طارق الشناوى يكتب: شيرين وشيك على بياض!

الفجر الفني

بوابة الفجر


مهما قالوا عن اعتزال شيرين وأسبابه فالحقيقة أنه لا توجد حقيقة في كل ما أعلنته أو ما تم تداوله عبر «الميديا»، المؤكد أن شيرين لا تستطيع أن تذكر سببا واحدا منطقيا دفعها لاتخاذ القرار، فلا هي حاجة ابنتيها إليها وإلا وجدنا كل النساء العاملات تقدمن للجهات المسؤولة بمعاش مبكر، ليتفرغن للبيت، ولا تعاطفها مع مطربها المفضل فضل شاكر الذي ألقى بالعود جانبا وحمل الكلاشينكوف، ضد بلده، بدعوى أنه سنى مضطهد من الشيعة، وبعدها انضم للإرهابى أحمد الأسير وقبلها سب زملاءه المطربين وطعن في شرفهم المهنى والشخصى، ثم تاب وأناب وأراد العودة بدون أن يسدد الفاتورة، شيرين تتعاطف معه وتشعر بمأساته، البعض يحلو له عادة أن يبحث عن سبب شخصى وراء الاعتزال فلا بأس من قصة عاطفية، على ألا يذكر اسم الطرف الآخر، حتى تتسع الاحتمالات لتشمل كل من يقف على أطراف الدائرة.

الخيال بالطبع كان وسيظل يسمح بتعدد الأسماء إلا أن المنطق الذي يفرض نفسه، أن علينا أن نضع الموقف في سياقه العام، من منا لم يعان من الإحباط اللحظى الذي يسيطر علينا بين الحين والآخر مع اختلاف الدرجة ولكننا في العادة نتعايش معه أحيانا، ونتمكن أحيانا أخرى من ترويضه، الاعتزال بوجه ما يشبه الانتحار، نفس القرار وهو أن تترك الحياة العامة سواء قررت التخلص من ثقل الجسد بالانتحار أو من مسؤولية العمل بالاعتزال.

توقعت كما توقع غيرى أن تتراجع شيرين في غضون أيام عن قرارها العشوائى ولكن لم أتصور أبدا أن العودة تستغرق فقط 96 ساعة.

كثيرون اعتزلوا قبلها ولكن كانت لديهم أسبابهم، حيث يصبح الاعتزال هو التمهيد الطبيعى للعودة، الإحباط الفنى مثلا دفع هانى شاكر قبل 14 عاما لاتخاذ قرار مماثل عندما وجد أن أشرطته الغنائية لا صدى لها في الشارع ولا يتعامل معها الجمهور بنفس القدر الذي تعود عليه في السابق من الحفاوة، كما أنه في ذلك الوقت اكتشف أن قطاعا وافرا من جمهوره المصرى يوجه المؤشر ناحية المطرب كاظم الساهر الذي جاء من العراق ويعيش في نفس المرحلة العمرية، وأثبت الساهر أن النجومية ممكنة وكان وقتها قد شارف على الخمسين، كان الاعتزال أشبه بصفارة إنذار لما تبقى لهانى من جمهور لا يزال حافظا للعيش والملح، وعندما استمع إلى نداء بعض منهم وتأكد أنهم لا يزالون «ع الخط» سارع بالعودة ووجد مبررا في نفس الوقت لتبرير تراجع أرقام بيع أغانيه وتضاؤل حظوظه أيضا في شباك الحفلات الغنائية، فلم يعد القطاع الخاص يبحث عنه وبدأت الدولة تعانى من تقلص عدد الحفلات الغنائية التي كان يقيمها في الماضى «ماسبيرو» فبات إعلان الاعتزال هو الحل، وجد هانى في ذلك حائط صد نفسيا يواجه به تراجعه الفنى، وتستطيع أن تضع أيضا استقالته الوقتية من رئاسة نقابة الموسيقيين تنويعة أخرى على الاعتزال، ثم العودة لكرسى النقابة بمقياس الفيمتو ثانية، لديك أيضا محمد الحلو الذي واجه في نهاية التسعينيات مشكلات مالية طاحنة وأحكاما قضائية متعددة واضطر للسفر خارج الحدود حتى لا تلاحقه الشرطة، وأعاده من الغربة للوطن أحد أصحاب شركات الكاسيت بعد أن سدد للدولة ما عليه من ديون، هانى أو الحلو لديهما أسباب خاصة، ولكن شيرين «ولا الهوا» لن تذكر شيئا محددا فهى مثل الطفل الذي يقف على سور الشرفة مهددا أهله بالانتحار لو لم يحصل على شيكولاته، الطفلة هذه المرة، لم تطلب حتى شيكولاته ثمنا للعودة، بل لن تتواصل سوى مع الصحافة والإعلام العربى من خلال الزملاء ربيع هندى ونضال الأحمدية وتونى خليفة، وعندما نبهها أحدهم إلى أن ذلك سيساء تفسيره، وكأنه موقف معاد من الصحافة والإعلام المصرى الذي كثيرا ما دعمها قالت إنها لم تقصد. وهى محقة فكل ما تفعله لا تقصده، لأنها لا تفكر في أي من التبعات أو التفسيرات، أتذكر عندما غنت لمبارك قبل تنحيه بأشهر قلائل وذلك بعد عودته من رحلة علاجه بألمانيا، تلقت اتصالا من أنس الفقى وزير الإعلام الأسبق فنفذته، وبعدها قامت الثورة ضد مبارك وانتظرت أن يرشدها أحدهم لاتخاذ موقف.

لدينا في مقدمة الصف في الأصوات النسائية على مستوى الساحة الغنائية ثلاث، وهن أنغام وآمال ماهر وشيرين، أنغام تربت في أكاديمية موسيقية أقصد أباها الموسيقار محمد على سليمان الذي علمها السلم الموسيقى قبل أن تتعلم الزحف على سلم البيت، بينما آمال ماهر كان لها أب روحى، هو عمار الشريعى، وتبنتها الدولة ممثلة في الإذاعة المصرية، بينما شيرين موهبة بلا راع رسمى أو أهلى حتى المنتج نصر محروس هو رجل يجيد التنشين على الموهبة فاستثمرها تجاريا هي وتامر حسنى.

شيرين تنجح وتتقدم الصفوف لأن بداخلها موهبة ربانية بصوت يعرف الطريق مباشرة للقلوب، لم تضف هي أي شىء آخر من مكتسبات الحياة، لا ثقافة ولا دراسة، صوتها يرشق مباشرة في الوجدان، حتى أعداؤها مع الزمن يتساقطون تباعا، بدون أن تعرف كيف تواجههم، بل عندما تدخل في معركة تخسر كل شىء، حتى لو كانت صاحبة حق، تابع معاركها مع شريف منير أو عمرو مصطفى.

تلك الفتاة الفقيرة التي ظهرت وهى طفلة قبل نحو 20 عاما كانت تغنى في الأفراح لتكسب جنيهات قليلة، لتنفق على نفسها والعائلة وعندما كانوا يحاربونها يقولون عليها مطربة «بيئة» وأحيانا «شعبية» وكأن الشعبى درجة أدنى ورغم ذلك صعدت للقمة بإرادة الناس، ترتكب الكثير من الأخطاء في تعاملاتها مع الحياة التي تصل إلى مشارف الحماقات ورغم ذلك لديها رصيد يبدو أنه لا ينفد. منحها جمهورها شيكا على بياض من الحب فمزقته مرة عندما أعلنت اعتزالها فمنحها شيكا آخر، لا أستبعد أن تمزقه مجددا!!

(خارج النص)

غدا ينتهى منتدى «قمرة» السينمائى في طبعته الثانية بالدوحة، هو ليس مهرجانا بالمعنى المتعارف عليه لكنه لا يخلو من بعض مظاهر المهرجان، أهم فعالية نتابعها هو الدرس السينمائى الذي يقدم من خلال استضافة مخرج تُعرض بعض مشاهد من أفلامه مع تحليلها وكان اللقاء ممتعا مع المخرج التركى نورى بليج جيلان، والكثير مما تناوله يبدو مسلمات ولكنه يملك وجهة نظر مغايرة للسائد، مثلا قال إن ما نردده عن الانطباع الأول باعتباره الاختيار الصحيح تلك المقولة التي كثيرا ما يلوكها الفنانون وكأنها محفوظات عامة ليست صحيحة، الهاوى فقط هو الذي تصح معه تلك النظرية، ولكن المحترف إذا لم يستطع مع كل مرة يعيد النظر فيها إلى عمله الفنى أن يضيف بعدا جماليا في التعبير فإن هذا لا يعنى سوى أنه لم يتعلم شيئا من الحياة.

 للعام الثانى على التوالى يتم تجاهل عيد الفن، الذي أقره أنور السادات في 8 أكتوبر 74 ثم توقف طوال الحقبة المباركية، وعاد في 2014 مع الرئيس الموقت المستشار عدلى منصور وتحديدا 13 مارس «عيد ميلاد عبدالوهاب»، ثم اختفى مرة أخرى في 2015 ولم نسمع عنه شيئا في 2016، هل الدولة تتعمد التجاهل أم أنها لا تريده ولا تكرهه، فوقفت في مرحلة متوسطة، لا هي أقرته ولا هي ألغته، وشر الأمور في هذه الحالة «الوسط»!!

 البذاءة ليست في أغنية رديئة ولا هي في فيلم «عبده موتة»، البذاءة على أصولها هي ما نراها حاليا في بعض برامج «التوك شو» وفى كل تسريبات مجلس الشعب!!

 عدد النجمات اللاتى أكدن أن عبدالحليم حافظ كان يريد الزواج منهن ارتفع إلى أربع بعد تصريح زبيدة ثروت، ولا يستطيع بالطبع أحد أن يؤكد أو ينفى صدق هذه الشائعات، هل ننتظر من عبدالحليم بعد أن قدم لنا قبل رحيله «رسالة من تحت الماء» أن يقدم لنا حتى يشفى غليلنا «رسالة من العالم الآخر»!!

نقلا عن "المصرى اليوم"