أحمد سامي يكتب: «جمعة الأرض» كشفت سوءاتهم

مقالات الرأي

بوابة الفجر


من المفارقات العجيبة التي حدثت أمس، خلال فعاليات جمعة «الأرض هي العرض»، التي دُعي إليها من قبل عدة قوى وائتلافات وحركات ثورية، اعتراضًا على اتفاقية ترسيم الحدود والتي قضت بتبعية جزيرتي «تيران وصنافير» إلى السعودية، أن لُخص المشهد بأكملة في كلمة واحدة هي «الجلالة»، وفضح سوءات الجميع.

 

المتظاهرون اتخذوا من مقر «صاحبة الجلالة» قبلة لهم، سلم نقابة الصحفيين تحول إلى منبر لخطابات وهتافات رنانة، مناهضة لفكرة سعودية الجزيرتين، التي قُضى فيها شهداء أبرار دفاعًا عنها في 67 وانتصار 73 وكل الحروب التي خاضتها مصر ضد العدو الصهيوني.

 

ويؤخد عليهم أنهم تفرقوا ولم يجتمعوا على كلمة واحدة باستثناء اتفاقهم على الفض والعودة من جديد يوم 25 أبريل، في ذكرى تحرير سيناء، لتجديد رفضهم على سعودية الجزيرتين.

 

وعلى الجانب الآخر تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي، من منطقة جبل «الجلالة»، وعقد نقاشا مع مجموعة من الشباب ضمن فريق البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب، ومجموعة من السياسيين وقيادات الجيش والإعلاميين، ناقش الأنجازات التي حققتها مصر في السنتين الأولتين لفترة حكمة منتقدًا منكريها، ومنوهًا بالمشروعات الكبرى التي سينفذها في الفترة القادمة.

 

موقف الرئيس هنا أعطانا مؤشرًا بمدى لا مبالاته بتلك الاحتجاجات، وعدم اكتراثه بالهدف منها، وهو ما يخالف قوله بأنه لو أراد المصريين رحيله سيفعل، بخاصة وأنها أول مظاهرة ثورية شعبية تخرج ضده، بعيدًا عن تظاهرات الإخوان.

 

المشهدان كانا بمثابة رسالة إلى العالم بأن هناك «مصريين» وأعنيها بشدة، وأضع تحتها ألف خطٍ،  للرد على كل من ادعى أنهم مأجورين ومغرر بهم أو قوى شر، بأن هؤلاء «الذين تجمعوا أمام نقابة الصحفيين» رافضون لفكرة سعودية الجزيرتين، وليسوا هم وفقط، بل إن هناك الكثير ممن ينطبق عليهم حزب الكنبة لم يخرجوا، والخائفين من النزول إلى الشارع من بطش آلتي الرئيس الداخلية والإعلامية، اللتان أعادتنا والمشهد إلى ما قبل 2011، وآخرين لو رأوا حرية حقيقية، لنزلوا إلى الشوارع كاشفين الشعبية المزيفة للنظام الحالي والتي قصمتها فكرة سعودية الجزيرتين، بالإضافة إلى الأعداد التي خرجت في المحافظات ولم يعلم بشأنها أحد غير بعض المواقع الإخبارية التي نقلت احتجاجاتهم.

 

فضح المشهد أمس، أن الإعلام أيضًا وبلا استثناء وحتى قناة «الجزيرة» المعارضة لنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، انحاز كل لمصلحته.. الفضائيات المصرية لم تتطرق إلى الاحتجاجات «كعادتها» ويبدوا أن الرقيب العسكري كان لهم بالمرصاد، الأمر نفسه كان حال قناة «الجزيرة» التي لم تتطرق كعادتها إلى ما يحدث في الشأن المصري، لا أقول احترامًا إلى السيسي وحكومته أو خوفًا على مشاعر مؤيديه، ولكن خوفًا من النظام السعودي، الذي يجمع دولتها «قطر» والمملكة إطار مجلس التعاون الخليجي.

 

المشهد هنا لفت إلى انتهازية جماعة الإخوان المتكررة، والتي أرهبت مشاركة كثيرين في الاحتجاجت، لأنها أعطت مبررًا للآلة الأمنية بالتعامل مع الاحتجاجات من منطلق أنها احتجاجات لجماعة إرهابية سيتم التعامل معها بالقوة، الأمر الذي خشاه الكثيرين ممن فضل عدم المشاركة في التظاهرات.


الأمن كان تعامله مع الاحتجاجات من منطلق «قتلها جميعها في المهد»، وهذا ما حدث أمام مسجد الاستقامة في الجيزة، وأمام مسجد مصطفى محمود، عندما أطلقت قنابل الغاز بكثافة على المحتجين فور خروجهم من المسجد، وفي المحافظات، وأخيرًا أمام نقابة الصحفيين بعد أن تجمعت الحشود على سلمها، حيث أطلقت كمية كبيرة من الغازات المسيلة للدموع لتفرقتهم، ما يعطينا الانطباع بأن التعامل الأمني سيبقى هكذا ولا تحدثني عن حقوق إنسان أو غيره، وأن آلة الأمن دُعمت واشتد عودها ولم تعد كما كانت عليه إبان ثورة 25 يناير المجيدة.