يورجن كلوب.. مسيرة من ذهب مع دورتموند

الفجر الرياضي

بوابة الفجر


 

ارتبط اسم بوروسيا دورتموند في السنوات الأخيرة باسم يورجن كلوب الذي تمكن في ظرف وجيز من إعادة الأمجاد لهذا الفريق وجعله رغم قلة الإمكانيات ينافس في أقوى المسابقات ويقهر الخصوم محليا وأوربيا. فما سر نجاح هذا المدرب الشاب؟

 

لم يترك أي مدرب بصمة واضحة على فريق بوروسيا دورتموند مثلما فعل يورغن كلوب، فقد عاش "أسود فيستفاليا" وهو لقب دورتموند، أحلى أيامهم تحت قيادة كلوب الذي تولى الإشراف على الفريق والنادي على حافة الإفلاس ليرتقي به بعد ذلك عاليا إلى سماء التألق.

 

وكانت حصيلة سبع سنوات التي قضاها على رأس الإدارة الفنية لدورتموند، تتويجه مرتين بلقب الدوري ـ بوندسليغا (2011،2012) ومرة بكأس ألمانيا (2012) بالإضافة إلى بلوغه نهائي دوري أبطال أوروبا في موسم (2012،2013).

 

نجاح بطبيعة الحال لم يكون وليد الصدفة بل كان وراءه عمل كبير لمدرب تعود على كسب التحديات مهما كانت الصعوبات. فما هي إذا أهم المميزات التي حولت يورغن كلوب إلى رمز كروي غير مسبوق في فريق دورتموند؟

 

يشهد خصوم كلوب قبل أصدقائه على مثابرة هذا المدرب وصبره وإصراره على تحقيق النجاح، وقد برهن كلوب على ذلك من قبل مع فريق ماينز الذي صعد به إلى الدرجة الأولى وجعله في وقت وجيز واحدا من الأندية الألمانية التي تحظى باحترام المتتبعين بفضل الكرة الجميلة التي بات يقدمها هذا الفريق.

 

قدرة كبيرة على تحفيز اللاعبين

 

عندما انتقل كلوب إلى دورتموند أسس مع المدير الرياضي ميشائيل تسورك فريقا جديدا، حيث نجح كلوب في بث الحماس في نفوس لاعبيه وجعلهم يقدمون كل ما في جعبتهم على أرضية الملعب. وهو ما تعهد به كلوب منذ أن أمسك بزمام الإدارة الفنية لدورتموند عام 2008 حيث قال "أعدكم بأننا سنقدم كل ما في جهدنا لصالح هذا الفريق".

 

وظهر ذلك جليا على أرض الملعب من خلال أسلوب اللعب الهجومي الذي اعتمده كلوب، حيث أصبح دورتموند يضغط على الخصوم داخل مناطقهم ويلعب كرة قوية وسريعة من بداية المباراة وحتى النهاية. إضافة إلى ذلك أصبح دورتموند يتميز بالسرعة في الهجمات المضادة عند استرجاعه للكرة من الفريق الخصم.

 

رئيس فريق دورتموند هانز يواخيم فاتسكه أكد مرارا على أن يورغن كلوب أفضل مدرب مر في فريق دورتموند وبرر ذلك في حوار مع موقع شبورت 1 بقوله " كلوب له رؤية واضحة لا بد أن تتوفر في المدرب الناجحّ. كما أنه رائع من الناحية التكتيكية".

 

وبالرغم من بعض الانتقادات التي طالت كلوب هذا الموسم بسبب النتائج السيئة التي حققها فريقه في النصف الأول من بدونسليغا غير أن أفضل مدرب في ألمانيا لعامي 2011 و2012 ظل وفيا لخطته المتمثلة في 4ـ2ـ3ـ1 لينجح في الأخير من انتشال فريقه من المركز 18 إلى وسط الترتيب ويجعله ينافس على المشاركة في الدوري الأوروبي بعدما كان مهددا بالنزول لدوري الدرجة الثانية.

 

الاعتماد على المواهب بدل النجوم

 

كلوب عرف أيضا كيف يحول دورتموند إلى المنافس الأول لفريق بايرن ميونيخ، بل واستطاع أن يتفوق عليه في كثير من المناسبات رغم ضعف إمكانيات نادي دورتموند مقارنة بالعملاق البافاري صاحب الملايين، فقد كون كلوب فريقا شابا من مجموعة من المواهب تتوفر على ما يكفي من الإمكانيات والإرادة ما يسمح لها بتطبيق خطة المدرب بشكل كلي.

 

ونجح كلوب بهذا الفريق الشاب عام 2011 في إحراز اللقب ليكون أصغر فريق في تاريخ بونديسليغا يتوج بدرع الدوري.

 

وهنا نتذكر تصريحا لكلوب قبل مواجهته لبايرن ميونيخ في مباراة حاسمة في نوفمبر/ تشرين ثاني 2011 عندما قال "نستطيع من خلال خططنا التكتيكية أن نحد من فعالية بايرن ميونيخ ونرغمهم على اللعب بالأسلوب الذي يناسبنا وبالتالي يمكننا الإجهاز عليهم".

 

وبعد أقل من نصف عام من ذلك احتفل كلوب مع دورتموند بلقب الدوري الألماني للمرة الثانية على التوالي متقدما في جدول الترتيب على بايرن ب8 نقاط.

 

وفي نهائي كأس ألمانيا أكد دورتموند بما لا يدع مجالا للشك على أنه الفريق رقم واحد في ألمانيا في ذلك الوقت بعد إلحاقه هزيمة كبيرة بمنافسه وغريمه بايرن ميونيخ بخمسة أهداف لهدفين.

 

إلى جانب ذلك عرف كلوب بقدراته على اكتشاف المواهب الصاعدة التي يضمها إلى فريقه بمبالغ مادية متوسطة أو قليلة ويصنع منها نجوما تساوي الملايين في سوق كرة القدم الدولية، وخير مثال على ذلك صفقة الياباني شينغي كاغاوا الذي جلبه دورتموند من فريق ياباني بمبلغ 350 ألف يورو قبل بيع خدماته لمانشستر يونايتد عامين بعد ذلك بـ 16 مليون يورو. بالإضافة إلى ماريو غوتسه صاحب هدف الفوز في نهائي مونديال البرازيل وليفاندوسفكي المهاجم الحالي لبايرن ميونيخ.

 

أندية كبرى ترغب في التعاقد مع كلوب

 

الميزات الكثيرة التي يتمتع بها كلوب كالقدرة على التحفيز وحسن توظيف اللاعبين على رقعة الملعب، جعلت الكثير من الأندية الأوربية الكبيرة تخطب ود هذا المدرب ومن بينها ريال مدريد ومانشستر يونايتد وبايرن ميونيخ بالإضافة إلى ليفربول.

 

وبالنظر إلى السيرة الذاتية لهذا المدرب الذي لم يبلغ عقده الخامس، يمكن القول إن كلوب قد يصلح أكثر لناد متوسط لديه طموح الصعود إلى القمة وإحراز الألقاب، بدل من ناد كبير مثل ريال مدريد أو مانشستر. فيورغن كلوب وإن كان قد بلغ مع فريقه نهاية دوري أبطال أوروبا وفاز معه على أندية كبيرة مثل ريال مدريد، فإنه يفتقد لتجربة العمل داخل ناد كبير يعج بالنجوم.

 

لكن من بين ثلاث أندية التي تطرح أسمائها بقوة حاليا للتعاقد مع يورغن كلوب، وهي ريال مدريد وبايرن ميونيخ وليفربول، من المرجح أن يختار كلوب الفريق الإنجليزي لمجموعة من العوامل منها أن المدرب الألماني عبر أكثر من مرة عن رغبته في العمل في "بريمير ليغ" بالإضافة إلى وضع ليفربول الحالي الذي قد يجعل كلوب أمام التحديات التي يعشقها وهي إعادة تركيب الفريق من جديد وإعادته إلى المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي والمشاركة في دوري أبطال أوروبا.

 

وإذا تأكد نبأ انتقال كلوب إلى ليفربول فستكون أمامه فرصة جيدة لإعادة أمجاد هذا الفريق كما فعل مع دورتموند وليتحول بذلك عن جدارة إلى مدرب عالمي تتجاوز نجاحاته الدوري الألماني.