إيران تنقلب على "حماس" بسبب السعودية

عربي ودولي

بوابة الفجر


استبعد مراقبون أن تشهد الفترة القادمة تحولا عميقا في طبيعة العلاقة بين المملكة العربية السعودية وحركة حماس الفلسطينية، ومن خلفها جماعة الإخوان المسلمين، بعد اللقاء الأخير الذي جمع العاهل السعودي برئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل في مكة ومالت جل التحليلات السياسية إلى تصنيفه كبادرة مجاملة ضمن عادة استقبال قيادة المملكة الوفود العربية والإسلامية التي تقوم بأداء العمرة في الأيام العشرة الأواخر من شهر رمضان.

وحسب ما أفادت "العرب" اللندنية، حاولت دوائر إعلامية وسياسية على ارتباط بحركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين استثمار اللقاء العابر للترويج إلى أنّ مصالحة بصدد الحدوث بين حماس والسعودية على أرضية رغبة الأخيرة في تجميع أكبر ما يمكن من القوى السنيّة في العالمين العربي والإسلامي بمواجهة إيران خصوصا بعد إبرام الاتفاق النووي مع القوى العالمية.

غير أنّ مختصين في الشأن السعودي أكّدوا أن ذلك مجرّد مناورة إعلامية من حركة حماس تقوم على تضخيم صورتها ودورها بما يوحي بأن الرياض في حاجة إليها في المواجهة مع طهران، فيما الحركة في حالة من الضعف الشديد والتراجع بفعل لعبة تغيير الولاءات التي دأبت عليها، وأيضا بفعل ما سببته من انقسام في الموقف الفلسطيني بسيطرتها على قطاع غزّة وجرّها سكانه إلى ويلات ومآس بالتورط في حروب لم يبد لها أي تأثير إيجابي على القضية الفلسطينية.

ويؤكّد هؤلاء تعدّد الموانع التي تجعل من مصالحة سعودية إخوانية أمرا مستبعدا ومن ضمنها وجود اعتراض شديد على تلك المصالحة من قبل شخصيات لها وزنها في الأسرة الحاكمة تنظر بسلبية للجماعة ولا تنقطع عن التذكير بأن الرياض أتاحت ملاذا لأعضاء الجماعة خلال عملية الاجتثاث التي تعرضوا لها في مصر في ستينات القرن الماضي، إلا أن ذلك لم يمنع الإخوان في التسعينات من تأييد حركة هدفت لتغيير نظام الحكم في المملكة.
وسبق للأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية الراحل وشقيق الملك سلمان بن عبدالعزيز ووالد ولي العهد الحالي الأمير محمد بن نايف أن وصف الجماعة بأنها “مصدر كل مشاكلنا في العالم العربي”.

ولا يخفي أمراء سعوديون اليوم ريبتهم من السياسة السرية للجماعة باعتبارها تهديدا خبيثا للحكم رغم أنهم لا يغفلون كون إيران تمثل خطرا حاليا.

ومن هذا المنطلق يرون أن لا شيء يضطر المملكة للاختيار بين خبث الإخوان وخطر إيران، طالما تمتلك الرياض كما كبيرا من الخيارات التي يتيح لها وزنها السياسي وقوّتها المالية تنفيذها بنجاح، وفي مقدّمتها نسج تحالفات وشراكات إقليمية ودولية، فيما التحالف مع حركة مأزومة يبدو عديم الجدوى.

وتتخبط حماس في أزمة مالية خانقة وبدت خلال الفترة الأخيرة في حالة عجز شديد عن تلبية حاجات سكان قطاع غزّة وحتى عن ضبط الأمن فيه وحماية منتسبيها من الاستهداف على يد جماعات ترفع لواء “الجهاد”.

ولا يبدو أن حماس بصدد تحقيق مكاسب من مناورتها الأخيرة، بل إن نتائج عكسية بدأت تتضح وتتمثل في انقلاب طهران ضدّها والذي انعكس بوضوح في الخطاب الإعلامي الإيراني الحاد تجاه الحركة، دون أن تكون قد ربحت دعم السعودية.

وفي المقابل يمكن لهذا التطور أن يحسب إنجازا للرياض من زاوية كونها نجحت في تحييد حركة حماس من “المعركة” ضدّ إيران وحرمت خصمها دعم أحد حلفائه دون أن تكون لها رغبة في كسب حركة حماس والتصالح معها.

ومن هنا تكون محاولة حماس هذه المرّة اللعب على تغيير الولاءات مختلفة عنها في المرّة السابقة حين انقلبت على حليفها القديم بشار الأسد وراهنت على حكم الإخوان في مصر آنذاك.

وسيكون من العسير إعادة بناء الثقة مع دمشق وطهران. وأظهر الهجوم الذي شنته وسائل إعلام إيرانية على حماس مدى انزعاج طهران من خطوة مشعل حيث، حيث وجهت وكالة فارس الإيرانية للأنباء اتهامات للحركة بأنها “ستشارك بـ700 من عناصرها في القتال باليمن تلبية لطلب المملكة”. كما اعتبرت عدة صحف إيرانية، أن حماس “تعمل ضد مصالح طهران في المنطقة”.

وتحاول قيادات حماس الحدّ من خسائر مغامـرة تغييـر الولاءات، حيث ورد على لسان مـوسى أبو مـرزوق القول “إن حماس ستحافظ على علاقات مع جميع الأطراف رغم تباينها”.

ونقلت وكالة الأناضول عن القيادي في الحركة قوله إنّ “التسريبات حول زيارة قيادة حماس للسعودية هي من نسج الجهالة، فمن سمّاها تسريبات يجهل طبيعة التغيرات الكبيرة في المنطقة ويقصد التشهير بالحركة وخلط الأوراق حتى لا يرى الناس حقيقة الأمور على أرض الواقع وحجم التغيرات التي حدثت”.