محرر «الفجر» شاهد على الليلة السوداء فى حياة محب دوس

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


تم القبض عليه فى ليلة العيد

ضابط أمن دولة استوقفه على بوابة الكاتدرائية.. وسأله: «مش أنت محب بتاع حركة كفاية».. وبعدها تم اصطحابه لقسم الوايلى ومنه لمقر الأمن الوطنى


عرفته مناضلاً رافعاً شعار»النضال فى سبيل الحرية»، فكان أحد أعضاء حركة «كفاية» التى ناهضت ديكتاتورية مبارك، ثم أسس مع خمسة من زملائه حملة «تمرد» التى أطاحت بحكم الإخوان، فكان خبر القبض عليه أثناء ذهابه إلى الكاتدرائية بالعباسية لحضور قداس عيد الميلاد، بمثابة صدمة شديدة للمقربين منه.

الناشط القبطى محب دوس زميل الدراسة، كانت دائرته الفكرية أوسع بكثير من المحيطين به من زملاء الدراسة، عشقه للفلسفة والتاريخ والسياسة كان طاغيا على شخصيته، وفى وقت الاستراحات بين الحصص كان يقضى غالبية وقته فى مكتبة المدرسة وسط كتب العقاد ومحفوظ والروايات العالمية.

بعد أن أنهى «دوس» دراسته فى المدرسة اختار كلية الحقوق التى حصل فيها على درجة «الليسانس»، بعدها بدأ فى تحضير «الماجستير»، وذلك لرغبته الجامحة فى انتزاع حقوق البسطاء والمكلومين ممن ظلمتهم الظروف وقهرتهم الحاجة – بحسب ما كان يردده دائماً لجميع المقربين منه.

وانخرط فى عدة أنشطة اجتماعية وسياسية، فكان عضواً باتحاد أندية الفكر الناصرى خلال فترة دراسته الجامعية، ثم انضم لحركة كفاية.

لم تفته مظاهرة واحدة من الاحتجاجات التى كانت تنظمها «كفاية» للتنديد بمساوئ نظام مبارك حتى اندلعت ثورة 25 يناير، وقتها قال لى: «النضال هو الحل لإصلاح حال مصر».

بعد الثورة شارك «دوس» فى العديد من المظاهرات التى طالبت بالإصلاح السياسى، وتسليم السلطة للمدنيين، وبمجرد وصول الإخوان لسدة الحكم، سارع مع خمسة من زملائه بتأسيس حركة «تمرد» بعدما استشعروا فاشية حكم الإخوان.

مرت الأيام وجاءت الانتخابات البرلمانية لكى يفاجئنى دوس تليفونياً بانضمامه لحملة اللواء حاتم باشات وكيل جهاز المخابرات الأسبق والمرشح عن حزب المصريين الأحرار بدائرة الزيتون، لاسيما أنهم على سابق معرفة من خلال أنشطة جمعتهم معا فى نادى «هليوبوليس» بمصر الجديدة، ووقتها بذل «دوس» مع شباب الحملة مجهوداً كبيراً لدعم مرشحهم فى الانتخابات حتى فاز «باشات» بمقعد البرلمان.

إلى أن جاءت «الليلة السوداء»كما يطلق عليها أصدقاؤه، بالرغم من كونها ليلة عيد 7 يناير، والمفترض أن يسودها البهجة والسعادة، إلا أن الرياح تأتى بما لا تشتهى السفن.. ففى ذلك اليوم اتصل بى «دوس» وطلب حجز دعوى لحضور قداس الميلاد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وبالفعل نجحنا فى الحصول على دعوتين من مكتب القمص «سرجيوس سرجيوس» وكيل الكاتدرائية، وتوجهنا إلى هناك، ودخلنا من البوابة الرئيسية بعد تفتيش دقيق من أمن الكنيسة، ثم قرر بعض الأصدقاء عزومتنا بأحد المقاهى المجاورة للكنيسة، وما إن انتهينا، تحركنا لمتابعة الاحتفال وسط همهمات البعض بوصول موكب الرئيس السيسى، وبمجرد اقترابنا من البوابة للمرة الثانية فوجئنا بعدد من الأشخاص المرتدين الزى المدنى، علمنا بعدها أنهم تابعون لجهاز مباحث أمن الدولة يطلبون بطاقات تحقيق الشخصية، واستوقفوا دوس منفرداً، وبدأوا يتحرون عن هويته بشكل تفصيلى وسألوه: مش أنت محب بتاع حركة كفاية؟، فأجاب: نعم فطلبوا منه الذهاب معهم، رافضين إجراءه اتصالات باللواء «باشات» الذى كان حاضرا للقداس، وفى تلك اللحظة كان الرئيس السيسى يلقى كلماته داخل الكاتدرائية.

بعد ذلك تم اصطحاب «دوس» إلى قسم الوايلى التابع لحى الدمرداش، ومنه لمقر الأمن الوطنى بالحى السادس فى مدينة نصر، وتم عرضه على نيابة أمن الدولة العليا دون وجود محام، ووجهت إليه تهمة الانتماء إلى حركة متطرفة اسمها «جماعة يناير».

رغم أنه نفى وجود أى علاقة تربطه بهذه الحركة، إلا أن النيابة أمرت بحبسه 15 يوما على  ذمة قضية قديمة مقيدة برقم 796 لسنة 2015 حصر أمن دولة عليا، والمتهم فيها عدد من النشطاء السياسيين منهم غادة عبدالحميد وشريف دياب وآخرون.

قوات الأمن داهمت شقة «دوس» بمصر الجديدة، وصادرت «اللاب توب» الشخصى الخاص به، وقناعا للشخصية الكارتونية «فانديتا».  

زرنا «دوس» فى محبسه المؤقت مع محاميه رومانى ميشيل، وأكد لنا فى حديثه أنه لم يكن يوماً ضد الرئيس السيسى أو مؤسسات الدولة الوطنية، وأنه ضد النزول فى ذكرى 25 يناير القادمة.