منال لاشين تكتب: 3 شروط لحيتان البيزنس لدعم طارق عامر

مقالات الرأي



الصفقة الحرام

■ خفض الفائدة على الودائع حتى تنخفض خدمة القروض التى يحصلون عليها 
■ إلغاء قرارات هشام رامز المتعلقة بالدولار
■ ضغوط على وزير الاستثمار لإلغاء حد خروج أموال الأجانب.. وفى المقابل رضا إعلامى على المحافظ الجديد وتخفيف الضغط على الدولار فى السوق السوداء

على طريقة مات الملك عاش الملك استقبل قطاع الأعمال أو أهل البيزنس تغيير محافظ البنك المركزى. وهى عادة متعمقة لدى بعض كبار رجال الأعمال فهم يستقبلون المسئول بالورود ويودعونه بالقلل والزير.

ولكن بعيدا عن الكلمات الحماسية والعاطفية والتفاؤل الذى وزعه حيتان البيزنس على المحافظ كالورود. فإن هناك حالة حذر وترقب واجتماعات ولقاءات سرية للاستفادة من حالة التغيير وتحقيق مطالب رجال الأعمال من البنك المركزى أو بالأحرى من المحافظ الجديد. ولا يمكن بالطبع إلقاء اللوم على لوبى البيزنس أنه يسعى لتحقيق مصالحه، أو أنه ينظم صفوفه وإعلامه وأنصاره. فهذا حقه، ولكن من حقنا كمواطنين أن نتأكد أن تحقيق مطالب أهل البيزنس لن تضر بمصالح المودعين أو لم تؤد إلى زيادة الضغط على الدولار أو ارتفاع سعره بدرجة تزيد من اشتعال أسعار السلع والخدمات.

ومن حقنا أن نتأكد من ملف سعر الفائدة. وأنه لم يحدث خفض أسعار الفائدة على ودائع البنوك بدرجة تزيد مشقة العيش على ملايين المصريين

لوبى البيزنس خاصة كبارهم وضعوا ما يشبه خارطة طريق للتعامل مع المحافظ الجديد طارق عامر. وذلك من خلال تحديد الشروط أو الإجراءات التى يريدونها من المركزى مقابل منح المحافظ البركة.

ولا يمكن التنبؤ برد فعل المحافظ الجديد طارق عامر إلا بعد تسلم عمله واتخاذه إجراءات وقرارات فى مجالى سعر الفائدة وسوق الصرف بما فى ذلك سعر الدولار.

فنحن لسنا أمام صفقة بين طرفين. ولكننا أمام لوبى لديه مطالب ولديه أدوات للضغط لتحقيق هذه المطالب. بلغة أخرى لوبى لديه شروط محددة جدا لتقديم دعم معنوى أو مادى لمحافظ البنك المركزى الجديد.

1
بيع المودعين

لا يتعامل كل المصريين مع البنوك، ولدينا بحسب الإحصائيات الدولية نحو 15% فقط من المصريين يتعاملون مع البنوك، ولكن هذه النسبة الصغيرة أو المتدنية تمنح الدولة أكثر من تريليون جنيه مصرى. ومن هذه الأموال تقترض كل من الحكومة والقطاع الخاص من البنوك إما للمشروعات أو لسد عجز الموازنة. ولكن هذه القوة المالية الكاسحة لأموال المودعين لا تنعكس على قوة المودعين أنفسهم. فملايين المودعين لا يملكون سوى الشكوى لله من انخفاض سعر الفائدة.

وعلى الرغم من الأهمية الخرافية لسعر الفائدة على الودائع بالنسبة لملايين المودعين من الشعب المصرى، إلا أن كل الأنظار متجهة إلى سعر الدولار فقط، ولكن لوبى رجال الأعمال لا يترك ملفاً مهماً للصدفة أو دون دراسة أو بالأحرى التقاط الفرصة لتحقيق مكسب أو بالأحرى إضافة مكسب لمكاسبهم.

ولذلك فإن ملف الفائدة على الودائع محور مهم فى المناقشات والمباحثات فى اللقاءات السرية أو غير المعلنة لعدد من كبار رجال الأعمال.

ولاشك أن خفض سعر الفائدة على الودائع يفيد رجال الأعمال لأنه يخفض سعر الفائدة على القروض التى يحصلون عليها لإقامة المشروعات أو إضافة خطوط إنتاج جديدة، أو حتى قروض معبرية للخروج من التعثر.

كما أن خفض سعر الفائدة يفيد الحكومة، فانخفاض سعر الفائدة يقلل تكلفة اقتراض الحكومة من البنوك من خلال أذون وسندات الخزانة. وهو الأمر الذى ينعكس إيجابيا على خفض عجز الموازنة.

ولذلك فإن طلب أهل البيزنس من محافظ البنك المركزى الجديد سيجد مساندة من الحكومة أو بالأحرى وزارة المالية.

ومن الناحية النظرية فإن خفض سعر الفائدة يخدم الاستثمار والمالية. ولكن يجب ألا ننسى أن هذا الخفض يدفع ثمنه ملايين المودعين. ولاشك أن أى خفض لسعر الفائدة الآن مع ارتفاع الأسعار والتضخم هو ظلم مضاعف على ملايين المودعين.

من ناحية أخرى، فإن خفض سعر الفائدة قد يدفع البعض لمغامرات مالية مع النصابين. لأن خفض سعر الفائدة يؤدى إلى انخفاض ما يحصل عليه المواطن من نقود على الوديعة. ولذلك يندفع المواطن للدخول فى مشروعات وهمية مع نصابين طمعا فى الحصول على دخل أعلى.

ولاشك أن البنك المركزى أو لجنة السياسة النقدية هى رمانة الميزان فى مسألة تحديد سعر الفائدة الملائم. والذى لا يظلم طرفا على حساب طرف. خاصة أن المودعين هم الطرف الأضعف. أما الطرف الأقوى فهما الحكومة ممثلة فى المالية أو رجال الأعمال. ولذلك أتمنى أن تأتى قرارات لجنة السياسة النقدية خلال اجتماعاتها الشهرية معبرة عن العدل بالنسبة للمودعين. خاصة أن قضية سعر الفائدة كانت محل خلاف أو جدل دائم بين المركزى والمالية. فأسهل طريقة لدى وزارة المالية لخفض عجز الموازنة هى خفض سعر الفائدة وبذلك تتحسن وضع الموازنة وينخفض العجز بدون أى مجهود. والوضع الحالى هو تثبت سعر الفائدة لعدة شهور. فقد تمسكت لجنة السياسة النقدية حتى آخر اجتماع برئاسة رامز بتثبيت سعر الفائدة، وذلك على الرغم من مطالب رجال الأعمال بخفض سعر الفائدة. ولكن رامز رأى أن خفض سعر الفائدة فى ظل زيادة التضخم هو ظلم مزدوج للمودعين ويؤدى إلى آثار سلبية.

2
مطالب دولارية

بعد سعر الفائدة هناك مطالب لرجال الأعمال تخص الدولار. ويمكن تلخيص هذه المطالب فى جملة واحدة هى إلغاء كل قرارات وإجراءات محافظ البنك المركزى هشام رامز. وتفصيلا هناك مطلب رئيسى بإلغاء قرار رامز فيما يخص وقف سقف الإيداع بالدولار فى البنوك المصرية. وهذا السقف يبلغ 50 ألف دولار فى الشهر للشركات. وفى ملف السقف لا يرضى رجال الأعمال بحلول وسط. حلول من نوع أن نصل بسقف الإيداع أو الحد الأقصى للإيداع إلى 200 أو 300 ألف دولار فى الشهر. فحل الزيادة فى الحد الأقصى للإيداع مرفوض. المطلب الرئيسى هو الإلغاء الفورى للإجراءات.

وخلال الأسبوع الماضى فتح بعض كبار حيتان السوق مزاد الدولار، وكله فى حب مصر. واحد يؤكد أن فى منزله 500 مليون دولار (4 مليارات جنيه) ولا يفعل بها شيئا انتظارا لإلغاء القرار، والهرولة للبنك لإيداعها فى حسابه. وآخرون يتحدثون بلغة المائة. لدينا مائة مليون دولار و300 و400. (ومين يزود) فى مزاد مليارات الدولارات. ولم أسأل أين كانت هذه المليارات من قبل، ولكننى أذكر بما حدث من نسبة لا يستهان بها من رجال الأعمال. فقد كانوا يقدمون أذون استيراد مضروبة ويتم إخراج عشرات الملايين من الدولارات للخارج بحجة مستلزمات الاستيراد. ولكن الفلوس كانت تخرج للإيداع فى بنوك أجنبية أو شراء شقق وبيوت فى إسبانيا واليونان ودبى استعدادا للحظة الهروب الكبير. بل إن واحدا من أكبر رجال الأعمال طلب قرضا من أحد البنوك بمليار جنيه. وكان سيستخدم المليار فى جمع الدولارات من السوق السوداء. وأتذكر بعد حادث إطلاق النار على سيارة محافظ البنك المركزى هشام رامز واقعة مهمة. فأول تفسير خرج عن الحادث هو انتقام تجار الذهب من رامز. والسبب أن بعض تجار الذهب كانوا يهربون الدولار من خلال بعض البنوك بتقديم مستندات مضروبة. وتم اكتشاف التزوير ووقفه. لذلك لم أتفاءل كثيرا بمزاد رجال الأعمال لإيداع مئات الملايين من الدولارات فى البنوك بمجرد إلغاء الحد الأقصى للإيداع. ولا أثق فى آثار المطلب الأول لرجال الأعمال.

أما المطلب الثانى لرجال الأعمال هو تعويم الجنيه. وهذا التعبير يؤدى إلى ترك الجنيه يواجه مصيره طبقا للعرض والطلب، وبأى سعر يحدده السوق. والأسباب أو المبررات جاهزة. فتعويم الجنيه فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة سيخفض سعره وخفض سعر الجنيه بقوة سيؤدى إلى زيادة الصادرات والسياحة. مبرر آخر أن انخفاض الاحتياطى لم يمنح المركزى فرصة لدعم الجنيه.

لكن يجب أن نتذكر أن هذا التعويم سيؤدى إلى زيادة فاتورة الصادرات فى مصر وعجز هائل فى الموازنة وتضخم ورفع أسعار خرافى.

ودخل على الخط أهل بيزنس الأوراق المالية وعقدوا اجتماعا مع وزير الاستثمار أشرف سالمان. وهناك مطالب بإلغاء سقف إخراج أموال المستثمرين الأجانب. وهو الحد الأقصى الذى وضع بعد ثورة 25 يناير. ولاشك أن الخروج من السوق هو أحد أدوات تقييم السوق المصرية للأجانب. وأحد آليات جذب المستثمرين. ولكن مرة أخرى تجب المواءمة بين جذب الاستثمار من ناحية، وقدرة الاقتصاد المصرى على توفير الدولار من ناحية أخرى.

3
عصا موسى

لوبى رجال الأعمال يضع هذه الشروط أو المطالب كقاعدة للتفاوض أو بالأحرى التعامل مع محافظ البنك المركزى الجديد. ولاشك أن رجال الأعمال لديهم بعض أوراق للعب فى هذه المساحة الشائكة جدا والساخنة جدا. فهناك الدعم المعنوى للمحافظ والثناء عليه وعلى سياساته سواء فى لقاءات الحكومة أو الإعلام.

ولكن بعض كبار رجال الأعمال أو بالأحرى حيتان البيزنس لديهم وسائل أهم لدعم المحافظ الجديد طارق عامر. لأن بعضهم يتاجرون فى الدولار ويجمعون مئات الملايين من الدولارات من السوق السوداء. وآخرون يتلاعبون فى فواتير الجمارك للاستيراد. وكل ذلك يؤثر على وضع وتوفر الدولار فى السوق المصرفية. ويحقق بعضا من التحسن أو الاستقرار فى السوق. وأدرك بالطبع أن استقرار السوق هو أحد أهداف البنك المركزى وأمنية أى محافظ له. ولكن يجب ألا ننخدع فى تحسن مؤقت أو مصطنع لتمرير قرارات أو إجراءات قد ندفع ثمنها فيما بعد. لأن حال الاقتصاد المصرى لا تحتمل أى مغامرات أو قرارات اعتماد على إبداء حسن النية أو وعود ممن لا وعد لهم ولا يمكن الوثوق بهم.

امسك إعلامى!

حققت زيارة الرئيس السادات للقدس متابعة خرافية حول العالم، وأظهرت إحدى الإحصائيات أن عدد من شاهدوا لحظة وجود السادات فى القدس أكبر مما شاهدوا هبوط أول رجل على سطح القمر، وقد علق وزير الخارجية فى ذلك الوقت هنرى كيسنجر على هذه الإحصائية، فقال إن المشكلة هى كيف نعيد الرئيس السادات من سطح القمر للأرض، وكان كسينجر يشير إلى حالة الانتشاء والمبالغة فى القوة وعدم الواقعية التى عاشها السادات بعد الرحلة الشهيرة.

وقد تذكرت هذه القصة لأن إعلاميا بارزا قرر نفس السيناريو، كان الإعلامى يحضر لقاء خاصاً ببعض الإعلاميين مع أحد كبار العاملين بالرئاسة، ودار الحديث عن انتقادات أو تجاوزات للإعلام، فإذا بالإعلامى يقول للرجل: «يعنى أنا امبارح أكون مفجر ثورة 30 يونيو واليوم ابقى خائن»، وعندما أعاد على الرجل قصة هذا الإعلامى، قلت ضاحكة «طيب الشعب المصرى عمل إيه»، ولاشك أن هذه المبالغة فى تقدير بعض الإعلاميين لأدوارهم مرفوضة.

لكن هناك جانباً واقعياً فى قصة هذا الإعلامى وزملائه، فالإعلام لعب بالفعل دورا حاشدا ومحرضا على الإخوان، وملأ الإعلام فراغ الأحزاب الوهمية والضعيفة وعوض فراغ مساحة المجتمع المدنى، وذلك من خلال الآراء القوية.

وليس من العدل أو من باب المنطق أن نطالب الإعلاميين فجأة بالتخلى عن إبداء آرائهم أو طريقتهم فى العمل لمجرد أن هذا الدور لم يعد يعجب البعض.

وقد يرد آخرون أن مصر لم تخرج بعد من دائرة الخطر، وهذا صحيح ولكن الاصطفاف الوطنى فى خلع الإخوان أو مواجهة إرهابهم ضرورة حتمية، ولكن هذه الضرورة تتحول لخطر داهم حينما يتعلق الأمر بأعمال الدولة من تشكيل حكومة أو مشروعات أو توجهات اقتصادية أو اجتماعية، لأن الخلاف فى الرؤى ينير الطريق لمتخذ القرار، والمناقشات الموسعة تفتح أمامه طرقاً وأساليب وحلولاً أخرى لمشكلات مصر، ولذلك فتزايد مساحة المعارضة فى وسائل الإعلام مؤخرا لا تعنى خيانة 30 يونيو أو رفض دولتها، ولكنه نقد للسياسات والتوجهات الاقتصادية والاجتماعية أو بالأحرى لغيابها.

ولكننى أظن وليس كل الظن إثم أن ثمة مشكلة أكبر وأعمق بين الإعلام والرئاسة أو بالأحرى نظام الحكم «رئاسة وحكومة»، وهذه المشكلة تتعدى الإعلاميين لفصائل أخرى فى المجنكع.

فهناك مساحات غامضة على الإعلام والمجتمع سواء فى المشروعات أو القرارات، وغياب هذه المساحة الرسمية يؤدى إلى غياب الصورة الكاملة بالنسبة للإعلام وللمجتمع.

وسوف أضرب مثالين لهذا الغموض، الرئيس السيسى فى خطابه الأخير حذر من خطورة الانفجار السكانى، ولكن لا الرئيس ولا معاونيه ولا حكومته فسروا للناس مغزى إلغاء وزارة السكان فى حكومة شريف إسماعيل رغم خطورة الأزمة السكانية.

مثال آخر تحدث الرئيس ووعد أكثر من مرة بمشروع لتدريب الشباب، وبعد مدة خرج المشروع للنور ويهدف المشروع فى عامه الأول لتدريب أقل من 2000 شاب فقط، وما أن أعلن على تفاصيل المشروع حتى اقترح نائب رئيس إحدى الجامعات فى مداخلة فضائية حلا عبقريا، والاقتراح هو تدريس هذا المنهج التدريبى فى السنة النهائية لطلاب الجامعات، وهذا الحل يتيح تدريب أكثر من 50 ألف شاب سنويا، ولو عرض المشروع فى مراحله الأولى للنقاش المجتمعى ليتم تصميمه ليلائم اقتراح الأستاذ الجامعى، فالغموض يحرم المجتمع من تنوع الآراء والاقتراحات من ناحية، ومن معرفة تفسيرات القرارات والخطوات من ناحية أخرى.

ولا يتطلب إنهاء هذا الغموض لقاءات مستمرة أو دورية للرئيس مع الإعلام ولا حتى رئيس الحكومة، ولكنه يتطلب وجود مسئولين فى الرئاسة مكلفين بشكل رسمى ومعلن للتعامل مع الإعلام وفئات المجتمع، هذا الفريق يجب أن يكون لديه تواصل مباشر بالرئيس وخبرة فى التعامل مع مختلف أنواع الشخصيات وقدرة على الاستماع اضعاف الكلام، والأهم لديه تعليمات واضحة بالتعامل بشفافية مع الإعلام، لا أن يكون متخوفا فى التعامل مع الإعلام أو الظهور فيه، ألا يعتبر أن البعد عن الإعلام غنيمة أو نار الإعلام تحرق أو يعبر عن التوجهات أو يفسرها بكتابة المقالات باسم مستعار.

وتكون مهمة هذا الفريق وضع سياسة إعلامية لمؤسسة الرئاسة وتقديم المشورة فى التسويق الشعبى للمشروعات أو القضايا، ويمد الإعلام بالمعلومات والحجح التى تبرر اختيار ذاك المشروع أو استبعاد آخر، لأن المطلوب هو وضع الصورة الكاملة امام الإعلام بصفة خاصة والمجتمع بصفة عامة.

والأهم أن يدرك اعضاء الفريق أن الاختلاف فى الرؤى هو طابع الحياة وصمام الأمان للمجتمع، وأن ثمة مساحة كبرى بين الخيانة والاختلاف، فلا يجب أن نضع الإعلام أمام الاختيار إما البركة فورا أو اللعنة فورا على طريقة ريتشارد فى فيلم صلاح الدين.

والاخطر أن ندرك أن إعلام عبدالناصر لم يعد ملائما لعصر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعى، انتهى إعلام الصوت الواحد لأنه لم يعد ممكنا حجب الأصوات الأخرى حتى على المستوى المحلى، والإعلام التنموى التعبوى انتهى فى العالم كله، وقبل أن نتمنى عودة إعلام عبدالناصر أو نحسده على إعلامه علينا أن نقرأ التاريخ جيدا، لأن غياب التنوع وحرية الإعلام فى عهد عبدالناصر هو أكبر خطاياه، وأغلب الظن أن الحرية كانت ستحمى إنجازات الزعيم العظيم عبدالناصر وسوف تمنع بعض الاخطاء التى وقعت فى عصره، مرة ثالثة وعاشرة لم أمل من القول إن الضجيج ولو كان بعضه غثا خير ألف مرة لمصر من صمت مطبق أو رضا زائف، وأن عشرات الأصوات المتداخلة لو كان بعضها مخطئا خير مليون مرة لمصر من صوت واحد يختصر الحق والحقيقة فيما يقوله وحده، ولا يدرك حكمة أن الله خلق الإنسان بأذنين وفم واحد، فالطبيعة تدعونا أن نستمع أكثر من مما نتكلم، أن نستمع من كل الجهات شمالا ويمنيا.