عضو "حقوق الإنسان": إقرار قانون "مكافحة الإرهاب" بصيغته الحالية كارثة

أخبار مصر

أرشيفية
أرشيفية


قالت مصادر قضائية مصرية، إن مجلس القضاء الأعلى وافق على مشروع قانون مكافحة الإرهاب، الذي تستعد السلطات لإصداره في أعقاب سلسلة عمليات إرهابية. وأثار القانون غضبا في الأوساط الحقوقية والإعلامية. 

وقال ناصر أمين عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (شبه الحكومي) في تصريحات للشرق الأوسط اللندنية، إن صدور القانون بصيغته الحالية كارثة، فيما عد نقيب الصحافيين يحيى قلاش المادة 33 منه كفيلة بـ«القضاء على مستقبل الصحافة» في البلاد.

ويغلظ مشروع القانون العقوبات في جرائم الإرهاب، ويقصر التقاضي في القضايا المتعلقة بالإرهاب على درجتين فقط بعد أن كانت تمر بثلاث درجات، كما يمنح القاضي حق إقرار تدابير أخرى على المدانين، منها حظر الإقامة في مكان معين أو في منطقة محددة، أو الإلزام بالإقامة في مكان معين، أو حظر الاقتراب أو التردد على أماكن أو محال معينة، أو حظر العمل في أماكن معينة أو مجال أنشطة محددة، أو حظر استخدام وسائل اتصال معينة، أو المنع من حيازتها أو إحرازها. وهي إجراءات عدها حقوقيون مخالفة للدستور، فضلا عن كونها ترتب عقوبتين على جريمة واحدة، وهو أمر مخالف لقانون التقاضي.

وتتعلق أبرز مخاوف الأوساط الإعلامية والحقوقية في الوقت الراهن بالمادة 33 من مشروع القانون التي تنص في صيغتها الحالية على أنه «يعاقب بالحبس الذي لا تقل مدته عن سنتين، كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية، بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية، وذلك دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقررة في هذا الشأن».

ووافق مجلس القضاء الأعلى في جلسته المنعقدة أمس على مشروع قانون مكافحة الإرهاب، مع إبداء بعض الملاحظات الخاصة بالمسائل الإجرائية التي تضمنها القانون، بحسب مصادر قضائية.

وسارعت الحكومة بدفع مشروع القانون إلى أروقة المؤسسة القضائية لإقراره، قبل وضعه على مكتب الرئيس السيسي الذي يملك في الوقت الراهن سلطة التشريع لغياب البرلمان.

 وأضافت المصادر القضائية، أن القانون سوف يرسل إلى وزارة العدالة الانتقالية فورا تمهيدا لإحالته إلى قسم التشريع بمجلس الدولة مجددا، لإجراء المراجعة القانونية بشأنه على ضوء ملاحظات المجلس. 

وأوضحت المصادر أن قيام مجلس القضاء الأعلى بمراجعة مشروع القانون يأتي في إطار الدستور وقانون السلطة القضائية، الذي منح المجلس اختصاص النظر في كافة مشروعات القوانين المتعلقة بالعدالة وإجراءات التقاضي.
لكن ناصر أمين، رئيس لجنة الشكاوى في المجلس القومي لحقوق الإنسان عضو لجنة الخمسين التي تولت وضع دستور البلاد، أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يوجد ما يلزم الحكومة بعرض مشروع القانون على مجلس القضاء الأعلى، فالأمر لا يخص قانونا متعلقا بالسلطة القضائية، يبدو أن هناك من أراد أن يسبغ على القانون مشروعية ما بعرضه على مجلس القضاء الأعلى».

وأضاف أمين، وهو مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، أن «المجلس لا يزال ينتظر عرض القانون عليه وهو إلزام دستوري، لكن للأسف لم يصلنا القانون شأن قوانين أخرى لم تعرض علينا في تجاهل لتقليد بدأ منذ 25 يناير (2011).. الأجواء التي نعيشها غاية في الصعوبة ويبدو أن القانون سوف يصدر مع الأسف، لكن صدوره بصيغته الحالية كارثة».

وتجاوزت الأوساط الحقوقية ما وصفه حقوقيون بـ«الأزمة المزمنة للعبارات المطاطية التي تعرف الجريمة». وقال الناشط الحقوقي جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان: «إن القانون حافل بالعبارات المطاطية، لكننا نتوقف كثيرا أمام المادة 33 من القانون».

وأوضح عيد أن «المادة تعاقب كل من يروي واقعة تخالف الرواية الرسمية بغض النظر عن حقيقة الواقعة.. هذه أسوأ مادة يمكن أن يعاني منها الإعلام في أي دولة، فالعقوبة قد تنسحب على مقالات الرأي»، مضيفا أن تقييمه مبني على قراءة أولية للقانون، لافتا إلى أن باقي مواده تحيل إلى قوانين أخرى ما يتطلب المزيد من الوقت للدراسة.
وقال يحيي قلاش، إن «المادة 33 تقضي على مستقبل الصحافة»، لافتا إلى أن «مجلس النقابة سيبحث الأمر اليوم، ومن بين خياراته دعوة رؤساء التحرير، وأعضاء مجالس الإدارات والجمعيات العمومية في المؤسسات الصحافية القومية، والجمعية العمومية لنقابة الصحافيين، لمواجهة محاولات النيل من الصحافة وحريتها».