منال لاشين تكتب: حرب استنزاف الدولار

مقالات الرأي



■ كل المعدات المستوردة فى حفر القناة لم تتجاوز 2٫3مليار دولار.. واستيراد التفاح فى عام يسدد قسط من ديون مصر فى نادى باريس

■ نستورد سيارات بـ3٫2 مليار دولار.. وملابس جاهزة بـ743 مليوناً.. وتفاحاً بـ450 مليون دولار.. وأكل الكلاب بـ153 مليون دولار

رحلت حكومة محلب ولكن الأهم أن ترحل معها بعض سياساتها الخاطئة والخطيرة، وعلى رأس هذه السياسات سياسة حكومة محلب تجاه الاستيراد أو بالأحرى لوبى الاستيراد الذى كاد أن يأخذ مصر إلى حافة الهاوية.

منذ أكثر من عام وخلال اجتماعات المجموعة الاقتصادية بحكومة محلب كان لمحافظ البنك المركزى هشام رامز توجه محدد ومطالب أكثر تحديدا من محلب وحكومته. كان ولا يزال رأى هشام رامز ضرورة الحفاظ على الدولار من خلال ترشيد الاستيراد.

لم يكن رامز بحاجة إلى تذكير المجموعة الاقتصادية بعدة حقائق. أول حقيقة أن البنك المركزى لا يطبخ دولارات، وأن السماء لو أمطرت أموالا فهى تمطر بالجنيه المصرى، وليس بالدولار. الحقيقة الثانية أن السبيل الوحيد للحفاظ على الاحتياطى هو جذب استثمارات، أو ترشيد استهلاك الدولار من خلال ترشيد الاستيراد.

خلال عام ماطل وزير التجارة السابق منير فخرى فى تنفيذ القرار، ولتغطية المماطلة قصر فخرى القرار على فانوس رمضان. فى ذلك الوقت بدا المهندس محلب عاجزا عن اتخاذ قرارات جريئة ومصيرية. ربما لأن محلب لم يكن خبيرا اقتصاديا، وربما لأنه لم يكن صاحب شخصية حاسمة باترة، فهو رجل على المستوى الشخصى طيب القلب ولا يريد أن يغضب منه أحد.

ولكن طيبة محلب من ناحية ومماطلة منير من ناحية أخرى كان لها نتائج كارثية. هذه النتائج ترسم صورة وحش يستنزف اقتصاد مصر وثرواتها، وليس مجرد استنزاف للاحتياطى النقدى، وهذا النزيف يحتاج إلى تدخل عاجل وقرارات سريعة.

لأن استمرار هذا النزيف مع قلة تدفق الاستثمارات الأجنبية يهدد بانهيار فى الاحتياطى خاصة مع استمرار التزامات مصر الدولية.

فوضى الاستيراد

لوبى رجال الأعمال وأهل الاستيراد والتصدير، لوبى قوى جدا يتوغل ويتنشر فى الإعلام والسياسة والاقتصاد، ويلون الواقع بألوان مزيفة، ويلوى ذراع الحقائق بمنتهى الأناقة والشياكة، وقد نجح هذا اللوبى عبر دموع التماسيح أن يزيف الحقائق، وأن يروج أن الاستيراد فى مصر يلقى صعوبات وأنهم لا يجدون الدولار وحال البلد واقف، وبقية قائمة الأكاذيب الجاهزة.

ولكن الأرقام لا تكذب. فاستيراد مصر زاد فى 2014، والزيادة مستمرة فى السبعة أشهر من العام الحالى.

مصر التى تعانى أزمة اقتصادية استوردت بـ3.2 مليار دولار سيارات، وهذا الرقم يوازى 17% من حجم الاحتياطى فى بداية العام، وهذا الرقم يفوق نصف المساعدات الخليجية الأخيرة التى تم إقرارها فى مؤتمر شرم، والكارثة أن هذا الرقم أكبر من ثمن كل المعدات والكراكات والحفارات التى تم استيرادها لقناة السويس الجديدة والأنفاق الستة التى سيتم حفرها.

مصر استوردت بـ400 مليون دولار تفاحاً فى تسعة أشهر، ولو استمر المعدل سيصل الرقم إلى 450 مليون جنيه.

واستوردنا ملابس جاهزة فى 9 أشهر من موزانة 2014 / 2015 بـ743 مليون دولار، وفى نفس الفترة استوردنا ثلاجات وديب فريزر بـ125 مليون دولار.. أما الموبايلات فهذه كارثة مزدوجة فالأرقام الرسمية لا تعبر عن حقيقة نزيف الموبايلات. لأن نسبة مهمة من حجم الموبايلات تأتى بالتهريب، والرقم الرسمى مفزع فى أربعة أشهر فقط من يناير إلى إبريل 2015 استوردنا أجهزة محمول بـ150 مليون دولار. وإذا استمر استيراد الموبايلات بهذا المعدل فإن مصرالتى تعانى أزمة اقتصادية ستقوم باستيراد أجهزة محمول بـ600 مليون دولار. مرة أخرى هذا الرقم يمكن أن يسدد قسطاً من أقساط ديون مصر فى نادى باريس.

فى عام 2014 استوردنا لؤلؤاً واحجاراً كريمة بـ825 مليون دولار، وفى نفس العام استوردنا جلوداً وفراء بنحو 75 مليون دولار، وطعام كلاب وقطط بـ153 مليون دولار.

وإذا كانت الأرقام مفزعة وتكسف أو بالأحرى تفضح حالة السفه وإهدار الدولار فى مصر، فإن ثمة حقيقة أخرى تحرق الدم، وهى أن معظم هذه الأرقام فى تزايد عاماً بعد الآخر.

لوبى الاستيراد

لوبى الاستيراد موجود فى السياسة قبل الاقتصاد، وفى معظم الدول النامية وليس فى مصر فقط. هذا اللوبى لديه قناعة ومصالح. قناعة بأن الاستيراد هو الحل السهل لتوفير احتياجات البلد بشكل سريع وبالجودة والشروط المطلوبة، ومصالح لأن أرباح الاستيراد خرافية، ولا تحتاج لوجع قلب ولا تحتاج لعمالة كبيرة ولا تصنيع، بالإضافة إلى أن أرباح الاستيراد سريعة لأن دورة رأس المال فى التجارة أو الاستيراد.

ولذلك فى كل زمان ومكان فإن لوبى الاستيراد يلعب دورا محوريا أو بالأحرى مدمرا فى اقتصاديات الدول النامية، ولا تختلف الحال فى مصر قبل 25 يناير وبعدها، فقبل ربع ساعة من ثورة 25 يناير قاد وزير التجارة والصناعة الأسبق المهندس رشيد محمد رشيد توقيع اتفاق تجارى مع الصين، ولم يكلف لا رشيد ولا مبارك انفسهما عبء التفكير فى أثر هذا الاتفاق التجارى على الصناعة فى مصر، والآن بلغ حجم الميزان التجارى مع الصين عشرة مليارات دولار، وكانت حجة رشيد فى ذلك الاتفاق أنه يقضى على تهريب المنتجات الصينية من ناحية، ويضمن للمصريين المنتجات الصينية من ناحية أخرى.

ولاشك أن منافسة الصناعة الصينية هى مغامرة فشلت معظم الدول المتقدمة فى خوضها. فما بالك بمصر، والنتيجة أن مئات بل آلاف الصناعات والمصانع أغلقت أبوابها لصعوبة المنافسة. فضلا عن الضغط على الدولار واستنزافه فى شراء بضائع صينية.

وجاء تخفيض الجمارك على السيارات ليكمل الكارثة. فمعظم مصنعى السيارات يعملون فى استيراد السيارات، ومع خفض الجمارك أصبح استيراد سيارة كاملة أكثر ربحية من تصنيعها، ولذلك ارتفعت فاتورة استيراد السيارات إلى رقم قياسى.

وزادت شهوة الاستيراد فى معظم السلع والمنتجات. الجلود والملابس والموبايلات وأكل الكلاب والفاكهة من كل أنحاء العالم.

وقف الاستيراد

جرى توسيع الاستيراد فى إطار نظرية لوبى الاستيراد. هذه النظرية تقوم على تعويم الجنيه لنستفيد من التصدير للخارج من ناحية، ولأن تعويم الجنيه ورفع أسعاره سيدفع المصريين لبيع الدولار داخل الجهاز المصرفى من ناحية أخرى، وبذلك يحقق اللوبى أرباحا مضاعفة فى التصدير والاستيراد معا. هذه الأرباح تأتى على جثة الاقتصاد المصرى من ناحية، وعلى حساب المصريين من ناحية أخرى. لأن مصر دولة تستورد معظم احتياجاتها الاستراتيجية، ولذلك فإن تخفيض سعر الجنيه سيزيد من فاتورة الاستيراد. ويلهب الأسعار، ولكن لا شىء يهم لوبى الاستيراد. المهمة الوحيدة العاجلة هى زيادة ثرواتهم داخل وخارج مصر.

وهذا التوجه أو بالأحرى الكارثة لم يجد حتى الآن من يتصدى له، والسكوت على هذه الحالة لم يعد مجديا إلا لحفنة من أهل البيزنيس. مواجهة هذه الفوضى أو بالأحرى النزيف مهمة رئيسية وعاجلة لرئيس الحكومة المهندس شريف إسماعيل، والاقتراحات والقرارات مدروسة وموجودة. هناك اقتراحات بالاستفادة من بعض قواعد اتفاقية «الجات». فالدول التى تعانى من أزمات حادة يمكنها أن تتخذ قرارات وإجراءات مؤقتة. من بين الإجراءات زيادة أسعار الجمارك على السيارات وبعض السلع الكمالية أو حظر استيراد السيارات وبعض السلع لمدة عام أو ستة أشهر على الأقل. بدون هذه الإجراءات لن يخرج الاقتصاد المصرى من أزمته الحادة، ولن يتمكن الرئيس السيسى من تنفيذ مشروعه الطموح لزراعة مليون ونصف المليون فدان، وهو مشروع تنمية بشرية وعمرانية، ولن نتمكن من استكمال مشروع الألف مصنع أو انقاذ المصانع المتوقفة والمتعثرة، وبدون هذه الإجراءات لن نتمكن من رفع مستوى الخدمات التعليمية أو الصحية، وبدون هذه الإجراءات لن نتمكن من تحقيق أى خفض فى الأسعار الملتهبة للسلع الغذائية بشكل خاص، وبدون هذا الانخفاض فى الأسعار لن نتمكن من وقف قطار الفقر الذى يدهس الملايين من المصريين، والذى يقترب من معظم فئات الطبقة المتوسطة فى مصر.

باختصار لا يجب أن نعيد اختراع العجلة، فكل الدول التى بنت اقتصادا قويا لم تصل لهدفها إلا بوضع قيود متنوعة ومتدرجة على الاستيراد، واستخدام الدولار فى استيراد معدات البناء والصناعة وليس أكل الكلاب والموبايلات والتفاح.

على بلاطة إما أن ننتصر فى معركة الاستيراد والدولار وإما أن تنهزم أحلامنا وأهدافنا فى بناء مصر جديدة باقتصاد قوى ووطنى.

على بلاطة إما أن ينهزم لوبى الاستيراد فى الحكومة والاقتصاد أو ننهزم فى معركة التنمية. فاستيراد اللؤلؤ والمجوهرات والفرو لا يبنى اقتصاداً ولا يحقق تنمية ولن يعبر بمصر من دائرة الفقر والخطر.

السيسى.. العفو مستمر رغم التجاوز

قبل العيد أصدر الرئيس السيسى عفوا رئاسيا عن عدد من السجناء فى قضايا قانون التظاهر واثنين من صحفيى الجزيرة، وقابل بعض المعفو عنهم العفو بالشكر بينما قابله آخرون منهم ومن النشطاء بالشتائم والتجاوز والسخرية، ووصلت التجاوزات إلى الرئيس السيسى، وقد استفز هذا الموقف مواطنين، ولكن سلوك بعض النشطاء كان فرصة لمعارضى اتجاه العفو عن الشباب داخل النظام، ومن بين بعض رجال الرئيس، وبدأ هذا الفريق فى استغلال بعض التجاوزات، وترديد مقولات من نوع (دى قلة أدب منهم) وأنهم شباب لايعرفون سوى التجاوز والشتائم، ولا يمكن تقويمهم إلا بالسجن.

وخارج هذه الدائرة توقع بعض الإعلاميين والسياسيين أن تؤدى هذه التجاوزات إلى وقف قطار العفو عن الشباب المسجونين أو المحبوسين، ولكن الرئيس السيسى لم يتوقف عند بعض التجاوزات. خاصة أن معظم أصحابها مواقفهم وتجاوزاتهم معروفة للجميع، وأن اتجاه العفو لا يرتبط بالأشخاص، ولكن بتوجه من الرئيس للعفو عن الشباب الذى خالف قانون التظاهر، لكنه لم يستخدم العنف، خاصة الشباب الذى شارك فى ثورة 25 يناير.

ومن ناحية أخرى أكد الرئيس فى حواراته مع الإعلام الأمريكى أنه مستعد للعفو عن مزيد من الصحفيين والإعلاميين باستخدام حقه فى العفو.

ولم تستبعد مصادر أن يتم العفو عن الصحفى الأسترالى الذى صدر ضده حكم فى قضية الجزيرة، وكان الصحفى قد تم ترحيله خلال تداول القضية فى القضاء، ولذلك لم يصدر له قرار بالعفو ضمن قرار العفو الرئاسى الأخير، وتستعد قطر إلى إطلاق حملة ضد مصر بسبب عدم العفو عن الصحفى الأسترالى، وربما يسبق قرار العفو عن الصحفى الأسترالى ضمن قائمة عفو جديدة الحملة القطرية. من المتوقع إصدار عفو جديد فى 6 أكتوبر.

ويارب تتضمن القائمة الجديدة أحمد دومة وأكبر عدد من شباب ثورة 25 يناير المحبوسين فى قضايا قانون التظاهر.

هل جريمة الشيخ حسن شحاتة أنه شيعى؟

2

البنك الدولى ولعبة المليار دولار

من بين الأخبار التى بدأت فى الوصول لمصر من الوفد الرسمى المصرى فى نيويورك خبر عن البنك الدولى، والخبر أن البنك الدولى قرر زيادة مساعدته لمصر بمليار دولار إضافية، ويقوم البنك الدولى بتمويل مشروعات فى مجالات متعددة وفى كل المحافظات المصرية، وذلك فى إطار خطة أو سياسة البنك لمحاربة الفقر والحد منه، ومعظم مشروعات البنك تختص برفع مستوى الخدمات المقدمة مثل التعليم والصحة ومشروعات تنمية المرأة.

المهم أن خبر زيادة مساعدات البنك الدولى تم التعامل معه وكأنه نتاج جهود الحكومة الجديدة أو المجموعة الاقتصادية، وبالطبع هذا التعامل ليس له أى أساس من الواقع.

فالقصة المثيرة أن الحديث عن زيادة مساعدات البنك الدولى لمصر بدأت بعد ثورة 30 يونيو مباشرة، ومع حكومة الدكتور حازم الببلاوى.، واستمرت المحادثات خلال حكومة الببلاوى، وتم اتخاذ القرار المبدئى من البنك قبيل رحيل حكومة الببلاوى بفترة قصيرة.

وبدأ البنك فى اتخاذ الإجراءات الخاصة بالمساعدات المقدمة لمصر، وهذه الإجراءات تتطلب وقتا حتى تصل إلى الإجراء النهائى، وقد أبلغت حكومة المهندس محلب بهذه الزيادة بل وبالمشروعات التى ستتم زيادة الدعم بها، ويتم اختيار المشروعات بناء على طلب الحكومة المصرية وبمشاركة خبراء من البنك، ولذلك فإن قرار البنك الدولى بزيادة المساعدات المالية لمصر ليس له علاقة بزيارة نيويورك الأخيرة، لكن فى لقاء البنك الدولى الأخير أبدى رئيس البنك ترحيب البنك بتقديم المزيد من الدعم لمصر.

3

وزارة المالية ولعبة الرسوم السرية

السؤال الذى يعجز المواطن عن الوصول لإجابة له هو هل قامت الحكومة بزيادة الرسوم على الخدمات المختلفة؟ وما حجم الزيادة ؟ ومتى بدأت الزيادة، ولكن هذا السؤال وتوابعه أصبح أحد الألغاز الحكومية. فبعض الرسوم تمت زياتها دون إعلان، ودفع المواطنون الزيادة. بالفعل، ولكن الجهات الحكومية تنفى أو تنكر هذه الزيادات، وهذا وضع غير دستورى ولا علاقة له بالقانون. لأن مفاجأة المواطن بزيادة الرسوم تتعارض مع قواعد الشفافية وحقوق المواطنة، ولعبة القط والفأر التى تمارسها الحكومة مع المواطنين فى الرسوم غير مقبولة وأصبحت بايخة ومستفزة.

فإذا كانت الحكومة قد قامت بزيادة رسوم بعض الخدمات أو كلها فى إطار مواجهة زيادة عجز الموازنة فيجب أن يتم الإعلان عن هذه الزيادات بشكل تفصيلى ومن خلال بيان تصدره وزارة المالية. يجب أن يتضمن هذا البيان بوضوح نسب زيادة الرسوم ومواعيد العمل بالرسوم الجديدة، خاصة أن هناك اقتراحات خلال إقرار الموازنة بزيادة الرسوم للخدمات بنحو 6،7 مليار جنيه.

ومن حيث المبدأ لست ضد زيادة بعض الرسوم لخفض عجز الموازنة، ولكن يجب أن تتم مناقشة هذه الزيادات وإجراء حوار مجمتعى، والإعلان بوضوح وشفافية عن الزيادات ومواعيد العمل بهذه الزيادات، وأن يكون المواطن على علم ودراية بهذه الزيادات قبل تطبيقها. أما أن يذهب المواطن لتجديد رخصة سيارته فيفاجأ بزيادة فى الرسوم أو يذهب إلى المحليات لقضاء أى طلب فيجد الرسوم قد تضاعفت. فهذا أمر غير مقبول وينتمى لعهود ما قبل قيام الدول، خاصة أن عدم الإعلان عن الرسوم يعرض المواطن لاحتمال النصب عليه من بعض الموظفين أو يحرض بعض الجهات على استحداث رسوم جديدة لصالح الجهة أو العاملين بها، بالإضافة إلى الزيادة فهناك رسوم تبدو عجيبة. مثل إضافة رسم قدره 2 جنيه على الرسم المعتاد لو تم صرف المعاش فى البريد بعد الساعة الثانية عشرة، وهذا مجرد مثال.