إيمان كمال تكتب: سينما علمانية

مقالات الرأي



"مصر علمانية بالفطرة" هكذا صرح حلمي نمنم والذي تولى مهام وزارة الثقافة مؤخرا،كلام جميل .. ولكن إذا تم تنفيذه عى أرض الواقع ،فمصر للأسف ليست دولة علمانية لا بالفطرة ولا بغيرها فغالبية الشعب المصري يخلط بين مفهوم العلمانية والإلحاد معتبرا كل من اقترب من الفكر العلماني فهو بالتأكيد شخص لا ديني أو ملحد ،وهو ما حدث مع نمنم نفسه بعد تصريحاته حيث خرج البعض ليقول عنه بأن وزير الثقافة الجديد شخص ملحد.
يأتي اختيار وزير الثقافة الجديد بعيدا عن من سبقه ممن وضع الفن والإبداع في حالة من الإزدراء لم تشهدها مصر من قبل.

فإذا كان حقا نمنم يؤمن بالعلمانية ويعلم جيدا بأنها لا تتناقض مع مفهوم الدين ولا حتى الأخلاق المتعارف عليها فهل نأمل في أن تصبح السينما في مصر "علمانية" فلا نجد من وقت لآخر اعتراض من الأزهر الشريف على عرض الأفلام التي تتناول ظهور الصحابة أو حتى الأنبياء والرسل؟ بالرغم من عدم وجود نص يحرم ذلك ،حتى أن القرار يؤخذ دون مشاهدة هذه الأعمال ،ولا قرار آخر يمنع تصوير أحد الافلام بدعوى أنها ضد الأخلاق العامة أو الدين.

فحينما اشاهد افلام الأربعينات والخمسينات وحتى جيل السبعينات لا يسعني سوى الاندهاش من البقعة الضيقة التي وصلنا لها ونحن في 2016 ،فماذا سيفعل الجمهور حاليا اذا شاهد فيلم تقوم مطربته بغناء بعض آيات القرآن ؟ وهل سيسمح الأزهر أو الرقابة من الاساس بالأمر؟ هل سيكون هناك كاتب أو مخرج أو ممثلة يقبلون على تقديم مثل هذه التجربة .

ولكنها تمت بالفعل حينما قامت فاتن حمامة  في احدى افلامها في الخمسيناتبغناء بعض من آيات "الصمدية" ولم تقم الرقابة بحذفها ولم تتدخل مؤسسة الأزهر ،فكان الفن هو حالة من التعبير ،وبالرغم من الحرية التي تمتع بها جيل المبدعين في هذا الوقت فلم نرى فيلم مثلا يدعو للإلحاد أو لممارسة الرذيلة أو الفجور ،بل على العكس كانت اغلب افلام المرحلة أخلاقية في مجملها ومضمونها ،لأن الحرية لا تعني الانحلال والجمهور من حقه الإختيار يرفض ما يراه لا يتوافق مع أفكاره أو يتقبل أن يكون هناك مزيج وتعدد من الافكار الأخرى المختلفة عنه.

أخيرا فوزير الثقافة التقى بمجموعة من شباب الفنانين لبحث مستقبل صناعة السينما واعدا بالتغيير ،ولكننا نأمل أن يكون هناك بالفعل تغيير حقيقي لصالح الفن وصناعة السينما في مصر وألا نفاجئ بوضع مزيد من القيود أمام الإبداع أن نتحرر من الكبت السينمائي الذي نعيشه ونبدأ مرحلة السينما العلمانية.