طارق الشناوى يكتب: المواهب لا تعرف العدالة

الفجر الفني

بوابة الفجر


عددٌ كبير من النقابات المهنية فى العالم تحرص على وضع حد أدنى للأجور التى يتقاضاها أعضاؤها لضمان العيش بكرامة، ولكنها أبدا لا تشترط حدا أقصى للأجور أو للأعمال الفنية، إذ إن سوق العرض والطلب هى التى تُملى إرادتها على الجميع.

لدينا فنانون لهم أكثر من عمل فنى فى نفس التوقيت، على الجانب الآخر مَن صاروا خارج الدائرة لا تليفون يرن ولا جرس باب يدق، هل ترى للوهلة الأولى أن هذا يُشكّل ظلما بيّنا؟ إلا أن السؤال: هل المواهب التى يُنعم بها الله على عباده يوزّعها بنفس المقدار؟ ألم يُمنح بيرم التونسى موهبة فى الشعر تصل إلى 10 من 10؟ بينما مثلا «الريس بيرة» نصيبه 1 من 10، يملأ بيرم الدنيا شعرًا و«الريس بيرة» لا يشتهر له سوى «السح الدح إمبوه».

يقولون إن هناك سيطرة من عائلة مثل عائلة العدل، الثلاثى المنتج، جمال العدل وابنه محمد العدل مخرجا وشقيقه مدحت العدل كاتبًا، قدَّموا «حارة اليهود» وقبل عامين «الداعية»، لو أن الدولة هى التى تنتج لكان لنا موقف آخر، ولكن عائلة تنتج إذا لم يعجبنا ما تقدّمه ننتقده، ولو لم يحقق هذا الإنتاج مردودا أدبيا وماديا سوف يتوقف، لأنه لا يوجد من يبدد أمواله للأبد. التوريث السياسى والعائلة التى تريد أن تحكم أسقطناها، لكن عائلة فنية تُنتج وتقدّم فنا مثل فرقة «الفور إم» عزت أبو عوف وشقيقاته الذين لمعوا قبل 35 عاما، واستمروا ناجحين أكثر من 15 عاما، لا يمكن أن نمنعهم، لأنهم إخوات. قد يتدخل الأب فيفرض أبناءه على العمل الفنى مستغلا اسمه وبريقه، ولكن لا يستطيع فى النهاية أن يحقق جماهيرية لابنه، من الممكن أن يضع لابنه ملايين الدولارات فى حسابه البنكى، ولكنه لن يمنحه معجبا واحدا من مريديه.

أبناء الفنانين موجودون فى الحياة الفنية، لكنهم لم يحققوا نجومية فى شباك التذاكر، لا محمد إمام يباع باسمه العمل الفنى، ولا كريم محمود عبد العزيز ولا هيثم أحمد زكى ولا أحمد الفيشاوى، لا أحد منهم صار مثل أبيه سوبر ستار، الوحيد الذى فعلها هو محمد رمضان وعائلته كلها ليست لها علاقة بالتمثيل.

كان عمار الشريعى يقدّم أحيانا 5 تترات غنائية فى رمضان، وهذا العام أمين بو حافة التونسى وضع الموسيقى التصويرية لثلاثة مسلسلات: «حارة اليهود» و«طريقى» و«بعد البداية»، ونجح فيها، وليس من حقنا ولا يجوز للنقابة أن تقول إن هناك مسلسلا واحدا فقط.

قبل عامين كانت سوسن بدر -وهى صاحبة موهبة استثنائية- تشارك فى 8 مسلسلات، لأن السوق فرضت ذلك، هذا العام تشارك فى مسلسلَين «طريقى» و«ريش النعام»، ومن الممكن فى العام القادم أن نجدها فى أربعة، أو لن تجدها على الخريطة.

محمود يس فى السبعينيات كان يلعب أحيانا بطولة 12 فيلما فى العام، بينما عدد من النجوم بجواره لا أحد يطلبهم، إسماعيل يس وصل فى الخمسينيات إلى رقم 25 فيلما فى العام، بليغ حمدى كانت كل مصر فى السبعينيات لا تغنّى سوى ألحانه، السوق الفنية تفرز وتقرر وتعدل نفسها بنفسها، وعلينا فقط أن نصغى ونتأمّل، فلا عدالة فى توزيع المواهب.