خاص.. أسماء المنظمات والشخصيات الإخوانية التى يحشدها التنظيم الدولى ضد زيارة السيسى لألمانيا

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر



تحركات التنظيم تعتمد على دعم أردوغان ومنظمة «رؤيا الملة» التركية


■ قائمة المنظمات التى تعمل ضد مصر «منتدى الشباب الأوروبى» و«مركز الرسالة» و«المجلس الإسلامى برلين» و«الجمعية الإسلامية» و«المجلس الأعلى للمسلمين» و«المركز الثقافى للحوار»

■ التحركات تعتمد على علاقة إبراهيم الزيات مسئول اللجنة المالية بالتنظيم بالحزب الحاكم وحشد من الجالية التركية بأوامر مباشرة من «العدالة والتنمية»


أعطت ظروف الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتى، التى كانت أهم نقاطها سخونة ألمانيا التى كانت حتى مطلع التسعينيات من القرن العشرين، مقسمة بين شطرين الغربية تحت النفوذ الأمريكى، والشرقية التى كانت موالية لموسكو، أن يتحرك بعض قيادات الإخوان فى فلك هذا الاستقطاب، مما مكن تنظيم الإخوان أن يزرع خلايا له فى ألمانيا والتى وصلت لحد أنه اتخذ من مدينة ميونيخ الألمانية مقرا لعمل التنظيم الدولى للجماعة فى عام 1983 على يد مهدى عاكف ويوسف ندا.

ومهد لهذا الطريق سعيد رمضان زوج ابنة حسن البنا الذى ارتبط بعلاقات قوية مع المخابرات الأمريكية، وهو ما مكنه من تأسيس مسجد فى ميونيخ بمساعدة رجل الأعمال الإيطالى الجنسية والسورى الأصل غالب همت إبراهيم فى الستينيات، ومعهما رجل الأعمال المصرى يوسف ندا، وهو ما رصدته المخابرات السويسرية فى تقارير لها أن سعيد رمضان قد قام ببناء مركز ميونيخ الإسلامى بتمويل ودعم مالى مباشر من المخابرات المركزية الأمريكية، وكشفت عن ذلك مجلة «لوبوان» الفرنسية فى تحقيق لها تحت عنوان «عندما كانت المخابرات الأمريكية تمول الإخوان المسلمين» أن هناك صندوقاً يحمل رقماً كودياً «هاه 4320» محفوظ فى أرشيف الحكومة السويسرية خاص بسعيد رمضان حول علاقته الوطيدة بالمخابرات البريطانية والأمريكية. ومن ضمن الوثائق التى يتضمنها هذا الصندوق، مذكرة تحمل تاريخ 5 يوليو 1967 تشير إلى أن سعيد رمضان يتلقى أموالاً من المخابرات الأمريكية.

وكان هدف المخابرات الأمريكية من توفير الحماية والرعاية لسعيد فى ألمانيا الغربية، أن يقوم بتجنيد عناصر وجمع معلومات تخدم أمريكا فى الشطر الآخر من ألمانيا، الموالى لموسكو.

لذلك لا يمكن أن نعزل تحركات الإخوان التى تستهدف الزيارة المرتقبة للرئيس السيسى الأسبوع المقبل لألمانيا، والتى يسعى الإخوان للعمل على حشد أنصارهم للتظاهر ضد الزيارة والسعى لإحراج الرئيس، عن نفوذ وتحركات تنظيم الإخوان فى ألمانيا التى تعد من أهم المعاقل التى يتحرك فيها التنظيم فى أوروبا والعالم، بخاصة أن نفوذ الإخوان هناك لا يعتمد فقط على الأعضاء المنتسبين لها فقط، بل يتكامل معه منظمات تركية تابعة للجالية التركية وعلى رأسها منظمة رؤيا الملة «ميلى جراش» التى نجح حزب العدالة والتنمية الذى يقوده الرئيس التركى رجب أردوغان، فى السيطرة عليها عن طريق صبرى أربكان ابن عم الراحل نجم الدين أربكان رئيس الوزراء التركى السابق المنتمى إلى جماعة الإخوان. لذلك تأتى تحركات تنظيم الإخوان ومخاطبته فى العمل على الحشد ضد زيارة السيسى والعمل على إحراجه فى ألمانيا فى الاعتماد على عدد كبير من أعضاء التنظيم الموجودين فى ألمانيا والمقدر عددهم بنحو 1300 عضو غالبيتهم من المصريين والسوريين، وفقا لتقارير أمنية ألمانية، بالإضافة إلى ما يزيد على 40 ألف شخص أعضاء فى المنظمة التركية «رؤيا الملة».خاصة بعد أن تمكن الإخوان من السيطرة على منظمة رؤيا الملة التركية، عبر علاقاتهم بحزب العدالة والتنمية التركى، بالإضافة للمصاهرة بين إبراهيم الزيات وصبرى أربكان الرئيس السابق للمنظمة، كما أن مازيك أيمان رئيس المنظمة الحالى، والأمين العام لمنظمة ميلى جراش الإسلامية التركية أجوز أوشتشو يعدان من الإخوان، ولذلك لابد من ربط الإخوان تحركات الإخوان بمنظمة «ميلى جراش» وهى أكبر المنظمات التركية فى ألمانيا.

يضاف لذلك أن إبراهيم الزيات الذى يعد من أهم قادة الإخوان فى ألمانيا ويحمل الجنسية الألمانية وأمه أصولها ألمانية، والزيات يعد من أهم الحلقات المالية للتنظيم الدولى للإخوان، وثارت حوله شبهات عام 2009، عن علاقته بإحدى الجماعات الإرهابية، ما حدا بالحكومة الألمانية لتوقيفه والتحقيق معه، لكن التحقيق مع الزيات أغلق على الرغم من أن الاتهامات التى نسبت إليه تتعلق بتمويله أنشطة إرهابية، ويرجع ذلك إلى أن الزيات صاحب نفوذ مالى كبير فى الجالية التركية، فهو مدير عام لعدد من الشركات الألمانية والتركية، ورئيس مجلس إدارة الزيات للتجارة، ورئيس مجلس إدارة «إس إل إم» لتجارة العقارات والاستثمار، وهى الشركة التى تدير الأعمال العقارية للإخوان فى أوروبا وليس ألمانيا فقط، وبالإضافة لذلك مسئول أوقاف مؤسسة «رؤيا الملة» التركية، لذلك يعد الزيات حلقة الوصل بين أموال الإخوان وأوروبا، والتى يتم تمريرها عبر المنظمة التركية، واستغلال وضعه فيها، فى ظل التماهى والتقارب بين الإخوان والحكومة التركية، خاصة بعد وصول حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان للحكم. كما أن الزيات يروج لنفسه بأنه معتدل وصاحب فكر وسطى ولا يدعو للعنف حتى يخفى تحركاته وقيادته لتنظيم الإخوان، لذلك انضم الزيات للقيادة العامة بأمانة الطلاب بالحزب الديمقراطى المسيحى بألمانيا، وهو الحزب الذى تنتمى إليه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس البرلمان  نوربرت لامرت، كما أن الزيات عضو بالبرلمان الطلابى بجامعة دارم- شتات وماربورج، وعضو أيضا بالبرلمان الطلابى الألمانى، وممثل الطلاب بجامعة دارم- شتات.

ويتضح من انضمام الزيات للهيئات الألمانية، بالإضافة للتمويه على أنشطة التنظيم، حرص الإخوان على توسيع علاقاتهم بأطراف المجتمع والسياسيين فى ألمانيا، حتى يكون لهم دور مؤثر، وحتى يخفوا الواجهات التى يتحركون بها خاصة المنظمات الطلابية الإخوانية التى يديرها ويوجهها الزيات، لمسئوليته عن قسم الشباب والطلاب باتحاد المنظمات الإسلامية بأوروبا، التابع للتنظيم الدولى، كما أنه مؤسس الاتحاد الإسلامى للطلاب بألمانيا. ونجد أن الإخوان يستخدمون عدة تنظيمات، يستغلونها فى تحركاتهم المتوقعة تجاه مصر فى ألمانيا، مثل منتدى الشباب المسلم الأوروبى ويضم فى عضويته اتحادات الشباب الموجودة فى مختلف دول أوروبا ومقره ألمانيا، وهذا المنتدى من أكثر التنظيمات قدرة مالية وحظى فى بداية تأسيسيه فى التسعينيات بدعم من السعودية، وهذا المنتدى على علاقة مباشرة فى إدارته بإبراهيم الزيات، بالإضافة إلى محمد عبدالظاهر وهو مصرى الجنسية ويتنقل بين ألمانيا وتركيا، ومسئول اللجنة المالية فى اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا.

ويوجد فى العاصمة برلين مركز «الرسالة» الذى يديره جعفر عبدالسلام أحد كوادر الإخوان فى ألمانيا، ويعمل الإخوان من خلال هذا المركز على توسيع قاعدة التنظيم فى ألمانيا عن طريق جذب شباب وأطفال الجاليات الإسلامية عن طريق مراكز تعليم باللغة العربية والقرآن.

ويضاف إلى هذه التنظيمات المجلس الإسلامى فى برلين ويديره الشيخ خضر عبد المعطى الذى يعد المنسق العام للمجلس الأوروبى للائمة والوعاظ فى أوروبا ويعد من أبرز قيادات الإخوان فى التنظيم الدولى، ونشط فى الفترة الأخيرة فى الدفاع عن الإخوان بعد الإطاحة بحكم الجماعة وعزل محمد مرسى.

وهناك الجمعية الإسلامية فى ألمانيا، وهى مرتبطة بالمركز الإسلامى للإخوان فى ميونيخ ويديره الشيخ أحمد خليفة وهو من أصول مصرية ويعد من أهم الشخصيات الإخوانية فى ألمانيا، وهو يعمل فى مجال الدعوة وله أنصار بين المسلمين هناك. ونجد أن من أهم الشخصيات التى يعتمد عليها الإخوان فى تحركاتهم نديم محمد عطا إلياس الذى يدير المجلس الأعلى للمسلمين فى ألمانيا، وهو يعد من أشهر الشخصيات الإخوانية ويرتبط به بيت «عطاء الخير» وهو منظمة فى ألمانيا تقدم مساعدات للمهاجرين، وهناك شواهد لارتباطها بتنظيم الإخوان، والدكتور عطا الله إلياس سعودى الجنسية ولد فى مكة المكرمة عام 1945، وسافر للقاهرة وأكمل جزءاً من تعليمه بها وهناك انضم للإخوان، وسافر إلى ألمانيا عام 1964 لدراسة الطب، وكان رئيساً لاتحاد الطلبة المسلمين فى أوروبا، لمدة أربع سنوات متتالية، وعمل عضواً مجلس إدارة المركز الإسلامى بآخن «مسجد بلال» والمتحدث الرسمى باسمه. المركز يديره الإخوان السوريون، وهو ما يثبت علاقة نديم عطا إلياس بالإخوان وأنهم الذين دفعوا به للسيطرة على المجلس الأعلى للمسلمين فى ألمانيا للسيطرة عليه، رغم أن هذا المجلس يحظى بدعم من المملكة العربية السعودية، وارتبط اسم نديم عطا إلياس، بكريستيان غانزيرسكى، أحد أفراد القاعدة الذى اتهم بوصفه العقل المدبر للهجوم على كنيس يهودى فى مدينة جربا بتونس عام 2002، وتم التحقيق معه فى هذه العلاقة ولكنه نفى علاقاته.

ولا تقتصر تحركات الإخوان على المنظمات الدينية أو السياسية بل تعتمد أيضا على منظمات نسائية، منظمة المرأة المسلمة فى ألمانيا، تلعب رشيدة النقزى وهى تونسية الأصل مقيمة فى ألمانيا بمدينة «بون» وتحمل الجنسية البريطانية دوراً مهماً فى تحريكها، ورشيدة النقزى رئيس قسم المرأة الحالى باتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا، دوراً فى التجنيد بين الأوساط النسائية فى الجاليات الإسلامية ببون، وتعمل فى منظمة المرأة المسلمة مع صبيحة أربكان زوجة إبراهيم الزيات.

وكذلك هناك تنظيم شبابى آخر يطلق عليه المجلس الأعلى للشباب المسلم، وهو تابع للمركز الإسلامى فى ميونيخ، ويحظى المجلس فى السابق بدعم من أطراف سعودية ذات صلات بالفكر الوهابى، ولكن الإخوان سيطروا عليها بالكامل حالياً ويعمل المجلس بغطاء رابطة مسلمى العالم.

وهناك أيضا المركز الثقافى للحوار، وهو مركز يقع بحى فيدينج، بالعاصمة برلين. وأنشئ عام 2004 ويتبعه مسجد لكن الإخوان سيطروا عليه ويتم جذب عناصر إليه عن طريق مركز لتعلم اللغة الألمانية للآباء والأمهات المهاجرين، فضلا على الدروس الدينية وتعليم اللغة العربية التى تعد من أهم الأنشطة التى يقدمها المركز، بالإضافة لبيع الكتب الإسلامية، ويخطب فى هذا المركز ويلقى محاضرات، عدة شخصيات إخوانية مثل فريد حيدر، ومحمد طه صبرى، وخالد صديق.

أما المنظمة الأكبر التى يعتمد عليها الإخوان فى تحركاتهم فى ألمانيا فهى منظمة رؤيا الملة «ميلى جراش» التى تأسست فى مدينة كولونيا الألمانية فى عام 1986، ويعد رئيس حزب الرفاة التركى الراحل نجم الدين أربكان رئيس الوزراء التركى الأسبق والأب الروحى للاتحاد، لذلك توجد علاقة واضحة مع تنظيم الإخوان المسلمين فى مصر ومع الأحزاب الإسلامية خاصة منذ استلام محمد صبرى أربكان «ابن شقيق نجم الدين أربكان» رئاسة التجمع فى 2001، توجد دلائل أن الاتحاد يخدم التنظيم العالمى للإخوان المسلمين.

ولكن تعتبر منظمة رؤيا الملة أكبر قوة من الإخوان داخل ألمانيا لكبر أعضاء التنظيم فيه والذين وصلوا إلى حدود 40 ألف عضو، ويمتلك 30 جمعية نشطة، وعلى 511 جامعاً ومركزاً «زاوية صلاة». وعلى 1091 حلقة دينية. وعلى 2137 جمعية شبابية ونسائية جامعية. وبعد صعود حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا منذ 2002، حظيت المنظمة بدعم من الحزب ولرئيسه رجب طيب أردوغان، الرئيس الترك.

ويصدر التجمع مجلة دعويّة باسم ميلى جازيت «Mili Gazete»، وتصل ميزانية التجمع السنوية إلى ربع مليار يورو، ويدير محطة تلفزيونية «Kanal 7» حيث يطرح من خلالها آرائه وافكاره.

ومن أبرز الجمعيات التى يديرها التجمع الإسلامى « ميلى جراش»، اتحاد الجمعيات الإسلامية فى برلين، اتحاد الجمعيات الإسلامية فى مقاطعة نيدرساكسن، واتحاد الجمعيات الإسلامية فى بريمن، اتحاد الجمعيات الإسلامية فى مقاطعة نوردهاين فستفاليا، اتحاد الجمعيات الإسلامية فى منطقة روه، واتحاد الجمعيات الإسلامية فى مقاطعة هيسن.

كما يعتمد الإخوان فى تحركاتهم ضد مصر على المنظمات التابعة لتركيا التى يزيد عدد جالياتها فيها على 2 مليون شخص، ومن أبرزها، الاتحاد الإسلامى التركى، وهو اتحاد يتبع الحكومة التركية فى أنقرة ويدار مباشرة عن طريق وزارة الشئون الدينية التركية، ويضم عدة جمعيات تدير مساجد ومراكز دينية فى ألمانيا ومهمة هذا الاتحاد هى رعاية الشئون الدينية للمسلمين الأتراك فى ألمانيا.

لكن نتيجة علاقة التماهى والتقارب بين الإخوان حاليا وحكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة طيب أردوغان، هناك تنسيق بين الإخوان وهذا الاتحاد الذى يعد أكبر اتحاد للمسلمين فى ألمانيا، خاصة أن الجالية التركية تمثل نصف عدد المسلمين، ومن هنا يعتمد الإخوان فى تحركهم ضد زيارة السيسى على الدعم المعلن من حكومة أردوغان بتحريك التنظيمات التركية وليس فقط على الإخوان هناك.

ويضاف لذلك مساعى الإخوان لتجنيد مؤسسات إسلامية، مرتبطة بالجاليات الإسلامية فى ألمانيا مثل التجمع الإسلامى فى ألمانيا «IGD»، والاتحاد التركى للجمعيات الثقافية الإسلامية فى أوروبا «ATIB» واتحاد المراكز الإسلامية الألبانية فى ألمانيا «UIAZD» والجمعية الإسلامية للبوسنيين فى ألمانيا «IGBD»، إضافة إلى رابطة الجمعيات الإسلامية الألمانية بالراين ماين «DIV» كأكبر منظمة إسلامية تابعة للمجلس الأعلى فى ولاية هسن.

ونجد أن تحركات الإخوان بألمانيا حرصت على تقوية علاقاته بالسلطات هناك، وهو ما ترصده دراسة تحت عنوان «ألمانيا والإخوان المسلمين» صادرة عن مركز أبحاث الدراسات الدولية للباحث الألمانى «جيدو شناينبرج»، تضمنت تاريخ الإخوان فى ألمانيا علاقة الحكومة الألمانية بجماعة الإخوان إلى ثلاث مراحل: المرحلة الأولى وهى مرحلة تغاضى ألمانيا عن وجود وتحركات التنظيم، ولعل هذا التجاهل كان سبباً فى اتساع نشاط الجماعة فى ألمانيا التى تعد المركز الرئيسى لنشاط التنظيم الدولى.

أما المرحلة الثانية، فبدأت بعد الثورة الإيرانية عام 1979 حيث بدأت الحكومة الألمانية فى اتخاذ موقف احترازى تجاه جماعة الإخوان التى أصبحت بقوة فى ألمانيا، واستمرت حتى أحداث 11 سبتمبر، 2001 بدأت ألمانيا فى تكثيف جهود تعاونها مع مصر وغيرها من دول الشرق الأوسط من أجل مواجهة الجماعات الإرهابية. فى تلك الأثناء رفضت الحكومة الألمانية أن تجمعها علاقات مباشرة مع التنظيم الدولى. فى تلك المرحلة تعمقت علاقة ألمانيا مع مصر خاصة على المستوى الأمنى والعسكرى.

ومع الغزو الأمريكى للعراق وزيادة التهديدات الأمنية وخوف الحكومة الألمانية من وصول الإرهاب إلى أراضيها، حرصت ألمانيا على توطيد علاقتها بدول المنطقة من أجل مواجهة مثل هذه التنظيمات الإرهابية، لكن إلى جانب مشاركة ألمانيا فى الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، تمت صياغة سياسية غير رسمية سمحت لألمانيا بالتواصل مع الإخوان. وشهد عام 2002، صياغة مبادرة تعرف باسم «الحوار مع العالم الإسلامى» كجزء من برنامج التوعية الثقافية فى وزارة الخارجية. وأسفرت هذه المبادرة عن تعيين ممثل خاص لتنفيذ المبادرة فى وزارة الخارجية الألمانية وعدد من الموظفين فى السفارات الألمانية من أجل تولى مهمة تنفيذ هذه المبادرة، ومع عام 2009، بدأت ألمانيا فى عقد اجتماعات مشتركة لمسئولين ألمان مع برلمانيين وقيادات لجماعة الإخوان فى مصر والشرق الأوسط.

أما المرحلة الثالثة، فبدأت بعد ثورات الربيع العربية مع تزايد احتمالات وصول الإخوان للحكم فى دول الربيع العربى، بدأت ألمانيا فى مد جسور التفاهم مع الإخوان ساعدها فى ذلك علاقتها السابقة معهم. فى نوفمبر 2011وبعد فوز حزب النهضة بأكثر من 40% فى الانتخابات البرلمانية التونسية أعدت وزارة الخارجية ورقة داخلية تحدد الخطوط العريضة لاستراتيجية الارتباط الحذر مع الجماعات الإسلامية فى العالم العربى. كان الهدف الرئيسى من هذه الورقة البحثية هو وضع أسس عمل مشترك لدول الاتحاد الأوروبى وأيضا التمهيد لإمكانية فوز الإخوان المسلمين بالانتخابات البرلمانية. تنبأت الورقة البحثية أن تطورات الأحداث فى العالم العربى تشير إلى إمكانية تمتع تيارات الإسلام السياسى فى العالم العربى بمزيد من النفوذ.

ووضعت الورقة معايير محددة من أجل تحديد تيارات الإسلام السياسى التى من الممكن التحاور معها، ومن هذه المعايير الالتزام بمبادئ الديمقراطية، وسيادة القانون، واحترام التعددية وحقوق الانسان ونبذ العنف السياسى واحترام الالتزامات والمعاهدات الدولية.

وكانت رسالة هذه الورقة البحثية واضحة وهى أن الحكومة الألمانية قد تتعاون مع الإخوان فى تونس ومصر لكنها لن تقبل بحكم حركة مثل حركة حماس فى قطاع غزة. ولم تتطرق الدراسة الحديثة للعلاقة التى جمعت ألمانيا بالإخوان أثناء حكم محمد مرسى. وما جاء فى الدراسة التى تكشف مدى التغلغل الإخوانى فى ألمانيا، يفسر تحركات بعض المسئولين الألمان تجاه مصر ومحاولتهم ممارسة ضغوط على الحكومة المصرية نتيجة ضغوط اللوبى الإخوانى المدعوم تركياً من حكومة أردوغان.