حسابات "السبسي" ومناورات "الغنوشي" تعيق تشكيل الحكومة التونسية الجديدة

عربي ودولي

بوابة الفجر



لم يتمكن رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد من الإعلان عن تشكيلة فريقه الحكومي الجديد الذي سبق له أن أكد أنه سيكون جاهزا قبل نهاية العام الماضي.

وبدا واضحا أن الصيد الذي كثف من مشاوراته مع الأطراف السياسية الفاعلة، أصبح يواجه صعوبات جدية وتحديات جسيمة حالت دون تمكنه من الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة في الموعد الذي التزم به أمام أعضاء برلمان بلاده. وفق صحيفة "العرب اللندنية"

ولا يلوح في الأفق أن الصيد الذي وجد نفسه رهينة بين حسابات سياسية للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، ومناورات راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية، سينجح في تجاوز تلك التحديات قريبا، خاصة وأن حسابات ومناورات الشيخين تشابكت، وتداخلت إلى حد بات يصعب معه الفصل بينها.

ويسود انطباع لدى أغلب الأوساط السياسية أن تشكيل الحكومة التونسية الجديدة سيبقى يراوح بين التفاؤل والتشاؤم، وسط تعثر ارتبط بالحسابات والمناورات التي ترافقت مع توجيه رسائل ملغومة في اتجاهات تباينت خطوطها.

ويُرجع مراقبون هذا التعثر إلى حسابات الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الذي يبدو أنه وراء دفع الحبيب الصيد إلى تأجيل الإعلان عن تركيبة فريقه الحكومي الجديد إلى ما بعد المؤتمر المرتقب لحركة نداء تونس، وبالتالي الإبقاء على هذا الأمر كورقة ضغط على أقطاب حركة نداء تونس، وخاصة المؤيدين لجناح محسن مرزوق، وذلك خدمة لجناح نجله حافظ قائد السبسي.

وبحسب مصادر من حركة نداء تونس، فإن الباجي قائد السبسي وبالتنسيق مع الحبيب الصيد، يُريد من وراء هذا التأجيل إغراء عدد من وزراء الحكومة الحالية بالبقاء في مناصبهم مقابل التأييد المطلق لنجله حافظ قائد السبسي.
واعتبرت المصادر أن حسابات الباجي قائد السبسي تقوم على مبدأ المقايضة، أي تأييد نجله مقابل الاحتفاظ بحقيبة وزارية في التشكيلة الحكومية الجديدة، وهي مقايضة تستهدف بالأساس وزير الخارجية الحالي الطيب البكوش، ووزير الصحة سعيد العايدي، ووزيرة السياحة سلمى اللومي، ووزير التربية ناجي جلول، وكذلك أيضا وزير النقل محمود بن رمضان.

وأعطت تلك الحسابات نتائج إيجابية إلى حد الآن، حيث بدأ البعض من الوزراء المذكورين في مراجعة مواقفهم في اتجاه إبداء نوع من التأييد المطلق لتوجهات جناح السبسي الابن، بعد أن كانوا محايدين أو قريبين إلى حد ما من جناح محسن مرزوق.

ودفعت هذه الحسابات، وما أفرزته من نتائج أولية محسن مرزوق الأمين العام المستقيل، إلى التعليق على تأجيل الإعلان عن التحوير الوزاري المُرتقب، بالقول إن الهدف من ذلك “هو خدمة من يريد أن يكون المؤتمر المُقبل غير الديمقراطي لنداء تونس على ما هو عليه”.

واعتبر في تدوينة له على صفحته بشبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن توقيت التحوير الوزاري “أصبح وكأنه أداة ضغط على البعض من الوزراء الخائفين والمرشحين للوزارة الواقفين في طابور الانتظار والوعود”، على حد وصفه.

وتابع قائلا “شيء مؤسف أن تكون الأمور بهذا الشكل والأسف الأكبر سيعيشه الخائفون والطامعون بعد العاشر من يناير الجاري”، في إشارة إلى المؤتمر المرتقب لحركة نداء تونس، الذي يُعتقد أنه على ضوء نتائجه سيُعلن الحبيب الصيد عن تشكيلة فريقه الحكومي الجديد.

وفيما يتكتم الصيد عن نتائج مشاوراته حول فريقه الحكومي الجديد، يؤكد المتابعون للشأن التونسي أن التعثر الحالي الذي يواجهه الصيد، يعزز فرص راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية لفرض شروطه من خلال مناورات سياسية مرتبطة إلى حد ما بالمؤتمر العاشر لهذه الحركة المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين.

ويريد الغنوشي من وراء تلك المناورات التي بدأت بالمطالبة بتوسيع مشاركة حركته في الحكومة الجديدة، والتلويح بانتخابات برلمانية مبكرة، توجيه رسائل ملغومة إلى الطبقة السياسية في البلاد، وإلى القاعدة الحزبية لحركته التي تتململ منذ مدة رافضة لسياسته، وخاصة اقترابه من حركة نداء تونس.

ومع تصاعد الكلفة الاقتصادية والأمنية في البلاد نتيجة هذا التخبط السياسي، يخشى المراقبون أن تتجه أوضاع البلاد نحو المزيد من السوء والتأزم على مختلف الأصعدة بالنظر إلى سخونة المواجهات الواضحة حول اقتسام حصص التشكيلة الحكومية الجديدة.