حبيب حداد: مؤتمر "القاهرة" خطوة لإنقاذ سوريا

أخبار مصر

أرشيفية
أرشيفية


قال الدكتور حبيب حداد وزير سوري سابق، شارك في الاجتماع التحضيري لمؤتمر المعارضة السورية في القاهرة، إن أربع سنوات، معمدة بالدماء والتضحيات الجسام ، انقضت حتى الآن والثورة السورية تواجه أخطر التحديات الذاتية والخارجية التي أدت إلى انحرافها عن مسارها الصحيح  بعد أن أسهمت جميعها في تفجير الإطار الوطني الاجتماعي لهذه الثورة الذي تميز به الحراك الشعبي في سنته الأولى، ولتصبح سورية ساحة صراعات اهلية ومذهبية مدمرة تشترك فيها العديد من القوى والأطراف الإقليمية والدولية.

وتابع خلال مقالا له: أربع سنوات انقضت حتى الآن وكان المنتظر من المجموعات والتشكيلات السورية المعارضة سواء في الداخل أم في الخارج، وخاصة معارضات الخارج وعلى رأسها الائتلاف الوطني وحكومته المؤقتة، أن تقف أمام شعبها وبوحي من مسؤوليتها الوطنية وقفة مراجعة جادة لتتبين  طبيعة الدور الذي اضطلعت به للتخفيف من معاناة شعبها وحصيلة ماقامت به حتى الآن، هذه النتيجة كما يعترف بذلك الائتلافيون أنفسهم والتي كانت سلبية على كافة الأصعدة فيما يتعلق بمهمات هذا الائتلاف.

 والمفارقة المؤلمة  أن الائتلاف الذي ورث كل عاهات وتناقضات سلفه المجلس الوطني، والذي لم يخط خطوة عملية جادة منذ تأسيسه لتصحيح أوضاعه وتحرير القرار الوطني المستقل، واصل خطابه المعهود بمناسبة وبغير مناسبة بأنه الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري وثورته، وفي إطار هذه النظرة الشمولية الفوقية ظل الائتلافيون يتعاملون مع أهم واخطر مقومات انتصار الثورة ألا وهو السعي  الجاد والواعي  والمخلص لتوحيد عمل كل أطراف الحركة الوطنية الديمقراطية السورية.

نداء الشعب السوري لوقف نزيف أبنائه، وتدمير تاريخه وحضارته وتفجير وحدته الوطنية،  وتلبية مطالبه في الحرية والكرامة والمساواة ظل في واد ومواقف وممارسات المعارضات الخارجية التي ادعت تمثيله والنطق باسمه ظلت في واد آخر، لتتواصل مأساة الشعب السوري الذي كان ومايزال الضحية الأولى لقطبي الرحى: نظام الاستبداد والقهر والفساد الذي هيأت سياساته وأساليبه الوحشية الإجرامية المناخ الملائم ،والمجموعات الإرهابية التكفيرية التي اغتالت مشروع الثورة السورية، ووجهت طعنة غادرة لتاريخ سورية وهويتها الحضارية ولرسالة الإسلام دين الرحمة والعدالة والسلام .

ومع الأسف وكما هي العادة في أوساط المعارضات السورية وخاصة بعض معارضات الخارج والجهات التي تقف وراءها وتحركها  وخاصة الائتلاف الوطني، فقد كان مؤتمر القاهرة خلال الفترة الأخيرة هدفا لحملة شائنة وخطاب هجومي عدائي يتنافى مع ابسط قواعد المنطق والمنهج الموضوعي في تقييم الوقائع والتعرف على حقائق الأمور قبل الحكم عليها، فالبعض نظر اليه على انه مبادرة لتشكيل كيان معارض جديد بديل عن الائتلاف ولهذا قام باستنفار كل مافي جعبته من إمكانات وعلاقات وتحالفاته لتعطيل انعقاد هذا المؤتمر وإلغاءه من الأساس، والبعض رأى فيه تعارضا مع مؤتمر الرياض الذي يتحدثون عنه وكأنهم يعلمون الشيء الكثير عن هذا المؤتمر، ماهي غاياته وأهدافه والجهات المشرفة عليه ولم يوضحوا لنا كيف يتعارض مؤتمر القاهرة مع الصورة التي يحملونا لمؤتمر الرياض الذي لم يكشف الستار بعد عن طبيعتهم، أما غيرهم الذين استمروا على الدوام مواقف التشكيك وانتهاج الأساليب البوليسية في تقييم الأحداث فقد رأوا أن مؤتمر القاهرة بمجرد استضافته في ارض الكنانة إنما جاء ليخدم أساسا أجندة حكومة جمهورية مصر العربية، وكأن هؤلاء لا يريدون أو يضيرهم أن يضطلع الشعب المصري بمسؤولياته القومية وخاصة تجاه شقيقه الشعب السوري.
 
إننا نعتقد أن مؤتمر القاهرة إذا ما تكللت أعماله بالنجاح، سيكون خطوة متقدمة لواقع المعارضات السورية الراهن على طريق إنقاذ سورية من محنتها الدامية وتحقيق تطلعات شعبها في التغيير الديمقراطي الحقيقي لأنه قبل ذلك سيكون المحطة النوعية الهامة في المسار المطلوب لتوحيد برنامج وعمل المعارضة الوطنية الديمقراطية السورية  من خلال المؤتمر الوطني السوري العام الذي نأمل أن يكون المحطة القادمة في هذا المسار،ولأنه من جهة أخرى سيضع ولأول مرة الوثائق التي تحدد مهمات خارطة الطريق نحو التحول الديمقراطي وكذلك الميثاق الوطني الذي يجسد إرادة شعب سورية في بناء مستقبله وتأكيد هويته ورسالته الحضارية الإنسانية.

هذا الهدف أي وحدة العمل الوطني الديمقراطي هو ما تبنيناه نحن في الكتلة الوطنية الديمقراطية السورية ودعونا لانجازه منذ تأسيس الكتلة قبل ثلاث سنوات ضمن مساعينا وجهودنا الدائبة والمتواضعة بالتعاون مع القوى الوطنية التي تشاركنا هذا الهدف.
 
وزاد: إننا في الكتلة نريد لمؤتمر القاهرة سواء بمناقشاته أو نتائجه ومخرجاته أن يمثل روحا جديدة وخطابا وطنيا جامعا وأسلوبا واقعيا يعيد إلي الشعب السوري، الذي خاب أمله بكل المؤتمرات والتشكيلات التي توالدت خلال الأعوام الماضية، ثقته بنفسه ويحرر إرادته باعتباره المسؤول الأول عن انقاذ وطنه وصنع غده قبل الاعتماد الكلي على العون والمساندة الخارجية.
 
واختتم: نأمل من جميع الأخوة الذين سيشاركون في مؤتمر القاهرة أن لا تغيب عنهم أهمية هذا المؤتمر وحرجة الظروف التي ينعقد فيها والتي تمر بها المسألة السورية الآن، وأن تتضافر جهودهم واراداتهم المخلصة لانجاح هذا المؤتمر وتحقيق ماهو مطلوب منه، إذا نجح مؤتمر القاهرة في تحقيق ما ينتظر منه، فإن لجميع الأخوة المشاركين فيه أجران، وان أخفق هذا المؤتمر في تحقيق هذه الغاية وهو ما لا يتمناه كل وطني مخلص، فقد كان للمشاركين فيه أجر المبادرة في محاولة تصويب بوصلة الخلاص للمأساة السورية في خضم أمواجها المتلاطمة وعواصفها المهددة.