السيسى رفض عزل جنينة 4 مرات.. وأقاله فى ساعتين

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


ثوار 30 يونيو طالبوا بإبعاده لأن قرار تعيينه إخوانى

الاثنين الماضى، تسببت 3 تقارير رقابية، وصلت للرئيس عبد الفتاح السيسى، فى نزول كلمة النهاية، على وجود المستشار هشام جنينة، على رأس الجهاز المركزى للمحاسبات، حيث قرر الرئيس إقالة جنينة فى أقل من ساعتين بعدما رفض عدة طلبات سابقة بإقالة رئيس الجهاز.

القرار الجمهورى، الصادر بإعفاء جنينة من منصبه، ذكر أن السبب هو فقد الثقة والاعتبار، والإخلال بواجبات وظيفته، ما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد، اعتماداً على ثلاثة تقارير رقابية تم عرضها على الرئيس، قبل أقل من ساعتين من صدور القرار، الذى أبعد جنينة عن منصب ظهر واضحاً أنه يتمسك به بشدة، حيث رفض الرحيل عن الجهاز بعد ثورة 30 يونيو ودخل فى معارك مع مؤيديها، ولجأ فى معظمها إلى الهجوم على مؤسسات الدولة، فى توقيتات مريبة.

القرار الجمهورى، استند إلى المادة 216 من الدستور التى تعطى الرئيس حق عزل رؤساء الهيئات الرقابية، فى حالات حددها القانون رقم ٨٩ لسنة 2015، بأنه إذا قامت بشأنه «رئيس الجهاز» دلائل جدية على ما يمس أمن الدولة وسلامتها، وإذا فقد الثقة والاعتبار، وإذا أخل بواجبات وظيفته بما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، وإذا فقد أحد شروط الصلاحية للمنصب الذى يشغله لغير الأسباب الصحية.

و«الفجر» إذ تحترم قرار نيابة أمن الدولة العليا بحظر النشر فى قضية «فساد الـ600 مليار» الخاصة بالتحقيق فى التصريحات الصحفية التى أدلى بها جنينة منذ شهور عن أن حجم الفساد فى عام 2015 بلغ 600 مليار جنيه، تضع أمام القارئ المعلومات التى استقتها من مصادر خاصة بعيداً عن التحقيقات، والتى توضح تفاصيل الإقالة وأسبابها.

كان الرئيس السيسى، تلقى 4 طلبات بضرورة عزل جنينة، أولها كانت عقب ثورة 30 يونيو حين كان يتولى منصب وزير الدفاع، باعتبار أن الثورة كانت موجهة فى الأساس ضد حكم جماعة الإخوان وأنصارها، إذ إن تعيين جنينة جاء بقرار من الجماعة، كما رفض الرئيس عدلى منصور، هذا التوجه الذى اعتمد أصحابه على ما يسمى «الشرعية الثورية» للمطالبة به، وقال إن هذه الخطوة ستسىء إلى الثورة، فى وقت يجب فيه الالتزام بالقانون.

ثم تلقى السيسى بعدما أصبح رئيساً طلباً من إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء السابق، بعزل جنينة، بعد هجوم الأخير غير المبرر وغير الموضوعى على وزارات بعينها فى الحكومة، إلى جانب بعض المشروعات، فى تجاوز صلاحيات رئيس جهاز رقابى، حيث ذكر جنينة أن الرئيس هو الوحيد فى الدولة الملتزم بقانون الحد الأقصى للأجور، بينما لم تلتزم مؤسسات القضاء والداخلية والبنوك، رغم أن القانون يعطى هذه الجهات فترة عام لرصد أى مخالفات فى تطبيقه إذ يتم حساب ما يحصل عليه الموظف فى نهاية العام المالى وليس خلاله، كما أوصت الأجهزة السيادية بعزله أكثر من مرة.

ثم تكرر خروج جنينة على مقتضيات وظيفته، وزاد هجومه على وزارات بعينها بشكل غير دقيق، كما تناول بعض المشروعات الكبيرة التى تمثل قيمة معنوية عالية للمواطنين، بالنقد غير الموضوعى، ولكن الرئيس حسم الأمر، ورفض عزل رئيس الجهاز، حتى جاءت واقعة «فساد الـ600 مليار جنيه».

كان جنينة قد صرح لأحد المواقع الإلكترونية بأن حجم الفساد فى عام 2015، بلغ 600 مليار جنيه، ما أحدث هزة فى الأوساط السياسية وبين المواطنين الذين ينتظرون من الرئيس ومن حكومته مكافحة الفساد، سرعان ما تراجع جنينة عن تصريحاته وقال إنه تم تحريفها، وهو ما ثبت عدم صحته، وقررت الرئاسة تشكيل لجنة لبحث الأمر، وحسم الرئيس أمر جنينة، بأنه فى حال ثبوت كذب التصريحات، وأنها لا تعبر عن الحقيقة سيتم عزل رئيس الجهاز فوراً.

وفى أقل من ساعتين أخذ الرئيس القرار، بعد وصول 3 تقارير من جهات رقابية إلى الرئاسة، التقرير الأول أعدته هيئة الرقابة الإدارية حول أسلوب إدارة جنينة، للجهاز المركزى، والثانى أعدته اللجنة الرئاسية المشكلة لفحص تصريحات جنينة، حول حجم الفساد فى مصر والثالث تقرير أعدته لجنة من الجهاز المركزى نفسه، بخلاف إخطار من نيابة الأموال العامة عن الموقف القانونى للمستشار جنينة.

ذكرت اللجنة الرئاسية فى تقريرها أن تصريحات «جنينة» عن فساد الـ600 مليار، تنطوى على بيانات غير صحيحة وتفتقر إلى الدقة بما من شأنه تعريض السلم العام للخطر وإضعاف هيبة الدولة والثقة فى مؤسساتها، وقالت رئيسة قسم الحوكمة بوزارة الدولة للتنمية الإدارية، المشرفة والمنسقة للجهات الخمس المعنية بإعداد التقرير الخاص برئاسة الجمهورية، عن التصريحات التى زعمت انها استندت إلى دراسة أجرتها وزارة التنمية الإدارية، إن الفترة الزمنية لهذه الدراسة كانت من 2008 إلى 2012، وهى متعلقة بمفهوم الفساد المقرر بالاتفاقيات الدولية النافذة فى مصر والتى تقتصر على الجرائم العمدية، كما أن تصريحات جنينة اتسمت بعدم الدقة.

وأضاف تقرير هيئة الرقابة الإدارية، حول أسلوب عمل جنينة داخل الجهاز المركزى للمحاسبات، أن رئيس الجهاز المقال يجمع المستندات والتقارير والمعلومات التى يحصل عليها الجهاز أو تصدر عنه ويحتفظ بصورها، كما يحتفظ ببعض من أصولها مستغلاً فى ذلك صلاحيات منصبه، رغم عدم قانونية ذلك.

وكشف التقرير معلومات عن عزم جنينة، عقد مؤتمر صحفى «دولى» ضخم داخل مقر الجهاز، يدعو فيه وسائل الإعلام المصرية والدولية، للإعلان عن وقائع الفساد وحجم الفساد الذى وصل إلى قطاعات هامة وغاية فى الخطورة والحساسية فى كبرى مؤسسات الدولة.

وخلال هذا اليوم «الاثنين الماضى» قامت رئاسة الجمهورية بعد فحص التقارير الثلاثة الواردة إليها، بالإضافة إلى إخطار نيابة أمن الدولة، بالاتصال بالمستشار هشام بدوى، النائب الأول لرئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، وأبلغته بضرورة التواجد فى الجهاز لصدور قرارات مهمة، وبالفعل ذهب مساء اليوم، ودخل إلى المبنى بمجرد صدور قرار إعفاء جنينة، وتعيينه قائماً بالأعمال.

وسط هذا الجو المشحون بالإثارة كان جنينة قد توجه يوم الاثنين الماضى إلى مكتبه بمقر الجهاز صباحاً، حيث باشر عمله بشكل طبيعى، وفى نهاية اليوم زاره محاميه الخاص، على طه، حيث جلسا قليلاً ثم غادرا المكتب وتوجها إلى منزل جنينة لتناول الغداء، وبحث الموقف القانونى لرئيس الجهاز المقال فى بعض الدعاوى المرفوعة ضده أو التى أقامها هو ضد آخرين.

ومساء ذلك اليوم وأثناء وجود جنينة والمحامى فى منزل الأول، بدأ تداول شائعات عن حضور رئيس الجهاز إلى مقر نيابة أمن الدولة للتحقيق معه حول تصريحاته عن فساد الـ600 مليار، ولكن الحقيقة أنه ليس من حق النيابة استدعاء جنينة للحضور أمامها والتحقيق معه لأنه يشغل درجة وظيفية تعادل درجة الوزير، وهى «رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات»، لذا يتم التحقيق معه وفق قانون محاكمة الوزراء، ولا يمكن إصدار أمر بضبطه وإحضاره والقبض عليه فى حال استمرار تغيبه عن التحقيقات وهو فى منصبه.