مى سمير تكتب: السيدة الثانية فى حياة قادة العالم.. من الأم للعشيقة

مقالات الرأي



امرأة واحدة لا تكفى، عبارة يمكن تطبيقها حرفيا على أغلب قادة العالم، فغالباً يحتاج القائد إلى امرأة غير السيدة الأولى، وعادة ما تكون المرأة البديلة أو السيدة الثانية «أماً أو سكرتيرة أو عشيقة»، تملك نفوذاً خاصاً على الرئيس وتأثيراً يجعلها لاعبًا رئيسيًا فى المشهد السياسى.

1- الأم

منذ أيام قليلة، رحلت السيدة أنيسة مخلوف، والدة الرئيس السورى بشار الأسد التى فارقت الحياة بعد صراع مع المرض فى مدينة دبى بالإمارات، ونقل جثمانها إلى دمشق حيث أجريت مراسم الجنازة. مكان وفاة والدة بشار، أحدث جدلا واسعا، فقد ذكرت تقارير أنها توفيت فى دبى حيث كانت تقيم مع ابنتها بشرى التى غادرت سوريا بعد مقتل زوجها آصف شوكت نائب وزير الدفاع فى عام 2013، بينما أكد القصر الرئاسى أنها لم تغادر سوريا.

وكانت السيدة أنيسة مخلوف تتمتع بمكانة خاصة فى القصر الرئاسى بدمشق، وخرجت تقارير تؤكد أنها صاحبة نفوذ كبير وكلمة مسموعة.

أنيسة مخلوف تزوجت من الرئيس الراحل بشار الأسد عام 1958، حيث وقع حافظ الأسد فى غرامها على الرغم من الفارق الاجتماعى والسياسى بينهما، وتنتمى عائلة مخلوف -إحدى العائلات الثرية فى منطقة اللاذقية- إلى الحزب السورى القومى الاجتماعى بينما تنتمى عائلة الأسد متواضعة الأصول إلى حزب البعث العربى الاشتراكى.

وبسبب حب الأسد الشديد لزوجته التى تلقت تعليمها فى إحدى مدارس الراهبات الفرنسية، امتلكت الزوجة نفوذا واسعا، وكانت بمثابة خزانة أسرار الحكم فى سوريا، وكان أكبر دليل على نفوذها الواسع هو الصعود الكبير لأفراد عائلة مخلوف وتوليهم العديد من المناصب المهمة فى الدولة كما توسع نشاطهم الاقتصادى وامتلكوا العديد من المشاريع.

ومع رحيل الأسد الأب قادت الزوجة الجهود من أجل وصول ابنها للحكم، وزعمت تقارير صحفية أن عددا من المقربين من عائلة الأسد أكدوا أنه بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد حرصت أنيسة مخلوف، وقبل إعلان خبر الوفاة، على تجميع أفراد عائلتها وحثتهم على الوقوف بجوار بشار إلى أن يتولى الرئاسة خلفا لوالده، ثم استدعت عددا من مسئولى الدولة السورية فى ذلك الوقت مثل عبدالحليم خدام نائب الرئيس، وزير الدفاع مصطفى طلاس، وزير الأمن الداخلى بهجت سليمان، وأحد ضباط المخابرات هو غازى كنعان الذى أصبح فيما بعد وزيراً للداخلية.

ولكى تضمن عدم وقوع اضطرابات أو مظاهرات معارضة لوصول ابنها للحكم، حرصت أنيسة مخلوف على رفع حالة الاستعداد القصوى فى الجيش، وطلبت زيادة درجة التأمين فى شوارع سوريا ونشر الدوريات الأمنية، ومع تأمين سوريا بالكامل، اتخذت أنيسة قرارها بإعلان رحيل الأب ووصول الابن إلى مقعد الحكم.

2- الحبيبة الأولى

عاشا معا لأكثر من 25 عاما وجمعهم أربع أبناء ومشوار سياسى، فكلاهما حلم بقصر الرئاسة، خسرت هى الحلم بينما نجح هو فى أن يحمل لقب الرئيس، ورغم انفصالهما ظلت تحمل مكانة خاصة فى حياته انعكست فى نفوذ طاغ عليه ومنصب رسمى كوزير للبيئة.

هكذا يمكن أن نختصر تلك العلاقة الفريدة التى تجمع بين الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند وحبيبته السابقة ووزير التنمية والبيئة سيجولين رويال، وبحسب مجلة بارى ماتش الفرنسية، فإن العلاقة بين الرئيس الفرنسى وحبيبته السابقة فى أفضل حالتها، بل إن سيجولين أصبحت هى اللاعب الرئيسى فى قصر الإليزيه، وفيما يبدو أن الأيام القادمة ستشهد تطبيقا عمليا لهذا النفوذ وسط مزاعم ترشيح هولاند لها كوزير للخارجية الفرنسية، وهو المنصب الذى من المتوقع أن توافق عليه.

حالة من الشد والجذب سيطرت على العلاقة بين سيجولين وهولاند، ووصلت ذروتها فى عام 2007 عندما خاضت سيجولين انتخابات الرئاسة الفرنسية ممثلة للحزب الاشتراكى فى فرنسا، وكان هولاند يشغل منصب سكرتير عام الحزب، خسرت سيجولين الانتخابات أمام الرئيس السابق نيكولا ساركوزى، وانعكست الخسارة على حياتها الشخصية، حيث توترت العلاقة بينها وبين هولاند الذى تركها لكى يرتبط بالصحفية الفرنسية فالير تريفلر. لكن على الرغم من الانفصال ظل خيطا سحريا يربط بينهما، وعندما فاز هولاند بترشيح الحزب الاشتراكى فى انتخابات الرئاسة الفرنسية فى عام 2012، أعلنت سيجولين أنها لا تمانع فكرة انضمامها لحكومة حبيبها السابق.

وبعد أن كشفت مجلة كلوسر عن العلاقة الغرامية التى تجمع بين هولاند والممثلة الفرنسية جولى جايه، انفصل هولاند عن عشيقته السابقة فاليرى التى غادرت قصر الإليزيه الأمر الذى مهد الطريق لسيجولين لكى تسيطر من جديد على حبيبها السابق الذى لم يستمر فى علاقته الغرامية مع الممثلة جولى جايه.

وبعد خروج فاليرى من الصورة مباشرة قام هولاند بتعيين سيجولين وزيرة للبيئة والتنمية، ومع عودتها للضوء من جديد، وفى ظل عدم وجود سيدة أولى فى فرنسا، كان من الطبيعى أن تتمتع سيجولين بنفوذ كبير يجعل من المناسب أن نصفها بالسيدة الثانية. ومن المؤكد أن سيجولين فى حالة توليها منصب وزيرة الخارجية الفرنسية ستكون بشكل رسمى اللاعب السياسى رقم 2 فى أروقة السياسة الفرنسية. لكن حتى بعيدا عن السياسة فإن سيجولين رويال هى فى النهاية والدة أبناء هولاند وشريكته فى مشواره السياسى وتقاسمت معه الأحلام على المستوى الشخصى والمهنى ولهذا ليس غريبا أن تتمتع بهذه المكانة والنفوذ فى قصر الإليزيه على الرغم من عدم ارتباطها بشكل رسمى من هولاند.

3- المستشارة

وفى البيت الأبيض، لا صوت يعلو فوق صوت فاليرى جاريت، تلك المرأة الغامضة التى تتحكم فى قرارات الرئيس الأمريكى باراك أوباما.

الصحافة الأمريكية تصفها بأنها السيدة الأقوى فى واشنطن العاصمة، والبعض يطلق عليها أنها تحتل مرتبة الأم أو الأخت الكبرى لدى الرئيس الأمريكى الذى لا يتخذ قرارا دون مشورتها، وتشغل فاليرت جارى منصب كبيرة مستشارى البيت الأبيض، وهى سيدة أعمال من شيكاغو احترفت السياسة وشاركت فى حملة أوباما الانتخابية فى عام 2008 وساعدته للوصول للبيت الأبيض.

فاليرى هى واحدة من ثلاثة مستشارين كبار للرئيس الأمريكى باراك أوباما وتشغل منصب مسئول مكتب البيت الأبيض للشئون العامة، والشئون الدولية والداخلية. كما أنها عضو فى مجلس البيت الأبيض للمرأة والفتيات، ومكتب البيت الأبيض للألعاب الأوليمبية، ولأصحاب الاحتياجات الخاصة والرياضة والشباب، ولكن مكانة فاليرى فى البيت الأبيض ولدى عائلة باراك أوباما تتخطى مسئوليات مناصبها المتعددة. وكان وزير الدفاع الأمريكى السابق روبرت جيتس قد عبر فى مذكراته عن استيائه الشديد من تدخل فاليرى فى كل شئون الدولة بما فى ذلك قضايا السياسة الخارجية والأمن القومى. وعلى الرغم من النفوذ الكبير الذى تتمتع به فاليرى على باراك أوباما إلا أنها فى نفس الوقت تتمتع بعلاقة قوية مع السيدة الأولى ميشيل أوباما التى تؤكد دائما أنها تتمتع بثقة عمياء فى فاليرى.

قصر الإليزيه استقبل قبل ذلك السيدة الثانية لساركوزى وهى «كارلا برونى» لتصبح بعدها السيدة الأولى بعدما تحولت من عشيقة إلى زوجة فى فبراير 2008.

4- السكرتيرة

يعمل مع رئيس وزراء بريطانيا 12 سكرتيرة، ما يثير سخرية الصحافة البريطانية وتعجب الشعب البريطانى الذى لا يعرف لماذا يحتاج كاميرون كل هذا العدد من السكرتيرات.

لكن وسط هذا الجيش من العاملين مع كاميرون يلمع اسم كاترين فال أو كات التى تشغل منصب نائب رئيس فريق عمل ديفيد كاميرون، كات هى الأقرب لأذن كاميرون والمرأة التى دائما ما نراها تقف وراء رئيس وزراء بريطانيا.. بدأت علاقة كات مع كاميرون فى عام 2001 حين شعلت منصب مستشاره فى أول انتخابات يخوضها. وتعد كات من الشخصيات البارزة فى حزب المحافظين وشغلت منصب مدير العلاقات التجارية لمايكل هاورد عندما كان الأخير يشغل منصب رئيس حزب المحافظين وزعيم المعارضة. وعندما تم انتخاب كاميرون كرئيس للحزب استعان بها كسكرتيرته الخاصة. بعد انتخابه رئيساً للوزراء فى عام 2010 تولت كات منصب نائب فريق العمل فى مقابل راتب يقدر بـ100 ألف استرلينى، ولعل أكبر دليل على نفوذها الواسع هو اختيارها المستمر فى قائمة أكثر 100 شخصية ذات نفوذ وتأثير فى لندن.