ألفرد نوبل.. عالم واجه أوروبا وحفر اسمه بحروف من ذهب

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


تحل اليوم ذكرى توقيع "ألفرد نوبل" وصيته، في النادي السويدي النرويجي بباريس، و التي أوصى فيها بوقف أمواله على إنشاء جائزة نوبل بعد وفاته، مكرسا الجزء الأكبر من شركته لتأسيس جوائز نوبل التي تمنح سنويا دون تمييز لجنسية الفائز.

وبعد الضرائب والوصايا للأفراد، قام نوبل بتخصيص 94% بقيمة إجمالية 31,225,000 كرونة سويدية لإنشاء خمس جوائز نوبل، وكان المبلغ يعادل 1,687,837 جنيه إسترليني آنذاك.

و في عام 2012، بلغ رأس مال جوائز نوبل حوالي (472 مليون دولار أمريكي أو 337 مليون يورو) أي ضعف مبلغ رأس المال الأول تقريبا، مع الأخذ بعين الاعتبار التضخم في العملات.
 
حياته ونشأته
ولد ألفرد نوبل في مدينة "ستوكهولم" بالسويد، في الواحد والعشرين من أكتوبر بسنة 1833 م،  لعائلة سويدية تنحدر من أحد أعظم العلماء المعروفين في مجال الطب، العالم الشهير، وهو  "أولوف ردبيك".
 
و كان والد ألفرد إيمانيول مهندساً ومخترعاً من أسرةٍ فقيرةٍ وعانى كثيراً وعمل في أكثر من مكان، وقد اعتمد في ذلك على التعليم الذاتي، أما والدة ألفرد فقد كانت من أسرة ذات مستوى اقتصادي جيد، وكان لدى ألفرد أربعة أخوة ذكور، بالإضافة لهؤلاء الأربعة أخ وأخت توفيا وهما صغار
وتعرضت أسرة "ألفرد نوبل" لضائقةٍ ماليةٍ شديدةٍ أجبرتهم على تغيير منزلهم والسكن في منزل أكثر بساطة من منزلهم السابق.
 
وفي سنة 1837م، غادر والد ألفرد إلى سانت بيترسبرغ في روسيا طلباً للرزق، حيث قام ببناء مصنع هناك، وما أن تحسنت أوضاعه الاقتصادية بفترة قام بنقل أسرته إلى روسيا.
 
وتلقى ألفرد وأخوته تعليمهم على يد أساتذة متخصصين في كلاً من الفيزياء والكيمياء والتاريخ والفلسفة والرياضيات والأدب.

وانتقل ألفرد نوبل مع أسرته عام 1842 إلى سانت بطرسبرغ، حيث عمل والده في صناعة أدوات الآلات والمتفجرات كما اخترع الخشب الرقائقي وبدأ بعمل الطوربيدات، بعد تحسن وضع الأسرة المادي، تم إرسال ألفرد للتعليم حيث برع الابن في دراسته لا سيما في الكيمياء واللغات، وكان يتحدث اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية بطلاقة.
 
ودرس ألفرد الكيمياء مع البروفيسور "نيكولاي زينن"، ثم انتقل إلى باريس سنة 1850، وعندما أكمل 18 سنة ذهب إلى الولايات المتحدة لدراسة الكيمياء لمدة أربع سنوات، وعمل لفترة قصيرة مع جون إريكسون، وحصل ألفرد على أول براءة اختراع له عن عداد غاز عام 1857.
 
وقام مصنع الأسرة بإنتاج أسلحة تم استخدامها في حرب القرم (1853-1856)، ثم واجهتهم مصاعب في العودة إلى الإنتاج المحلي العادي عند انتهاء القتال، كما قدموا طلبا للإفلاس. في عام 1859 أصبح المصنع في رعاية الابن الثاني، لودفيج نوبل (1831-1888) الذي قام بتحسين أعماله بشكل كبير، وبعودة ألفرد من روسيا إلى السويد مع والديه، كرس نفسه لدراسة المتفجرات، وخاصة صناعة والاستخدام الآمن للنيتروجليسرين (الذي اكتشف عام 1847 من قبلأسكانيو سوبريرو وهو أحد زملائه تحت إشراف تيوفيل-جول بيلووز في جامعة تورينو)،  في 1863 اخترع نوبل جهاز تفجير، وقام سنة 1865 بتصميم كبسولة تفجير.
 
وفي 3 سبتمبر 1864، انفجرت سقيفة كانت تستخدم لإعداد النيتروجليسرين في مصنعهم بمنطقة هيلينبورغ في ستوكهولم، مما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص بينهم شقيق ألفرد الأصغر إميل
ولحق ذلك حوادث طفيفة أخرى ولكن لم يبدِ انزعاجه، وقام ببناء مصانع أخرى مع التركيز على تحسين استقرار المتفجرات.
 
إنجازاته فى مجال الكيمياء
واستعرض نوبل مادته المتفجرة للمرة الأولى في ذلك العام، في محجر بريدهيل، بمقاطعة سري، فى إنجلترا، لتحسين اسم وصورة شركته من حوادث المتفجرات الخطيرة والمثيرة للجدل
"وأراد تسمية المادة "مسحوق السلامة نوبل"، ولكن استقر على اسم الديناميت بدلا من ذلك، في إشارة إلى الكلمة اليونانية "السلطة.
 
وقام نوبل في وقت لاحق بمزج النيتروجليسرين مع العديد من مركبات النيتروسليلوز، على غرار السائل الدبغ "الكولوديون"، ولكنه استقر على تركيبة أكثر كفاءة بمزج بين نترات متفجرة أخرى، وحصل على مادة شفافة تشبه الهلام لها قوى انفجارية أكثر من الديناميت، وحصل على براءة اختراع ما أسماه "جلجنيت" أو الهلام المتفجر في عام 1876.
 
 وتلا ذلك مجموعات مماثلة وتعديلات من خلال إضافة نترات البوتاسيوم ومواد أخرى مختلفة
و كان الجلجنيت أكثر استقرارا وقابل للنقل وشكله مناسب أكثر لملء تجاويف الثقوب، مثل تلك المستخدمة في الحفر والتعدين، بدلاً من المركبات التي كانت تستخدم في السابق وتم اعتماده كتكنولوجيا معيارية للتعدين في عصر الهندسة، مما أتاح لنوبل قدراً كبيراً من الأرباح المادية ولكن على حساب حالته الصحية.

ونتج عن تلك البحوث اختراع نوبل لمادة "الباللستيت"، والتي تعد مقدمة للعديد من مساحيق المتفجرات الحديثة عديمة الدخان ولا تزال تستخدم كمادة مفجرة في الصواريخ.

 وفي عام 1887 حصل على براءة اختراع الباللستيت (ballistite) وهي مادة رائدة من الكورداي.
 
وانتخب نوبل عضوا في الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم في 1884، وهي نفس المؤسسة التي تقوم باختيار الفائزين لإثنين من جوائز نوبل التي أوصى بتأسيسها في وقت لاحق، وحصل على الدكتوراة الفخرية من جامعة أوبسالا في 1893.
 
وقام شقيق نوبل "لودفيج وروبرت" بالاستثمار في حقول النفط الغنية على طول بحر قزوين وجمعا ثروة ضخمة، كما ساهم نوبل بالاستثمار في هذه الحقول النفطية من خلال تطوير المناطق النفطية الجديدة.

و خلال حياته المهنية، أصدر نوبل 350 براءات اختراع دوليا، وقبل وفاته قام بإنشاء 90 مصنعا للأسلحة، على الرغم من اعتقاده في السلمية.
 
اتهامه بقتل الأبرياء
وفي عام 1888 توفي لودفيج شقيق ألفرد أثناء زيارة لمدينة كان وقامت صحيفة فرنسية بنشر نعي لألفرد نوبل عن طريق الخطأ.

وتم التنديد به لاختراعه الديناميت وقيل أنه نجم عن ذلك اتخاذه لقرار بترك أفضل ميراث بعد وفاته، وتمت كتابة النعي بجملة "تاجر الموت ميت"، وأضافت الصحيفة الفرنسية: "الدكتور ألفرد نوبل، الذي أصبح غنيا من خلال إيجاد طرق لقتل المزيد من الناس أسرع من أي وقت مضى، توفي بالأمس.

شعر نوبل بخيبة أمل مما قرأه وارتابه القلق بشأن ذكراه بعد موته بنظر الناس.
 
وفاته
وقع ألفرد نوبل وصيته الثالثة والأخيرة سنة 1895م،  في النادي النرويجي السويدي في باريس، وقد أوصى أن يتم تخصيص جزء كبير من ثروته لعمل مؤسسة جائزة نوبل في السويد، والتي تعطي جوائزها لأفضل الأعمال التي تخدم البشرية في كلاً من الطب، الكيمياء، الفيزياء، الأدب، والسلام.
 
توفي ألفرد نوبل سنة 1896 في إيطاليا، سان ريمو بسبب سكتة دماغية أدت إلى شلله قبل الوفاة
وبعد وفاته في سنة 1968مـ تم تأسيس جائزة البنك السويدي في الاقتصاد لذكرى ألفرد نوبل
 وكانت أول جائزة في العلوم الاقتصادية أعطيت بعدها بسنة، أي 1969مـ التي ذهبت لــ رانجر فرسك جان تينبرجن.