منال لاشين تكتب: الملياردير على صفيح ساخن

مقالات الرأي




فضيحة حكومة شريف إسماعيل

1-وزير التموين يمنح ساويرس 4 مشروعات لتخزين السلع بالأمر المباشر

أنسف كل كلام للحكومة عن الحياد فى انتخابات مجلس النواب، وأرمى كل تصريحاتها بأنها لا تميز فريقًا أو حزبًا أو قائمة عن أخرى، وأحرق كل بياناتها أنها لم تتدخل فى الانتخابات وتؤثر على الناخبين.

فنحن أمام واقعة مثيرة للريبة والغضب، واقعة تثبت أن الحكومة لم تقم بمخالفة قواعد الاقتصاد فى عمل إحدى وزاراتها ووزير مهم جدًا بها، ولكنها أيضا ضربت بالحياد عرض الحائط.

دعم حكومى لنجيب

الأسبوع الماضى وقبل بدء انتخابات المرحلة الثانية بأربعة أيام قامت إدارة الإعلام بوزارة التموين بتوزيع خبر ضمن أنشطة الوزير والخبر مرفق بصورة، ونشرت الصحف والمواقع والفضائيات الخبر ضمن عملها بل واجبها الإعلامى، حتى الآن تسير الأمور فى خطها البديهى، ولكن لا الخبر كان بديهيا ولا الصورة كانت منطقية.

فوزير التموين الدكتور خالد حنفى قام باستضافة ولقاء الملياردير مؤسس حزب المصريين الأحرار نجيب ساويرس فى مكتبه وعقد اجتماعا معة لمنحه مشروعات تخص الوزارة، والمشروعات لا تتعلق بالنشاط الأساسى أو الأشهر للملياردير فى مصر، لا هى مشروعات اتصالات ولا إعلام ولا إنترنت ولا تتصل بالسكر، لأن ساويرس دخل مؤخرًا فى الاستثمار فى مجال السكر من خلال مصنع جديد فى إحدى محافظات الصعيد.

قبل أن أدخل فى المشروعات وفى الشكل القانونى والاقتصادى للقاء ملياردير الانتخابات مع وزير التموين فإن موعد اللقاء نفسه مثير للدهشة والريبة.

لأن الموعد والأخبار والصور التى نشرت فى الصحف والمواقع وعرضت فى الفضائيات على ملايين المواطنين كان حاسما، فالسيد الوزير عقد لقاءه مع ساويرس قبل المرحلة الثانية من الانتخابات بأربعة أيام فقط.

لم يشغل الوزير نفسه بأثر هذه الصورة على الانتخابات، ولم يفكر سيادته فى الانطباعات والتوابع والآثار لنشر صورة ساويرس فى صالون الحكومة وفى عقر دارها ومكتب وزير مهم بها، لم يتعب نفسه فى تفسير ملايين المواطنين لخبر أو منح ساويرس فى هذا التوقيت تحديدًا مشروعات مع الحكومة، لم يدرك الوزير أن منح مشروعات لساويرس وحزبه يخوض الانتخابات هو دعم خرافى له.

فأى مواطن يشاهد اللقاء بين ساويرس والوزير وأجواء الحميمية فى اللقاء يستنتج عن حق أن حزب ساويرس هو حزب الحكومة أو على الأقل مرضى عنه، وأن الحزب يمكن أن يحقق طلبات الناس فى الدوائر بما يملكه نجيب من علاقة مع وزير بالحكومة.

خاصة أن اللقاء الحميمى بساويرس مع وزير مهم، وزير يملك فى وزارته أهم ملف لقلب المواطن وهى معدته.

فوزير التموين يملك مفاتيح العيش بالمعنى الحرفى للكلمة، مخابز العيش المدعم وغيره وبطاقات التموين والمجمعات الاستهلاكية وتوزيع أنابيب البوتاجاز، وذلك بالإضافة إلى مشروعات الشباب التى تطلقها الوزارة الآن، وعلى رأسها مشروعى أو جمعيتى بالتعاون مع الصندوق الاجتماعى، وهو مشروع يمنح الشباب قروضًا ميسرة لإنشاء جمعيات استهلاكية صغيرة فى المحافظات، وهذه الجمعيات ملحقة بشركة المجمعات الاستهلاكية التابعة لوزير التموين.

نحن إذن أمام صورة خطيرة واجتماع ما يجب أن يتم قبل انتهاء الاجتماعات، ولا يمكن التحجج أو التبرير بأى مبررات، وعلى رأس هذه المبررات أن الوزير قابل ساويرس كرجل أعمال وليس كرجل سياسى، لأن التداخل بين بيزنس ساويرس وعمله السياسى لا يمكن فصله نهائيا.

ولذلك فإن أى مواطن من حقه أن يربط ما بين السياسى والاقتصادى، وليس المواطن الذى يقوم بهذا الربط فقط، لأن الدستور يقدم هذا الربط المشروع، والاستناد أن نجيب سايروس لم يرشح نفسه للانتخابات ليس مقبولا، لأن الجميع يعلم أن حزب ساويرس المصريين الأحرار يخوض الانتخابات.

ولذلك فإن القواعد السياسية للحياد الحكومى تلزم الوزير ألا يلتقى بأى سياسى مرتبط بالانتخابات فى ذروة الانتخابات، وقبل عدة أيام من بدء المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب.

وهذه القواعد تلزم الوزير الحرص الشديد على عدم نشر صور له مع السياسيين فى عز موسم إجراء الانتخابات، خاصة أن اللقاء الذى جرى فى مكتب الوزير وجرى تصويره بمعرفة إدارة إعلام الوزير خالف الاعراف، فعندما يجرى لقاء بين وزير أو مسئول حكومى ورجل أعمال فيجب أن يتم فى قاعة الاجتماعات، ولكن الصورة المنشورة للقاء جرى التقاطها فى صالون الوزير وفى جو عائلى وحميمى، وهذا الوضع يزيد من الآثار السياسية للصورة واللقاء.

أرجو أن يسأل وزير التموين نفسه أو بالأحرى يضع نفسه مكان أى مواطن فى قبلى أو بحرى، ألا تعطى هذه الصورة مؤشرا أو انطباعا قويا بقوة رجل الأعمال والسياسى نجيب ساويرس؟ ألا تعطى هذه الصورة انطباعًا راسخًا بأن العلاقة بين الحكومة والسياسى نجيب ساويرس «سمن على عسل»، وأن من مصلحته أن ينتخب حزب ساويرس «الواصل» والقادر على تلبية مطالب المواطن أو بالأحرى الناخب، ألا يعد ذلك تدخلا لصالح حزب فى مواجهة الأحزاب والقوى الأخرى التى لم تحصل على نفس الفرصة، فرصة صورة حميمية مع وزير يملك ملفات مهمة وحاسمة فى حياة المواطن.

هذه الصورة أو اللقاء فى هذا التوقيت يفتح الباب للتساؤلات المشروعة أسئلة من نوع هل هناك علاقة بين لقاء سايروس مع الوزير ومنحه أو حتى الاتفاق معه على مشروعات وبين نتائج الحزب فى الانتخابات؟ هل ما يثار أو يتوقع حول حصول حزب ساويرس على الأكثرية فى البرلمان سيدفع الوزراء لمجاملته، هذه أسئلة مشروعة كان يمكن أن نتجنبها لو تجنبب الوزير اللقاء مع رجل أعمال يخوض حزبه الانتخابات وفى ذورة عملية الانتخاب.

الأمر المباشر

بعيدا عن البعد السياسى فى اللقاء، فإن هناك تساؤلات اقتصادية وقانونية مشروعة جدا تتعلق بآلية منح المشروعات الخاصة بوزارة التموين، وهى قواعد تتعلق بكل الأجهزة الحكومية، وليس وزير التموين فقط، وهى منح أو توزيع المشروعات الخاصة بالحكومة، وطريقة منح المشروعات، فقانون المناقصات والمزايدات والإجراءات والقواعد لمنح المشروعات، فى بعض الحالات يجب طرح المشروع من مناقصة أو مزايدة، وفى حالات أخرى يحددها القانون يمكن إسناد المشروعات ومنحها بالأمر المباشر، وذلك بالطبع بعد موافقة رئيس الحكومة، والإسناد بالأمر المباشر له فوائد على رأسها سرعة إنجاز المشروعات، لأن إجراءات المناقصات تتطلب مدة زمنية محددة بالقانون سواء فى الطرح أو فحص عروض الشركات، والفحص يتطلب فحصاً مالياً وفنياً كل على حدة، وكل هذه الخطوات تتطلب وقتا، بينما الاسناد والمنح بالأمر المباشر يتطلب وقتا أقل من ذلك بكثير.

وأدرك أن رغبة وزير التموين فى إصلاح منظومة التجارة الداخلية مشروعة وملحة، وأن الوزير يريد أن يسابق الزمن لإنشاء مشروعات، وأدرك أيضا أن الإسراع فى تنفيذ هذه المشروعات يساعد فى نهاية المطاف على خفض الأسعار.

ولكن رغم هذا وذاك فإن الاسناد أو المنح بالأمر المباشر لا يجب أن يكون الخيار الأول أو الأسهل فى تنفيذ خطة الوزارات بما فيها وزارة التموين.

وتتحول هذه القاعدة إلى ما يشبه الإلزام حين يتعلق الأمر بمنح مشروعات بالأمر المباشر للقطاع الخاص ورجال الأعمال، فى هذه الحالة ومراعاة لقاعدتى العدالة والشفافية فمن الأفضل عدم اللجوء للأمر المباشر، لأن المواطن لا يدرك فى هذه الحالة لماذا اختار الوزير أو المسئول هذه الشركة تحديدا أو رجل الأعمال لمنحه المشروع، ولا يدرك المواطن ما هى المعايير التى استند عليها الوزير أو المسئول لمنح المشروع أو المشروعات، والأخطر أنه يحرم مستثمرين ورجال أعمال ممن لا يعرفهم الوزير من المنافسة، أما الأكثر خطورة أن هذه الطريقة تعزز الاحتكارات، لأن منح أو طرح المشروعات لرجال الأعمال المعروفين والمشهورين سيزيد من حجم أعمالهم الكبيرة من الأساس.

■ من أذن لخالد خنفى أن يمنح شركة ساويرس وحدها إقامة مشروعات لتخزين السلع والخضراوات دون مناقصة أو مزايدة؟
 ■ هل يشعر وزراء شريف إسماعيل أن نجيب سيطر على البرلمان فبدأوا فى مجاملته فى عز الانتخابات؟

ساويرس الكورى

2-نجيب يهاجم الحكومة المصرية بمناسبة وبدون مناسبة ولكنه لم يجرؤ على انتقاد كوريا الشمالية

الملياردير نجيب ساويرس كان بطل قصة ساخنة جدا خلال الأيام الماضية. وأكثر جانب ساخن فى هذه القصة هى رد فعل ساويرس على القصة أو بالأحرى الأزمة. وهى أزمة خرافية تخص استثماراته فى كوريا الشمالية. خسارة فلوس بملايين الدولارات وفوق البيعة شركة.

وكأننا أمام شخصية أخرى أو طبعة أخرى من شخصية نجيب، طبعة كورية خالصة، طبعة مختلفة تماما عن شخصيته فى مصر أو بالأحرى طريقته المصرية.

أعصاب نجيب مثل سلك الكهرباء العارى، هذا السلك قابل للاشتعال، ولمسه يسبب أضرارا بالغة.

ساويرس المشهور بالهجوم الشديد على الحكومة المصرية لو مست شعرة من استثماراته أو حتى أحلامه. نجيب ساويرس الساخن الساخر صاحب الردود أو الأفعال الهجومية تحول فعلا لشخص تانى. شخص هادئ ومتفائل بحسب تعبير الواشنطن بوست.

ساويرس الكورى

وكان نجيب قد دخل هذه الدولة الخطرة والصعبة على المستثمرين تحت عباءة المحمول. وأقام منذ سنوات شركة (كوريولينك) للاتصالات.

ومنذ أيام انتشرت رائحة أزمة شركة أمريكا الشمالية وأعلنت الشركة المصرية أنها شركة فى كوريا لم تعد شركة تابعة بل شقيقة، وهو تعبير مهذب وهادئ عن فقد السيطرة على الشركة.

وبعد ذلك نشرت صحيفة الواشنطن بوست تقريرا أكثر تفصيلا وإيضاحا لما يحدث مع نجيب أو بالأحرى مع استثماراته فى كوريا الشمالية.

التقرير متعاطف جدا مع ما جرى لساويرس فى هذه الدولة المنغلقة جدا بحسب تعبير الصحيفة الأمريكية. عنوان التقرير (كوريا الشمالية للشركة المصرية: شكرا على التليفون المحمول ولكننا سنأخذ الشركة أيضا).

وقد فهم البعض من العنوان والتقرير معا أن كوريا الشمالية قد أممت الشركة ونفى ساويرس. والحقيقة أن ساويرس فقد السيطرة على الشركة وذلك على الرغم من ملكيته لـ75% من أسهم الشركة.

ولكننى لم أتوقف كثيرا عند حكاية التأميم أو عدمه ولكننى توقفت عند رد فعل ساويرس حول ما جرى له فى كوريا الشمالية. ويا هول ما جرى بتعبير الواشنطن بوست (من كان يمكن أن يخطر على باله مثل هذا الأمر).

بدأ ساويرس العمل فى كوريا الشمالية عام 2008 وبعد سنوات من المغامرة والمخاطرة فى كوريا الشمالية اتخذت الحكومة هناك إجراءات أفقدته السيطرة على شركة يمتلك بها 75% من الأسهم. وحين أراد ساويرس أن يقوم بتحويل أرباحه خارج كوريا تلقى الصفعة الثانية. فقد قررت الحكومة تحديد سعر صرف للدولار هبط بأرباحه إلى الحضيض. وهبطت الأرباح من 540 مليون دولار إلى 8 ملايين دولار فقط. ولم يعد أمام ساويرس سوى إعادة استثمار أرباحه داخل كوريا الشمالية أو بناء بيوت من الورق بهذه الأرباح. وفى صفعة ثالثة قررت الحكومة إقامة شركة ثانية للمحمول تحت اسم (بويل). وبعد ذلك أو على أثره بدأت مناقشات أخرى لدمج «بويل» مع شركة ساويرس للمحمول فى كوريا الشمالية.

كل ذلك جرى لساويرس على الرغم من أنه أكبر مستثمر أجنبى فى كوريا الشمالية وهو من أدخل المحمول هناك. وخلال مدة استثماراته فى كوريا الشمالية لم يدخر ساويرس وسعا لإسعاد النظام الكورى وتقديم خدمات له. بحسب الواشنطن بوست كان لدى كوريا الشمالية فندقا متوقفا عن العمل منذ سنوات بسبب المصاعد. فعرض ساويرس بأريحية وكرم إصلاح الفندق.

وبعد كل ذلك فإن ساويرس رد بكل ود ولطف على صفعات كوريا الشمالية له، أو فيما وصفته الواشنطن بوست بالتفاؤل. فى بيان الشركة يقول (نحن فخورون جدا بنجاح كوريولينك) وأضاف: (لدينا نحو 3 ملايين شخص اليوم يستخدمون خدمة هواتفنا فى كوريا الشمالية، ونحن لانزال نأمل أننا سوف نكون قادرين على حل جميع القضايا العالقة لمواصلة هذه المسيرة الناجحة).

ساويرس المصرى

لا أخفى دهشتى البالغة من رد فعل نجيب على صفعات كوريا الشمالية وحكومتها، ولا أستطيع نسيان طريقته المصرية فى الرد أو بالأحرى التعامل مع الحكومات المصرية قبل الثورات وبعدها. فغضب ساويرس عابر للحكومات والثورات أيضا.

لا يحتمل ساويرس أى قرار أو حتى تفكير حكومى لا يناسب أحلامه. وبسرعة مذهلة يضرب «كرسى فى الكلوب» ويغلق باب استثماراته فى مصر بالضبة والمفتاح. ويفتح شبابيك الهجوم على الحكومة. آخر جولاته الهجومية كانت فى عز وقلب المؤتمر الاقتصادى الذى أقامته مصر منذ أشهر. وتهافت جميع الأخوة العرب على مساندتنا فى المؤتمر. ولكن وحده نجيب ساويرس اندفع فى الهجوم على إجراءات الاستثمار فى مصر وقال لوزير الاستثمار فى جلسة علنية (مشى الموظفين اللى معاك) وكان هذا التصرف محل استهجان ورفض من الجميع بما فى ذلك رئيس وزراء بريطانيا الأسبق تونى بلير وغيره ممن حضروا مؤتمر شرم الشيخ. وكان من الممكن أن يختار نجيب الصمت بدلا من الهجوم فى مؤتمر لدعم مصر، وعلى النقيض لم يختر نجيب ساويرس الصمت فى أزمة كوريا الشمالية، أو بالأحرى صفعات حكومة كوريا، بل راح يتودد للنظام والحكومة. مرة بالفخر باستثماراته فى كوريا ومرة بالأمل بمواصلة مسيرة النجاح.

من المثير للدهشة والغضب معا أن ساويرس لم يفكر يوما فى شكر الحكومات المصرية المتعاقبة على توفيرها استثمارات لنجيب وشركاته بالمليارات، ومن المثير للغيظ أن ساويرس لم يكلف خاطره بإعلان فخره بالحصول على شركة المحمول الأولى التى أطلقتها الحكومة المصرية، ثم وصلت إلى نجيب ساويرس فى صفقة لا تزال محل جدل وعلامات استفهام. فقد حصلت شركة ساويرس على 80% من أسهم شركة المحمول الأولى من بنوك عامة وصناديق التأمينات وبنفس سعر الشراء، وذلك على الرغم من عدم حاجة لا البنوك ولا صناديق المعاشات للأموال حتى تبيع أسهم الشركة التى تبيض ذهبا. الشركة التى حققت عشرات المليارات من الجنيهات أرباحا طوال مسيرتها. ومع ذلك لم نسمع يوما من ساويرس عن آماله فى مواصلة مسيرته الناجحة فى مصر.

فعلى الرغم من إعلان ساويرس أنه سيستثمر مليار دولار فى مصر بعد ثورة 30 يونيو فلم يكتف بعدم تنفيذ وعده ومساندة مصر فى أزمتها . بل راح يهاجم الحكومة وإجراءاتها وموظفى الدولة فى المؤتمرات والحوارات.

وقبل الثورة رفض رئيس الحكومة الأسبق الدكتور عاطف عبيد بيع شركة أسمنت لعائلة ساويرس. وبيع شركات قطاع عام أخرى للعائلة. فعلى الرغم من أن الدكتور الراحل عبيد كان أبوالخصخصة إلا أن الرجل رفض البيع حتى النهاية. وغضب نجيب وانطلقت نيران غضبه فى أحد المؤتمرات وأعلن أنه سيتوقف عن الاستثمار فى مصر. وذلك عقابا للحكومة المصرية والمصريين، وبعد رحيل حكومة عبيد أعلن نجيب ساويرس أنه وفّى بوعده. وقال فى مؤتمر آخر إنه لم يستثمر جنيها فى مصر فى السنوات الأربع الماضية.

لم يتذكر نجيب ساويرس ما قدمته مصر له من ثروات فى شكل مشروعات له ولعائلته والتسهيلات التى حصل عليها والتى تقدم قانونا لنجيب وزملائه فى نادى البيزنس. ولذلك غضب ساويرس عندما طلب الرئيس السيسى من كبار رجال الأعمال التبرع بمليارات لصندوق «تحيا مصر»، وانطلقت نيران الغضب فقال ساويرس فى أحد حواراته (التبرع مش بالعافية)، ولكن فى كوريا الشمالية قام بإصلاح فندق من أجل إرضاء الحكومة هناك.

وكلما انطلق غضب ساويرس من فترة لأخرى دافع عنه الأصدقاء إنه لا يقصد لا إحراج ولا إهانة أحد. وأضاف أصدقاؤه أن نجيب ساويرس سريع الغضب وصريح جدا واللى فى قلبه على لسانه. ولم أكن أقتنع كثيرا بهذا التبرير، وقد كشفت لى أزمة ساويرس فى كوريا أننى كنت محقة تماما فى آرائى ومشاعرى وفى عدم تصديق أصدقاء الملياردير ساويرس. فعلى الرغم من الخسارة الفادحة والتى تتجاوز أكثر من 500 مليون دولار، وعلى الرغم من احتمال خسارة الشركة نفسها قائم بقوة. على الرغم من هذا وذاك فإن نجيب لم يفقد أعصابه ولا انطلقت حمم الغضب من فمه ضد كوريا الشمالية. واستقبل الصفعات الاقتصادية والمالية بهدوء وبدون الأعصاب المتفجرة لأسلاك الكهرباء العارية.

تصوروا أن الرجل استقبل خسارة أكثر من أربعة مليارات جنيه بأعصاب هادئة. واجهته خسارة نص مليار دولار بأعصاب هادئة، ولكنه غضب عندما طالبناه هو وأسرته أن يتبرع بـ3 مليارات جنيه للمصريين من خلال صندوق تحيا مصر.

أنا مش عارفة ليه نجيب يتعامل بهدوء مع خسارة أمواله فى كوريا الشمالية، ويتعامل بغضب شديد لو خسر بعض أمواله بالتبرع للمصريين فى مصر.

هو حلال على كوريا الشمالية وحرام على مصر.

وتطبيقا للمثل العربى الشهير (أسد على مصر وفى كوريا الشمالية حمامة).