"لوس أنجلوس تايمز" توضح سبب تجنيد "داعش" الأوروبيين

عربي ودولي

بوابة الفجر



بعد ستة أشهر من الهجوم الذي تم في 7 يناير على مجلة شارلي إيبدو الأسبوعية الساخرة، ما زالت العاصمة الفرنسية، باريس، مدينة قيد الحراسة الأمنية. وحيثما سار المرء في شوارع المدينة يرى حراساً أمنيين بزيهم الأسود، ومسلحين ببنادق رشاشة، يقومون على حماية مواقع سياحية، ومتاحف وصالات موسيقية. كما يقف أولئك الحراس عند أبواب المكتبات العامة، ودور بيع الكتب، ويطلبون من الزوار المرور عبر أجهزة تفتيش رفع فوقها لافتة كتب عليها" فيجي بيريت" بما يعني أن حالة التأهب لم ترفع بعد.

وكما أشارت صحيفة لوس أنجلوس تايمز، الأمريكية، تشعر العاصمة الفرنسية بترقب أمني أقوى مما انتاب واشنطن بعد هجمات 11 سبتمبر. ويرجع سبب ذلك لكون هجمات يناير على شارلي إيبدو، حيث قتل 12 شخصاً، وعلى سوبرماركت لليهود، حيث قتل أربعة رهائن وضابط شرطة، لم تكن إلا جزءاً من مشكلة أكبر، لأن فرنسا تواجه تهديداً إرهابياً متواصلاً، وقد يكون موجهاً من قبل داعش. بحسب "24"

فهاجم، يوم الجمعة الأخيرة، رجل يشبته بصلاته بمتشددين إسلاميين مصنعاً أمريكياً لإنتاج الغاز بالقرب من مدينة ليون، وترك وراءه قتيلاً مقطوع الرأس، وعلماً لمتطرفين.

وفي بريل الماضي، وقع حادث لم يلفت انتباه آخرين خارج أوروبا، عندما ألقت الشرطة القبض على طالب جزائري يدرس علوم كمبيوتر، بعدما أطلق النار على ساقه بالخطأ، وطلب سيارة إسعاف. وقد ادعى المشتبه به، واسمه سيد أحمد غلام، أنه تعرض لهجوم من قبل لصوص مسلحين. ولكن عندما فتش رجال الشرطة سيارته وشقته، عثروا على ما يمكن وصفه بترسانة من البنادق الآلية والمسدسات، بالإضافة لقائمة من الأهداف المحتملة. وسرعان ما ألقوا القبض على رجلين آخرين قالوا أنهم شركاء له. 

أهداف ناعمة
وبحسب وزير الداخلية الفرنسي، بيرنارد كازيينفو، قامت خطة المشتبه بهم على قتل رجال دين أثناء إقامة قداس يوم الأحد في عدة كنائس كاثولوكية في ضواحي العاصمة. 

وتبين، بحسب مصادر استخباراتية، بأن الخطة المزعومة وضعت على أساس استهداف كنائس عادية، من نوعية ما يمكن وصفها بأهداف ناعمة، أي ليست مواقع شديدة الأهمية أو شهيرة، كالمباني الحكومية أو الكنس اليهودية، والتي تحظى باهتمام ومراقبة أكبر من قبل رجال الأمن. ويوجد في فرنسا آلاف الكنائس الكاثوليكية، ومن المستحيل على السلطات حمايتها جميعاً. 

وقال باحث في شؤون الشرق الأوسط في معهد باريس للدراسات السياسية، جان بيير فيليو، لصحيفة لوس أنجلوس تايمز "قامت الفكرة على إثارة رد فعل، قمع، صراع مدني، مما يدفع الشباب الفرنسيين المسلمين للانضمام إلى داعش. ويعد ذلك جزءاً من استراتيجية تجنيد. وكان من المحتمل أن تكون نتائجها كارثية". 

اجتذاب الشباب 
ويضيف فيليو "لا يهدف داعش لحث أنصاره على شن هجمات عشوائية، ورمزية، بل هو يسعى لإثارة الفوضى في أوروبا من أجل تحقيق هدف محدد، وهو اجتذاب الشباب المسلمين. ويسعى داعش لتجنيد أولئك الأوروبيين لسبب لا يمكن توقعه، وهو ليس لأنهم قد يدربوا لشن هجمات في أوطانهم الأصلية، بل لاستخدامهم كمنفذين قساة لقانون التنظيم الوحشي في سوريا، بحيث لا تربطهم علاقات أسرية قد تدعوهم للتساهل أو معاملة ضحاياهم برفق ولين".

وقال فيليو، وهو دبلوماسي فرنسي سابق، وما زال يقدم نصائحه لمسؤولين "يطبق داعش استراتيجية رعب طويلة الأمد في أوروبا".

وقال مسؤول أمني فرنسي رفيع المستوى لمراسل لوس أنجلوس تايمز، بأن تقييم فيليو، رغم" أنه دراماتيكي، فهو يخلو من المبالغة. فإن الحكومات الغربية تشعر بالقلق، ونحن نتوقع مزيداً من الهجمات، والمشكلة أن داعش أقرب لأوروبا، مما هي عليه من أمريكا". 

رد متوقع
وتشير الصحيفة إلى أن الخوف قاد لرد فعل متوقع، فقد انتشر رجال الشرطة وأجهزة المراقبة في كل مكان. وفي مايو وافق البرلمان الفرنسي على قانون يقضي بتوسيع أجهزة التجسس الحكومية، ومنها جمع البيانات الوصفية، وهي ذات الممارسة التي شجبها الأوروبيون، عندما كشف إدوارد سنودن، العامل السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكي، بأن الولايات المتحدة تستخدمها. وفي نفس الوقت، أصدر ساسة محافظون، في إطار سعيهم لاستقطاب الاهتمام لحملتهم الرئاسية المقبلة، تحذيرات من تنامي خطر الإسلاميين. 

ولكن المصدر الحقيقي للمشكلة، برأي فيليو وخبراء آخرين، يوجد في سوريا والعراق، حيث ولد داعش. 

وقال فيليو" الحل الوحيد يكون عبر إضعافه، ولا يتم ذلك إلا من خلال العرب السنة. إننا بحاجة لمقاتلين من السنة، ونحن بحاجة لهم بقدر ما هم بحاجة لنا. إنهم يشكلون خط الدفاع الوحيد بين داعش وأوروبا". 

وفي هذا السياق، تقول الرسالة الفرنسية "الحرب في سوريا ليس مجرد مشكلة في الشرق الأوسط، أو صراع طائفي بين السنة والشيعة، بل هي تشكل تهديداً مباشراً لحلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، وذلك يعني أن الولايات المتحدة تخاطر بعدم تشديدها الحملة على داعش من أجل القضاء عليه نهائياً".