سفير مصر لدى موسكو: مصر و روسيا "أصدقاء الأمس وشركاء اليوم"

تقارير وحوارات

أرشيفية
أرشيفية


العلاقات المصرية الروسية تنبنى على معايير عصرية مغايرة للعهد السوفيتى
 
التكنولوجيا النووية مسألة حساسة و مساعدة روسيا فى بناء محطة الضبعة دلالة على عمق وتميز العلاقات
 
روسيا عانت من الإرهاب باسم الدين وتعتبر نفسها مستهدفة من الجماعات الإرهابية المنتشرة فى المنطقة
 
روسيا تنظر لمصر باعتبارها شريكا مهما فى تسوية الأزمة السورية بطريقة سلمية
 
روسيا لن تسمح لإيران بانتاج القنبلة النووية وتتفهم القلق العربى نتيجة التوقيع على برنامجها النووى

 
أصداء واسعة النطاق لزيارة الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى إلى موسكو ، التى وإن اعادت إلى الأذهان العصر الذهبى للعلاقات المصرية السوفيتية ، الا أنها تختلف فى طبيعتها وركائزها عن عصر اصبح جزءا من الماضى تجاوزته روسيا نفسها ، متطلعة إلى عالم جديد يعنى جيدا ببحث القواسم المشتركة والمصالح المتبادلة مع جميع الاطراف حتى وإن كان هناك الكثير من التباين والتعارض بين هذه الاطراف.

كما أن مصر الجديدة عقب الثورة الشعبية فى 30 يوينة اصبحت اكثر تواكبا مع الواقع الدولى الجديد متطلعة إلى اكتساب شركاء جدد ومنتهجة سياسات انفتاحية متوازنة مع كل الاطراف الصديقة للشعب المصرى.
 
وفى هذا الاطار تنبنى أسسا جديدة للعلاقات المصرية الروسية ذات القواسم والتهديدات المشتركة ، تمثل ذلك فى التوافق الكبير فى وجهات النظر بين البلدين حول مختلف القضايا الشائكة المطروحة وعلى رأسها الأزمة السورية ، وعلى الجانب الآخر تمثل فى الإرهاب العابر للحدود الذى اصبح خطرا يداهم الجميع ويتتطلب تنسيق المواقف لبلورة الصيغة الملائمة لمواجهته ، خاصا على ضوء دعم الدول غير الصديقة للقاهرة وموسكو للإرهاب والتى تقف فى الخندق المقابل.
 
آفاق إقتصادية رحبة أبرزها بناء محطة الضبعة النووية ، وتفاهمات سياسية عميقة أبرزها الأزمة السورية ، واشكاليات ضخمة أبرزها البرنامج النووى الإيرانى ، تمت مناقشتها مع سفير مصر الأسبق لدى موسكو رؤوف سعد فى سياق الحوار التالى :
 
* كيف تقيم العلاقات المصرية الروسية اليوم وما هى آفاق التعاون بين البلدين ؟
 
تنبنى العلاقات المصرية الروسية الآن على معايير عصرية تخالف بشكل كبير طبيعة العلاقة بين البلدين فى العهد السوفيتى ، كما أن الطرفين يتواكبان مع متغيرات الواقع الدولى ، وتعد العولمة وما اتاحته من آليات إقتصادية وشبكة معقدة من العلاقات الدولية أحد أبرز سمات العصر الجديد.

فمن الجانب المصرى ، تنتهج مصر سياسة انفتاحية متوازنة مع كل الاطراف الفاعلة فى الخريطة الدولية وتسعى لاكتساب شركاء جدد ولكنها لا تنتهج سياسة استبدال الشركاء .

ومن الجانب الروسى ، فروسيا نحت المعايير القديمة جانبا واصبحت تنظر إلى العالم بنظرة براجماتية متطلعة إلى ما يحقق مصالحها الإقتصادية والسياسية ، وهى تنظر إلى مصر باعتبارها الدولة الرائدة فى منطقتها وتتطلع إلى اكتساب مصر كشريك إقتصادى وسياسى على أرضية من المصالح المتبادلة .

وآفاق التعاون فى كافة المجالات رحبة على ضوء مكانة مصر الاقليمية وتقارب وجهات النظر بين الجانبين و تحت مظلة القواسم المشتركة .
 
* ما هى أبرز الانجازات الإقتصادية التى حققها الرئيس خلال زيارته لموسكو ؟
 
هناك ثلاثة ملفات حققوا انجازا أقتصاديا كبيرا ، الملف الأول متعلق بمحطة الضبعة النووية ، وأود أن أشير إلى أن الاستخدامات السلمية للطاقة النووية ملف ذو طبيعة حساسة ، ومن ثم فإن الجهود التى تبذلها روسيا فى بناء محطة الضبعة ونقل الخبرة التكنولوجيا فى هذا المجال له دلالات عميقة على تميز العلاقات بين البلدين ، لما يتطلبه من اتفاقات طويلة الأمد وتكلفة كبيرة فضلا عن طبيعة استخدامات هذا النوع من التكنولوجيا ، وروسيا تتفهم احتياجات مصر من الطاقة.
 
الملف الثانى متعلق بالمنطقتين الصناعيتين الروسيتين على قناة السويس ، حيث تنظر روسيا باهتمام بالغ لهذا المشروع العالمى العملاق وتتطلع إلى آفاق أقتصادية رحبة ، كما أنها أول دولة أجنبية تحصل على تلك الميزة الأمر الذى له دلالات عميقة.
 
الملف الثالث متعلق بانضمام مصر إلى اتفاقية التجارة الحرة فى الاتحاد الأوروآسيوى مما يعد نقلة كبير فى الصادرات المصرية إلى دول الاتحاد وتطور كبير فى علاقات هذه الدول .
 
* كيف تفسر السلوك الروسى بشأن الجبهة التى تود تشكيلها لمواجهة الإرهاب ؟
 
روسيا عانت كثيرا من الإرهاب باسم الدين ، وهى تتفهم ما يعانيه العالم العربى نتيجة تنامى الجماعات الإرهابية ، واكثر من ذلك تعتبر نفسها مستهدفة من الجماعات الإرهابية ، ومن ثم فإن روسيا تؤمن أنه لا سبيل للحفاظ على مصالحها الذاتية خاصة فى سوريا الا من خلال بذل الجهود لدحر الإرهاب الذى يضرب المنطقة ككل وذلك بالتوافق مع الرؤيا المصرية حول المواجهة الشاملة.
 
واصبحت ظاهرة الإرهاب ظاهرة عالمية عابرة للحدود ، كما اصبحت الجماعات الإرهابية " كفاعلين من غير الدول " ذات تأثير كبير على السياسة الدولية وروسيا تدرك ذلك ، كما ترقب التحركات الدولية على الطرف الآخر التى لها محددات وبواعث واسلوب مختلف لمواجهة الإرهاب ، ولكنها تبذل جهودا دولية على صعيد تشكيل جبهة لمواجهة الإرهاب وفق الرؤيا التى تتبناها والتى قد تتعارض مع الآخرين.
 
وفى ظل تباين المواقف واختلاف الرؤى يصعب بلورة صيغة محددة ومشتركة لكيف تتم مواجهة الإرهاب.
 
* ما هى دلالات التوافق المصرى الروسى بشأن الملف السورى وكيف سيؤثر ذلك على الأزمة ؟
 
حظى الملف السورى باهتمام خاص لدى البلدين لما تمثله سوريا من أهمية كبيرة لدى الجانبين ، وتوافق وجهتى النظر دلالة على انسجام المواقف وعمق العلاقات.
 
ويقف الطرفان على أرضية صلبة من القواسم المشتركة ، حيث يتبنى الجانبان الحل السياسى ووحدة وسلامة الأراضى السورية.
 
وروسيا تدرك جيدا خطورة التدخل العسكرى أو ترك سوريا نهبا للجماعات الإرهابية لأن ذلك فيه خطورة كبيرة على نفوذها ومصالحها الحيوية ، كما ترقب المشهد الدولى جيدا وتحركات بعض الدول وعلى رأسها تركيا والولايات المتحدة حيال الأزمة السورية خاصا التطورات الأخيرة على ضوء عمل المنطقة الآمنة والحماية الجوية الأمريكية ، وفى المقابل تبذل روسيا جهودا لتشكيل جبهة تعبرعن وجهة نظرها تجاه الأزمة كما تبذل جهودا لتبنى واسع النطاق لمبادرتها التى قدمتها بشأن وضع حد لهذا الملف الشائك.
 
ولكن المعضلة الكبيرة تكمن فى تباين وتعارض محددات وبواعث الاطراف المختلفة الفاعلة فى الأزمة ، ومن ثم يصعب التوصل لصيغة جامعة ترضى جميع الاطراف وتبقى الحاجة ملحة لبذل مزيد من الجهود ، أما مصر فتدعم المساعى والجهود التى من شأنها الحفاظ على وحدة وسلامة الآراضى السورية.
 
* هل ستؤثر العلاقات الحميمة بين روسيا وإيران على أصدقائها من الدول العربية ؟
 
بالفعل العلاقات الروسية الإيرانية قوية جدا ، وروسيا قدمت خبرتها فى التكنولوجيا النووية لإيران ولكنها لن تسمح لإيران بانتاج القنبلة النووية فهذه مسألة محسومة بالنسبة لروسيا ، كما أنها ترقب بحظر مشوب بقلق للتقارب الإيرانى مع المجموعة الدولية التى وقعت اتفاقها النووى وذلك خشية أن يكون لذلك تداعيات سلبية على المصالح الروسية وعلى رأسها الأزمة الاوكرانية.
 
كما أن روسيا ترقب أيضا القلق العربى من تنامى النفوذ الإيرانى خاصا عقب التوقيع على برنامجهها النووى، وتتفهم بواعث عدم الارتياح لدى الخليج العربى على وجه الخصوص جراء هذا الاتفاق وتجعله محل اعتبار ونظر.
 
وروسيا ذات العلاقات الحميمة مع العالم العربى وعلى رأسهم مصر لن تسمح بما يعكر صفو تلك العلاقة كما أنها تنتهج سلوكا من شأنه الحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع الاطراف الذين يمثلون مصالحها.