عبد الحفيظ سعد يكتب: النفاق السلفى لجذب التيار الدينى

مقالات الرأي




■ تجار حزب النور يستقطبون أصوات الإخوان فى دوائر الدلتا والإسكندرية وتحالف خفى مع الجماعة الإسلامية فى الصعيد

بنفس الأسلوب الذى ظهرت به العلاقة بين الإخوان والسلفيين، فى اعتصام رابعة عقب ثورة 30 يونيو وروج وقتها أن العلاقة بين قيادات السلفيين مع الإخوان يسودها خلاف يصل لحد العداء، بعد مشاركة ممثل عن حزب النور فى خطاب 3 يوليو الذى تم فيه عزل محمد مرسى والإعلان عن خارطة المستقبل.. وتسبب موقف النور فى هجوم متبادل مع الإخوان، بينما فى الواقع كانت تتم علاقات تنسيق بين قواعد السلف التى شاركت غالبيتها وتعاطفت مع احتجاجات الإخوان سواء فى رابعة أو النهضة، هكذا يسير الحال الآن فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، فى استخدام لعبة الخلافات الظاهرية بين قيادات التنظيمين والترويج بأن هناك رفضاً تاماً بين الكتلتين، بينما فى الباطن يتم عقد الصفقات بين قواعدهم، والتنسيق الانتخابى، على مستوى عدة محافظات سواء فى الدوائر الانتخابية بالدلتا والصعيد.

وطبقا لمصادر، فإن عمليات التنسيق التى تتم الآن بين قواعد الإخوان والسلفيين، تقوم بشكل مستتر، حتى لا تلفت الأنظار إليها، خاصة من قبل حزب النور الذى يسعى للحصول على أصوات قواعد الإخوان لصالح مرشحيه. وتتم العملية فى ظل وجود حرص متبادل من الطرفين فى عدم الكشف عنه، خاصة من قبل الإخوان الذين يحرصون على عدم الظهور فى موقف التراجع عن موقفهم بمقاطعة الانتخابات.

لذلك نجد أن عملية التنسيق أو التحالف الانتخابى بين الإخوان والسلفيين، لا تتم عبر القيادات أو الشيوخ من الطرفين، بل يقوم بها عدد من التجار ورجال الأعمال سواء من المحسوبين على السلفيين، كما حدث فى عدة مناطق فى وسط الدلتا وعلى رأسها المنصور ودمياط، الذين يقومون بعملية بالتواصل مع عدد من القيادات الوسطى للإخوان حتى يحصلوا على أصواتهم لصالح مرشحى حزب النور على المستوى الفردى أو على مستوى قائمة وسط الدلتا التى يراهن السلفيون للحصول على مقاعدها.

ونجد أن السلفيين يخططون للحصول على أصوات الإخوان فى مناطق شمال الدلتا خاصة كفر الشيخ ودمياط والغربية، بالإضافة إلى الإسكندرية التى تضم تجمعاً كبيراً فيها من السلفيين، وهو ما دفعهم لطرح عدد كبير من المرشحين فى الدوائر فى هذه المناطق، وتم اختيارهم من التجار أو الذين يمتلكون علاقات جيدة، ممن يستطيعون أن يستفيدوا من أصوات الإخوان. بينما نجد أن فى محافظات الصعيد يسعى السلفيون للاستفادة من أصوات الجماعة الإسلامية التى تتمركز فى الصعيد، وهو ما دفعهم للسعى للحصول على أصوات الجماعة الإسلامية التى يقاطع حزبها البناء والتنمية الانتخابات، خاصة أن حزب النور كان حليفاً مع الجماعة الإسلامية فى انتخابات برلمان 2011.

ونجد أن حزب النور، يسعى للعب بورقة كان يستخدمها الإخوان فى السابق، وهو العمل على حشد أصوات التيار الدينى، أو المتعاطفين معهم، لكنه يلعب بأسلوب مختلف، قائم على أمرين الأول: أنه يروج لنفسه ويدعى بين القطاع الكبير الرافض للتيار الدينى بخاصة الإخوان وتجربة مرسى فى الحكم، وهو التيار المؤيد للسيسى، أن السلفيين وقفوا ضد الإخوان فى وقت حكم مرسى، ولذلك أيد السلفيون تحرك الجيش لتأييد مطالب ثورة 30 يونيو، وخارطة المستقبل.

أما الأسلوب الثانى الذى يتبعه السلفيون، وهو المواجهة إلى مؤيدى الإخوان، فيقوم السلفيون عبر القيادات الوسطى منهم، سواء من أقارب المرشحين أنفسهم أو من تجمعهم علاقات تجارية أو خاصة مع الإخوان، بالإضافة إلى حشد أصوات المعلمين أو الصيادلة والمهندسين الإخوان، وهو ما يظهر فى محافظات الدلتا والإسكندرية، ويتم جذبهم عبر الترويج بأنهم يمثلون نفس التيار، ولابد من معهم فى مواجهة العلمانيين، بالإضافة للمحافظة على مصالحهم الاقتصادية.

ونجد أن تحركات السلفيين لا تتم بمعزل عن تنسيق آخر مع قيادات الإخوان، والتى قل هجومها فى الفترة الأخيرة ضد السلفيين، كما أن الإخوان سربوا بياناً مؤخرا، أن يفصلوا بين عملهم فى الجماعة، وحزب الحرية والعدالة، ويتركوا الحرية لأعضائهم للانضمام لأى حزب، ورغم أن الإخوان نفوا هذا البيان فيما بعد، رغم أنه تم إرساله إلى إيميلات وسائل الإعلام، عبر قنوات التنظيم، ما يكشف عن وجود توجه داخل الإخوان بالعمل على تحريك الأمور السياسية ومحاولة الدخول مرة أخرى فى المعترك السياسى، فى ظل تبخر أوهام الإخوان بعودة العجلة للخلف، فى ظل ثبات النظام الحالى ووقوفه على أرض صلبة، خاصة مع قرب الانتهاء من إنجاز الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق والمتمثل فى الانتخابات البرلمانية.

ومن هنا نجد أن هناك قطاعاً داخل الإخوان يدعم فكرة مساندة مرشحى حزب النور سرا، وذلك حتى يضمنوا تواجداً للتيار الدينى فى البرلمان القادم، والحيلولة دون انفراد التيار المدنى والعمل على الاستفادة منه فى تعطيل الحركة فى الفترة المقبلة، سواء فى عمل البرلمان أو تشكيل الحكومة، وهو ما يقوم به من تحركات لجماعات المصالح ورجال الأعمال والتجار سواء من الإخوان والسلفيين.

بينما نجد أن حزب النور، الذى يضم السياسيين من السلفيين لا يمانع هذه التحركات فى إطار حرصه أن يحصل على أكبر عدد من المقاعد فى البرلمان، ويلعب بنفس الأسلوب القديم الذين كان يستغل فيه الإخوان أصوات السلفيين فى الحصول على مقاعد فى البرلمان أو فى النقابات المهنية.

ويكشف ذلك عن النفاق السلفى فى التعامل بوجهين، سواء مع الدولة المصرية، وذلك لمنع حظر الأحزاب الدينية، واللعب بأنهم ضد الإخوان، بينما يقوم السلفيون فى الخفاء بعمليات تنسيق عبر القيادات الوسطى من الإخوان، بهدف الحصول على دعمهم، خاصة أن غالبية القطاع السلفى لا يعترف بالعملية السياسية أو الانتخابات، ولا يرونهما سوى لعبة تستخدم للوصول للحكم، لا تخضع إلى أى قواعد أو أخلاق، ومن هنا فلا أزمة فى التحالف مع الإخوان وممارسة الكذب على القوى المدنية والدولة طالما يحقق ذلك أهدافهم، حتى لو باستخدام النفاق السلفى.