حق ويقين

إسلاميات

بوابة الفجر


فينبغي للمؤمنين أن يشكروا اللهَ تعالى، على هذه المحنة؛ التي حقيقتها منحة كريمة من الله.
 وهذه الفتنة ، التي في باطنها نعمة جسيمة.

"واعلمُوا -أصلَحكم الله- أنَّ مِن أعظم النِّعم، على مَن أراد الله به خيرًا؛ أن أحياهُ إلى هذا الوقتِ، الذي يُجدِّدُ اللهُ فيه الدِّينَ، ويُحيي فيه شعارَ المسلمين، وأحوالَ المؤمنين والمجاهدين، حتى يكون شبيهًا بالسابقين الأوَّلين، من المهاجرين والأنصار! فمَن قامَ في هذا الوقت بذلك؛ كان من التابعين لهم بإحسان، الذين رضِي الله عنهم ورضُوا عنه وأعدَّ لهم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا ذلك الفوزُ العظيم.

فينبغي للمؤمنين أن يَشكروا اللهَ تعالى، على هذه المِحنَة؛ التي حقيقتها مِنحَةٌ كريمةٌ من الله! وهذه الفتنة؛ التي في باطنها نعمةٌ جسيمةٌ! حتى واللهِ، لو كان السابقون الأوَّلون من المهاجرين والأنصار -كأبي بكرٍ وعمر وعثمان وعليّ، وغيرهم- حاضرين في هذا الزمان؛ لكان من أفضل أعمالهم جهادُ هؤلاء القوم المجرمين.

ولا يُفوِّت مثلَ هذه الغَزاة؛ إلَّا مَن خَسِرتْ تجارتُه، وسَفِه نفسَه، وحُرِم حظًّا عظيمًا من الدنيا والآخرة؛ إلا أن يكون ممَّن عذرَ اللهُ تعالى؛ كالمريض والفقير والأعمى وغيرهم".

ولقد كان واقع التتار؛ مُختلطًا مُلتَبِسًا على الناس، بسبب ما ادَّعَوه من الإسلام ومَظاهِره، إلَّا أنهم أضاعُوا أحكامَه، ولم يلتزموا بشرائعِه، فكيف بالطاغوت وجنوده؛ وواقعهم أظهر، وأبيَن، وأطمّ.

فيا ربّ اجعلنا من هؤلاء؛ الذين قاموا بالحقّ، في وقت ضياعِه وغُربته، وانصر المجاهدين في سبيلك، والعاجزين الذين لا يستطيعون حِيلةً، ولا يهتدون سبيلًا فقد بشَّرتهم -ولا أصدق منك قيلًا-:

{فَأُولَٰئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ ۚوَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّاغَفُورًا} [النساء:99].