المصانع تبيع الماكينات «خردة» والتجار يعيدون بيعها لإنتاج الأدوية المغشوشة

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


الحكومة تسمع وترى.. ولا تتكلم!   

على مرأى ومسمع من وزارة الصحة، وقفت الحكومة كشاهد عيان، يسمع ويرى، ولا يتلكم، فلم تحرك الوزارة ساكنا للدفاع عن صحة المواطنين، فلا هى وفرت لهم أدوية مستوردة أو محلية تعينهم على المرض، ولا منعت عنهم الأدوية المحلية المغشوشة التى تؤدى إلى الوفاة.

الأحداث بدأت من بيع مصانع الأدوية الحكومية لماكيناتها وتحويلها إلى ماكينات خردة فى مزادات علنية بعلم الحكومة، ليدخل المزادات مجموعة من التجار بمنطقة السبتية القريبة من ميدان رمسيس، ويقومون بشراء الماكينات.. إلى هنا والأمور طبيعية، ولا تخرج عن إطار المنطق، فالمفترض أن ما تم شراؤه على سبيل «الخردة» سيتم بيعه كـ«خردة» أيضا، لكن التجار، فكروا فى ربح سريع وكبير وقرروا إصلاح الماكينات، فبدلا من بيعها خردة بأسعار قليلة، سترتفع أسعارها بنسب تفوق كل التوقعات والتصورات إن بيعت على أنها ماكينات سليمة.

وهو ما حدث، فبعد إصلاح الماكينات التى بيعت فى مزادات أشرفت عليها الحكومة كخردة، عادت الماكينات للعمل من جديد فى مصانع جديدة تسمى بمصانع " بير السلم"، لإنتاج الأدوية المغشوشة.

الحكومة حتما، سترد بأن مسئوليتها انتهت بالبيع فى المزاد، لكن كان عليها أن تشرف بنفسها على تقطيع الماكينات قبل بيعها حتى لا يعاد استخدامها لإنتاج الأدوية المغشوشة.

وبدلاً من محاربة الدولة لظاهرة غش الأدوية، التى تصل لـ30% من حجم الإنتاج، وتضر بمليون مواطن على الأقل سنوياً، تكاسلت عن محاصرة الظاهرة من المنبع، حيث رفضت مطالبات عدة جهات بوقف مزادات بيع ماكينات مصانع الأدوية.

الدكتور على عوف، رئيس شعبة الدواء، باتحاد الغرف التجارية، أكد أنه يجب على وزارة الصحة مكافحة غش الأدوية من منبعها، موضحاً أن الوزارة تعلم بأن الماكينات القديمة التى يتم تكهينها جزء من منظومة إنتاج الأدوية المغشوشة.

وكانت شركات الأدوية، شكت من ظهور أدوية مغشوشة، ما أدى لإصابتها بخسائر، خاصة أن يد الغش وصلت إلى أدوية الأطفال، منها "كلاسيد"، وهو مضاد حيوى، و"نيوبلمولار"، المعالج للكحة، و"كالمنال"، لعلاج المغص، إلى جانب "سيكلور" مضاد حيوى، وأولير المعالج لأزمات الربو، أفينيتور لعلاج السرطان.

وقال عوف إن شركات الأدوية موافقة على تطبيق نظام "الباركود" على منتاجاتها، حيث سيتم عقد اجتماع، الأسبوع المقبل، بين جهاز حماية المستهلك ومجلس إدارة شعبة الدواء، لتتم دراسة النظام لتطبيقه بشكل كامل على جميع الشركات ومناقشة جوانبه السلبية والإيجابية.

ونظام الباركود يجعل كل مصنع يلصق رقمًا متسلسلا على عبوة الدواء، ويغطيها بمادة رصاصية، مع إضافة رقم سريع خاص بالمصنع، ويقوم المواطن أو الصيدلى بخدش المنطقة الرصاصية للحصول على الرقم المتسلسل وإرساله فى رسالة نصية على الرقم السريع الخاص بالمصنع، للاستفسار عن صحة الدواء، وبدوره يرد المصنع برسالة نصية لتوضيح هل المنتج أصلى أم مغشوش.

وقال الدكتور محمود فتوح، رئيس اللجنة النقابية للصيادلة الحكوميين، إن بعض شركات الأدوية بدأت فى تطبيق نظام "الباركود" بمبادرات فردية من الشركات لحماية منتاجاتها مرتفعة الثمن من الغش، لتقليل خسائرها من جراء الغش، حيث بدأت شركة سانوفى العالمية فى تطبيق هذا النظام على دواء "بلافيكس" المستخدم لعلاج جلطات الدم، والذى يصل سعر العبوة منه لـ220 جنيهاً.

وأضاف فتوح إن وزارة الصحة غير قادرة على تطبيق هذا النظام بشكل كامل على جميع المستحضرات الدوائية الموجودة فى السوق، بسبب تكلفته المرتفعة، التى تصل لعشرات المليارات.