طارق الشناوي يكتب: باسم يوسف حلال على "قرطاج" حرام على "القاهرة"!!

الفجر الفني

بوابة الفجر


هل شعرت بالفخر والاعتزاز كمصرى بأن الإعلامى الساخر باسم يوسف كان هو أول عربى يقدم جوائز «إيمى» للأعمال التليفزيونية فى نيويورك؟ أنا شخصيا أسعدنى هذا الخبر، وزادت سعادتى عندما علمت أنه غدا سوف يقدم حفل ختام مهرجان «قرطاج» السينمائى، فى سابقة أيضا فريدة لهذا المهرجان العريق، الذى يعد أول مهرجان عربى بدأ عام 66، ملحوظة سبق مهرجان «القاهرة» بعشرة أعوام، لم يحدث طوال تاريخ «قرطاج» الذى يكمل نصف قرن العام القادم أن استعان بمذيع أو فنان مصرى لتقديم الحفل.

 

افرض مثلا مثلا يعنى، أن القائمين على مهرجان القاهرة سينمائى أو غنائى او تشكيلى أو حتى فى لعبة «الطاولة»، قد قرر إسناد الحفل إلى باسم هل كانت تعدى كده ببساطة؟

 

من المؤكد أن اتهامات أقلها الخيانة كانت سوف تطال المنظمين، لأن باسم صار هدف العديد من الفضائيات والجرائد التى أرادت تشويهه، لأنه ببساطة كان يفضح نفاقهم فى برنامجه الأسبوعى «البرنامج».

 

باسم استطاع فى غضون أشهر قلائل أن يحظى بمكانة استثنائية على الخريطة الإعلامية العربية، وكان يرنو أيضا للعالمية، وظل حريصا على أن يحتفظ بحريته، مدركا أنه لن يقول سوى ما يريده، وهكذا تنقل من «أون تى فى»، إلى«سى بى سى» ثم «إم بى سى مصر»، كان المطلوب للاستمرار فى البرنامج بعد ثورة «30 يونيو» ليس فقط هبوط السقف ولكن تغيير بوصلة البرنامج، فلم يكن أمامه سوى التوقف نهائيا. أثناء حكم الإخوان وصل باسم للذروة فى السخرية، وقام بدور محورى فى التعجيل بإسقاط الحكم الجائر الذى يتدثر عنوة بالدين، فهو بالسخرية يحلم بعالم أفضل، وكان يرى أن دوره هو فى الانتقاد والكشف، بينما كان هناك من يدفع بمصر إلى منعطف تقديس الحاكم، فهو مثلا لم يترك اللواء عبدالعاطى صاحب اختراع صباع الكفتة بعيدا عن مرمى نيرانه، كان عبد العاطى قد حدد ساعة الصفر لبدء تدشين اختراعه، وباسم كطبيب كان يعلم أن جهاز عبد العاطى مجرد ضحك ع الدقون وأن الرجل ربما كان حسن النية ولكنه بالمقياس العلمى لا يستحق سوى صفر مربع، فبدأ يعد له الأيام المتبقية على انطلاق «نورماندى تو» أقصد صباع الكفتة.

 

كان ينتقد فى حدود ما هو مسموح، رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى، فلا قدسية لأحد، بالطبع الكل يتفق على أنه لا يمكن أن يسمح بالتجاوز فى حق رئيس أو مرؤوس، بينما هالة التقديس التى يحاول البعض فرضها فى عدد من الفضائيات والجرائد أراها تعود بنا عشرات السنوات للخلف دُر، كلنا نعلم أن قسطا وافرا من الإعلاميين والمثقفين لايزال تنشط بداخلهم جينات النفاق للحاكم التى ورثوها منذ عهد «مينا» وحتى الآن، لدى قناعة أن القيادة السياسية تستطيع لو أرادت إيقاف هذا التيار، والدليل أن الرئيس منع طوفانا قادما للغناء باسمه، أكثر من مطرب يتقدمهم هانى شاكر أبدوا رغبة وبإلحاح ولكن الرئاسة قالت لا.

 

الرئيس أيضا يملك أن يتدخل لإيقاف اللبس لو تعرضت شخصية لهجوم أو ازدراء، حدث مثلا أن الشاعر مرسى جميل عزيز تعرض لحملة شرسة فى الخمسينات بعد أغنية فايزة أحمد «يا مه القمر ع الباب» اعتبروها تدعو للفجور بسبب هذا المقطع «ماعدش فيها كسوف /يامه اعملى معروف /قومى افتحى له الباب» فمنحه الرئيس وساما فتوقف الهجوم، وعندما اتهم توفيق الحكيم بسرقة «حمار الحكيم» و«حمارى قال لى» من الأديب الأسبانى خيمينيز، منحه عبد الناصر «قلادة النيل» فأشادوا بموهبته، وعندما أصدرت الإذاعة المصرية قرارا بمنع تداول قصائد نزار قبانى، بحجة تهجمه على الزعيم فى ديوانه «هوامش على دفتر النكسة»، أعاده عبدالناصر للإذاعة.

 

المفروض ألا ننتظر دائما تدخل الرئيس مع كل وشاية أو ظلم يتعرض له مواطن ولكن كارهى باسم يوسف، دائما ما يقفون خلف الرئيس، فهم يشعلون الحرب ضده بحجة أنهم يحبون الرئيس، البرنامج كان يعتبر كشف المنافقين بين الإعلاميين والصحفيين هدفا أسمى، غدا يقدم باسم حفل ختام مهرجان «قرطاج»، فمتى نراه يقدم حفلا فى «القاهرة» لا أقول برنامجه «البرنامج»، لأن هذا هو المستحيل.

 

المقال نقلا عن "المصري اليوم"