جهاد التابعي تكتب: مراتك خاينة

مقالات الرأي

بوابة الفجر


عزيزي القارئ المحافظ المتدين بطبعه، هذا المقال لا يناسبك إطلاقا، وصاحبة المقال من وجهة نظرك تبالغ جدا، وما تذكرة ليس موجود في الواقع، لأن الواقع كما تحفظ أنت "زي الفل" و "كله تمام" ونادرا ما يحدث به شيء مماثل لموضوع المقال، فهل هذه الجمل كافية لمساعدتك في إتمام دفن رأسك في الطين؟
أقرأ في صفحات الحوادث عشرات الجرائم اليومية التي يقتل فيها الزوج زوجته بعد ضبطها مع عشيقها، القتيلات أغلبهن فقيرات أو من قرى نائية، ربما الغنيات لا يكشف أمرهن بنفس السهولة، ففي حقائبهن مفتاح شقة أو قيلا سرية فاخرة، أما الفقيرات فتسم نفس السرير بين رجلين.

حتى وقت قريب كنت أعتقد أن أغلب هذه الحوادث خيال علمي، فالصورة النمطية التي حفرتها في ذهني أفلام السينما وحكايات جدتي جعلتني أتخيل أن عاملات الجنس والزوجات الخائنات وتجار المخدرات والقتلة شخصيات خيالية، وإن وجدت ففي أي مكان إلا شارعي وجامعتي وعملي وهاتفي!
لكن الواقع واجهني بالحقيقة، إنهم حولي، أقرب مما أتخيل، بعضهم أصدقائي وأحبهم، لا يحملون وصمة بارزة فوق جبينهم أو ملابسهم تميزهم عن الآخرين، الرجال فيهم لا يتحدثون مثل عادل أدهم وتوفيق الدقن، والنساء لا ترتدي باروكة حمراء مثل أفلام المقاولات في السبعينيات. مجرد ناس. ناس عادية جدا.

لماذا أطرح الموضوع؟
لأقول إن الحياة مكان بشع والمجتمع مشوه، لا، ليست هذه هي النقطة، فمن يريد التفاؤل سيري أن الحياة ممهدة للأمل رغم كل شيء.

لكني أطرح الموضوع لنحاول رؤية زوايا أخري للخيانة، تستطيع أن تردد بعجرفة وحدة أن الخيانة هي أقذر شيء في العالم، وصاحبها لا يستحق الحياة، وتغلق النقاش لتستمر الخيانة سرية دائمة في كواليس الحياة وربما تمتد أصابعها لحياتك أنت أيضا.

لكن ربما محاولة الفهم تجدي نفعا، اسأل نفسك لماذا قد تخون المرأة؟
- لأنها سيئة
- أرجوك ابتعد عن الإجابات النمطية وابحث عن إجابة حقيقية، ما الذي يدفع المرأة للخيانة وهي أكثر ميلا للاستقرار، ما الذي يجعلها تعرض نفسها لخطر العقاب الاجتماعي والقانوني الذي لا يساوي بينها وبين الرجل أمام نفس الخطأ؟
الاستقرار. الأمان، نفس أسباب الاستهجان هي أسباب الإتيان.

رأيت فتيات كثيرات تتعامل مع الرجل على أنه " استبن" تحتفظ في حياتها بخمس أو ست رجال، بنية الزواج في أسرع وقت ممكن، هي لا تريد أن تتلاعب بهم بقدر ما تخشي أن يتلاعبون هم بها، فهي تخشي إن أحبت واحدا فقط، بدون وجود استبن، لا يتزوجها ويضيع وقتها وتقع فريسة للوحدة والعنوسة وسؤال المجتمع الدائم عن "الدبلة"، فتصنع لقلبها عرضا خاصا " سته في شهر بدل سته في ست شهور واللي يجي"!
لكن الأمر لا ينتهي هنا، فقد يسافر زوجها الذي لم تختره بكامل وعيها، وتفتقد الأمان مجددا، أو يغيب في ساعات عمل طويلة ليحقق لها أمانا ماديا، بينما هي تحاول استكمال باقي أنواع الأمان من رجال آخرين.
 
لكن ليس الأمان وحده. الانتقام أيضا سبب مطروح، قالت لي صديقة خائنة وهي تبتسم: " امبارح كنت سهرانة مع واحد زي القمر والنهار ده هسهر مع واحد جديد وجوزي فاكرني بنام الساعة 9 ههههههه"!
يظن زوجها الشاب ذو المهنة المرموقة التي تضطره للسفر الدائم أن زوجته تنام مبكرا، بينما هي في أحضان رجال آخرين، لا شيء ينقصه، ولا أحد فيهم أفضل منه في عينيها، لكنها تنتقم فحسب، تسخر من رجولته بطريقتها، منذ بدأ الشك بها حينما لم تكن تفعل شيئا، وكأنه يمتلك جسدها، فتتعمد إهانة شيء لم تعد تمتلكه، فكرة الانفصال عنه غير مطروحة لديها فهي تعلم جيدا أنه لو طلقها سيستعيد أهلها الجسد منه مرة أخري وتصبح أقل حرية في السخرية من نفسها التي لا تملكها.

الإجبار على الزواج
قالت لي خائنة أخري وهي تتنفس بارتياح: " المرأة التي تخون زوج تكرهه وأجبرت عليه، كالطفل الذي يعمل تحت السن القانوني ويهرب من ساعات العمل القاسية." لا يمكن أن نلوم الطفل قبل أن نلوم المجتمع الذي استحل سنوات طفولته، كذلك لا يمكن أن نلوم المرأة وحدها على خيانة رجل أجبرت على الزواج منه دون إرادتها.
 
" أشعر بخيبة أمل نحو زوجي. الذي اختلف كل شيء فيه بعد الزواج" قالتها خائنة أخري وهي تتحرك بسرعه كأن الحياة أوشكت على النفاذ وأضافت " لدي حياة واحدة فقط وزوج ممل خيب آمالي ولم أجد معه الرومانسية والشغف، أرغب في إعادة اكتشاف الحياة، في بدايات جديدة مليئة بالاشتياق"!
أغلب الخائنات اللاتي قابلتهن لديهن أسباب غير جنسية للخيانة، وقد لا تتطور علاقاتهن إلى علاقات جنسية، ويقتصر الأمر على رسائل على الهاتف أو مكالمات، لكن هذا لا يمنع أن هناك نسبة ولو قليلة من النساء الشبقات التي تخون فقط من أجل حفنة إضافية من الجنس.

في كل الأحوال عزيزي الرجل، لن يجديك دفن رأسك في التراب وسد أذنيك والإنكار، ولن يجديك الاطمئنان الزائد أنك أنصح من غيرك، ولا القلق والشك أيضا، فقط عاملها كإنسانة مكتملة، تجدد لأجلها، امنحها حبا وشغفا ولا تخيب أملها.