أحمد سامي يكتب: خدعوك فقالوا داعش
منذ الوهلة الأولى لظهور التنظيم الإرهابي المسمى بـ"داعش"، خطف الأضواء من التنظيمات الإرهابية الأخرى وانجذب إليه الكثير من الشباب؛ لرؤيتهم أنه الأحق بالاتباع، ونموذجًا للإسلام الوسطي، لأن هدفه – حسبما قال في البداية - هو تكوين الخلافة الإسلامية، التي طالما حلم بها العرب والمسلمون، ولكن سرعان ما أظهر نواياه الخبيثة، من تشويه صورة الإسلام الوسطي الحنيف، وإثارة الفزع والرعب في الدول التي دخلها.
فبعد أن ضم قاعدة وشعبة كبيرة من الأنصار، وذاع صيته وقوى نفوذه، في مناطق أهمها العراق والشام، كشف عن فنون جديدة في القتال كانت بمثابة الصدمة لمؤيديه قبل المعارضين له، صدمة للعرب والمسلمين قبل الغرب، وأظهر أسوأ العادات البعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام، كشف عن القتل بكافة أشكالة (الذبح – الحرق – الإغراق – السحل – القتل بالرصاص – الإلقاء من الارتفاعات) ناهيك عن التعذيب، وأسوأ معاملة للأسرى، والأسوأ بكثير وهو أسر النساء من كل حدب وصوب في محيط سيطرته لممارسة الجنس معهن – تحت مسمى (جهاد النكاح) – أو لبيعهن والحصول على المقابل من ورائهن.
الكثيرون رأوا أن الهدف من ظهور التنظيم ومثله، هو تقسيم الدول العربية – في إطار المخطط الغربي لتقسيم الوطن العربي – لانتشاره في عدة دول كالعراق وسوريا وليبيا، وقتاله ضد الأنظمة القائم فيها، ومحاولاته المضنية لتوسيع نفوذه والاستيلاء على مساحات كثيرة، وهي رؤية يحالفها الكثير من الصواب بسبب نهج التنظيم المتطرف، ولكن...
أرى أن السبب في ظهور تنظيم داعش وأمه "القاعدة" وأخواته (طالبان – بوكو حرام – حركة الشباب المجاهدين الصومالية – جبهة النصرة في الشام) وغيرهم، هو تنفير الغرب من الإسلام والتخويف منه في ظل السرعة الهائلة التي ينتشر بها في العالم أجمع، كما الحملات التي تنتشر الآن تحت مسمى "الإسلاموفوبيا".
ولن نتطرق إلى من وراء تلك التنظيمات وما هي وجهتهم وجنسياتهم، ولكن يهمنا مقصدهم، فلا أشك دائمًا أن أفعال تلك التنظيمات الإجرامية من قتل ونهب واغتصاب وتعذيب وإثارة الذعر وغيرها من التصرفات، أنها من تعاليم ديننا الحنيف، فلم يردّ النبي (ص) على الأذى بالأذى والإهانة بالإهانة، فقد كان رده على جاره اليهودي - الذي طالما آذاه - أن زاره في بيته عندما مرض.
وبخصوص دعوة تلك التنظيمات إلى دين الله وإقامة دولة الخلافة، فقد قال الله في كتابه العزيز (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)، (ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك)، فالدعوة إلى الله إن كانت بعكس ما نص عليه في كتابه، ستكون النتائج عكسية، وهذا ما يتبعه التنظيم.
وبالعودة إلى الإحصائيات الرسيمة التي تؤكد سرعة انتشار الإسلام في العالم، فقد صدر عن مركز "بيو" لأبحاث الدين والحياة، عام 2011 إحصائية قالت إنه ستزداد نسبة المسلمين بعد عشرين عامًا، في جميع أنحاء العالم بنسبة 35%، وفي أوروبا بنسبة 2%، كما سيبلغ عدد المسلمين في هولندا عام 2030 حوالي 1.3 مليون مسلم، بنسبة تقدر بـ 7.8%.
وفي أوروبا ستصل النسبة عام 2030، إلى 8%، وسيعيش معظم المسلمين – بحسب الإحصائية - في فرنسا وبلجيكا؛ حيث يشكلون نسبة 10% من عدد سكان البلدين.
ومن المتوقع أن يصبح عدد سكان العالم عام 2030 حوالي 8.3 مليار نسمة، 26.4% منهم مسلمون، وسيبقى تأثيرهم محدودًا، وإذا استمرت الاتجاهات الحالية كما هي في العقدين القادمين فإن 60% من المسلمين سيعيشون في آسيا، و20% في شمال إفريقيا، وأن تصبح باكستان أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، وتسبق إندونيسيا في هذا المضمار.
أما في الولايات المتحدة فيبقى المسلمون أقلية بنسبة متوقعة 1.7% عام 2030، وهي نسبة قليلة مقارنة بالجالية اليهودية.
وبحسب إحصائية أخرى رسمية صدرت في ألمانيا خلال عام 2006 و2007 و2008، فإنه يدخل مسلم جديد الإسلام كل ساعتين، وخلال السنة الكاملة يدخل أكثر من 4000 شخص، أي كل شهر ثلاثمائة وخمسون تقريبًا.
هذه الإحصائيات وغيرها والتي تؤكد السرعة الكبيرة التي يزداد بها الإسلام، وينتشر كما تنبأ نبيا محمد (ص)، توضح الهدف من ظهور تلك التنظيمات التكفيرية الإرهابية، التي نفرت منها المسلمين قبل غير المسلمين.
وختامًا فإن الإسلام باقٍ ما بقيت الحياة، وسينتشر كما تنبأ النبي العدنان، وسيعمّ الأرض رُغم تلك التنظيمات البغيضة التي لن تؤثر في انتشاره شيئًا، وكل الهجمات التي تشن عليه ستصير هباءًا منثورًا.