محمود يحيى عبدالشافي في رسالة لصحفي "الفجر" من سجن طرة يكتب: "أخبرهم يا صديقي"

مقالات الرأي

بوابة الفجر


صديقي المحترم/ حسام السويفي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحية طيبة وبعد، أرسل إليك تلك المناشدة من داخل سجني حتى تقدم للجميع ما تمليه علينا ضمائرنا فأنا لا أريد مقابل إن أريد إلا التوضيح ما استطعت.. أخبرهم يا صديقي أن منطقهم مقلوب وأن عدلهم معيوب وأن وضع الشباب "المظلومين" في السجون يدمي كل القلوب.. أخبرهم عن الشباب المخلص الذي حمل أرواحه على أكفه في ٢٥ يناير حينما خرج ضد الظلم والفساد والإهمال المباركي، هو نفس الشباب الذي ذأر في وجه عصابة الإخوان حينما غدروا فأنزلهم عن كراسيهم، هذا الشباب اليوم مسجون، أخبرهم أن الشباب السلمي الذي يخاف على وطنه ويحترم أبناء شعبه ويقف في وجه أي ظلم وفساد مواجها في الطليعة وحده،هذا الشباب الذي نظم مظاهرات راقية وحضارية بإسلوب ابهر كل العالم وألهم الكثير من الشعوب الطرق السلمية للتعبير عن الرأي، يقبع اليوم في ظلمات السجون.. 

أخبرهم أننا حين كنا نغضب ونضطر للتصعيد لم نخرب ولم نحرق ولم نقتل أو نفجر وإنما كان أقصى تصعيد لنا عبارة عن مجرد جرافيتي على الجدران يعبر عن حالنا ومطالبنا أو دعوات للتظاهر السلمى عن طريق مسيرات أو وقفات لا تعتدي على بشر أو حتى جماد.. أخبرهم أن سجن جيل الشباب الثائر لن يبنى وطن قوى وأن القمع لا يقيم دولة ديموقراطية متقدمة.. ذكرهم وأخبرهم أنه منذ شهور اعترفوا بوجود مظلومين داخل السجون ولكنهم تناسوا هذا الاعتراف والتصريح الواضح والصريح ولم يخرج منا أحد حتى اليوم ولا نزال نعيش لليوم مظلومين داخل الزنازين.. أخبرهم أن مكاني وأصدقائي ليس داخل هذا السجن.. أخبرهم أن طموحاتنا وأحلامنا لمصر ليس لها حدود وأن طاقاتنا لتعمير مصر جبارة فكيف بهم يتعاملون مع أفكارنا بالقيود والسجون؟؟

أخبرهم أنه ليس من المنطق أن نسجن مع الإخوان الذين قمنا بالثورة  عليهم ويخرجوا هم من السجون ونبقى نحن.!

أخبرهم أن المنطق في مصر اليوم مقلوب، أخبرهم أن عدلهم معيوب وأن المساواه في الظلم ليست عدل كما يقولون بل إن العدل لا يخالطه ظلم أبدا. 

ليس عدلا تدمير مستقبل شباب يعشق مصر بأن تحكم عليهم بالسجن لسنوات دون جريمة فعلوها بل أن جميع التهم ملفقه لهم ولم يقوموا بها ولا حتى فكروا فى فعلها قط .

أخبرهم أن العدالة الانتقامية تنتج الخراب والدمار في الأرض.. أخبرهم أن القاضي هو يد الله على الأرض ليحكم بين الناس بالعدل، فكيف ينامون وقد ظلموا كل هؤلاء الشباب ولفقوا له الاتهامات وداخل السجون رموه بالسنوات.. أخبرهم أن العدل فى مصر اليوم معيوب .

أخبرهم أن وضعنا داخل السجون لا يرضى احد ، وضعنا غير آدمي.. لقد حولوا أحلامنا  الجميلة "بمصر الجنة" إلى سجن بإهانة ومذلة فأصبحنا نعيش في جحيم الظلم والعتمة.. أخبرهم يا صديقي عن "بيتر جلال" ابن شبرا صاحب الـ٢٤ عامًا والذي يفقد بصره تدريجيا بسبب الإهمال وعدم تلقيه العلاج والرعاية داخل السجن فأصبح اليوم يمشى يتحسس طريقه بمساعدة زملائه.. أخبرهم عن والدي الدكتور "يحيى عبد الشافي" صاحب الـ٦٠ عامًا الذي يعانى من الخشونة في ركبته وتزداد حالته سوءا يوما بعد يوم وينام على الأرض ولا يجد أبسط حقوقه في حمام بقاعدة أفرنجي ليقضى حاجته لعدم استطاعته  ثنى ركبته.. أخبرهم عن عم "صلاح الهلالي" ٥٥ عامًا المصاب بـ(فيروس سي ) ويعانى من الغضروف ويشكو من الآم أسنانه وعينه ولا يجد أدنى اهتمام به أو بغيره .

 أخبرهم يا حسام عن المرشد السياحي "محمد تيمور"  ٢٩ عاما"  والذي فقد إحدى عينيه في أحداث مجلس الوزراء.. أخبرهم عن المهندس "هانى الجمل" 4٠ عاما الذي لديه أولاد في عمر الزهور وهو اليوم بعيد عنهم بدون ذنب.. أخبرهم عن المهندس " محمد حسنى إمام" الرجل السكندري المحترم والمصاب بكسر فى ركبته والذي يمشى متكئا على عكاز .. ذكرهم مرارا وتكرارا ولا تمل أن تخبرهم عن شباب في عمر الزهور هو اليوم مسجون وكل جريمته أنه يحب مصر حتى النخاع ويحلم بالأفضل لمصر .

 أخبرهم أن وضع الشباب "المظلومين" بالسجون في مصر اليوم يدمى كل القلوب.. بالله عليك يا صديقي لا تكذبهم القول ولا تجمل الواقع ولا تغير الحقيقة إن كل ما اطلبه منك أن تخبرهم.. ثم أخبرك أنا بأن قلبي ينفطر على مصر وما يحدث فيها وما وصل إليه حالها وأنني طوال رمضان أدعو لمصر والمصريين بالسلامة والخير و الأمان وسأظل أدعو وأدعو حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا.. لك منى كل التحية والتقدير ولكل المصريين التعازي في كل مصري راح نتيجة الإرهاب الأسود والإهمال الأسود ولمصر الصبر والسلوان. وعاشت مصر حرة أبية.. محمود يحيى عبد الشافي - سجن القاهرة "طرة تحقيق".