تعرف على عملية "البطة الثمينة" التى صفعت جهاز المخابرات الإسرائيلي

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


عرف الجميع قصة أحمد الهوان أو "جمعة الشوان"، الذي لعب دوره الفنان عادل إمام في مسلسل "دموع في عيون وقحة"، والذي أمضى حياته في خدمة مصر وخداع أهم جهاز استخبارات فى هذا التوقيت للعدو الإسرائيلي "الموساد"، وتوفى فى 2 نوفمبر 2011، وسط تجاهل من الجميع لمشوار خدماته الجليلة لوطنه.

واسمه الحقيقي أحمد محمد عبدالرحمن الهوان، وعُرف باسم "جمعة الشوان"، نسبة إلى الاسم الذي اشتهر به عند كتابة مسلسل "دموع في عيون وقحة"، بعدما استقر مع الكاتب صالح مرسي على اسم جمعه، لأنه عيد في السماء والأرض، والشوان على وزن الهوان، لقب عائلة والدته.

"نشأته وحياته"

ولد بمدينة السويس في 6 أغسطس 1939، لأب صعيدي ولد في ميناء القُصير على البحر الأحمر، وأم من السويس، وكان ترتيبه الخامس بين 10 أطفال (7 بنات و3 ذكور).

ألحقه والده بالكُتاب وعندما تفوق به انتظم بالمدرسة الإلزامية ثم مدرسة الأقباط ثم مدرسة فؤاد الأول، إلا أن والده طلب منه ترك الدراسة لمساعدته في محل البقالة الذي يمتلكه، وكان يكافئه بنصف قرش  يشتري به "زلابية".

 منح والده 3 صفائح كبيرة من العملات المعدنية الأجنبية، التي وجدها في أرض فضاء، حتى يمكنه من شراء مقهى بشارع «أواريبه»، الذي كان معروضًا للبيع بـ300 جنيه، ولم يكن معه ثمنه فأعطاه المبلغ.

عمل مع أشقاء والدته في مقاولات المراكب، خاله جابر الهوان، وكان يدهن المراكب مقابل 6 قروش صاغ باليوم وارتفع لـ20 قرشًا.

 استهواه العمل بالبحر مع البمبوطية حتى عمل مساعدًا للريس "عتريس" على فلوكة بشراع بحري، وأجاد الإنجليزية والفرنسية والإيطالية واليونانية والألمانية، التي سمعها من الأجانب العابرين لقناة السويس، وتطورت تجارته في عمله الجديد كـمطاط بالبحر الذي يبيع المنتجات على ظهر السفن الأجنبية.

و في 1967، كانت له شركتان سياحيتان إحداهما اسمها "أبوسمبل" قبل أن تحدث نكسة 5 يونيو وتهجير سكان مدن القناة إلى الدلتا، فاستأجر شقة في سوق التوفيقية بوسط القاهرة بـ150 جنيهًا شهريًا، وبعد 4 أشهر قاربت نقوده على النفاد، ونصب عليه شخص أخذ منه 600 جنيه ليدبر له شقة تمليك بعقد رسمي وهرب.

وعندما فقد الأمل في العودة إلى السويس وضاقت به الظروف في القاهرة تذكر قبطانًا يونانيًا كان صديقه مدينًا له بـ200 جنيه إسترليني، فسافر إلى أثينا بتذكرة سفر بالبحر بـ10 جنيهات مصرية، وعرض عليه القبطان العمل معه كضابط إداري على مركب بحري براتب 180 جنيهًا إسترلينيًا غير الحوافز، ولم يكن أمامه غير الموافقة فسافر معه إلى العديد من البلدان الأوروبية.

تزوج من حبه الوحيد فاطمة وأنجب منها ولديه "محمد ومها"، قبل أن ينفصلا بعد 17 عامًا من الزواج، بعد علمها بعلاقته بالإسرائيلية "جوجو"، التي جندها لصالح المخابرات المصرية واعتبرت ما حدث خيانة.

" بداية عمله مع المخابرات المصرية "

و تعرف على محبوبته الإسرائيلية "جوجو" خلال محاولة الموساد إغراءه بالعمل معه وأن يتولى رئاسة فرع شركة للحديد والصلب وافتتاح مكتب لها في مصر في عمارة الإيموبيليا بشارع شريف مقابل 185 ألف دولار، وأمروه بزيارة القناة ومنطقة البحيرات المرة ومعرفة ما يجري فيها، حيث توجد 13 سفينة أجنبية محجوزة بسبب إغلاق القناة، بدعوى أنهم سيشترونها عندما تعرض في المزاد كخردة بعد فتح القناة.

وطوال رحلة عودته للقاهرة شك جمعة الشوان في من قابلهم لأن الأسماء يهودية، فتوجه إلى مبنى المخابرات وطلب مقابلة الرئيس جمال عبدالناصر، فحجزوه يومين، ثم ذهب إليه في بيته في منشية البكري، وسلمه الـ185 ألف دولار، وروى له ما حدث، فأرسله لرجال المخابرات الذين طلبوا منه تنفيذ توجيهات الموساد.

 كان يمد الموساد بمعلومات حقيقية لأماكن وهمية خاصة بقواعد الصواريخ، وتعلم في مدينة ليل الفرنسية الاستقبال بالراديو والحبر السري وجمع المعلومات عن الجيش والرأي العام.

 وكان رئيسُه في المخابرات " اللواء محمد عبدالسلام المحجوب"، وزير التنمية المحلية الأسبق، أو الريس زكريا كما لعب دوره الفنان الراحل صلاح قابيل في المسلسل، فيقوم بتنقيح المعلومات ويعطيها له ليرسلها للموساد.


وبلغ راتبه الشهري من الموساد كان 5 آلاف دولار و100 دولار عن كل رسالة بالحبر السري، والمعلومات الخاصة لها سعر خاص، زار تل أبيب 38 مرة خلال 11 عامًا، فترة عمله مع المخابرات المصرية، وكرمته جولدا مائير، رئيسة الوزراء الإسرائيلية، بعد نجاحه في اجتياز اختبارات جهاز كشف الكذب على مدى 4 ساعات.

 
"قصه البطة الثمينة"

 

 اسم أطلقته المخابرات المصرية على أحدث جهاز إرسال امتلكت إسرائيل واحدًا من أصل 3 لـ4 نسخ في العالم أجمع، فاستطاع جمعة الشوان خداع الموساد وإحضار الجهاز إلى القاهرة في توستر عيش، زائد 48 كريستالة ألماظ حر تشغل الجهاز، وفي عام 1972، أصبح لدى جمعة الشوان جواز سفر إسرائيلي باسم يعقوب منصور، سكرتير أول سفارة إسرائيل في روما، زار به 53 دولة.

 

واستطاع أن يجَنّد "جوجو ديفيدز" لصالح المخابرات، ثم قدم بها من إيطاليا إلى القاهرة، وفي الأزهر أعلنت إسلامها وصار اسمها "فاطمة الزهراء" وتزوجت وأنجبت لاحقاً ثلاثة أبناء، وتقيم في مصر، بعدما قدمت خدمات جليلة لمصر عن جيش الاحتلال الإسرائيلي وعن الموساد وعن مفاعل ديمونة الذرى قبل حرب 1973، وكرمتها مصر دون إعلان مكانها.

 

و في الساعة الـ11.15 قبل ظهر الأربعاء 22 ديسمبر سنة 1976 أرسلت المخابرات المصرية برقية موجزة للمخابرات الإسرائيلية، جاء فيها: "من المخابرات العامة المصرية إلى المخابرات الإسرائيلية، إننا نكرر شكرنا على إمدادكم لنا بأدق وأخطر أسراركم، التي كشفت لنا المزيد من عملائكم داخلياً وخارجياً وذلك على مدى سنوات، وإلى اللقاء في معارك ذهنية أخرى".

 

 وبمجرد وصول الرسالة أطلق ضباط الموساد الستة، الذين تولوا تدريبه والإشراف عليه هناك النار على أنفسهم، وتم الكشف عنه كجاسوس مصري داخل جهاز المخابرات الإسرائيلية في 1978.

 

وفي لقاء تليفزيوني عُرض عام 2011، قال أحمد الهوان، إنه تزوج من الفنانة الراحلة سعاد حسني سرًا في عام 1969، وبعقد عرفي باتفاق الطرفين لأنه كان لديه زوجة في ذلك الوقت، ولم يكن يعلم أنها كانت مع المخابرات المصرية، كان يكافئه الموساد بـ50 أو 100 أو 1000 دولار على النكتة الواحدة، حيث طلبوا منه جمع نكات المصريين لتحليل مزاجهم النفسي في السنوات الست السابقة على حرب أكتوبر.