المال الحرام فى انتخابات الصعيد

«ياولدى أنت بتقول إيه انتخابات إيه، فى الظروف إلى إحنا فيها، الصعيد خارج حسابات الحكومة أصلا، إحنا بنموت هنا من الفقر والجوع ونقص فى كل الخدمات، وولادنا هربوا من الفقر فى ليبيا واليمن وغيرها فماتوا هناك».

بتلك الكلمات القاسية بدأ عم محمد بسيونى وهو جالس فى حقله البسيط فى إحدى القرى بمركز أبانوب بمحافظة أسيوط، التى تتخطى نسبة الفقر بها حاجز الـ70% الحديث عن الانتخابات فى هذه المحافظة التى صدمتنا من الوهلة الأولى أثناء بحثنا عن خريطة الانتخابات فى دوائر الصعيد، والقوى التنافسية بين المرشحين، والتى تشهد منافسات بين المال السياسى الذى فرق أبناء العائلة الواحدة فى الصراع على الحصانة والنفوذ والقوة، وبين الصراع الدينى والقبلى خاصة بين تكتلات الإسلاميين والأقباط فى الوقت الذى يقع فيه الناخب خارج حسابات اللعبة الانتخابية.

1

تحالف إسلامى لدعم مرشح النور لمواجهة مرشحى ساويرس

تقع محافظة أسيوط فى قلب الصعيد وطبيعتها الجغرافية تجعلها أقرب للقاهرة والإسكندرية، خاصة أنها تجمع خليطًا بين المجتمع الصناعى والزراعى وبها من الآثار التى تضعها فى مصاف المناطق السياحية مثل دير المحرق فى مركز القوصية الذى يأتى له الحجيج من جميع أنحاء مصر والعالم.

خريطة الانتخابات تغيرت تماماً عن أيامها الأولى فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ونفس الأمر فى عهد الإخوان، ولكنها أقرب إلى عهد مبارك بسبب عودة مرشحى الحزب الوطنى المنحل.

تبلغ الكتلة التصويتية فى أسيوط نحو900 ألف صوت، تمتلك العائلات منها 450 ألف صوت والكتل الإسلامية 250 ألف صوت، والكتل القبطية 200 ألف صوت، يتصارع معظم المتنافسين للحصول عليها.

ودفع حزب النور بــ5 مرشحين فى 13 دائرة بالمحافظة بدوائر أسيوط وأبوتيج والقوصية، فيما خرج بيومى إسماعيل أحد مرشحى الجماعة الإسلامية على قرارها بعدم المشاركة وترشح مستقلاً ومن المتوقع أن يحصد نسبة أصوات عالية فى دائرة بندر أسيوط.

على أرض الواقع لا يغيب أحمد عز عن دعم رجاله فى الانتخابات البرلمانية القادمة أمثال راشد أبوالعيون وإيهاب عبد الحميد، حيث يدعم أمين تنظيم الوطنى المنحل عدداً كبيراً من العائلات فى الصعيد من الباطن، فى نفس الوقت الذى يسيطر فيه رجال الأعمال نجيب ساويرس على عدد كبير من المناطق فى المحافظة بفضل الخدمات المادية والعينية التى تقدمها جمعياته الخيرية على طول المحافظة، مثل جمعية التنمية لتقديم الرعاية للأطفال المعاقين والتى تخرج من رحمها ما يقرب من 32 جمعية خيرية أخرى تعمل فى نطاقها ومن خلالها، بالإضافة لقرض ساويرس.

2

العائلات تسيطر على ملف الخدمات فى المحافظة

ويلعب المرشحون على نفس الوتيرة القديمة وهى تقديم الخدمات مثل واجب العزاء والأفراح، والتدخل للإفراج عن أحد المسجونين وتقديم الخدمات الشخصية للمواطنين والعائلات التى تمتلك أصواتًا كثيرة، خاصة أن تلك العائلات لها نفوذ كبير فى الأجهزة التنفيذية بالدولة.

وتسيطر عائلات أبوالعيون ورميح وهارون على دائرة القوصية، بينما تسيطر عائلات طرش وعلى بابا على دائرة منفلوط، فى نفس الوقت الذى تمتلك فيه عائلات درنكة وريفا على دائرة أسيوط، وتتمتع عائلات علوان سالم على دائرة منقباد وتوابعها، ونصار والشعيبة والعواشير على دائرة البدارى، وعائلات الحسنة ومهران على دائرة ساحل سليم.

وتعد عائلات طنطاوى وبدوى من أكبر العائلات فى دائرة صدفا، بينما تسيطر عائلة أبوجبل على دائرة الغنايم وتتنافس عائلات أبوعقرب وعمار على دائرة أبوتيج، وعائلات نصار وعثمان وطه، على دائرة أبانوب وتنافس عائلات العمدة وناصر والزازرة، على دائرة الفتح.

الغريب أن عددًا من العائلات دفعت بمرشحين اثنين فى الدوائر على خلاف المعهود، حيث شهدت دوائر ترشح العم وابن أخيه، مثل دفع عائلة واحدة فى العسيرات بمرشحين هما عثمان طه فى منافسة وابن شقيقه أيمن عيد طه.

3

دوائر مرشحة للاشتعال بسبب تجدد النعرات الثأرية

وتصاعد عوامل التوتر فى الدوائر الشمالية لمحافظة أسيوط، خاصة أن هناك دوائر مرشحة للاشتعال وعدم اكتمال العملية الانتخابية بها، مثل الساحل والبدارى والفتح، حيث عادت بعض الخصومات الثأرية بين بعض عائلات المنطقة، خاصة مع استعانة كثير من المرشحين بالمسجلين خطر والبلطجية فى الفترة الحالية تحديدا والذين ينتشرون فى كل الدائرة تقريبا، بالإضافة لانتشار كميات كبيرة من السلاح خاصة أن أسيوط إحدى المحطات التى تستقبل السلاح المهرب من ليبيا استعداداً لتهريبه مرة أخرى عبر الصحراء إلى خارج مصر من خلال البحر الأحمر.

4

المال السياسى الحرام يحكم اللعبة الانتخابية

للبيزنس حسابات أخرى فى أسيوط، خاصة أن تلك مع ارتفاع نسبة الفقر فى المحافظة لدرجة اختفاء الطبقة الوسطى تقريباً وهناك عائلات تمتلك السلاح والمال والنفوذ، وسط وجود فقراء يحصلون على قوت يومهم بصعوبة.

وتنتشر الصفقات الحرام وعمليات تخليص المصالح والأراضى والعقارات من الجهاز التنفيذى للدولة، منها تسهيل أحد مرشحى حزب المصريين الأحرار الذى كان يشغل منصب سكرتير عام محافظة أسيوط إجراءات الحصول على الأراضى وتوزيع الوحدات السكنية التابعة للمحافظة وتأشيرات الأراضى المملوكة للدولة.

وسهل أحد المرشحين الذى كان يعمل فى صندوق الإسكان الاجتماعى تراخيص الحصول على أراض وعقارات بالملايين لعدد من رجال الأعمال والمقاولون مقابل دعمهم فى الانتخابات البرلمانية.

كانت الطامة الكبرى فى شباب محافظة أسيوط، خاصة النشطاء السياسيين عندما قاموا بدعم عدد كبير من المرشحين الذين كانوا أعضاء فى الحزب الوطنى المنحل، مقابل حصولهم على أموال أو وحدات سكنية أو تأشيرات، ووصل حجم إنفاق بعض المرشحين حتى الآن لـ3 ملايين جنيه للحصول على المقعد الفردى فى البرلمان.

5

ضباط الشرطة يتصدرون المشهد فى أسيوط

فى الوقت نفسه تشهد أسيوط ترشح العديد من ضباط الشرطة الذين قاموا بتقديم استقالاتهم من أجل عيون البرلمان، أمثال يونس الجاحر مدير أمن الفيوم السابق ومحمد الصحفى، ضابط، ومحمد مقلد، لواء فى الأمن العام وعلى الألفى نائب مدير أمن أسيوط، واللواء تادروس جرجس.

ورغم هذه الظروف تحاول المرأة فى الصعيد الحصول على تمثيل مشرف بالترشح بالبرلمان، خاصة مع وجود عقبات اجتماعية تمنع الرجال من منح أصواتهم للنساء، وهناك 4 سيدات قمن بالترشح للبرلمان وهن نفيسة عبد العزيز دائرة أبوتيج، وماجدة فراج عطية بدائرة الفتح وأبانوب، وسناء عبد العال، بالفتح وأبانوب، وعبير أبوسداح أسيوط.

6

عودة فلول الوطنى ورجال مبارك لتصدر المشهد الانتخابى فى سوهاج

عائلات الضبع وعقيل وأبوالخير وستيت ورضوان وأبوقورة يتحكمون فى اللعبة الانتخابية

تعتبر محافظة سوهاج من المحافظات الكبرى فى الصعيد، تتكون من 12 مركزاً، وتضم 12 مدينة، 3 أحياء، و51 قرية رئيسية، و270 قرية تابعة، بالإضافة إلى 1445 عزبة ونجع، وتبلغ مساحتها الكلية 11022 كيلومترًا وتمتد بطول 125 كيلو وبعرض من 25 لـ16 كيلو مترًا، وتبلغ المساحة المأهولة بالسكان نحو 1593.92 كيلو متر مربع، بنسبة تبلغ حوالى 14.5% من إجمالى مساحة المحافظة.

ويصل إجمالى عدد السكان فى المحافظة حوالى 5 ملايين نسمة إجمالى من لهم حق التصويت 2 مليون ناخب، ويصل عدد المراكز الانتخابية بها 754 مركزا وعدد المقار الانتخابية 1391 مقرا انتخابيا وعدد اللجان الفرعية 24088، وعدد المرشحين بها 244 تم استبعاد 10 منهم ليصل الإجمالى 233 مرشحاً، ويصل عدد المرشحين المستقلين لــ170 ومرشحى 21 حزباً متنافساً 63.

7

خريطة الانتخابات فى سوهاج

وتختلف الخريطة الانتخابية فى سوهاج عن نظيرتها فى أسيوط، حيث تسيطر عليها العائلات بالكامل مع تواجد لحزب المصريين الأحرار والإسلاميين فى بعض المراكز، على رأسها مركز طما، والذى يتمتع بتواجد إسلامى ويعتبر من أكبر المراكز التى يمتلك فيها حزب النور كتلاً انتخابية كبيرة.

ويسيطر على الخريطة فلول الحزب الوطنى السابق، والذين سيطروا فى الفترة الأخيرة على الساحة فى سوهاج بالتهافت على حضور الأفراح والعزاء، وقامت العائلات المتنافسة بفتح بيوتها لاستقبال الضيوف والوفود على اعتبار أن عضوية مجلس النواب تعتبر رمزاً وفخراً وحصانة لكل عائلة تتباهى بها أمام العائلات الأخرى، حيث يسيطر الصراع والنزال بين عائلات الضبع وأبوعقيل وأبوالخير على مركز ودائرة جهينة ويدور الصراع فيها بين كل من محمد عبدالرءوف الضبع ومحمد علام وخالد الميرى.

ويتنافس فى دائرة مركز دار السلام طارق بهجت مع عاطف عبد السلام أبوقورة شقيق النائب السابق أحمد عبد السلام أبوقورة، أحد أطراف قضية أرض الشركة الكويتية التى تصل قيمتها لـ26 مليار دولار.

ويدخل على خط المنافسة مدعوماً من قبائل العرب عطية حافظ البربرى، فيما دفع الوزير السابق محمد عبد الحميد رضوان، بنجله طارق، ويتنافس معهم كل من عصمت عبد الهادى النائب السابق ويوسف أبوحمودة وكلاهما من النواب السابقين فى الحزب الوطنى، إلى جانب أحمد حسن، عن حزب النور والذى يعتمد على أعمال الحزب الخيرية طوال السنوات الماضية.

أما فى دائرة البلينا فالمنافسة شرسة وقوية بين عائلة أبوستيت، إلى جانب مرشحين مدعومين من جانب النواب السابقين للوطنى المنحل حيث دفع المرشح حشمت أبوالخير، بشقيقه أبوالخير رأفت، والأمر لا يختلف فى دائرة المنشأة والعسيرات، حيث يدور الصراع هناك بين أقطاب عائلة أبوكريشة والشيبانى فى الصراع على مقعدى الدائرة بكل قوة وكلاهما يقدم الخدمات لأبناء الدائرة.

ويسعى حازم حمادى لإنهاء المنافسة مبكراً من الجولة الأولى فى دائرة بندر سوهاج، أمام مازن أبوالنور، وكلاهما يعتمد على التربيطات العصبية والقبلية، وكلاهما يستخدم كل أدواته فى الصراع بينهما فى الفوز بالدائرة.

على نفس الوتيرة يسير هرقل وفقى، النائب السابق لعقود طويلة فى عهد مبارك، للسيطرة على دائرة جرجا معتمدا على تاريخه الطويل من الخدمات لأبناء الدائرة على مدار سنوات طويلة خاصة أن الرجل لم ينقطع عن أبناء الدائرة طول الفترة الماضية.

أما دائرة أخميم فتدور المنافسة فيها بين عائلة أبوالقاسم البحيرى، وبين محمود الشريف، نقيب الأشراف فى مصر، حيث يعتمد الثانى على القبلية والسادة الأشراف فى دائرة أخميم لحسم صراع الدائرة لصالحه من الجولة الأولى مع احتمال الإعادة بين الاثنين فى نفس الوقت الذى يدخل فيه على خط المنافسة مرشح حزب النور وائل عبد الأول. لا يختلف الأمر فى تلك الدائرة عنها فى دائرة ساقلتة والمراغة، حيث يسيطر على الانتخابات عائلتا الشندويلى وصبحى اللذان يعتمدان على العصبية العائلية والقبلية، وكلاهما يسابق الزمن لخدمة أهالى الدائرة فى الوقت الحالى، ما بين إنهاء الخدمات الشخصية للعائلات أو إنهاء أزمات ومصالحات ثأرية بين العائلات هناك فى الوقت الذى يحاول فيه مرشح حزب النور رمضان الهوارى الحصول على أصوات الكتل الإسلامية فى تلك الدائرة .

وفى دائرة طما والتى تشهد منافسة حادة بين نواب الوطنى على رأسهم مختار المعبدى وبدر صقر وبين مرشح حزب النور إطلال عبدالحميد، بينما يحاول المرشح الشاب أحمد حيا الله المنافسة فى تلك الدائرة وإن كان على استحياء.

ولا تختلف محافظة سوهاج عن نظيرتها أسيوط فى وجود عدد من المرشحين من رجال الشرطة والداخلية الذين قاموا بتقديم استقالاتهم من جهاز الأمن من أجل المنافسة والصراع على الانتخابات البرلمانية، حيث يتنافس 11 مرشحا فى محافظة سوهاج من رجال الشرطة يتنافسون على مقاعد الدائرة منهم حازم حمادى فى دائرة سوهاج وأحمد نشأت ووائل المنيعى من دائرة أخميم .