مشوار الزند إلى وزارة العدل استغرق 11 شهرا

مقالات الرأي



CIA طلبت الإفراج عن وائل غنيم فقال عمر سليمان: «مين ده»؟

وطلبت تنحى مبارك فى أول فبراير فقال: «الأمريكان باعونا بالرخيص» وطلبت تشكيل مجلس رئاسى يضم إخوانيًا فقال: «كده الإخوان سيحكموننا 50 سنة»

■ حادث اغتيال القضاة الثلاثة فى العريش يرفع أسهمه ويحسم اختياره

■ كان هناك من أقنعه بالترشح للرئاسة لو لم يترشح السيسى أو شفيق

■ رفض وزارة العدالة الانتقالية بعد اتهام سلفه بالأخونة وتسببت محاولات إقناعه فى تأخير تشكيل الحكومة ممـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا أتاح الفرصة لخصوم وزير الخارجية نبيل فهمى للإطاحة به

كانت المرة الأولى التى أزور فيها المستشار أحمد الزند فى بيته.. سعيت إليه طالبا منه القبول بوزارة «العدالة الانتقالية» فى الحكومة الثانية للمهندس إبراهيم محلب التى شكلت يوم 17 يونيو 2014 عقب انتخاب عبد الفتاح السيسى رئيسا.

كان البيت لا يزال تحت التشطيب.. ويصعب استقبال الضيوف فيه.. لكن.. ما بيننا من صداقة شطب كل قواعد البروتوكول.. بجانب أن العرض الذى جئت به لا يحتمل التأجيل.. خاصة أن الحكومة الجديدة تنتظر كلمة منه لتحلف اليمين به.. أو بدونه.

فى ذلك الصباح كانت صحيفة «الوطن» أقلام أجرأ كتابها تتجه للهجوم على المرشح لوزارة العدل المستشار محفوظ صابر.. وبدا حماسها للزند موحيا بأنه وراء ما نشر.. لكنه.. أقسم لى بأن ذلك غير صحيح تماما.

والحقيقة أن كثيرا من القضاة اعتبروا صابر «إخوانيا» مما دفعنى لتحذير محلب من اختياره.. لكننى.. ما أن أدركت خطأ ما ارتكبت حتى عاودت الاتصال به معتذرا عما ادعيت.. وتلقف محلب المكالمة بارتياح.. وقدر لى الرجوع عن الخطأ واعتبره أمرا نادرا فى مصر.

لم يقبل الزند بوزارة العدالة الانتقالية واعتبرها وزارة استشارية ليست لها اختصاصات تنفيذية قائلا: «هل ترضى لى بها؟».

وربما كانت وجهة نظره صائبة.. فكل ما على تلك الوزارة القيام به هو مجرد اقتراحات.. اقتراحات مشروعات القوانين.. اقتراحات عقد اتفاقيات التعاون مع المنظمات الخارجية.. اقتراحات تكريم المضارين من انتهاكات حقوق الإنسان.. مثلا.

ما أن رفض الزند المنصب حتى أعلن تشكيل الحكومة متأخرا عن الموعد المعلن.. وربما كان التأخير سببا فى الإطاحة بوزير الخارجية نبيل فهمى.. فقد أصبح لخصومه وقت يتدخلون فيه للتخلص منه.. وكانت الحجة المعلنة أنه صرح فى زيارة أخيرة لواشنطن بدعوى من وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى بأن العلاقة بين مصر والولايات المتحدة نوع من الزواج الكاثوليكى.. معيدا للذاكرة الجملة نفسها التى وصف بها أمين عثمان العلاقة بين مصر وبريطانيا وانتهت باغتياله.. لكن.. ذلك لم يكن السبب الحقيقى وراء استبعاده.. السبب الحقيقى كان رفضه تنحية عدد من السفراء وصفتهم تقارير أمنية بأنهم ينتمون للإخوان أو متعاطفون معم.. وهو ما بادر به سلفه سامح شكرى فور تعيينه.

كنت أتمنى أن يكون الزند وزيرا فى هذه الحكومة التى ولدت من رحم ثورة يونيو التى لعب فيها أدوارا جريئة يصعب نسيانها.. فقد وضع مقر نادى القضاة الذى يرأسه تحت تصرف حركة «تمرد».. وواجه الإخوان وهم فى قمة سلطانهم.. ورفض قرار تعيين النائب العام المستشار عبد المجيد محمود سفيرا لدى دولة الفاتيكان وحشد فى ساحة دار القضاء العالى مؤتمرا عاصفا شاركت فيه أجيال مختلفة من رموز العدالة.. وتكرر الغضب المعلن من نادى القضاة يوم حصن محمد مرسى قراراته الرئاسية بإعلان دستورى فى 22 نوفمبر 2012.. واعتبر ذلك عدوانا سافرا من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.. وتقرر تعليق العمل فى المحاكم والنيابات حتى إلغائه وما ترتب عليه.

وكان لابد أن يدفع الزند الثمن.. من حياته.. أو من سمعته.

فى 24 ديسمبر من ذلك العام تعرض لمحاولة اغتيال نفذها عشرة جناة.. قبض على ثلاثة منهم.. وطالت الطعنات رقبته.. ووصلت الكدمات إلى وجهه.

وفيما بعد.. وجدت قنبلة أمام بيته فى مدينة طنطا.. وقبل ذلك.. حاولوا لصق تهمة الفساد به فى بلاغات حقق فيها وحفظت.

وفى شتاء العام التالى خاض الزند أكثر المعارك شراسة ضد التخلص من 3500 قاض بدعوى التطهير وبتعديل سن التقاعد بما يسمح بإنهاء خدمتهم.. وبشجاعة لم تتوافر كثيرا لغيره أعلن «أن كل خيارات المواجهة مفتوحة».

لقد كان الزند رجلا فى وقت اختبأ فيه كثيرون تحت السرير.. لكننا.. نسينا كل ما فعل.. وكل ما اتخذ.. رغم أن القنابل التى تنفجر والشخصيات التى تغتال تذكرنا بما كان ينتظرنا لو بقى الإخوان فى الحكم.

والحقيقة أن منصب وزير العدل لم يعد مغريا كما كان.. فليس لمن يتولاه صلاحيات تزيد عن إصلاح المحاكم.. خاصة بعد نقل التفتيش القضائى إلى المجلس الأعلى للقضاء.. ووضع مشروع قانون جديد ينقل جهاز الكسب غير المشروع إليه أيضا.. وبالنسبة لقضايا التحكيم الدولى فقد نقلت إلى لجنة خاصة يرأسها رئيس الحكومة نفسه.

وربما.. لا يعرف كثيرون أن هناك من عرض على الزند ترشيح نفسه للرئاسة قبل أن يقبل السيسى بالترشح.. وكانت حيثيات العرض: إنه يمتلك «كاريزما» مميزة.. يدعمها قدرته الفائقة على التأثير فى مستمعيه.. وقدرته الفائقة على تطويع اللغة العربية.. بجانب دوره المميز فى ثورة يونيو.. ونجاحه فى انتخابات يصوت فيها قضاة.. وهم بالقطع فئة يصعب التأثير عليها.. واهتمامه بالشأن العام.. ومساحة علاقاته العريضة والمتنوعة التى تسهل عليه اختيار مساعديه.. والدليل على ذلك ازدحام مناسباته الاجتماعية مثل زواج ولديه بأعداد هائلة من مدعوين يمثلون تيارات وتخصصات واتجاهات مختلفة.

لكنه.. رفض.

بل.. ورفض عرضا بالترشح لعضوية مجلس النواب القادم بما يوحى بفرصة رئاسته للمجلس.

على أنه لم يتردد فى قبول منصب وزير العدل.. إيمانا منه بخدمة القضاة.. خاصة أن المنصب كان خاليا فى وقت اغتيل فيه ثلاثة قضاة وجرح رابع.. شمال سيناء.. فكانت المواصفات المطلوبة تنطبق عليه أكثر من غيره.. قاض يعرف القضاة.. يؤمن بهم.. يخاف عليهم.. ويكره الإخوان.

ولعل تلك الظروف الدموية المؤلمة قد ضاعفت من القبول بالزند داخل سلك القضاء وخارجه.

وكان لافتاً للنظر تولى أربعة قضاة المنصب فى زمن قصير.. لا يزيد على الأسبوع كثيرا.. محفوظ صابر المستقيل.. عزت خميس مساعده الأول.. إبراهيم الهنيدى وزير العدالة الانتقالية الذى نقلت إليه مسئولية وزارة العدل لمدة ساعات قبل أن تصل إلى الزند.

ويعتبر الخلاف على الزند أمرا طبيعيا.. فقد خاض معارك انتخابية وسياسية وقضائية شرسة فى نادى القضاة وخارجه.. مما منحه أنصارا مخلصين.. وخصوما متربصين.. ولابد أن هذا الانقسام صاحبه وهو يدخل مكتب وزير العدل.. ووجد من يعبر عنه فى شبكات التواصل الاجتماعى.

وأغلب الظن أن تغييرا متوقعا سيحدث فى مساعديه.. فقد عينهم سلفه المختلف معه قبل اختياره.. كما أن ضغوطه على الحكومة لزيادة ميزانية حماية القضاة ورعايتهم صحيا ستنجح.. بل.. ربما نجحت قبل حلف اليمين.

إن معرفتى القوية بالزند تجعلنى ألخصه فى عبارة واحدة: «إنه رجل بوجه واحد لا وجهين».. لا تناقض بين أقواله وأفعاله.. ليس ممن يتحدث بلسان قديس ويتصرف بسلوك شيطان.. فالعدالة.. اتفاقية شرف يعقدها القاضى مع المثل العليا.

2- عمر سليمان يكشف حقيقة اتصالاته بالمخابرات الأمريكية قبل تنحى مبارك بشهــــــــــــادة زوج ابنته عبد الحميد حمدى

- الرجل الثانى فى CIA كتب مذكراته فى 263 صفحة ووصف الربيع العربى بـ« ربيع القاعــــــــــــــــــــــــــــــــدة» وخصص جزءاً كبيراً عن سليمان

بالتقسيط.. أو بالتنقيط.. تتكشف خبايا سقوط نظام مبارك.. القطرة تصبح بحرا من الأسرار.. والشجرة تصبح غابة من المعلومات.. والكلمة تصبح موسوعة من الكلمات.

فى مذكراته المنشورة على امتداد 263 صفحة يصف مايكل موريل الحرب ضد الإرهاب بالحرب العظمى فى عصرنا.. وموريل قضى 33 عاما فى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية حتى أصبح الرجل الثانى فيها.. وأحيانا.. كان يديرها مؤقتا فى فترات البحث عن مدير لها.

فى الفصل الثامن من الكتاب.. تحت عنوان «ربيع القاعدة».. يجزم بأن الثورات التى انفجرت فى مصر وتونس وسوريا وليبيا واليمن ضاعفت من تأثير التنظيمات الدينية المسلحة فيها إلى حد تهديد نظمها القائمة.

كانت مطالب المحتجين فى مصر حقيقة.. ومشروعة.. نطفة من الأثرياء يحظون بكل شىء.. وغالبية من الفقراء محرمون من متطلبات الحياة.. وفئات وسطى عاجزة عن الصعود ومهددة بالسقوط.

لكن.. بقدر ما تحمست الإدارة الأمريكية للملايين التى خرجت فى الميادين بقدر ما صعب عليها التخلص من حليف استراتيجى مخلص مثل مبارك.. فتركت قرارها معلقا.. تفرضه تطورات الأحداث فى مصر.

وما ضاعف من تلك الحيرة اعتراف مدير المخابرات المركزية جون بانيتا بأن جهازه الذى يعرف «دبة» النملة لم يتنبأ بما جرى فى مصر.. فاجأته الأحداث.. وأصابته بالشلل.. وافقدته النطق.

هنا.. تذكر موريل أهمية عمر سليمان قائلا: «بالعودة إلى الوراء لما يزيد على عشر سنوات عرفت سليمان.. كان رجلا طويلا.. متحفظا.. لبقا.. يفهم جيدا فى كثير من القضايا المعقدة بأمن منطقته.. اسأله سؤالا واحدا فى قضية إقليمية واجلس مسترخيا لتسمع منه لمدة نصف ساعة محاضرة قيمة.. لا يقطعها سوى «نحنحة» كل عدة دقائق يستغلها فى تجميع أفكاره».

بعد أربعة أيام على الأحداث فاجأ مبارك العالم بتعيين سليمان نائبا للرئيس بعد أن ظل المنصب شاغرا ثلاثين سنة لكن الشعب الغاضب اعتبر القرار مناورة يلجأ إليها النظام لينجو من السقوط.

يضف موريل: «فى الوقت نفسه اتصل بى وسيط.. رجل أعمال دولى.. قال إنه صديق لسليمان ويريد توصيل رسالة من مدير المخابرات المصرية إلى الحكومة الأمريكية من خلالى».. « كان يتحدث مباشرة مع سليمان.. وسعيت للحصول على موافقة مدير الوكالة بانيتا وزملائى من نواب الجهاز على الحديث مع سليمان من خلال رجل الأعمال.. وكانت الرسالة الأساسية التى يريد سليمان توصيلها إبلاغ البيت الأبيض أنه شديد الاهتمام باستقرار بلده ويريد المساعدة فى حل الأزمة».

ويستطرد: «كان افتراضنا هو أن سليمان الذى يمكنه رفع سماعة التليفون والاتصال بالمدير أو بى مباشرة يرغب فى إضفاء السرية على الاتصالات.. خشية الاتهام بأنه يعمل ضد مبارك لو شوهد وهو يتحدث إلينا بينما لم يكن يعارض رئيسه على الإطلاق.. كما كانت السرية مطلوبة لأنه حتى مدير جهاز المخابرات المصرية يمكن أن يكون هناك من يتجسس عليه».

هنا.. نتوقف طويلا لنراجع بعض ما قال موريل.. إن عمر سليمان لم يكن مديرا للمخابرات وقت هذه الاتصالات.. كان نائبا للرئيس.. مما يعنى أن التحدث لمدير الوكالة أو نائبه أمر يثير الشبهات فى تلك الظروف السياسية الحرجة.. كما أن سليمان بحكم خبرته الأمنية لم يشأ أن يلجأ إلى المخابرات الأمريكية وإلا اتهم بالعمالة لها.

سمعت جانبا من تلك الرواية على لسان عمر سليمان مباشرة.. ويمكن الرجوع إلى زوج ابنته «رانيا» عبد الحميد حمدى ابن الشهيد أحمد حمدى للتأكد مما أروى.. فلست أحمل رجلا فى ذمة الله ما لا يجوز وما لا يصح.

رجل الأعمال الذى لعب دور الوسيط الدولى شاب يستثمر كثيرا من أمواله فى المنطقة.. لم يكن يعرف سليمان مباشرة وإنما يعرف شخصا قريبا من سليمان.. ولم يلجأ إليه سليمان لتوصيل رسائل للمخابرات الأمريكية وإنما تطوع من نفسه للتوسط.. وحدث العكس.. جاءت الرسائل من لانجلى إلى الاتحادية.

كان أول طلب جاء من هناك هو الإفراج عن وائل غنيم ولم يكن سليمان يعرفه فاتصل بمسئولى الأمن القومى ليسألهم عنه وبعدها جرى اتصال بمسئولى أمن الدولة حتى أفرج عنه.. ويشهد مصطفى النجار أن عمر سليمان هو من أفرج عن وائل غنيم.

أما الرسالة الأهم فكانت توصية من المخابرات الأمريكية بأن «يستمع مبارك إلى أصوات المحتجين فى الميادين ويتنحى فورا على أن تدار البلاد بمجلس رئاسى يمثل المجتمع المصرى حتى الانتخابات الرئاسية الجديدة».. ووصلت الرسالة قبل أن يلقى مبارك خطابه فى أول فبراير.

صدم سليمان من تلك الرسالة قائلا: «كده الأمريكان لبسونا فى الحيط وباعونا برخص التراب».

وكان رأيه: «إن التنحى السريع سيقلب الدنيا ولن يمهد لحياة مدنية مناسبة وربما وضع الجيش فى مواجهة الشعب ولو تركت السلطة للجيش فإن الإخوان سيحكمون لمدة خمسين سنة».

لم يكن رد سليمان مفاجأة لموريل كما يوحى فى مذكراته.. بل إن موريل يقول: إن سليمان أبلغه أنه أقنع مبارك بالتنحى فى أول فبراير.. لذلك بهت هو ومدراء وكالته عندما سمعوا مبارك يعلن أنه يصر على البقاء حتى نهاية ولايته.

حسب ما سمعت من سليمان فإن رواية موريل لا تتسم بالدقة.. فبين سليمان والوسيط وسيط ثالث.. وسليمان لم يكن من أنصار التنحى السريع لمبارك.. وبالتالى لم ينقل إلى موريل ورفاقه قبول مبارك التنحى أول فبراير.. وإنما كان يخشى من عواقب التنحى السريع قبل ترتيب الأمور حتى لا يصل الإخوان إلى الرئاسة ويبقون فيها 50 سنة.

وحسب ما سمعت منه أيضا فإن مبارك من جانبه كان يريد أن يستريح فى شرم الشيخ على أن يدير سليمان المرحلة الانتقالية من يناير إلى سبتمبر حيث ستجرى الانتخابات الرئاسية.. وكان مبارك مستعداً أن يمنح تلك الفرصة للمشير حسين طنطاوى بتعيينه نائبا للرئيس.. لكنه.. رفض.. متصورا أنها فرصته بحكم قوته وزيرا للدفاع فى تحقيق حلمه الرئاسى.. وكانت النتيجة وصول الإخوان إلى السلطة كما تنبأ سليمان وإن لم يبقوا فيها 50 سنة.

وكانت هناك فكرة أن يحكم مصر مجلس رئاسى خماسى بعد تنحى مبارك يضم شخصية إخوانية بجانب طنطاوى وسليمان وأحمد شفيق ورئيس المحكمة الدستورية.. واتفق على ألا يرشح أحد منهم نفسه للرئاسة حتى لا يوصف هذا المجلس بمجلس حرب.. ولكن.. ما أن تنحى مبارك حتى أجهض طنطاوى الفكرة.. بل.. وقطع الحرارة عن التليفونات الساخنة التى كانت تربط سليمان بالرئاسة والمخابرات وغيرها.. فيما يشبه إقالته من منصب نائب الرئيس.

لقد احتفلت صحف مصرية بما نشر موريل ولم تهتم بفحص رواياته التى كنا طرفا فيها.. ربما لأننا لم نعد نصدق أنفسنا.. ربما عقدة الخواجة التى لا تزال تحكمنا.. والخواجة هنا ليس أى خواجة.. وإنما رجل مخابرات أمريكى وصل إلى مرتبة عليا فى عائلة الأمن القومى فى بلاده.

3- أصعب تحديات السيسى فى برلين

- ميركل تطالبه بالتدخل فى القضاء وتبرئة المتهمين فى قضية المنظمات الأهلية

كونراد أديناور هو أول مستشار استلم السلطة فى ألمانيا الاتحادية.. ولد فى كولونيا يوم 5 يناير عام 1867 وتوفى فى برلين يوم 19 إبريل عام 1967.. أسس فى عام 1959 منظمة غير حكومية تحمل اسمه.. لديها 16 مكتبا فى ألمانيا.. و120 فرعا فى بلدان أخرى منها مصر التى تعمل فيها منذ عام 1973.

والمؤسسة تؤكد أنها موالية للحزب المسيحى الديمقراطى الذى تنتمى إليه المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل وتعترف بأنها تعمل بالسياسة وتدعو إلى سيادة القانون ودعم الديمقراطية وتعزيز السلام.

وتعد مصر فى نظر المؤسسة دولة ذات ثقل فى المنطقة المحيطة بها.. يمكن أن تلعب دورا متميزا فى الإصلاحات الديمقراطية مما جعلها مركز اهتمام المؤسسة.

فى صيف 2011 فجرت السفيرة فايزة أبوالنجا قضية التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى ومنها منظمة كونراد أديناور فجمدت حساباتها فى البنوك ووضعت مدير مكتبها أندرياس جاكوبس وموظفة أخرى أمام جهات التحقيق الذى أصبح قضية أمام محكمة الجنايات يتابعها العالم بقلق.

وفى الشتاء التالى صدر تصريح عن السفير الألمانى فى القاهرة أكد فيه أن ميزانية المؤسسة لا تزيد على 620 ألف يورو تخضع لقواعد التفتيش البنكية والحكومية المتفق عليها فى مصر.. وأنها رغم ذلك جمدت حساباتها لمدة شهر ثم أفرج عنها.. كما أعيد فتح مقرها.. وإن لم يتح لها العودة إلى نشاطها كما كان.

ما حدث لتلك المنظمة سيكون محور نقاش يفتح بين ميركل والسيسى خلال زيارته القادمة إلى برلين.. ستطالب المستشارة الألمانية برد اعتبار المنظمة.. خشية أن تجد نفسها فى مرمى نيران الميديا التى تنتظر منها ذلك.. خاصة أن المنظمة تتبع حزبها الحاكم.. ويمكن أن يفقد الكثير لو لم تفتح هذه القضية وتصل فيها إلى حل. كان وزير التجارة الألمانى سيجمار جبرايل قد حمل معه دعوة من ميركل إلى السيسى فى المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ.. وبعد ترسية ثلاث محطات كهرباء على شركة ألمانية خرجت الدعوة على الفور.. وما يلفت النظر فيها أن حاملها هو واحد من أشد المعارضين لبيع أسلحة من بلاده إلى مصر.. خاصة الغواصات المتفق عليها.

هناك بالقطع صعوبات أخرى تنتظر الرئيس فى ألمانيا لتجعلها أخطر زيارة خارجية (انظر تقرير مى سمير داخل العدد) ولكن حل مشكلة منظمة كونراد أديناور هو ما يهم الحكومة الألمانية.

على أن المشكلة الصعبة فى هذه القضية أنها لا تزال معروضة أمام القضاء يستحيل تدخل الرئيس فيها.. ولو حدث ذلك لوجهت السلطات الألمانية نفسها انتقادات حادة لمصر.. والحل الوحيد لن يخرج عن الحدود القانونية.

4-علاء عرفة يحتكر استيراد الغاز من إسرائيل ليربح فى 3 سنوات 1200 مليون دولار

رجل الكويز يستخدم خط الغاز فى سيناء بعد تعديلات فنية تكلفه 60 مليون دولار لمدة سنة ونصف السنة ولكن الشركة المالكة تؤكد أن لا أحد عرض عليها ذلك

لا يثير الدهشة لجوء رجل الأعمال علاء عرفة إلى إسرائيل لاستيراد الغاز الطبيعى منها فعلاقاته بالمؤسسات الاقتصادية الإسرائيلية قوية وقديمة بسبب المشاركة بينهما فى تصنيع الملابس الجاهزة وتصديرها إلى الولايات المتحدة طبقا لاتفاقيات الكويز.

علاء عرفة ابن صاحب مصانع لإنتاج الأقمشة الصوفية.. ترك القوات الجوية برتبة لواء.. ليعمل فى صناعة النسيج.. وارتبط بزمالة سلاح مع حسنى مبارك الذى تمنى أن يعمل معه بعد ترك الخدمة لو لم يختره أنور السادات نائبا له.. ومن صدف القدر أيضا أنه دخل نفس المستشفى الذى أجرى فيه مبارك جراحة العمود الفقرى فى ألمانيا.. لكنه.. توفى هناك بسبب خطأ طبى.

ورث ابنه أشرف الذى كان يستورد السجاد من الصين المصانع منه بينما بقى شقيقه علاء واحدا ممن يسيطرون على صناعة الملابس الجاهزة فى مصر ولا ينافسه فيها سوى جلال الزوربا الذى استفاد هو الآخر من اتفاقية الكويز.

فى مارس الماضى وقعت شركة دولفينوس القابضة التى يملكها علاء عرفة عقدا احتكاريا لاستيراد الغاز على حقل تمار الإسرائيلى قيمته حسب وكالة رويترز تزيد على المليارى دولار وكميته خمسة مليارات متر مكعب فى أول ثلاث سنوات.

وضع الطرف الآخر وهو شركة ديليكا تفاصيل الصفقة على شاشة البورصة فى إسرائيل.. وإن رفعت الكميات المستوردة خلال نفس المدة إلى 7 مليارات متر مكعب.. وتوقعت أن يحقق علاء عرفة نحو 1200 مليون دولار ربحا ولو استورد وحدة الغاز بستة دولارات ونصف الدولار وهو سعر رخيص يشجع أصحاب المصانع على التعامل معه.

وحسب ما نشرت الصحف الإسرائيلية فإن الغاز الإسرائيلى سيضخ إلى مصر عبر خط الغاز الذى يمر بسيناء وكان يوصل الغاز المصرى إلى إسرائيل ولكن بعد تعديلات فنية تحتاج إلى نحو سنة ونصف السنة واستثمارات لا تقل عن 60 مليون دولار بجانب توفير الأمان فى شمال سيناء.. حيث جرى تفجير الخط نحو 26 مرة منذ يناير 2011.. وإن لا يزال تحميه فرقة من الشرطة المصرية يصل عددها إلى 60 جنديا وضابطا. لكن.. شركة شرق المتوسط التى تمتلك الخط واستثمرت فيه نحو 550 مليون دولار أكدت أن لا أحد من جانب علاء عرفة تفاوض معها على استخدام الخط.. وإن كل ما قيل لا يزيد عن كونه تصريحات صحفية وأمنيات مالية.