أحمــد متولــى يكتب: نجوميــة مذيـع بـ"نـص لســان وألدغ فى الره"

مقالات الرأي

بوابة الفجر


دائما ما نردد أن خبرات ومجهود أبناء مصر العباقرة مهدرة فى الداخل، ولهذا يهربون إلى الدول التى تحترم أفكارهم للبحث عن فرصة أفضل، ولعل أبرز مثال على ذلك د. أحمد زويل، الذى لو كان فضل الجلوس والعمل فى مصر لأصبح حاليًا يشغل منصب موظف درجة أولى فى وزارة البحث العلمي براتب شهرى يكاد يصل لـ4 آلاف جنيه مع الرأفة، مهموم بلقمة العيش والدروس الخصوصية لأولاده وينتظر بشغف إجازة يومي الجمعة والسبت الأسبوعية، ويحضر نفسه لليلة "الخميس" قبلها بيومين، قارن ذلك بكل المجالات الموجودة فى مصر من رياضة وعلوم وفنون وثقافة وإعلام.

 

شرفنا منذ يومين الإعلامي الساخر باسم يوسف، بتقديم حفل توزيع جوائز الـEMMY لعام 2015، كأول مصرى أفريقي مسلم يقدم هذا الحفل منذ تأسيس الجائزة عام 1949، وهى جائزة تضاهى فى قيمتها جائزة "الأوسكار" ولكن للأعمال الفنية التلفزيونية وليس السينمائية، فالبعض قد يصفه بأنه مذيع بـ"نص لسان وألدغ فى الره" -على شاكلة "سامح ورجاء" فى فيلم "جاءنا البيان التالى للفنان محمد هنيدي- لكنهم تجاهلوا شيء يدعي مجهود شخص واحترافيته لكى يصل لما وصل إليه وتقديم حفل هام فى أمريكا بهذا الشكل؛ رغم أنه مذيع موقوف عن العمل فى مصر لأنه ببساطة من المعارضين للنظام الحاكم.

 

باسم يوسف، يُعد نموذج صغير من النماذج الناجحة للمشاريع الصغيرة لمحدودي الدخل التى تنادى بها الدولة، بمعني كيف تصبح تاجر كبير وأنت مافيش فى جيبك ولا شلن؟، فاستثمر نفسه بالشكل الصحيح منذ أن بدأ حياته الإعلامية أمام كاميرا صغيرة داخل حجرته إلى أن أصبح شخص يدير طاقم عمل يتكون من أكثر من 35 شخص، وتتهافت عليه جميع القنوات الكبيرة، ويصل سعره فى سوق الميديا إلى أكثر من 15 مليون جنيه فى الموسم الواحد.

 

أعترف أننى من أوائل الأشخاص الذين هاجموا باسم يوسف فى الوقت الذى كان يشيد به الجميع على جرأته فى انتقاد النظام أيام حكم الأخوان، وبسبب مقال نشرته عنه بعنوان "هدّى أعضاءك يا أبو نادية" قام بعدها بعمل "بلوك" من الأكونت الشخصى الرسمي له رغم أنني صديقه على "فيسبوك" قبل شهرته فى ثورة 25 يناير، وكان هجومى له بناءًا على اعتراضي على بعض الألفاظ الخارجة والإيحاءات الجنسية التى كان يرددها دائما رغم أنه يدخل كل البيوت ويشاهده الجميع خاصة الأطفال، ولأننا كنت أريد منه أن يصبح قدوة محترمة يقدم سخريته من الجميع بشكل هادف بعيد عن الإسفاف، وبعدها تم تصنيف البرنامج على أنه "للكبار فقط +18"، وهذا لا يجعلنا ننكر عليه أنه نجح فى موهبته وأستطاع أن يصل للنجومية فى أقل وقت ممكن.

 

النجومية التى وصل إليه باسم يوسف، حاليًا، دليل واضح ومباشر لأى شخص يريد النجاح فى هذا البلد، فأنت الذى ستصنع نفسك بنفسك، انتهز هذه الفرصة وأنوه على أن صديقي المصرى "أحمد الطماوى" –واحد صاحبي أنتوا متعرفهوش- تبنته دولة الإمارات الشقيق وستقوم بتنفيذ فكرته فى استغلال ظهر تذكرة المترو فى الدعاية والإعلان، وهو ما يجعلها تتحصل على إيرادات مالية أكثر وأكثر، على رغم أن كعوب رجليه حفيت فى الذهاب لوزارة النقل والمواصلات وهيئة سكك حديد مصر وإدارة مترو الإنفاق، وكان الرد الذى يصدمه دائما من المسئولين فى مصر "فوت علينا بكرة يا طماوى"!!