"العرب اللندنية": تحدي كبير يواجه "السيسي"

أخبار مصر

بوابة الفجر


تعتبر الانتخابات البرلمانية المقبلة في مصر مهمة جدا بالنظر لارتدادات نتائجها على الوضع السياسي ككل في هذا البلد، ويقول خبراء إنها تمثل اختبارا فعليا للقوى الحزبية والمستقلين ومدى حضورهم في الشارع المصري، أما في علاقتها بالرئاسة فيعتبر العديد أن هذه الانتخابات ونتائجها ستنعكس بشكل أو بآخر على توجهات السيسي المستقبلية.

يشكل البرلمان المقبل التحدي الأبرز للرئيس عبدالفتاح السيسي كما للقوى السياسية المصرية.

ويكمن هذا التحدي بالنسبة للرئيس السيسي في أن برلمان مصر القادم يتمتع، على ضوء التعديلات الدستورية التي وقعت في يناير من العام الماضي، بصلاحيات هي الأوسع في تاريخ البرلمانات في مصر منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

وعلى الرئيس المصري التعامل معه بحذر والحرص على كسب الأغلبية به، لأنه قادر على سحب الثقة منه أو من حكومته.

وليس هذا الجانب الوحيد فقط الذي يجعل من البرلمان المصري المقبل ذا طابعا خاص، فهناك عنصر لا يقل أهمية وهو غياب حزب حاكم قادر على وضع يده عليه أو توجيه دفة الانتخابات، كما حصل سابقا في عهد الحزب الوطني.

وسيعكس، هذا البرلمان، وفق المتابعين، بشكل كبير اتجاهات الشارع المصري أكثر من أي وقت مضى.

وعلى ضوء أهمية هذا الاستحقاق الذي تم إعلان جدول إجرائه، استنفرت الأحزاب المصرية قواها من خلال عقد اجتماعات عاجلة لهيئاتها العليا وحسم أسماء المرشحين في الدوائر المختلفة، وتحديد مواقف نهائية من التحالفات، بالتوازي مع النزول إلى الشارع المصري وجس نبضه.

وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات في مصر، مساء الأحد، إجراء الانتخابات البرلمانية على مرحلتين بين 17 أكتوبر و2 ديسمبر المقبل، وهي الأولى منذ عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي عقب ثورة 30 يونيو 2013.

وجدير بالتذكير أنه كان من المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية في مارس الماضي، لكن المحكمة الدستورية العليا (أعلى جهة قضائية في مصر) قضت ب"عدم دستورية" بعض مواد قانون الانتخابات، وهو ما جرى تعديله، وإصدار قانون جديد، حاول تحاشي تكرار العيوب القانونية السابقة.

وتعتبر هذه أول انتخابات برلمانية في مصر، بعد حل مجلس الشعب في يوليو 2012.

وقد أعلنت بعض القوى الحزبية عزمها عقد اجتماعات طارئة خلال الساعات القادمة لإعلان قائمات مرشحيها على المقاعد الفردية وبرامجها الانتخابية، وحسم تحالفاتها، بينها أحزاب الإصلاح والتنمية والوفد والمصريين الأحرار .

وقال محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، إن إعلان اللجنة العليا للانتخابات إجراءات انتخابات مجلس النواب، أبلغ رد على المشككين في جدية النظام بشأن الانتخابات، التي سبق وتم إرجاؤها، بسبب صدور أحكام قضائية.

وأضاف السادات، أن حزبه سوف يعقد اجتماعا عاجلا خلال الساعات المقبلة لبحث الاستعدادات للانتخابات البرلمانية، ومراجعة أسماء المرشحين على نظامي الفردي والقائمات.

ومن المنتظر أن تعلن قائمة في حب مصر، الذي انضم إليها الحزب عن التشكيل النهائي لقائماتها الأربعة، الأساسي والاحتياطي، وأسماء جميع المرشحين، عقب فتح باب الترشح رسميا.

ويبلغ عدد الأحزاب في مصر نحو مئة حزب سياسي، أكثر من نصفها تأسس بعد ثورة 25 يناير 2011، ويعاني معظمها أزمات هيكلية وتمويلية، وتنخر جسده صراعات داخلية، أرخت بظلالها السلبية على الشارع المصري، وجعلت تأثير الكثير من الأحزاب محدود للغاية.

ودفع ذلك الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إلى دعوة الأحزاب، أكثر من مرة، إلى بناء تحالف وطني موحد، قادر على الوصول بالكفاءات لمجلس النواب القادم. وقد رأى خبراء في خطوة السيسي تلك رغبة منه أيضا في بناء تكتل في البرلمان يكون مؤيدا له في قراراته، خاصة لوعيه بمدى تأثير حجم الصلاحيات الجديدة التي بيد البرلمان القادم.

ولكن محاولات عدة لبناء قائمات موحدة باءت بالفشل حتى الآن، تزعم بعضها عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين لصياغة الدستور، وأخرى قادها كمال الجنزوري مستشار الرئيس السيسي، بينما انقسمت التحالفات على الساحة بين حوالي ست قائمات، تجري مفاوضات بين عدد منها للاندماج.

وتعد قائمة التحالف الجمهوري للقوى الاجتماعية، الذي تقوده المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية سابقا، من أقوى التحالفات القائمة، كونها تضم في عضويتها ممثلين لنقابات مهنية وعمالية، إلى جانب نخبة من السياسيين المعروفين بنضالهم الشرس ضد تيار الإسلام السياسي.

وقالت الجبالي لـ"العرب" اللندنية، إن التحالف الجمهوري للقوى الاجتماعية سيخوض الانتخابات البرلمانية بـ100 مرشح على القائمات الفردية، معظمهم قيادات نقابية بمحافظات الجمهورية، بينهم أسامة برهان نقيب المهن الاجتماعية.

وتأتي قائمة "في حب مصر" التي يتزعمها اللواء سامح سيف اليزل، وكيل جهاز المخابرات الأسبق، في مقدمة القائمات التي تبذل مساع مكثفة للتفاوض مع التحالف الجمهوري، وعدد من القائمات الأخرى للانضمام إليها.

وأعلن مصطفي بكري عضو مجلس الشعب السابق ومنسق قائمة في حب مصر، أن القائمة تجري اتصالات واجتماعات مكثفة لإعلان قائمتها النهائية، قبل بدء تلقي طلبات الترشح.

كما تجري قائمة في حب مصر تعديلات شبه نهائية على أسماء المرشحين على قائماتها، بعد أن تلقت ترشيحات جديدة من عدد من الأحزاب التي انضمت إليها، وفي مقدمتها حزب الوفد، أقوى الأحزاب الليبرالية على الساحة، وحزب المصريين الأحرار.

وانتقد خبراء سياسيون أداء الأحزاب المصرية، لانشغالها بالقائمات وإهمال الاستعداد للمنافسة على القائمات الفردية ذات العدد الأكبر الحاسم للانتخابات البرلمانية.

ويرجح بعض الخبراء غلبة كتلة المستقلين على ممثلي الأحزاب في البرلمان المقبل، لما يملكه هؤلاء من قوة المال والعصبية، خاصة في الأقاليم.