قمة "أمريكية-سعودية" مرتقبة لقصم ظهر إيران في المنطقة

عربي ودولي

بوابة الفجر


يستعد البيت الأبيض في الرابع من سبتمبر المقبل لاستقبال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، في زيارة هي الأولى منذ توليه مقاليد الحكم في 23 يناير الماضي، خلفا للملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز.

وتأتي هذه الزيارة في وقت تمر فيها المنطقة العربية بوضع أمني وسياسي دقيق جراء توسع حلقة الأزمات، وتمدد التنظيمات الإرهابية التي تجاوز خطرها حدود المنطقة. بحسب "العرب اللندنية"

وأعلن البيت الأبيض منذ يومين رسميا عن قمة "سعودية-أمريكية" في واشنطن بين الملك سلمان والرئيس الأمريكي باراك أوباما.

وقال جوش إيرنست المتحدث باسم البيت الأبيض للصحفيين على متن طائرة الرئاسة الأمريكية إن أوباما والملك سلمان سيبحثان الأوضاع في سوريا واليمن "وخطوات لمواجهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة".

وعزا مراقبون سبب إعلان البيت الأبيض المتأخر عن الزيارة، رغم أن تسريبات كانت قد أكدتها قبل فترة، إلى خشية واشنطن من حصول متغيرات تحول دون هذه الزيارة، على غرار ما حصل في قمة كامب ديفيد في مايو الماضي حين قرر الملك سلمان عدم المشاركة في اللحظات الأخيرة وقد تم تبرير ذلك بأنها "تزامنت مع هدنة إنسانية في اليمن".

واعتبر متابعون آنذاك أن تغيب العاهل السعودي عن قمة كامب ديفيد يأتي ردا على الانفتاح الأمريكي على إيران التي تشكل أحد الأطراف الرئيسية في الفوضى التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط ابتداء من العراق وصولا إلى اليمن.

وكان أوباما يسعى خلال تلك القمة إلى تطمين القادة الخليجيين بخصوص الاتفاق النووي الإيراني الذي تم توقيعه بعد قرابة الشهرين وتحديدا في 14 يوليو الماضي.

وجدير بالذكر أن زيارة العاهل السعودي المرتقبة إلى واشنطن تأتي قبل أقل من أسبوعين من تصويت محتمل في الكونجرس على الاتفاق النووي الذي تم التوصل اليه بين القوى العالمية الست وإيران.

ويرجح المراقبون أن يتطرق الملك سلمان والرئيس أوباما خلال القمة المرتقبة بتفصيل إلى هذا الاتفاق وتداعياته، خاصة وأن المملكة العربية السعودية لا تخفي توجسها مما قد يتيحه هذا الاتفاق من فرص لإيران لتعزيز نفوذها بالمنطقة.

ويوضح المراقبون أنه ليس الاتفاق بحد ذاته ما يقلق المملكة كما بقية الدول العربية وإنما أطماع إيران التي لا تتوانى عن الإشارة إليها عبر التصريحات أو على الأرض من خلال أذرعها المنتشرة في المنطقة. ويقول محللون سياسيون إن أوباما سيعمل جاهدا خلال هذه القمة على تقديم تطمينات للمملكة العربية السعودية حول عدم تغير استراتيجية الإدارة الأميركية وتحالفاتها.

وقد أكدت الإدارة الأمريكية، مؤخرا، أنه لا نية لها على الإطلاق فتح سفارة في طهران، في موقف اعتبره متابعون موجها للمملكة العربية السعودية قبل إيران.

كما أعرب أوباما ومسؤولون في البيت الأبيض على مدار الأسابيع الماضية عن قلق أمريكي إزاء التوجهات الإيرانية ورغباتها التوسعية والتي لا تهدد فقط المنطقة العربية بل أيضا المصالح الأمريكية.

ويشير محللون إلى أن ملفات اليمن وسوريا ولبنان والبحرين والعراق ستكون حاضرة بامتياز في هذه القمة وجميع هذه الملفات لها علاقة مباشرة بالتدخل الإيراني والحديث آنف ذكره.

ويوجد تماه في مواقف الإدارة الأمريكية والمملكة العربية السعودية إزاء عدد من هذه الملفات، واختلاف وتباين في البعض الآخر.

ففي الملف السوري جددت الإدارة الأمريكية مؤخرا تأكيدها أنه لا مكان للرئيس بشار الأسد في مستقبل سوريا، لافتة في تطور مهم أنه لا نجاح للحرب على داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية دون وجود تسوية سياسية، وهو موقف مغاير لما طرحته سابقا بأن محاربة الإرهاب تطغى على أيّ حديث عن الأزمة السورية.

وهذا الموقف الأمريكي المتطور حيال سوريا يتماشى ورؤية الرياض التي ترى بأن على الأسد الرحيل سواء "عبر تسوية سياسية أو عملية عسكرية"، حسب تعبير وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، كما أنه لا يمكن فصل محاربة الإرهاب عن حل الأزمة في هذا البلد.

وينتظر أن يتم خلال لقاء ملك السعودية والرئيس الأمريكي الاتفاق على كيفية حسم هذا الملف الذي صار يمثل صداعا للجميع.

وفي الملف اليمني هناك تباين أمريكي سعودي ينتظر أن تحسمه هذه القمة، ذلك أنه ورغم دعم الولايات المتحدة في الظاهر لعملية عاصفة الحزم ثم إعادة الأمل والآن السهم الذهبي فإن إدارة أوباما تصر على الاعتراف بالحوثيين الذراع الإيراني في اليمن وقد أجرت لقاءات معهم في عُمان (وسط شكوك حول موافقة السعودية)، كما أن خطوات واشنطن للضغط على طهران لوقف دعمها العسكري للحوثيين بدت محتشمة.

أما في البحرين التي تعاني من محاولات إيرانية لزرع كيانات إرهابية على أراضيها، فإن الموقف الأمريكي حيال ذلك يبقى باهتا.

وفيما يتعلق بالعراق المجاور للسعودية فإن غموض استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية هناك، وغضها الطرف في معظم الأحيان عن انتهاكات الحشد الشعبي (ميليشيات عراقية دربتها أياد إيرانية) بحق أهل السنة يجعل من هذا الملف أحد العناوين الأساسية التي ينتظر أن يتطرق لها الملك سلمان خلال قمته مع أوباما.

وأخير وليس آخرا تطورات الأحداث المتسارعة في لبنان، التي باتت تثير قلق المملكة العربية السعودية خاصة وأن هناك على ما يبدو ضوءا أخضر إيرانيا لحزب الله بإدخال البلاد في فوضى تمهيدا لإسقاط اتفاق الطائف وقيام نظام جديد على مقاس طهران.

وإلى جانب التدخلات الإيرانية ودورها في أزمات المنطقة التي ينتظر أن يتم التطرق لها بإسهاب خلال القمة الأمريكية السعودية ووضع أسس حل لبعضها، هناك ملف آخر لا يقل أهمية وهو تمدد التنظيمات الإرهابية الذي يثير قلق المملكة والدول العربية.

وتشارك المملكة العربية السعودية في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضد داعش.

ويقول مراقبون إن هذا التحالف الذي يقتصر على القصف الجوي غير قادر على إنهاء أو حتى تحجيم التنظيم المتطرف الذي استهدف السعودية بأكثر من عملية هذا العام.

ويرى الخبراء أنه لا بد من التسريع في وضع حلول حقيقية للصراعات التي تشهدها المنطقة حتى يكون قتال التنظيم ذا فاعلية.