولسنا وحدنا، فالتطرف الإسلامى ظهر فى فرنسا نتيجة لسياسة تقارب الجاليات، ومنها نمت الأفكار المتطرفة ونتيجة للهجرة غير المحسوبة، وعدم دمجها فى المجتمع ومبادئه مما يسبب حالة خطيرة للمجتمع".
 
وأكدت أن "لديها أصدقاء من العرب، وأن الجبهة الوطنية لديه أعضاء من جذور أوروبية، أكثر حدة مع المهاجرين الذين لا يحترموا قوانين البلد، والذين بدل أن يندمجوا مع المجتمع يتجهوا لعالم الجريمة أو لا يرضخوا لعادات وقوانين فرنسا، لأن هؤلاء الفرنسيين اندمجوا فى المجتمع الفرنسى، ويحترمون هذا البلد، ولا يفهمون تصرفات الآخرين".
 
أما المسؤول عن مشكلة عدم الاندماج، فردت: "مجموعة عوامل تؤثر على هذا، ففى بعض الأحيان هو خطأ رجال الأعمال الذين كانوا يأتون بالعمالة الأجنبية الرخيصة، كما أنها بسبب السياسات الفرنسية التى كانت تسمح بالهجرة إلى البلاد مع الوعد للمهاجرين بالعيش بنفس طريقة معيشتهم فى بلادهم الأصلية، وهذا لا يمكن أن ينجح، وكذلك لكثرة أعداد المهاجرين الذين لا يلقون نفس الرعاية الدراسية والصحية لأهل البلد، وهذا كان فى الوقت التى كانت تعانى منه فرنسا من الظروف الاقتصادية والاجتماعية، هذا مع الإحساس المتنامى لدى السلطات الفرنسية أنها تدين لأهل البلاد التى احتلتها، فالمهاجرون أتوا إلى فرنسا بفكرة أنهم يدينون هذا البلد، كل هذا أدى إلى وجود إحساس لدى بعض المهاجرين بضرورة الأخذ بالثأر من هذا البلد المحتل".
 
وأوضحت: "المشكلة أنه منذ 30 عاما وأنا أسمع أنه لابد أن نعمل أكثر لمحاولة إدماجهم فى المجتمع، ولكن اليوم كل الفرنسيين يعانون، كما أن ذوى الجذور الأخرى يعانون من البطالة وتردى مستوى التعليم وعدم الأمان، وأعرف أنه يتم ترديد فى البلاد الأجنبية أن فرنسا تعامل المهاجرين بطريقة غير مرضية، ولكنى أؤكد أنها تفعل كل ما بوسعها لتحسن معاملة المهاجرين، وتنفق كثيرا على الأطفال والأسياد المسكونة من المهاجرين، وحان الوقت ليكون الكل سواء أمام الوطن والقانون ويحترم الكل تقاليد وقوانين البلد، لابد أن يندمج كل شخص فى المجتمع، ووقف عملية الهجرة لفرنسا".

وعن ترشحها لرئاسة فرنسا عام 2017، ورسالتها للفرنسيين بهدف الفوز، أجابت: "أتكلم بلغة واحدة لكل الفرنسيين وأرفض نظام الجاليات، أرفض تقسيم الفرنسيين لجاليات وأديان مختلفة، فأنا مرشحة لأكون رئيسة لكل الفرنسيين، وأقول لهم لديكم حقوق وواجبات، لن يعامل أحد بصفته الدينية أو العرقية أو اللون، ولن يكون لأحد ميزة لهذا السبب، وهنا لابد أن أكون واضحة، ففرنسا بلد لها تاريخ وحضارة مسيحية مع نظام علمانى، يسمح لكل مواطن أن يعيش دينه بحرية، وكل مواطن لابد وأن يحترم قوانين بلدنا فأقول لكم إنه لا يوجد بلد ولا شعب يمكن أن يقبل ما يقوم به حكامنا اليوم، عندما أسافر للخارج أواجه دائما بسؤال: كيف لكم أن تقبلوا العيش بهذه الطريقة، ويقولون لنا إننا عندما نرى كيف بعض مواطنينا يتعاملون عندكم ضد القانون فنشعر بالإحراج، فاحترام القوانين والتقاليد والثقافة البلد شىء لابد منه من جميع المواطنين".

وهاجمت الأحياء التى يسكن فيها الفرنسيون من أصول أخرى، بقولها: "من يشعر بالأمان فى أحياء لا يستطيع رجال الأمن دخولها، ولا يستطيع حتى الإسعاف دخولها من بيع المخدرات، ويفتشون المواطنين حين يدخلون بيوتهم، السلطة السياسية هى المسؤولة، يتعين علينا فرض احترام القانون، ولا يمكن أن ننتظر حتى نقنع هذه الحكومة أو هذا الحاكم لبلد أجنبى أن يمتنع عن مساعدة هؤلاء، فلابد أن نسيطر على الوضع فى بلدنا، بضمان احترام القانون، وطرد الأجانب الذين لا يحترمون القانون، وعدم الاستمرار فى استقبالهم كما يحدث الآن، فلا يمكن أن نعامل هؤلاء مثل المهاجرين الذين يندمجوا فى مجتمعنا ويحترمون قوانيننا".
 
وذكرت لوبان أنها حريصة على زيارة البلاد العربية التى تحارب التطرف والإرهاب، لا سيما مصر، "التى أعلنت بمنتهى الشجاعة أنها تحارب هذا الإرهاب وهذه الأفكار، مصر لديها خطاب شجاع للعالم الإسلامى".

وتابعت: "الرئيس السيسى كان لديه خطاب شجاع جدا فى 2014، وأعتقد أن فرنسا لابد وأن تعتمد على دول كبيرة قادرة على أن تكون بلاد سلام، والحكومة المستنيرة للرئيس السيسى، مصر قوة توازن واستقرار، وأتوقع مساعدتها لبلاد على الاستقرار مثل ليبيا، ولابد لبلادنا أن تتعاون مع مصر والإمارات وروسيا لمواجهة التطرف".

ووجهت لوبان رسالة للشعب المصرى: "لا تستمع لما يقال عن الجبهة الوطنية، والشعب المصرى صديق لفرنسا، لدينا تاريخ معا، بدأ بالحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت، ونواجه نفس الحرب على التطرف، وأود زيارة الأهرامات وأقابل الشعب المصرى، الذى بنى هذه الأهرامات الرائعة".

وشددت أن المخطئ فى قضية صحيفة "شارلى إبدو"، هو من يقتل صحفيين فى مكان عملهم، أو يشد شعر طالبة يهودية ويضربها أمام مدرستها، موضحة: "أتفهم أن الرسوم المسيئة صادمة، لكن لا أقبل العنف الأعمى ضد حرية التعبير".
 
وعن احترام عقائد الآخرين، قالت: "يمكننا إدانة أقوال أو رسوم تسىء إلى عقائدنا، ونتحدث عن اغتيال وقتل وهذا لا يمكن قبوله فى بلدى، فرنسا عاشت حروبا دينية عنيفة، ولهذا لجأنا إلى العلمانية، التى تعطى الحق بالاعتقاد أو بعدم الاعتقاد، وهذا يعطى الحق لكى نتعدى لفظيا أحيانا على المعتقدات، هذا يجرح بالطبع، لكن لا يعطى الحق لكى نقتل، فرنسا بلد الحرية ربما يكون للحرية سلبيات ولكن إيجابياتها أكثر".

وردًا على رفض المسؤولين الفرنسيين زيارتها لمصر، أوضحت: " المسؤولون الفرنسيون لا يريدون أن أزور بلد عربى، لأنهم لا يريدون أن هذه البلاد تعرف وجهة نظرى الحقيقية، فأنا أصر أن أذهب إلى البلاد العربية وخاصة التى تحارب التطرف، وبالذات بلد مثل مصر، التى أعلنت بمنتهى الشجاعة أنها تحارب هذا الإرهاب وهذه الأفكار، مصر لديها خطاب شجاع للعالم الإسلامى. وأعتقد أن فرنسا لابد وأن تعتمد على دول كبيرة قادرة على أن تكون بلاد سلام، ولديها خطاب تنويرى. من يقول عنى هذا لا يرقى لتطلعات الشعب الفرنسى، فأنا لا أكن عداوة لأى شخص وأحترم كل شعوب العالم، أحترم حقوقهم وحمايتهم لثقافاتهم وهوياتهم، ولكنى لا أريد أن تصبح فرنسا البلد الوحيد المحروم من هذا الحق، ففرنسا أيضا عندها الحق أن تدافع عن هويتها، فنحن شعوب صديقة ولكننا مختلفون، وقبول هذا يعنى أن ثراء العالم يأتى من اختلاف ثقافاته، والاحترام المتبادل بين هذه الثقافات".